ما الحریة؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ما الحریة؟ - نسخه متنی

جمیل قاسم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. جميل قاسم

ما الحرية؟


والاختيار كما يعرّفه القاموس اللغوي هو ملكة التقرير بالإرادة الحرّة غير المقيدة. ومعاني كلمة 'حرية' فيالتعريف اللغوي والقانوني تعني القدرة على تحقيق فعل أو الامتناع عن فعل ما دون الخضوع للضغط الخارجي.

ومعنى كلمة Free Will بالانكليزية هي قدرة الإنسان على إختيارأفعاله.

ويرى روزنتال أن مصطلح 'حُر' عند العرب الجاهليين يقرن بين 'حُر' و 'نبيل' و 'كريم' ويقول أن هذا المصطلح هو الذي ساد في العصور الإسلامية الوسيطة.

يتحددالاختيار بالحرية، فالاختيار يفترض كينونة الحرية، وكينونة الحرية تفترض مُلكية الحرية، أي أن نمتلك قرار الحرية. إذ لا قرار بدون اختيار ولا اختيار بدون قرار. وليس كلاختيار في الحقيقة اختيار حُر، حقيقي. وليس كل خيار اختيار، مع أن كل اختيار يشمل الخيار. وحتى ينبثق الخيار الحر، أو الاختيار فينبغي أن يصدر عن إرادة الحرية. والحريةتأبى التعيين لأن كل تعيين تحديد والحرية تتعين بحال الحرية.

والفرق بين الاختيار والخيار كالفرق بين الحرية، والحرية الإستوائية والحرية ذات قيمة أنطولوجية صرفة،قيمة محددة للقيمة، بينما الحرية الاستوائية هي حرية لا إبالية، حرية اختيار بين ممكنات مستوية، متوازية، يتعادل فيها الاختيار واللاإختيار. والممكنات في هذه الحالة،إما أنها متوازية الأثرة، وإما أنها محددة بمؤثرات خارجة عنها. وفي الحالتين يكون الاختيار خيارٌ إستوائي، مثل بعضه. وما لم يتعدل التوازن _ الإستواء لا يتم الإختيار ولايصدر قرار الاختيار (إنها حرية حمَار بوريدان الذي مات عطشاً وجوعاً لأنه لم يقرر الإختيار بين الماء أو الطعام، وهذا النمط من الحرية مخالف للحرية.

والإختيار غيرالإنتخاب فالإختيار عمدي، قصدي، بينما الإنتخاب إتفاقي، صدفوي. ولهذا نجد داروين ينعت التطور في العالم الحيواني بالانتخاب وليس بالاختيار.

كما أن الانتخاب السياسيلا يعني الاختيار إلا إذا كان متأسساً على شرط الاختيار في حرية وبحرية. فالانتخاب الموجه بإرادة قوة خارجة عن إرادة الاختيار هو أيضاً انتخاب إستوائي، لا إبالي، امتثاليواتباعي.

لقد حدد أرسطو فضيلة الكائن في وظيفته الخاصة به، أي في كمال وظيفته، إذ أن وظيفة العين الرؤية، وهي وظيفتها الفضلى، أي كمال العين وكمال الإنسان هو فيالنشاطية التي يتميز بها الإنسان كإنسان، وهي عند أرسطو العقل. ولذا فإن الفعل الخاص بالإنسان هو الاختيار العقلي، القصدي، العمدي. فالاختيار عند الإنسان إرادي، والفعلالحر ليس تلقائياً، وهو لي فعلاً إرادياً بسيطاً، ولا رغبة، ولا أمنية ما. بل فعل عاقل، مصاحب بالعقل فالاختيار يقع في دائرة العقل ونطاقه (لا يستطيع الإنسان أن يختارالخلود، كما لا يستطيع أن يغير نظام العالم الأساسي).

والاختيار يقوم على الوجدان ومناطه حرية الضمير، وهو يقوم على العقل والبصيرة والوجدان، وهو اختيار كيفي،داخلي، جواني، لأن التقرير فعل حر وهو ليس اختياراً بين اختيارات شتى. وهو إذا فعل شخصاني لأنه نتاج الإرادة الشخصية النابعة من سريرة الشخص ودخيلته الوجدانية.

تعرضتالمعتزلة لمشكلة الحرية والاختيار في إطار مبحث العدل، وهو أحد الأصول الخمسة، في إطار ميتافيزيقي ولا ريب، إنطلاقاً من علاقة الإنسان بالله وفي معرض نفي الجور عن الله،في مواجهة الجبرية لكنها أكدت في الوقت نفسه على الحدود الفاصلة بين الطبيعيات والميتا _ طبيعيات (الميتافيزيق) بالإنطلاق، معرفياً، من العقل، ومن الطبيعة، ومن الزمان(الدهر)، فعرفت العدل باعتباره القول بحرية الإنسان وقدرته على خلق الأفعال الصادرة منه بحسب قصده وإرادته واختراعه لهذه الأفعال. وأعطت بذلك لفكرة الإختيار مدى شمولياًأحدثت به قطيعة معرفية جديدة، إكتسى به مفهوم القدر والقدرية دلالة جديدة غيرت من مدلوله التقليدي، وصارت القدرية تشمل الزمانية العامة الشاملة للكائن الأصغر والأكبرفي الكينونة في جدلية القضاء والقدر.

كانت الجبرية قد أخذت في الإسلام النص والحديث المروي والمنقول والدليل السمعي على عواهله، فقررت أن لا عالم ولا فاعل ولا خالقإلا الله. ورأت أن الأعمال السيئة والحسنة يخلقها الله، وهذا هو موقف الجبرية الخالصة الذي يشمل أهل الحديث والمشبّهة. وتميّزت الأشعرية بموقف جبري وسطي بناء على نظريةالكسب. فأفعال العباد عند الأشعرية مخلوقة لله والإنسان مكتسب للفعل. والكسب يعني تعلق قدرة العبد وإرادته بالفعل المقدور. وتقوم نظرية الكسب، منطقياً ومعرفياً علىجبرية أحادية تقوم على إبطال السببية الثانوية. والحادث وفق النظرية الأشعرية يتألف من أجزاء منفصلة بعضها عن بعض وليست متصلة بعضها بالبعض الآخر. ومن ثمة أنكرتالأشعرية الإطراد في قوانين الطبيعة، وفسّرت الإطراد بالعادة. والكسب على العادة يعني أن الأفعال واقعة بقدرة إلهية ليس للبشر فيها إلا الاكتساب، أي بكون الإنسان محلالاكتساب. فالفعل، والقدرة والاختيار مخلوقة في الإنسان وليست قائمة ومخلوقة بواسطة الإنسان. والسببية الكوسمولوجية (العادة) هي التي تحدد السببية البشرية،والميتافيزيقي هو الذي يحد الطبيعي والجسم أو العرض والحركة والسكون هي محمولات ومفعولات لغير علة سوى العادة التي يمكن أن تقع ويمكن أن لا تقع وفق المشيئة الإلهيةالمباشرة.

رأت المعتزلة في تفنيدها لنظرية الكسب أن الاكتساب في النظرية الأشعرية لا يحدد وجوده أو عدم وجوده الإنسان المكتسب، وهو فعل الله وليس فعل الإنسان. والحالأن الفاعل المختار إنما تأتي أفعاله بحسب قصده ودواعيه كما أن الأفعال تنتفي بحسب الصوارف والموانع والدواعي. ولم تفرّق المعتزلة بين الخلق والعمل والفعل، فالإنسانخالق، وفاعل، ومريد، وإن كانت أفعال الإنسان قائمة على مثال سابق، بعكس الإبداع الإلهي. واعتبرت المعتزلة الحدوث أساس الفعل وليس الكسب، والمحدثات (المستمرة الحدوث) تقعفي مجال استطاعة الإنسان، ونطاق قدرته وإرادته وفق شروط العلم والغاية والقصد.

ومقابل الجبرية التي اعتبرت القدرة مقارنة رأت المعتزلة أن القدرة والاستطاعة بمثابةأدوات للإرادة والاختيار، والاستطاعة هي القدرة على الفعل وضده، كما أن القدرة والاستطاعة متقدمة على الفعل المقدور، أي أن الاستطاعة والقدرة عَرَض وصفة يتمكنبواسطتها الإنسان من الفعل وترك الفعل وإبطال فعل الغير. ولكي تفرق بين قدرة الله، وقدرة الإنسان تبنت دليل التناهي وبموجبه تكون قدرة الإنسان متناهية، وقدرة الله لامتناهية.

والفرق بين فعل الله، وفعل الإنسان، أن أفعال الله تتصف بالاتصال والديمومة والاستمرار وهو ما عبرتُ عنه بنظرية الخلق المستمر في العالم الذي ليس له أول فيالماضي. بينما أفعال الإنسان متناهية، تقوم على الخلق في الزمان.



المصدر : مقدمة في نقد الفكر العربي المعاصر (من الماهية الى الوجود)

/ 1