قضیة العدل تنزیه الله فی أفعاله نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قضیة العدل تنزیه الله فی أفعاله - نسخه متنی

محمد أحمد عبدالقادر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

قضية العدل (تنزيه الله في أفعاله)

د. محمد أحمد عبد القادر

وتشكل قضية العدل مع التوحيد المحور الأساسي الذي يدور حوله فكر المعتزلة، كماأنه يضع حدوداً حاسمة بين مذهب المعتزلة ومذهب غيرهم ممن يتشابهون مع المعتزلة في بعض الخصائص، اذ أن للتوحيد والعدل عند المعتزلة معنى محددا ومستقلا جعل لهؤلاء (نظرية)محددة المعالم، يستطيع كل من يطالعها أن يتعرف على أصحابها.

يقول الخياط المعتزلي: لسنا ندفع أن يكون بشر كثير يوافقوننا في التوحيد ويقولون بالجبر، وبشر كثيريوافقوننا في التوحيد والعدل ويخالفوننا في الوعد والأسماء والاحكام، ليس يستحق أحد منهم اسم الاعتزال حتى يجمع القول بهذه الأصول.

واذا كان المعتزلة يحبون أنيلقبوا بأصحاب التوحيد والدل، فانهم لإتجاههم الخاص في فهم العدل وبحصرهم أنفسهم في دائرة العدل يكادون أن يقتصروا في تسمية أنفسهم بالفرقة (العدلية) أو (العدليين).وتأتي الصلة الوثيقة عندهم بين أصلي التوحيد والعدل وهي أنهما _بما يتفرع عنهما من قضايا _ يدوران حول ركيزة هامة الا وهي تنزيه الله سبحانه، فان كان التنزيه لله تعالى فيذاته وصفاته فذلك هو التوحيد، وان كان التنزيه لله تعالى في أفعاله فذلك هو العدل.

فالعدل مصدر عدل يعدل عدلا، وقد يذكر ويراد به الفعل، ويذكر ويراد به الفاعل. فاذاأريد به الفاعل فذلك على طريق المبالغة لأنه معدول به عما يجري على الفاعلين. والعدل اصطلاحا فيما يرى المعتزلة هو ما يقتضيه العقل من الحكمة وهو اصدار الفعل على وجهالصواب والمصلحة. 'فان قيل أنه تعالى عدل، فالمراد به أن أفعاله كلها حسنة، وأنه لا يفعل القبيح ولا يخل بما هو واجب عليه. وأنه لا يكذب في خبر، ولا يجور في حكمه، ولا يعذبأطفال المشركين بذنوب آبائهم، لا يظهر المعجزة على الكذابين، ولا يكلف العباد مالا يطيقون ولا يعلمون، بل يقدرهم على ما كلفهم، ويدلهم على ذلك، ويبين لهم، ليهلك من هلكعن بينة، ويحيى من حيى عن بينة'.

يتعلق التوحيد بالبحث في الوجود الالهي من حيث هو ذات مطلقة ولذلك فهو من الناحية الفلسفية يعتبر أدخل في مبحث الانطولوجيا أو الوجودبوصفه قمة وكمال الوجود. أما العدل فيتعلق بالفعل الالهي من حيث صلته بالانسان، تلك الصلة التي يجب أن يسودها من جانب الله تعالى _وفقا لرأيهم _ العدل المطلق. وهكذا فانأصل العدل يندرج تحت ميتافيزيقا الاخلاق أو الاسس الميتافيزيقية للاخلاق، أو الأصول العقائدية التي تقوم عليها الأخلاق.

ولعل المعتزلة في اختصاصهم (العدل) ليكون أهمصفات الفعل الالهي على الاطلاق لكون العدل هو قمة الفضائل التي تحكم الأفعال المتعدية الى الغير لاسيما في علاقة رب بمربوبين أو خالق بمخلوقين، ويقاس عليه علاقة الحاكمبالمحكومين. فالله سبحانه _عندهم _ جميع ما (يفعله) بعباده عدل، إذ لا يتصور غير ذلك، ولا يشذ عن ذلك من أفعاله _سبحانه _ إلا ما يتعلق بابتداء خلق الانسان المكلف واحيائه،أو بالاحرى ما يتعلق بقانوني الاحياء والاماتة فهما ليسا بمجال تقويم بحكم أخلاقي.

من مظاهر العدل عند المعتزلة:

1_ الله لا يفعل القبيح وأفعاله كلها محكمة (مقدمةفي نسق):

ان الله سبحانه _عند المعتزلة _ لا يحب الفساد ذلك 'ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر' (النحل_90) وبيان قولهم ان الله لايفعل القبيح ولا يأمر به هو أنه سبحانه عالم بقبح القبيح، وأنه مستغن عنه وعالم باستغنائه عنه، وأن من هذه حاله لا يفعل القبيح بوجه من الوجوه. والمعتزلة مجمعون على أنهتعالى لا يفعل القبيح، وأنه سبحانه لديه القدرة على فعل القبيح ولكنه _لحكمته وعدله _ لا يفعل. ولكن يشذ عن هذا الاجماع كل من النظام وأبي علي الاسواري والجاحظ الذين ينفونالقدرة على فعل القبيح أصلا.

واذا كان في العالم ما يتصوره الانسان شرا، فذلك مما خفى على علمه البشري اذ أن هناك حكمة من وراء ذلك 'انا كل شيء خلقناه بقدر' (القمر_49).يقول الخياط: حقيقة ان الله وهو المصيب للنبات بما يعتريه من قحط وجدب، ولكن ذلك لا يعد من جانبه سبحانه شرا أو فساد، اذ ليس كل ما تكرهه النفس قبيحا. وانما القبيح هو ماكان ضررا خالصا أو عبثا محضا وذلك كله في حق الله محال. وهكذا يفرق المعتزلة بين الحسن والقبح في الأفعال من جهة، والضرر والنفع من جهة أخرى. فليس كل ما هو نافع حسنا ولا كلما هو ضار قبيحا، ولكن حكمة الله تجعل أحيانا مما يعتقد أنه ضار حسنا وتجعل مما يعتقد أنه نافع قبيحا. يقول تعالى: 'ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدرما يشاء انه بعباده خبير بصير' (الشورى _ 27).

2_ الله لطيف بعباده:

لقد فصل المعتزلة الحديث عن اللطف الالهي بوصفه واحدا من أهم مظاهر العدل الالهي. واللطف بصفة عامةهو كل ما يختار عنده المرء الواجب ويتجنب القبيح، أو ما يكون عنده أقرب اما الى اختيار الواجب أو الى ترك القبيح. وتختلف الاسامي عليه فربما يسمى توفيقا، وربما يسمى عصمةالى غير ذلك أما بالنسبة للطف الالهي فهو كل ما يقرب الانسان من الطاعة ويبعده عن المعصية. ولما كان الله (عدلا) في حكمه، رءوفا بخلقه، ناظرا لعباده لا يرضى لهم الكفر ولايريد ظلما للعالمين، فهو سبحانه لم يدخر عنهم شيئا مما يعلم أنه اذا فعله بهم أتوا الطاعة والصلاح.

فاللطف عند المعتزلة اذن يحمل على أنه: عون وانقاذ من الله تعالى،بغيرها يظلم الانسان. فالعقل هو أول مقتضيات التكليف وأهم مظاهر اللطف، فاذا ما فقد الانسان العقل زال عنه التكليف. واذا كان الله قد أودع في الانسان الشهوة _ابتلاء_ فقدأكمله بالعقل (تحكما). ومن ثم فان المعتزلة يذهبون الى ضرورة النظر العقلي كأداة معرفية تبصره بعواقب الأمور وتدفعه الى العمل الصالح وتمنعه من ارتكاب الشرور والمعاصي.

ولا يتعارض عدل الله ولطفه مع خلق الشهوة في الانسان، لانه اذا زالت الشهوة زال التكليف اذا لم يحصل ما يقوم مقامها. ومن جهة أخرى ليست الشهوة ملجئة الانسان الىالرذيلة ولكنها محك للتقويم الاخلاقي اذ كلما كانت الشهوة قوية وكانت قوة الامتناع مواكبة لها فذلك (أكمل). ونحن نجل عفة الشاب عن الشيخ الهرم ذلك أن قوة الامتناع مع شدةالاغراء ارتفاع الهمة وعلو الدرجات. واذا كان العقل هو مناط التكليف وأهم مظهر للطف الله بعباده بوصفه الوسيلة المميزة بين الخير والشر في الأفعال، فان انزال الشرائعوبعثة الانبياء والمرسلين انما هما تمام اللطف من الله بعباده. فالشرائع هي بمثابة (مناهج) للأوامر والنواهي الالهية، والانبياء والرسل هم (القدوة) في التطبيق، وهل ذلكمنه تعالى الا عدل ولطف. يقول تعالى 'وما كنا معذبين حتى نبعثَ رسولا' (الاسراء _15)، ويقول تعالى 'لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل' (النساء _ 165). وجملة القول في ذلك أنالله لم يدخر عن عباده شيئا من الألطاف التي بها يعدلون عن طريق البغي من غير الجاء والا لارتفع التكليف ولما كان هناك مبرر لحساب.

3_ الانسان حر فيما يفعل (النتيجة):

يأتي تصور المعتزلة لحرية الارادة الانسانية نتيجة منطقية لنسق معتزلي في (العدل) كل المقدمات فيه تشير وتؤكد أن القول بحرية الانسان في أفعاله هو النتيجة الطبيعيةلمثل تلك المقدمات واذا أردت أن تخص نظرية أو تصورا وتعتبره علما على الفكر المعتزلي كله. على كثرة نظرياته وتصوراته _فقولهم بحرية الانسان ما في ذلك شك. وداعيهم فيتأكيدهم (الحاسم) على حرية الانسان أنه لو كانت الأفعال الأنسانية من صنع الله لبطل الأمر والنهي وبعثة الأنبياء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقبحت المعاقبةوالمساءلة، لأنه لا يجوز أن يأمر الله بما لا يفعله وينهى عما خلقه.

وفي هذا (الاحتجاج) العقلي _في سبيل تأكيد الحرية _ يتأدى المعتزلة الى أن التسليم (بالجبر الالهي)سوف تترتب عليه نتائج منها عدم جدوى وشرعية دعوة النبي الكفار الى العدول عن الكفر الى الايمان، لان الله _وفقا للموقف الجبري _ هو خالق الكفر فيهم وهو المانع لهم عنالايمان. فلا سبيل اذن الا القول بحرية الانسان واثباتها دعما للعقل والواقع، والغاء لكل التصورات الجبرية ازاء هذه القضية، وتنزيها للذات الالهية عن كل نقص خاصة الظلم'ان الله ليس بظلام للعبيد' (الحج_10).

واذا كانت الأدلة العقلية على اثبات الحرية عند المعتزلة هي (المستند) فان كثيرا من دلائل النقل _فيما يذهبون _ تؤيد ذلك وتدعمه. منذلك قوله تعالى: 'فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر' (الكهف _ 29). وسلك المعتزلة طريقتهم في التأويل بالنسبة لظاهر الايات التي تتعارض وما يذهبون اليه.

وفي سبيل تأكيدهم علىحرية الانسان ذهبوا الى أن الارادة سابقة على الفعل المراد، حيث يريد الانسان في الوقت الأول ويفعل في الوقت الثاني. ولا تكون الارادة عندهم مصاحبة للفعل المراد الا فيالأفعال الاضطرارية التي تنتفي معها الحرية. وفيما عدا ذلك فان الارادة _في كل الأفعال الارادية _ تسبق الفعل بحيث تكون هناك (وقفة) للاختيار بحيث يكون أمام الانسانسبيلان فأما أن يفعل أو لا يفعل.

في اطار (التوحيد) دفعهم موقفهم المتطرف _كرد فعل لموقف الحنابلة _ الى المبالغة في اثبات خلق القرآن ومحاولة فرض تلك (العقيدة) عن طريقالسلطة والدولة، مما يتصور معه أن مخالفهم في الرأي (كافر). كذلك دفع بهم الشطط الفكري الى مخالفة النص الديني واجماع الأمة في كون الله تعالى يراه المؤمنون في الآخرة.ووقفوا تجاه تلك المسألة موقفا غريبا كان الواضح من خلاله أنه لا يهم أن يكون متفقا مع النص الديني _ الذي أولوه أحيانا _ ولا مع ما أجمع عليه المسلمون، بقدر ما يكون منسجمامع (تصورهم) للتوحيد والتنزيه. ومتسقا مع نزعتهم العقلية.

وعلى سبيل المثال تكلفوا في مسألة (وجوب فعل الاصلح على الله تعالى) ومهما قيل من اختلاف بين المعتزلةالبغداديين والمعتزلة البصريين في هذا الصدد الا أن تصورهم (العام) حول هذه المسألة ظل عنوانا سيئا على تطرفهم في جعل الصلاح يصدر عن (اللطيف بعباده) وجوبا. فكيف يوجبونعلى الله شيئا وهو سبحانه (الموجب) لكل شيء. ان أفعال الله تعالى _مع التسليم بعدله _ انما تصدر لحكمة معينة وليست لوجه المصلحة، أو تدور (الأفعال) الالهية كلها وفقا لصالحهذا الكائن (المذلل) الذي هو الانسان، انه سبحانه 'لا يسأل عما يفعل' (الانبياء_23). ومن جهة أخرى فان (رؤيتهم) في حرية الانسان ليست (بالعقيدة) التي ربما (يكفر) من يقولبغيرها.

يحسب للمعتزلة أيضا _بشهادة كتب الحضارة والتاريخ الاسلامي _ أنهم واكبوا في نشأتهم قمة الحضارة الاسلامية في القرنين الثالث والرابع الهجريين، تلك الحضارةالتي أطلق عليها بعض المؤرخين (عصر النهضة الاسلامية)، وانه لغريب أيضا أن يواكب أفول نجمهم بداية انهيار الحضارة الاسلامية. واذا كنت استبعد أي نوع من أنواع الارتباطالسببي في هذه المسألة الا أنها (ظاهرة) جديرة بالملاحظة والاشارة اليها.

المصدر : الفكر الاسلامي بين الابتداع والابداع




/ 1