دیمقراطیة فی نهج البلاغة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دیمقراطیة فی نهج البلاغة - نسخه متنی

محسن الأمین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الديمقراطية في نهج البلاغة

الديمقراطية في نهج البلاغة


* محسن الأمين

إن النزعة الديمقراطية في نهج البلاغة أوضح من أن تحتاج إلى بيان..فهاهو الإمام علي (ع) يأمر الولي بأن يجلس لذوي الحاجات دون جند و حرس لكيلا يتعتوا في توضيح مسائلهم. فهو (ع) في قضائه بين الناس قد فضل العامة على الخاصة وإن سخط الخاصة.

يقول الإمام علي (ع): (إن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وإن سخط الخاصة يفتقر مع رضى العامة، وليس أحد أثقل على الوالي من الرعية مؤونة في الرخاء وأقل معونة في البلاء،واكره للانصاف واسأل بالالحاف وأقل شكراً على الاعطاء، وابطأ عذراً عند المنع، واضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصة، وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدةللأعداء: العامة من الأمة فليكن صفوك لهم وميلك معهم).

وهذا كلام صريح في تفضيلهم والاعتماد عليهم، وأنا شخصياً أميل إلى الظن بأن هذا الكلام كان له تأثير في سلوك بعضزعمائنا الذين عرفوا بميلهم إلى الإمام علي والتشبه بكلامه في أكثر من موضع، ولن نطيل في تفصيل هذه الديمقراطية، ولنردد في سرور قول الإمام الجامع: (إن أعظم الخيانةخيانة الأمة وأفضع الغش غش الأئمة).

وقوله الذي يذكرنا بالقول السائر: صوت الشعب من صوت الله (إنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده). وإذا كانالإمام (ع) قد أخذ بالديمقراطية كما وضح فمن الطبيعي أن نراه نصير الحرية يهيب بابنه (ولا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً) وأن نراه رافع لواء المساواة لا يزال يذكرهاويوصي بها ويقول لمن يوليه: (وآس ـ وساو ـ بينهم في اللحظة والنظر حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم).

ويقول في موضع آخر: (إن المال لو كانماله لساوى بين الناس فكيف والمال مال الأمة).

ولكن للجمهور سيئاته كما أن له حسناته فلنسمع كلمة الإمام في الغوغاء، قال: (الناس ثلاثة فعالم رباني، ومتعلم على سبيلنجاة، وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق).

ووصف الغوغاء في موضع آخر من أنهم إذا اجتمعوا غلبوا، وإذا تفرقوالم يُعرفوا.

وقيل وصفهم بأنهم إذا اجتمعوا ضروا وإذا تفرقوا نفعوا، لأن كل صانع ينصرف إلى عمله فيحصل النفع، وقد وضع الإمام اصبعه على آفة وطبيعة من آفات وطبائعالجماهير هي سرعة التقلب، تلك الخاصة الجماهيرية التي وضحها (شكسبير) أبلغ إيضاح في (يوليوس قيصر) وكذلك أصاب في أن اجتماعها غلط وتفرقها ضياع، وفي أن اجتماعها قد يكون فيبعض الأحايين مجلبة للضرر، كما أن تفرقها مجلبة للنفع لانصراف كل عامل إلى عمله، وهذه النظرة إلى الجماهير قد تبدوا متعارضة بعض التعارض مع ما سبق من رأيه فيهم ولكن بياننقص الغوغاء لا يستلزم استبعاد رأيهم.

ثم عرض (ع) الصفات الواجب توفرها في الإمام، فقال: (مَن نصب نفسه للناس إماماً فليبد بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبهبسيرته قبل تأديبه بلسانه).

وحدد العلاقة بين الراعي والرعية فقال: (أيها الناس إن لكم عليّ حقاً ولي عليكم حق، فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم، وتعليمكمكيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا. وأما حقي عليكم الوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والاجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم).

ولنلاحظ هنا أنه (ع) يجعلمن حقه على الشعب أن ينصحه الشعب، وهذا مبالغة في السعي وراء الكمال، وكم هو نبيل قوله لقومه رداً على مَن أثنى عليه: (فلا تكلموني بما تكلمون به الجبابرة، ولا تتحفظوا منيبما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا استثقالاً في حق قيل لي ولا التماس اعظام لنفسي، فانه مَن استثقل الحق أن يقال له والعدل أن يعرض عليه كانالعمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست بنفسي يفوق أن أخطئ).

وأدلى (ع) بآراء قيمة في الولاة، فقال: انهم ملزمون بأن يعيشوا عيشة جمهورالشعب لكيلا (يتبيّغ بالفقير فقره) أي لكيلا يسخط الفقير لفقره، وليتغرى بحال أميره: (أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم فيجشوبة العيش).

ونصح علي الولاة بقوله مؤكداً لأحدهم: (ولا يطولن احتجابك عن رعيتك).

وتلك نصيحة حق فإن كثرة ظهور الحاكم بين الرعية استئلاف لقلوبها وإشعار بها أنالحاكم مهتم بمصالحها، ثم هو منير للحاكم سبيل حكمه ومعطية الصورة الواضحة لحال شعبه فيعمل على نورها.

وقال (ع): (أنه ليس شيء ادعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانهإليهم) أي الراعي حين يحسن لرعيته يطمئن قلبه ويأمن خيانتهم. وأمر باحترام التقاليد الشعبية فكان حكيماً بعيد النظر (ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة واجتمعتبها الألفة وصلحت عليها الرعية).

ووجّه علي (ع) نصيحة غالية صادقة كل الصدق في قوله: (إن شر وزرائك مَن كان للأشرار قبلك وزيراً ومَن شاركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانةفإنهم أعوان الآثمة وإخوان الظلمة، وأنت واجد منهم خير خلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم وليس عليه مثل اصارهم وأوزارهم. ثم ليكن عندك آثارهم أقوالهم بمر الحق لك).

ونظريةالإمام (ع) صحيحة تماماً فإن إثم فيما مضى لا يؤمن إثمه فيما حضر، ومَن اتصل بالظلمة بالأمس لا يؤمن اتصاله بهم اليوم وإعانتهم على كيدهم بماله من سلطة الوزارة. وكانحكيماً في قوله: (فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدة ودوالهم بين القسوة والرأفة).

وأمر الوالي أن لا يرغب عن رعيته وتفضيلاً بالإمارة عليهم فإنهمالإخوان في الدين والأعوان على استخراج الحقوق ثم قاله له: (وأنا موفوك حقك فوفهم حقوقهم وإلا فإنك من أكثر الناس خصوماً يوم القيامة بؤساً لمن خصمه عند الله الفقراءوالمساكين) ودعاه إلى أن يساوي نفسه بهم فيما الناس فيه سواء، وهذا القيد يظهر بعد نظره وفهمه لحقيقة المساواة الممكنة. ودعا (ع) إلى تشجيع المحسن وعقاب المسيء قائلاً:(ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء).

ولفت نظر جباة الضرائب إلى الرفق بالأهلين، وعدم بيع شيء ضروري، وهذا ما فعلته القوانين الحديثة إذ منعت الحجز علىالملابس ومرتبات الموظفين، وبالغ في الرفق الحكيم فقال: (فإن شكوا ثقلاً أو علة وانقطاع شرب أو بالة أو إحالة أرض اعتمرها غرق أو أجحف بها عاطش خففت عنهم بما ترجو أن يصلحبه أمرهم، ولا يثقلن عليك شيء خففت به المؤونة عنهم فإنه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك وتزيين ولا يتك مع استجلابك حسن ثنائهم).

وهذا بعد نظر حكيم وسياسة ماليةمحكمة تزيد وضوحاً في قوله: (وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومَن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلكالعباد).

وإذا تذكرنا ما جرّ التعسف في جبي الضرائب في فرنسا وولايات تركيا وغيرها عرفنا قيمة هذه النصيحة التي يؤيدها المنطق ويسندها التاريخ. وقد أدجى بعد نظرالإمام (ع) به إلى أن يدعو إلى تقسيم العمل ذلك المبدأ لذي لم نعرفه إلا حديثاً، فقد قال ناصحاً (واجعل لكل إنسان من خدمك عملاً تأخذه به فإنه أحرى ألا يتواكلوا في خدمتك).

وقال من رسالة إلى الأشتر النخعي أيضاً: (واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها إلا من بعض، فمنها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنهاقضاة العدل، ومنها عمال الانصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها طبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنةوكلا قد سمى الله سهمه) ثم فصل بعد ذلك وظيفة كل فرقة.

وتمشياً مع قاعدته في تقسيم العمل واختصاص كل بما يحسنه رد على مَن قال له:إنك تأمرنا بالسير إلى القتال فلم لاتسير معنا؟ أنه لا يجوز أن يترك مهماته من قضاء وادارة وجباية ضرائب.. و.. (لأن الأمير كالنظام من الخرز يجمعه).

إن هذا الإمام (ع) ما كان ليغفل الدعوة إلى الاتعاظبالتجارب في الحكم فها هو إذ يقول: (إن الأمور إذا اشتبهت اعتبر آخرها أولها).

ويقول في مكان آخر: (استدل على ما لم يكن بما كان)، ثم يقول أيضاً: (العقل حفظ التجارب) ولستأحمل هذا القول الأخير أكثر مما يحتمل إذا قلت أنه الرأي الفلسفي المعارض للرأي القائل بأن العقل يتفاوت عند الأشخاص بطبيعته، والذاهب إلى العكس إلى أن العقل ليس إلا عملالتجارب والتهذيب والدافع لحجة الرأي الأول القائلة بأنا لو ربينا أشخاصاً ذوي أعمار واحدة تربية واحدة في بيئة واحدة لنشأوا رغم ذلك مختلفي العقليات، بأنهم إنمايختلفون لسبق تأثرهم بمزاج وراثي مختلف.

وتكلم الإمام (ع) في رسالته إلى الأشتر عن القضاة كلاماً قال عنه الأستاذ العشماوي أستاذ القانون الدستوري بكلية حقوقالقاهرة: ان كلاماً غيره في أي دستور من دساتير العالم لم يفصل مهمة القضاة وطرق اختيارهم مثل ما فعل. قال الإمام: (ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيقبه الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزئة ولا يحصر في الفيء إلى الحق إذا عرفه ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بادغامهم دون أقصاه، أوقفهم في الشبهات وآخذهمبالحجج، وأقلهم تبرماً بمراجعة الخصم، واصبرهم على تكشف الأمور، واصرمهم عند اتضاح الحكم، مَن لا يزدهيه اطراء ولا يستميله إغراء وأولئك قليل، ثم اكثر تعاهد قضائهوافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس، واعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك اغتباب الرجال له عندك).

وهذا دستور حكيم بلهو أحكم ما نعرفه وحسبه أنه انتبه إلى وجوب اجزال العطاء المالي للقضاة ليستغنوا بذلك عن الارتشاء، وأنه شدد في اعطائهم منزلة قريبة من الوالي ليقطع بذلك الطريق علىالوشاة وليعمل القضاء في جو هادئ.

وفي غير هذه الرسالة ذم مَن يتصدى للحكم وليس أهلاً له قائلاً: (جلس بين الناس قاضياً ضامناً لتخليص ما التبس على غيره فإن نزلت بهإحدى المبهمات هيأ لها حشوا من رأيه ثم قطع به، جاهل خباط جهالات عاش ركاب عشوات، تصرخ من جور قضائه الدماء وتعج منه المواريث إلى الله).

وفي موضع آخر يقول: (لولا حضورالحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها).

ومعنى هذا أن على الخواص مهمة هي عدم الصبرعلى الظلم بل مجاهدته ولو لم يقع عليهم.

والآن وقد سرنا في نهج البلاغة شوطاً يغرينا بالاستزادة فلنقف، وإذا كان أمير المؤمنين علي (ع) قد نهى قومه عن أن يمدحوه فلايخافن اليوم اغتراراً وهو بعيد عن حياة الغرور، ان نحن انحنينا أمام عبقريته، لقد حبانا نهج البلاغة فأحسن ما حبانا، فلنطبق عليه قوله: (قيمة كل امرئ ما يحسنه).

/ 1