إخضاع الإدارة الإسلامیة للقانون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إخضاع الإدارة الإسلامیة للقانون - نسخه متنی

سمیر عالیه

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إخضاع الإدارة الإسلامية للقانون

د. سمير عاليه

ان سلطة الإدارة في الإسلام ليست مطلقة بغير حدود لها أن نفعل ما تشاء وتدع ما تشاء، بل هيمقيدة بأحكام الشريعة أو المصلحة العامة للمواطنين. وبمعناه قال ابن خلدون في مقدمته إن سلطان الدولة يجب أن يستند إلى شرع مُنْزل من عند الله أو إلى سياسة عقلية تُراعيفيها المصالح العامة1 كما أن الفقهاء بنوا على ذلك القاعدة الكلية القائلة أن: 'التصرف على الرعية منوط بالمصلحة'2 فالإدارة الإسلامية هي جزء من الأمة أُختيرت لتسييرأعمالها، فإذا كان لها من حقوق على الرعية فإنما يكون ذلك في مقابل واجباتها تجاهم. وهي في أداء واجباتها وإستيفاء حقوقها مُقيّدة بعدم الخروج على نصوص القانون الإسلاميأو روحه، وذلك عملاً بقوله تعالى في سورة المائدة: (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) (سورة المائدة/ 49) وقوله تعالى في سورة الجاثية: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لا يعلمون) (سورة الجاثية/ 18). وإذا كانت الإدارة مُقيّدة بأن تتبع الشريعة وأن تدير شؤون الناس طبقاً لنصوصها، فمعنى ذلك أن سلطتها مُقيّدة بنصوصالشريعة فما أباحته فقد امتدّ سلطانها إليه، وما حرّمته عليها فلا سلطان لها عليه.

وإذا كانت الشريعة قد بيّنت للإِدارة حقها وواجباتها وألزمتها بأن لا تخرج عنأحكامها، وجعلتها كأي فرد عادي فلم تُميزها على غيرها بأي ميزة سوى السلطة، فكان من الطبيعي تحقيقاً للعدالة والمساواة أن تُسأل الإدارة عن كل عمل مخالف للشريعة سواءأتعّمدت هذا العمل أم وقع منها نتيجة إهمال، ما دام الكل يُسأل عن أعماله المخالفة للشريعة3.

ويمكن التأكيد على أن الشريعة الإسلامية عرفت نظرية إبطال القراراتالإدارية المخالفة للقانون. وهذا واضح من قصة فتح مدينة 'سمرقند' هذا الفتح الذي حصل قبل انقضاء ثلاثة أيام على إنذار الأهالي كما تُوجب الشريعة، فقضى القاضي المسلم الذينظر في القضية بإلغاء قرار الفتح المخالف للشريعة، وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الفتح وذلك بإصدار الحكم بخروج جيش المسلمين إلى مواقعه خارج المدينة، على أن يتقيدبمهلة الإنذار إذا ما قرر الفتح مجدداً.

وكذلك عرف النظام الإسلامي فكرة قضاء التعويض عن قرارات الإدارة المخالفة للقانون. فقد حدث أن أساء القاضي أبو موسى الأشعريمعاملة شارب الخمر بأن زاد على جلده بأن حلق شعره وسوَّد وجهه، ونادى في الناس بعدم مجالسته، فتظلّم الرجل إلى الخليفة عمر بن الخطاب فأعطاه مائتي درهم تعويضاً عما أصابهوترضية له لما لحقه من إساءة، وكتب إلى أبي موسى يقول: 'لئن عدت لأُسوِّدنّ وجهك، ولأطوفنّ بك في الناس' وأمره أن ينادي في الناس أن يجالسوا المتضرر4.

ومن أقضية الخليفةعمر أيضاً في ذلك أنه فرض التعويض لأهل الذمة من معرَّة الجيش5. فعندما كان المسلمون في الجابية، أتى الخليفة عمر رجل من أهل الكتاب يشكو إليه أن الجنود أسرعوا في عنبه.فخرج الخليفة للتحقق من ذلك فلقي واحداً منهم من أصحابه، يحمل تُرساً عليه عنب، فقال له: 'وأنت أيضاً فعلتها؟'، فردّ عليه: 'يا أمير المؤمنين، أصابتنا مجاعة'. فانصرف عمر،وفرض لصاحب الكرم التعويض المناسب عن قيمة العنب المصادر6.

اعتراف الإسلام بالحقوق والحريات الإنسانية:

وقد عرف الإسلام أيضاً فكرة الحقوق والحريات الإنسانيةالتي تكون حواجز منيعة أمام سلطات الحاكم، وذلك عشرة قرون قبل أن تظهر على ألسنة فلاسفة العقد الاجتماعي في القرن السادس عشر. وقائمة الحقوق الفردية والحريات العامةالتي أقرها الإسلام تشمل أنواعاً عديدة منها: حق الحياة، والحرية الشخصية، وحرية الرأي، وحرية التعليم، وحق التملك، وحق العمل، والعدالة الاجتماعية، فضلاً عن الحقوقوالحريات الخاصة بغير المسلمين.

وجود رقابة قضائية على السلطات الحاكمة:

وأخيراً، أخذ الإسلام من ضمانات خضوع الدولة للقانون بضمانة قيام رقابة قضائية على أعمالالسلطات الحاكمة، فأخضع أرباب الحكم جميعاً لرقابة القضاء أُسوة بسائر المواطنين.

وقد تقرر مبدأ الرقابة هذا منذ أربعة عشر قرناً بعمل الخلفاء الراشدين وقضاة السلف،وبأقوال أئمة المذاهب الفقهية. ويشهد على ذلك خضوع الخلفاء المسلمين في خصوماتهم لإختصاص القضاء، إذ لم يكن للخليفة أو للإمام أن يقضي أو يشهد لنفسه. فكان الخلفاء يلجؤنفي قضاياهم إلى السلطة القضائية، وينصاعوا لأحكامها وأوامرها وكانوا لا يرون في ذلك أي نقيصة أو غضاضة، بل كان ذلك مصدر إعتزاز لهم لتقيّدهم بأوامر الشرع وقواعد العدلوالمساواة.

ولقد سجّل التاريخ الإسلامي أنصع الصفحات على امتثال السلطات الحاكمة لسلطات القضاء ومساواة الخلفاء بالرعية في جلسات المحاكمة وإنصياعهم للأحكامالصادرة ضدهم.

ويُشار هنا إلى أن تنظيم القضائي الإسلامي أناط الرقابة القضائية على أعمال السلطات الحاكمة بقضاء المظالم أو القضاء الإداري، فضلاً عن قيام العاديبهذا الواجب.

وقضاء المظالم هو سلطة قضائية في ظلامات الأفراد والجماعات من الخلفاء والولاة والحكّام وجباة الضرائب، وأبناء الخلفاء والأمراء والقضاة. وكان ممايختص به قاضي المظالم ما لا يحتاج إلى ظلامة متظلم وإنما ينظره من تلقاء نفسه: كتعدي الولاة على الأفراد أو الجماعات من الرعية، وتعسف الجباة فيما يحصلّونه من ضرائب، وردما اغتصبه ولاة الجور وأصحاب النفوذ والبطش. وكان البعض الآخر موقوف نظره على طلب شخصي من المتظلم: كتظلم عمّال الدولة من نقص رواتبهم أو تأخرها عنهم، أو عدم تنفيذالأحكام القضائية لعلو قدر المحكوم عليه وقوة نفوذه.

ويُلاحظ أن أغلب هذه الأمور تتعلق بمقاضاة رجال الدولة، كما تتعلق بتظلم موظفي الدولة من تعسف رؤسائهم، ولهذافقضاء المظالم أشبه ما يكون بالناحية الغالبة على إختصاصه بالقضاء الإداري في المفهوم المعاصر.

ومن شروط قاضي المظالم أن يكون جليل القدر، نافذ الأمر، عظيم الهيبة،ظاهر العفة، لأنه يحتاج في نظره إلى سطوة الحماة وتثبّت القضاة.

وكان أول من جلس للمظالم من الخلفاء المسلمين الإمام علي بن أبي طالب، وأول من خصص يوماً للمظالم عبدالملك بن مروان. وكان قضاء المظالم يُعقد أولاً في المساجد، كغيره من المحاكم، ثم بني بعض الملوك له ديواناً، ومنهم من خصّص له بناءً مستقلاً وسمّاه 'دار العدل'7.


1 ابن خلدون: في مقدمته ص302-303، من طبعة دار إحياء التراث العربي ببيروت.

2 الدكتور صبحي محمصاني: أركان حقوق الإنسان ص 94.

3 الأستاذ عبد القادرعودة: التشريع الجنائي الإسلامي ج‍1 ص41-46.

4 الدكتور عبد الغني عبد الله: نظرية الدولة في الإسلام ص186.

5 معرَّة الجيش: تعني إقامته في أرض مزروعة فيأكل جنوده منهابدون إذن من صاحبها (قاموس الرائد: كلمة معرّة).

6 الدكتور صبحي محمصاني: تراث الخلفاء الراشدين ص538.

7 يُراجع في ذلك: كتاب القضاء والعرف في الإسلام ص 105-106، سابقالإشارة إليه.

المصدر: (نظرية الدولة وآدابها في الإسلام)

/ 1