أدیب الإسلامی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أدیب الإسلامی - نسخه متنی

علی المؤمن

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

علي المؤمن

علي المؤمن

الأديب الاسلامي: الانتماء


أين تكمن إشكالية الأدب الاسلامي؟ في إنتاجه، في انتمائه أم في انفتاحه، أم في أصلالتسمية؟ فتحديد مكمن الإشكالية، سيضعنا على بداية الطريق، ويوضح اتجاه الموضوع.

الحقيقة أن أصل الإشكالية ليس في الانتماء أو الانفتاح نفسيهما، إذ ليس هناك تقاطعبين انتماء الأديب الاسلامي وانفتاحه، فلا إشكالية. الإشكالية تكمن في المساحة التي يتحرك فيها الأديب الاسلامي بين انتمائه لمنظومة التصور الكوني التي يتبناها(الآيديولوجية الاسلامية)، وانفتاحه على الآخر، لأن الانفتاح في أطره المتوازنة لا يلغي الانتماء.

وللوصول إلى لب الإشكالية وتفصيلها، وإلى فهم مشترك، لابد للكلمةهنا من تحديد مفهومها ومعانيها للمصطلحات والألفاظ التي احتواها العنوان.

أول ما يواجهنا اصطلاح (الأديب الاسلامي)، وهنا تقفز إلى الأذهان الثنائية القديمة: أديبمسلم أم أديب اسلامي؟ ومرد الجدل هو (المسلم) الذي ينتسب إلى الاسلام بالاسم، و(الاسلامي9 الذي يتبنى الاسلام مشروعاً لقيادة الحياة. وهو جدل ـ كما قلنا ـ قديم، تعرض لهحتى الأجانب والمستشرقون، ولا نريد الخوض فيه هنا ولكن الذي لا شك فيه أن بين الاثنين اختلافاً مفهومياً واضحاً.

إلى جانب ذلك، هناك قيد (الاسلامي) إلى جانب (الأديب)،وهذا القيد له دلالات عقيدية وفكرية، فـ(الاسلامي) إطار يحدد اتجاه الأديب ورؤيته للحياة والكون، ويضع لإنتاجه الأدبي أسساً وقواعد مضمونية وشكلية نابعة من أصل العقيدةالاسلامية.

أما المعني بالانفتاح والانتماء، فهو الأديب الاسلامي، وليس الأدب الاسلامي، لأن الأدب الاسلامي هو المدرسة وهو الانتماء، ويبقى على الأديب أن يحددموقفه من هذا الانتماء، وموقفه من المدارس الأخرى. وتبقى جدلية مَن هو المعيار في تحديد الانتماء، أي مَن ينتمي إلى مَن؟ الأديب إلى الأدب أم الأدب إلى الأديب؟

فيالمدارس الأدبية الأخرى، لا شك أن المدرسة تنتمي إلى مؤسساتها وصانعها الأديب، ثم ينتمي الأتباع الأدباء إلى المدرسة. ولكن في المدرسة الاسلامية، النظرية لا يصنعهاالأديب وحده، لأن فيها أبعاداً واسعة ـ عقائدية وشرعية وفكرية وفنية ـ لا يدخل كثير منها في اختصاص الأديب. فالنظرية الأدبية الاسلامية يتضافر على تأسيسها وتحديدمعالمها ومساراتها المختلفة كل من الفقيه والمفكر والأديب معاً. وفي النتيجة يكون الأدب الاسلامي هو معيار الانتماء والالتزام، وليس الأديب، فإذا التزم الأخير فيإنتاجه الأدبي ـ وليس في التزامه النظري والسلوكي العام ـ بنظرية الأدب الاسلامي، فإنه يكون أديباً إسلامياً.

وهنا يقفز إلى الأذهان السؤال التالي: ماذا يعني أن يكونالأدب اسلامياً؟ فهل يكون مثلاً:

1 ـ منتجه إسلامياً (الأديب)؟

2 ـ يحتوي على تعبيرات ومظاهر اسلامية، أو تعابير ومظاهر تتوافق مع التصور الاسلامي (الشكل)؟

3 ـيكون ذا مضامين اسلامية أو مضامين تلتقي بالتصور الاسلامي (المحتوى)؟

4 ـ يخدم أهدافاً اسلامية (التأثير)؟

لا نخالف أصحاب الاهتمام في هذا المجال، والذين يجمعونعلى أن الأساس الرابع هو الأهم، مع الالتزام بالأساسين الثاني والثالث دون الأول. وهنا يعني الأدب الاسلامي، الأسلوب الأدبي - الفني الذي يُعبَّر من خلاله عن الأهدافالاسلامية ويؤدي دوره المطلوب في إطار عملية التأثير على العقول والضمائر والمشاعر.

ولعل جزءاً من هذا يعني أن الانتساب الديني للأديب لا أثر له هنا، فقد يكون الأديبغير مسلم، ولكن له نتاجات أدبية إسلامياً، مثلاً جورج جرداق وبولس سلامة وعبد المسيح الانطاكي، هؤلاء نصارى، ولكن بعض نتاجاتهم تمثل أدباً اسلامياً يخضع للأسسوالمعايير الدينية من حيث الشكل والمضمون والتأثير. وعلى العكس من ذلك حينما يصدر عن الأديب.. حتى ذلك المنتمي انتماءً عقائدياً متكاملاً إلى الاسلام، أدب لا يخضع للشروطالشرعية والعقائدية، فذلك أدب غير اسلامي قطعاً.

و(الانتماء) المراد به هنا، تبني الأديب للاسلام نهجاً يقود الحياة، أولاً، وتبني الأديب نظرية الأدب الاسلاميبصيغها العقائدية والشرعية، ثانياً. ويظهر هنا لونان من الانتماء يكمل أحدهما الآخر:

الأول: انتماء الأديب نفسه.

الثاني: انتماء الناتج الأدبي.

وهنا نعود إلىالقول إلى أن ملاك التصنيف إلى أدب إسلامي أو غير إسلامي ليس شخص الأديب، إنما النتاج الأدبي نفسه. فيكون المراد بالانتماء هو الثاني، مع أخذ الأول بنظر الاعتبار،لمدخليته النفسية في تقبل المتلقي للنتاج الأدبي، ولا سيما في مجال التأثير وتحقيق الأهداف.

أما علاقة الانتماء بـ(الالتزام) والفرق بينهما، فالمرجح إنهما وجهانلعملة واحدة، فلا فارق بينهما في الجانب الاصطلاحي، ولكن من الناحية المفهومية، قد يقول بعضهم ان الانتماء يعني انتماء الأديب للنظرية الاسلامية بالكامل، وانه أصبحجزءاً منها، في حين أن الالتزام قد يعني التزام الأديب بالنظرية؛ لظرف معيّن، دون أن ينتمي إليها ويندك بها. وهذا القول على ما يطرح من تفصيلات، لا يعطي خصوصية للانتماءعلى حساب الالتزام.

المقدمة الأخرى التي توصلنا بهذه الإشكالية، الوقوف على قضية الأدب. ولا نريد هنا ـ أيضاً ـ تكرار الإشكاليات والمقولات والتساؤلات التي بقيت محلحوار ونقاش بين مختلف الاتجاهات: لمن الأدب أو الفن؟ للانسان، للحياة، للأدب أو الفن، أم لشيء آخر؟ فهذه التساؤلات أُشبعت بحثاً، وأجاب عنها كل اتجاه ـ بما فيها النظريةالاسلامية ـ على وفق تصوره للحياة. ولكن نشير إلى بعض الملاحظات التي تقف على هامش هذه الإشكالية.

قضية الأدب ـ عموماً ـ جزء من قضية الثقافة (بمعناه الواسع).. ثقافةمجتمع ما، فمحتوى الأدب وشكله تفرضانه البيئة الثقافية للمجتمع ـ عادة ـ أي أنه نابع من ثقافة المجتمع وبيئة الأديب، وبالنتيجة يدخل في المضمون الثقافي.

رغم هذا، فانالمدارس الوضعية الأدبية تعتبر ـ كما يذهب زكريا إبراهيم ـ ان الأدب مجرد مهارة فنية في تصوير الجمال وإرضاء الحس الباطني لدى الانسان، دون وجود هدف معين أو منفعة أخرى،سوى المتعة الجمالية. أي انه (صياغة فنية لتجربة بشرية). وبهذا فهي تنظر للأدب كقضية وجدانية صرفة لا مدخلية للانتماء العقيدي والفكري فيها. وهذا ما يدفعنا للحديث عنمفهوم الأدب المنتمي والأدب المؤدلج والأدب المستقل والثقافة المستقلة..

ابتداءً نتساءل: هل هناك أدب مستقل.. أدب محض.. يعمل للأدب فقط؟ ويعتبره مجرد إبداع، ولحظة وحيمجردة وتجربة وجدانية صرفة وخالية من أي مضمون؟ أي انه تداعٍ ذهني ونفسي ذاتي لا يتدخل فيه أي عنصر خارجي، وخاصة الآيديولوجيا! قد تكون هناك ادعاءات تجعل الأدب قضيةمستقلة وحرة للغاية بعيداً عن أي التزام أو انتماء، وتطلق على نفسها مدرسة الأدب للأدب أو الفن للفن. والمنسوبون لهذه المدرسة هم ملتزمون ومنتمون قطعاً.. منتمونلمدرستهم، التي تشكل ـ أيضاً تصوراً معيناً للحياة وذات مضامين أدبية محددة. وبالتالي فهي أقرب للمعتقد.

وربما يعتبر بعضهم أن العمل الأدبي لا علاقة له بسلوك الانسانالأدبي وآيديولوجيته، لأن السلوك والآيديولوجيا عمليتان خاضعتان لحسابات كامنة في شعور الانسان، أي خارج تداعياته الذهنية ولحظات انفعالاته النفسية، وبالتالي يكونالسلوك الخارجي للانسان (فكره وعمله) خاضعاً لمنطق الحظر والمنع آيديولوجيا، أما الإنتاج الأدبي فهو لحظة انعفال نفسي لا علاقة لها بأي منطق خارجها، وبالتالي فهي لاتخضع لذلك المنطق. وهذا خلاف ما أثبتته حقائق الأدب والانسان. فكل الأدباء ملتزمون ومنتمون، ولا وجود لأديب غير منتم وغير ملتزم.. حتى في المفهوم غير الاسلامي للانتماءوالالتزام. فالروائي الأمريكي (نورمان مالر) يعرف الالتزام بأنه (بمثابة طوق النجاة في خضم القيم المتصادمة في عالم اليوم.. صداماً أفضى إلى الفوضى). فالالتزام ـ حسب مالرـ هو الارتباط بشيء آخر خارج الذات والعمل في إطار ضوابطه، لتجنب العبث والفوضى. فعدم الالتزام والانتماء يعني الفوضى والعبث.

وإذا كنّا قد اعتبرنا الأدب جزءاً منقضية الثقافة، فهل هناك ثقافة لا منتمية أو فكر لا منتم أو تيار اجتماعي لا منتم؟ ان الثقافة اللامنتمية خرافة، لأنها هي الانتماء.. الانتماء لمجتمع.. لتيار اجتماع. وإذاصح أن توجد ثقافة غير منتمية، صح أن يكون هناك أدب غير منتم.. غير مؤدلج، وعلوم انسانية واجتماعية لا مؤدلجة، وفن لا مؤدلج، وصولاً إلى الرياضة والموسيقى! ومهما كانالأديب متمرداً على ثقافة مجتمعه أو بيئته الخاصة، أو كان منتمياً إليها، فان هذه الثقافة تلقي بظلالها عليه، فيكون نتاج الأديب متأثراً سلباً أ و إيجاباً بهذه الثقافة.

حتى طبقة (الانتلجنتسيا) التي تحاول أن تطرح نفسها طبقة غير منظمة تتكون من أفراد غير منتمين، فهي منتمية أيضاً، منتمية للانتلجنتسيا نفسها، التي تحولت بدورها إلىتيار فكري واجتماعي، قاعدته النقد ثم النقد، والنقد من أجل النقد، بهدف التغيير وايجاد التحول في المجتمع. وعلى العموم التصور الاسلامي وحقائق المجتمع الاسلامي تحولدون تشكيل طبقة (انتلجنتسيا اسلامية)، بينهم أدباء اسلاميون انتلجنتسيون، لأن المثقف الاسلامي منتمٍ وعضوي ويهدف إلى التغيير والبناء في إطار التصور الاسلامي، ولا يهدفإلى النقد المجرد، بعيداً عن أي انتماء بمعناه العام والخاص.

ان القومية والوطنية ـ كما يطرحونها ـ آيديولوجيتان، وعمل الانسان لهما.. فكراً.. أدباً.. فناً، هو عملآيديولوجي، ومدارس الفن والأدب مؤدلجة أيضاً. فإن تكن الثقافة للثقافة والأدب للأدب، فهي كينونة مستحيلة. والمدافعون عن تيار اللاانتماء يتلاعبون بالألفاظ فقط.

* * *

في المدرسة الاسلامية ـ وهو ما يعنينا ـ ليس هناك استقلال للثقافة والأدب والفن عن العقيدة، فالعقيدة الاسلامية هي المنطلق، وهي التي تحدد للمثقف والفنان والأديبأهدافهم.. المراد تحقيقها من الانسان.. الخليفة، من خلال وجوده على الأرض، والمتمثل في معرفة الله في الدعوة لله.. ولدين الله.. ثم لتعبيد الانسان لله تعالى. فكيف يمكنللمسلم العقائدي في فكره وسلوكه، أن يكون غير عقائدي في نتاجه، مهما كان نوع هذا النتاج فنياً أو أدبياً أو ثقافياً؟

والمنهج الاسلامي في النقد الأدبي لا يمكن ـ هوالآخر ـ أن يبقى فنياً وحسب، بل لابد أن يُخضع المادة الأدبية لحسابات الدلالة والمضمون، وليس للجانب الفني وحسب، أي دراسة النص وصوره ودلالاته الفنية دراسة علمية محضة.فحين يخضع النص للمعيار العقائدي. في الدلالة أو المضمون حينها يكون النقد الأدبي عقائدياً أيضاً.

ومن كل ذلك نستخلص بأن الأدب لا يقف على الحياد بين الدين واللادين.بل يفرض التصور الاسلامي (الديني) أن يكون الأدب الاسلامي خاضعاً له تماماً، شكلاً، مضموناً وهدفاً، إلى الحد الذي يتحول فيه الأدب الاسلامي إلى وسيلة من وسائل الدين.وككل القضايا التي للدين رأي فيها، فان للدين رأياً محدداً في الإنتاج الأدبي، ويتدخل في محتواه وشكله وتأثيراته، ولا يترك للأديب حرية التعبير المطلق عن كوامنهالنفسية.وإذا كان الله (تعالى) يصرح في أكثر من آية قرآنية بأن الانسان مسؤول عن استخدام حواسه (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) وانه سيوقف ويحاسب عليها(وقفوهم إنهم مسؤولون)، ويكون لكل كلمة مدخلية في احتساب الثواب والعقاب. فهل يستثنى الفنان والشاعر والأديب من ذلك، بحجة أن ما يقوله صادر من لحظة انفعال وجدانية، وإنهامجرد تعبيرات وصور جمالية فنية، أي مجرد تعبيرات هدفها التصوير الفني وحسب، فلا تدخل ـ آنذاك ـ في اطار المنع والحظر الشرعي والعقيدي؟!

وإذا وقفنا على حقيقة أهدافالاسلام، وتحديداً بعدها الانساني، فسنرى إنها تتلخص في تنظيم حياة الانسان من خلال شريعة وقانون، يحصل من خلالهما على سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. وفي إطار البعدالانساني، فبما أن الاسلام يدعو للحق والفضيلة ومكارم الأخلاق والعفة والخير والمحبة والجمال والعدل والعاطفة الصادقة، فان أي نتاج أدبي يدعو لهذه المضامين فهو يصب فيالهدف الاسلامي نفسه، مع مراعاة الأساليب والتعبيرات. وكل ما يخدم قضايا الانسان الحقة والانسانية، فهو أدب ملتزم ويلتقي مع الاسلام.

وهنا لابد من الالتفات إلى نقطةمهمة: صحيح أن مدرسة الأدب الاسلامي هي مدرسة (الانسان) ولكنه ليس مطلق الانسان، انه الانسان الذي يلتقي بمُثل السماء، الانسان الإلهي وليس الأرضي وحسب. وبكلمة أخرى: انالأدب الاسلامي لا يغرق في هموم الانسان ومعاناته ويؤكد انسانيته الأرضية وحسب، بل إنه يهدف إلى منح الانسان انسانيته السماوية، أي الشخصية الربانية للانسان ففي الأدبالاسلامي، ارتباط دائم بين الأرضي والسماوي.. سريان دائم صعوداً ونزولاً.

ومن منطلق عالمية العقيدة الاسلامية والخطاب الاسلامي والأهداف الاسلامية، فان الأدبالاسلامي هو ـ بالضرورة ـ أدب عالمي وانساني، ليس محلياً أو قومياً. فهو يُنصِف صنفي الناس على كل الكرة الأرضية، مسلمين وغير مسلمين، ويدافع عن قضاياهم الحقة. يقولالإمام علي (ع) عن الناس بأنهم (صنفان: أما أخ لك في الدين، وأما نظير لك في الخلق).

من هنا، فان تعبيرات مثل: الأدب الموجه، الأدب الهادف، الأدب الانساني، الأدبالملتزم، كلها تحكي عن مضمون واحد يصب في خدمة الانسان.. الخليفة وقضاياه، وبالتالي تخدم الهدف الديني.

* مجلة التوحيد/ العدد 82/ حزيران 1996

/ 1