أدب الإسلامی و المجتمع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أدب الإسلامی و المجتمع - نسخه متنی

نجیب الکیلانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د.نجيب الكيلاني

الأدب الإسلامي والمجتمع


يتوهم بعضهم أن الأدب الإسلامي يتقوقع في أحضان الماضي، وينجذب إلى الموضوعات التاريخية، وقديرتبط شكلاً بها، سواء في مجال القصة أو الشعر أو المسرحية وغير ذلك، وآخرون يظنون أن الأدب الإسلامي لا يستطيع أن ينطلق إلى آفاق الإبداع الواسع، ويجوب تصور المستقبل،لالتزامه بقيم ثابتة لها من القداسة ما يجعل الخروج عليها أمراً مستعصياً، وترتب على هذه الأوهام والظنون نظرة ظالمة إلى الأدب الإسلامي ودوره وطبيعته وتأثيره وقيمهالجمالية، فعزلوا هذا الأدب _جهلاً _ عن واقع الحياة والمجتمع، وعن قضايا العصر ومشاكله، وعن أشواق الإنسان الجديد وأحلامه وآماله وآلامه.

وهناك فئة حسنة النية منالكتاب الإسلاميين حسبوا أن الأدب الإسلامي لا يكون بهذه الصفة إلا إذا ترددت كلمة 'إسلام وإسلامي' صراحة في ثناياه، وإلا إذا كانت نبرة الكاتب بالتوجيه عالية واضحةصاخبة، متناسين أن ذلك قد يضر بالأدب ضرراً بليغاً، ويمحو الفواصل بين ألوان الأدب المتعارف عليها، وبين فنون أخرى تتعلق بالخطبة والحديث والوعظ، والأخطر من ذلك أن إخوةلنا قد فرضوا حظراً تاماً على بعض الموضوعات كالمرأة وعواطفها والعلاقات الجنسية وغير ذلك من الأمور التي تشكل حرجاً، بالاضافة إلى الحظر المفروض على بعض العبارات أوالكلمات البذيئة التي يأباها الدين، وتنبو عن الذوق السليم، واتسع نطاق الحظر عند بعض العلماء حتى كاد يعطل وظيفة أدبية هامة في رسم بعض الشخصيات ودلالة اللفظ عند هذهالنماذج، وارتباطه بنوعيتها وتصنيفها إلى جانب الشر والرذيلة والمروق.

ولعله من الواضح فيما أسلفنا من قول، أن الأدب من خلال التصور الإسلامي يرتبط أشد الارتباطبالمجتمع.. بالإنسان ومشاكله وعلاقاته المتطورة والمتجددة وبطبيعة الحياة التي تخضع دائماً للكثير من المستحدثات وخاصة في هذا العصر الذي نعيش فيه، وبالعصور التاليةقياساً على ما نراه، ولا شك أن هناك العديد من الأسئلة الحائرة التي تضطرم في قلب الحياة، هذه الأسئلة لها علاقة وثيقة بتغير وسائل وأدوات الانتاج والنمو الصناعي،وبتغير توزيع الثروة، وبميزان القوى الاجتماعية في كل دولة، وموازين القوى العالمية، وبالفلسفات التي انبثقت في القرون الثلاثة الأخيرة، وما قبلها من فلسفات، وبالقيمالتي تغيرت تحت إلحاح الدعوات الجديدة المارقة تحت 'شعار الحرية' القوية الجذابة، وبضعف الوازع الديني في أنحاء كثيرة من المعمورة، كما أن تخلي المرأة عن أوضاعهاالتقليدية، ومزاحمتها للرجل ومنافستها له، وتخلصها من القيود والأعراف التي عاشت في رحابها قروناً عديدة، وتضخم ظاهرة ما يسمى 'بحقوق المرأة'، وخروج هذه الحقوق من دائرةالأمومة المقدسة، والرسالة المنزلية الأسرية، إلى مجالات السياسة والانتاج الصناعي والحرية الجنسية، وأندية الفن واللهو والتبرج، كل هذا وذاك أوجد واقعاً جديداً أكثرحدة وشراسة، وبالتالي أكثر تعقيداً ومشاكل، فكان لابد أن تضج في مختلف الأنحاء تساؤلات ملحاحة، شغلت رجال الدراسات الاجتماعية والنفسية والتربوية والدينية والسياسيةوالأدبية أيضاً.

فهل في الإمكان أن يسد الأديب المسلم أذنيه عن هذه التساؤلات الصاخبة؟ إنها ظواهر لا نستطيع تجاهلها.

إن تضحية الأديب المسلم بقيم الصورة الفنية(القيم الجمالية) من أجل المضمون خطر كبير، فإلى جانب إهدار مواصفات الفن، وخروجه الصارخ عن نسقه، تأتي مشكلة أخرى أعمق أثراً وهي عدم قدرته على إيصال رسالته بالطريقةالفنية الصحيحة، وخروجه من دائرة الفن إلى دائرة أخرى قد تكون الابحاث، أو الموعظة المجردة، وهذه وتلك ساحات يشغلها غير الأديب، ويقوم بدوره فيها خير قيام.

الأديبالإسلامي لا يستطيع أن يخاصم العصر أو يهرب منه إلى عصور قديمة، والأدب الإسلامي حينما يتناول موضوعاً تاريخيّاً (قديماً) لا يهرب في الواقع من مجابهة المجتمع أو الحياةالحديثة، إنه يتناول التاريخ وعينه على الحاضر، ففي التاريخ كنوز ثمينة من التجارب الإنسانية العامة الشاملة التي لا تموت بمرور السنين، إنها قضايا الماضي والحاضروالمستقبل، فإذا قدم الأديب المسلم أنموذجاً أو مثلاً نابضاً عريقاً يرمز إلى قيمة من قيم الحق أو الخير أو الفضيلة وغيرها، أو صور صراعاً بين خير وشر، وعدل وظلم، وإيثاروأثرة، كان لمثل هذا العمل الأدبي تأثير إيجابياً، لما يتضمنه من جمال ومتعة وفائدة، والتاريخ واقع الأمس، وفيه قضايا متجددة هي قضايا كل عصر، ومن قال أن الحرب والسلام،والخير والشر، والحب والكره قضايا عصر، بعينه؟؟ إن المضمون لا يختلف، وإن اختلف أسلوب التناول، بل قد يختلف أو يتحور المضمون أيضاً من منظور آني، دون إخلال بقواعدالتطور والثبات في الإسلام.

وليس الأديب المسلم بدعاً في تعريجه على التاريخ، فكتاب اوروبا وأمريكا قد تناولوا مثلاً الأساطير الإغريقية عشرات المرات، كل بأسلوبهالخاص، وفلسفته التي آمن بها، وفعل كتاب العالم الإسلامي المعاصرون الشيء نفسه.

أما الزعم بأن الأدب الإسلامي ينطلق من مقولات ثابتة لا جديد فيها. وإن الإنسان(القارىء أو المشاهد) يحتاج إلى الجديد.. والجديد دائماً، وهذه طبيعة الحياة، هذه المقولة في الواقع تنبىءعن سوء فهم أو سوء نية، فالأديب مهما كان مضمونه _إذا أراد النجاح_ لا بد أن يقدم رؤية جديدة، إن مئات الألوف من القصص والمسرحيات صورت صراع الخير والشر، لكن لكل واحدة منها مذاقها الخاص، ورموز الخير والشر في الأديان السماوية تكادتكون واحدة، نرى ذلك في 'قصة الخلق' _آدم وحواء والملائكة وإبليس _ كما نراه في دعوة الأنبياء والرسل إلى الفضيلة والحب والعدل والإخاء، وتترجمه ملايين الأحداث على سطحالبسيطة في كل صقع وعصر، ولكن يبقى أمر هام وحيوي يتعلق بالتطور والثبات في عقيدتنا الإسلامية الكاملة، وهي الرسالة الأخيرة إلى الأرض، وقد حسمت النصوص هذه القضيةالحساسة منذ البداية، اللهم إلا إذا توهمت الهرطقات الضالة أنه في الإمكان التعديل لمنهج الله.. حاشا لله..

ولقد وضع الإسلام ضوابط وأطرا عامة لمسيرة المؤمن في نظرتهإلى الكون والحياة والإنسان، وفي تناوله لقضايا المجتمع ومشاكله، وفي علاقات الإنسان وممارساته. وفي طبيعة هذا الكائن الحي الذي يمر بمراحل معينة من النمو، وتجري عليهعوامل القوة والضعف، والخوف والشجاعة، والطمع والقناعة، والصلاح والطلاح، والصحة والمرض، والفطنة والجهل، والهداية والضلال. ويبقى الحق حقاً، والخير خيراً، والشرشراً، على ضوء الهدي الإلهي، والتوجيه النبوي، وأحكام الشريعة الغراء.

ويظل القارىء يحترم قيمة 'الشجاعة' مثلاً، لا كفعل مجرد، ولكن لارتباطها بقيمة من القيمالخالدة، فشجاعة المجاهد في سبيل الله، غير شجاعة اللص أو قاطع الطريق، وشجاعة الطاغية أو القائد السفاح، غير شجاعة صاحب القلب الطاهر، والفكر النير، بل إن شجاعة القلب(الجسور) غير شجاعة العقل (الألمعي) ورحم الله شوقي إذ يقول:

إن الشجاعة في القلوب كثيرة ووجدت شجعان العقول قليلاً

ليست الشجاعة كقيمة تصوراً مجرداً، ولكنهاترتبط بإيمان الإنسان، وقدرته على التضحية من أجل قضية عليا، والتفاني في إعلاء الحق، وإحياء العدل، وقهر الشر، وحماية المقهورين والمستضعفين، أي جديد وأي قديم في ذلك؟وكيف نستطيع أن نتصور بقاء حياة إنسانية راقية دون هذه المقومات الأساسية.

إن القيم النابعة من الإسلام هي المقومات الأساسية لبناء حياة جديرة بأن تعاش.. وعندماتتلبد السحب، وتحارب وتسجن هذه القيم، فسيكون ذلك بمثابة إعلان عن بداية الشقاء البشري.

***

إذا برزت المرأة في أي عمل أدبي، انصرف الذهن مباشرة إلى غريزة الجنس،وإلى الحب بمعناه المحدود، وإلى العواطف المشتعلة، والانغماس في اللذة البهيمية، وما يتبع ذلك من تصورات وانفعالات.

والمرأة كما يقال نصف المجتمع، وهي كالرجل لهاأشواقها وآمالها، وتنتابها عوامل القوة والضعف، والنصر والهزيمة، وتستقيم وتنحرف، ولها مشاكلها كعضو في الهيئة الاجتماعية، لكن رسالتها الأولى ترتبط بواجباتهاالزوجية وبالأمومة، ولقد وضع الإسلام لها الإطار الصحيح الذي تسعد به، وينعكس على المجتمع بالخير والفلاح، كما أوضح لها حقوقها المختلفة في الزواج والطلاق والميراثوالتعليم وغير ذلك من الأمور التي لا مجال للاستطراد فيها.

ما هو موقف الأدب الإسلامي _في تصورنا _ حيال هذه القضية؟

بداهة لا يمكن أن يتجاهل هذا الجنس، وهو أمر لاخلاف عليه.

والمرأة أم وابنة وأخت وزوجة.. والمرأة قارئة وعالمة وشاعرة وكاتبة.. والمرأة طبيبة ومعلمة وممرضة ومصلحة اجتماعية، وغير ذلك من المواقع المختلفة التي حفلبها التاريخ قديماً وحديثاً، ومن يتصفح التاريخ الإسلامي ومواقف الرسول (ص) وصحابته والتابعين يستطيع أن يخرج ببعض النتائج الهامة في هذا الجانب.

حتى الانحراف فيالمرأة لم يكن ينظر إليه على أنه لعنة أبدية، ولكن ينظر إليه كمرض أو كلحظة ضعف تحتاج إلى من ينهض بها أو يقويها، حتى تبرأ من آثاره ومضاعفاته، وحينما سمع عمر بن الخطابامرأة تترنم بشعر الشوق والهيام تحت جنح الليل، لم يعاقبها على تصرفها، وإنما ذهب ليسأل عن المدة التي تستطيع المرأة أن تتحملها دون زوجها، وعندما علم بالحقيقة أصدرأوامره _كقائد_ بترتيب أمور الجند بحيث يعودون لزيارة زوجاتهم من آن لآخر. إنه اعتراف بالحقيقة وبنوازع البشر واحتياجاتهم الجسدية والروحية، لأن تجاهل مشاعر الإنسانواحتياجاته الضرورية فيه ظلم.

الأدب الإسلامي يستطيع أن يتناول المرأة من شتى جوانب حياتها، بشرط إلا ينزع بالقارىء أو المتلقي منازع الفتنة والإثارة والإغراءبإرتكاب الموبقات. والواقع أن هذا كلام قد يبدو مقبولاً في إجماله، لكن الصعوبة قد تأتي عند التطبيق، ومن ثم فهي تتراوح في مدى إمكانية النجاح من كاتب لآخر، لكن الأمرالذي يجب ألا نغفله هو: إلى أي شيء ترمز شخصية المرأة في أي عمل أدبي؟ قد ترمز هذه المرأة في قصة من القصص مثلاً إلى الطهر والنقاء، ومن ثم فإن الكاتب يصورها وهي تقاومالإغراء، وتتجنب السقوط، حتى تظل متمسكة بطهرها ونقائها، وتكتمل الصورة كلما حاول الكاتب إلقاء الضوء على شخصيات 'الشياطين' الذين يحيطون بهذه المرأة، ويزينون لهاالإثم، ويفلسفون الرذيلة، وهي تقف بين نداء ضميرها ودينها وبين وسوسة الشهوة والإغراء، لكنها في النهاية يتحقق لها النصر على الضعف والهوى والفساد..

وقد ترمز شخصيةالمرأة في قصة أو مسرحية إلى بيئة منحطة، وسلوكيات متهتكة، وتسيب أخلاقي لسبب أو لآخر، والكاتب هنا لا يستطيع أن يرسم الصورة المعبرة بدقة، إلا إذا انتخب الأحداثوالحوار المناسب لهذه الشخصية المبتذلة فلن يكون رداء مثل تلك المرأة إلا ترجمة لانحرافها، ولن يكون حديثها إلا تعبيراً عن فساد ممارساتها وتكوينها، ولن تتسم تصرفاتهاإلا بما يثير الاشمئزاز والضيق والنفور. ولا تكون هذه الصورة دائماً دعوة إلى الاقتداء بها، والنسج على منوالها، ووظيفة الكاتب المسلم هنا أن يختار ما يثير الرفضوالإدانة لهذا المسلك المعيب، لا ما يبرر الانطلاق في دنيا الحرية الآثمة، ويرى بعض النقاد الإسلاميين أن على الأدب الإسلامي الاقتصاد في مثل تلك الصور والمشاهد، وهذارأي يحتاج إلى نظر، لأن الأمر ليس أمر 'الكم' ولكن 'الكيف'، فقد يكون الاستطراد والاطالة ضرورية لبسط الصورة، وتوضيح الفكرة، وتشريح السلوك المنحل، حتى يكون انطباعالنفور قويّاً شاملاً، وحتى يستطيع الأديب أن يوصل رسالته إلى المتلقي بوضوح وإيجابية، أما الإيجاز فيما يقتضي التفصيل، أو الإطالة فيما يحتاج إلى اختصار وتركيز،فكلاهما يضر بالعمل الفني، ويؤثر في النتيجة النهائية، أو بلوغ الهدف النبيل الذي يطمح إليه الكاتب المسلم.

ليست القضية إذن عدد السطور أو الصفحات التي تصور اللحظاتالساقطة الخاطئة في حياة المرأة الفاسدة أو الرجل الفاسد، ولكنها تعتمد على مدى الأثر الذي يتركه العمل الأدبي في نفس المتلقي.

وقد أثار أيضاً موضوع ظهور المرأة علىالمسرح اعتراضاً كبير لدى بعض المفكرين الإسلاميين، وقد تعرضت لهذا الأمر في كتابي 'المسرح الإسلامي' الذي القيت بحثاً عنه في المؤتمر الثالث للأدب الإسلامي بالرياض،وكان موجز ما رأيته أنه لا مانع من ظهور المرأة على المسرح، واشترطت بضعة شروط أهمها الزي المحتشم (الشرعي)، وتجنب الإثارة في الحركات المكشوفة والكلمات التي تخدشالحياء، لأن هناك قضايا وأموراً حساسة لا يمكن أن تقدم إلا من خلال المرأة، فضلاً عن أن 'وضعية' المرأة في المجتمع وما يلابسها من محاذير وحرج وسلبيات لا يمكن تناولها إلابالتواجد المباشر للمرأة.

إذا كانت الخمر محرمة، وهي أم الخبائث، فهل هذا يمنع من طرح مشكلتها وآثارها النفسية والاجتماعية والأخلاقية، من خلال شخصية سكير عربيد،تتجسد فيه مأساة الخمر؟ وإذا كان قطع الطريق، وقتل البريء جريمة بشعة ممقوتة، أفلا يجب أن نتناول هؤلاء القتلة والطغاة والمنحرفين من خلال أعمال أدبية، تهدي المتلقي إلىالمواقف الإنسانية النبيلة، حيث تحترم حرية الإنسان وحقه في الحياة، فلا يعتدي عليها معتد؟

وإذا كان الزنا _صورة الجنس المنحرف الحرام _ وباء خطراً، أفلا يمكن تناولهبما يستحقه من تقبيح وتنفير، وما يصاحبه من مقدمات وإغراءات وسقوط؟

والجنس في الإسلام له شرائعه وآدابه، وقد تناول ذلك بعض علماء المسلمين بقدر من الصراحة كبير،كذلك وردت بعض الأحاديث عن رسول الله (ص) مثال ذلك الحديث الذي يوصي المسلم بألا يرتمي على زوجة كالبهيمة.

إن تصورنا لموضوع الجنس يجب أن يكون واضحاً دون تعقيد أوغموض، لأن القرآن الكريم _كتابنا المقدس _ عرضها في قصة طويلة، حيث تحتدم الشهوة في جسد امرأة جرئية، تتحدى القيم والمواضعات الاجتماعية، وتلهث وراء نبي الله يوسف عليهالسلام، لتطفىء شعلة شهوتها وهياجها، وتعلن في تبجح أمام نسوة المدينة إصرارها على الإثم.. يقول الله في كتابه العزيز:

(وقالَ نِسوةٌ في المدينةِ، امرأةُ العزيزِتراودُ فتاها عن نفسهِ، قد شغفها حباً، إنّا لنراها في ضلالٍ مبين، فلمّا سَمِعت بمكرهنَّ أرسلت إليهنَّ، وأعتدت لهُنَّ مُتّكاً، وءَاتت كُلَّ واحدةٍ منهنَّ سِكّيناً،وقالت: اخرج عليهنَّ، فلما رأينهُ أكبرنَهُ، وقطعنَ أيديهنَّ، وقُلنَ حاشا للهِ، ما هذا بشراً إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ، قالت: فذلكنَّ الّذي لُمتُنني فيه، وَلَقد راودتُهُعن نفسهِ فاستعصمَ، ولئن لم يفعل ما ءَامُرُهُ لَيُسجننَّ وليكُوناً من الصّاغرينَ. قالَ: ربّ السِّجنُ أحبُّ إليَّ مِمّا يدعُونني إليه، وإلاّ تصرف عنّي كيدهُنَّ أصبُإليهنَّ وأكن منَ الجاهلينَ، فاستجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرفَ عنهُ كيدهُنَّ، إنّه هو السميعُ العليمُ، ثُمَّ بدا لَهُم من بَعدِ ما رأوُا الآياتِ ليَسجُنُنَّهُ حتّىحين) (يوسف: 30 _ 35)

والأدب الإسلامي حينما يحتفي بقضايا المجتمع والعصر. فإنه ينهج نهج القرآن الكريم، وأحاديث نبينا المختار، صاحب الرسالة العظمى عليه الصلاةوالسلام.

تبقى علاقة الأديب المسلم بمجتمعه، أية علاقة تلك؟ هل تعكس هذه العلاقة استجابة الأديب لواقع المجتمع والتعبير عما يدور فيه؟ إذا كان الأمر على هذا النحو منالتصور، فإن دور الأديب يبدو سلبياً، وقد يبقى الأمر في هذا المجتمع على ما هو عليه من فساد، وهنا تنعدم 'المسؤولية الأدبية' أو 'الرسالة'، ويصير الالتزام ضرباً من الجمودعلى ما هو قائم، وتمجيداً لما هو راسخ، ومن ثم تزمن العلل الاجتماعية، وتنطمس معالم التغيير الايجابي والتطوير، ويصبح الأدب بحق مجرد تسلية وترفيه، لكن طبيعة الأدبالإسلامي تنفر من هذه 'الاستاتيكية' فالإسلام حركة ونمو وفعل متواتر، وصعود دائم، وغايات وآمال تتحقق، لتصب في الغاية الكبرى التي من أجلها كان خلق الإنسان على هذهالأرض، وما نقوله الآن ليس بدعاً.

'الحد الفاصل بين الأدب العظيم والأدب التجاري غاية في الدقة، فالأديب العظيم يستطيع أن يؤثر في مجتمعه، وأن يكتسب رضاه دون أن يخضعلإرادة هذا المجتمع، بل ربما استطاع تحقيق ذلك وهو يقف معارضاً للمجتمع، والأديب التجاري وحده هو الذي يتملق الجماهير، ويخضع لها، ويترك إرادته تذوب في إرادتها، الأولهو الذي يؤدي دور الأديب الحق في مجتمعه، حين يتأثر بهذا المجتمع ثم يحاول التأثير فيه، وهو تأثير له خطورته، لأن له خطته وهدفه، أما الثاني فلا يمكن أن يكون عامل دفع فيمجتمعه، لأنه سيترك المجتمع يدور في نطاق ذاته..'.

***

إن علاقة الأدب الإسلامي بالمجتمع علاقة وطيدة، وهي تستمد خيوطها من التصور الإسلامي العام، ولا ينظر الأدبالإسلامي إلى المجتمع 'نظرة دونية' مهما تعاورت ذلك المجتمع نوب الفساد والانحلال والضلال، فالمسؤولية المقدسة في عنق الأديب المسلم تجعله يهدف أول ما يهدف إلى تحقيقالسعادة والتوازن النفسي لدى الأفراد، واعتدال الموازين بين فئات المجتمع، والانطلاق من موقف إيماني صحيح والنظر إلى سوءات الحياة الاجتماعية نظرة الطبيب لمريضه، حيثتقتضي هذه العلاقة الحب والفهم والولوج إلى القلوب لتحقيق الثقة والإيمان والأمل والقناعة الخاصة، ومن ثم يتولد 'الموقف' الايجابي.. الموقف الذي يتحول إلى ممارسة وتغييرللأفضل.



المصدر : مدخل الى الادب الاسلامي

/ 1