أمة شعب متکامل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أمة شعب متکامل - نسخه متنی

عباسعلی العمید الزنجانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عباس علي العميد الزنجاني

عباس علي العميد الزنجاني

الأُمَّة شعب متكامل


ما هي العناصر والسمات التي يمكن في ضوئها تقسيم المجتمع البشريإلى شرائح متميّزة انبثقت عنها شعوب متنوّعة؟ وما هو القصد من هذه الفوارق؟ وكيف يمكن أن تكون؟

مبدئيّاً، يمكن أن يتحقّق تكوين (الشعب) متّكئاً على أحد الأركانالآتية:

1- (الميزات الذاتيّة) وما يمثّل مقوّماً في تكوين شخصيّة الإنسان.

2- (العناصر والسمات الفكريّة والعقيديّة) التي تمثّل أهمّ ركيزة من ركائز الوفاق الحقيقيفي الحياة الاجتماعيّة.

3- (الخصائص والميزات الماديّة) وهي أساس الاختلافات الاعتباريّة وغير الأصيلة.

وسندرس فيما يأتي تكوين (الشعب) في ضوء كلّ ركن من الأركانالمشار إليها، ثمّ ندرس النظريّة الإسلاميّة وأُسسها الخاصّة بها.

إذا اقتصرنا في تشكيل الشعب على الميزات الذاتيّة دون غيرها، وانصبّ اهتمامنا على الأركانالأصليّة في شخصيّة الإنسان، وعلى العناصر التي قام على أساسها كيان الإنسان المعقّد، متغاضين عن الاختلافات الاعتباريّة التي تفضي إلى التفرقة بين الجمهور البشريالواحد، فلا يداخلنا الشكّ أنّنا ينبغي أن نذعن بأنَّ البشريّة ليست أكثر من شعب واحد، وأنَّ تشكيل شعبين على هذا الأساس متعذّر.

تتلخّص الميزات الذاتيّة للإنسان فيموهبتين: (التعقّل) و(الفطرة). فالتعقّل هو العنصر الذي أضفى على الإنسان كرامة واحتراماً، وأعدّه لضروب السموّ والارتقاء وكسب أنواع الكمال والمثل. وأمَّا الفطرة فهيعبارة عن مجموعة الخصائص الخليقة بالمنزلة الإنسانيّة في الحياة، ولها دور مهمّ وأساس، وتوجّه الإنسان من حيث لا يشعر.

إنَّ استهداء الإنسان بموهبة (التعقّل) أمراختياري، بينما نرى استهداءه بالفطرة خارجاً عن اختياره، ويجري بصورة تلقائيّة وطبيعيّة. وهذا من الرموز اللافتة للنظر في الخلق الحافل بالأسرار.

ومن المعلوم أنَّكلّ إنسان يتمتّع بهذه المواهب الذاتيّة سواء كان أبيض، أم أصفر، أم أحمر، أم أسود. كما أنَّ هذا التمتّع واحد لا يختلف بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعيشون في نقاط متنوّعةمن الأرض أو الذين يتكلّمون بلغات مختلفة، أو الذين ينحدرون من أُصول متباينة آريّة، أو ساميّة، أو شرقيّة، أو غربيّة، أو غيرها من الأُصول.

من هذا المنطلق فإنَّالإنسان يستطيع أن ينشئ مجتمعاً واحداً وشعباً واحداً من مجموعة الأشخاص فيرسي أوتاد حياته الاجتماعيّة في ضوء ذلك. وهذا أقصى وأعلى هدف يتحرّاه القانون الإسلامي فينظامه التربويّ الخاصّ، ويدعو الإنسان إلى تحقيقه. ونجد هذا الموضوع في التعاليم الإسلاميّة الوضّاءة بنحو ألطف وأروع.

يقدّم الإسلام الإنسان بوصفه كائناً مكرّماًومحترماً، ويعتبره خليفة الله في الأرض، ويبشّره بأنَّ خالق العالم قد جعل الكون كلّه تحت تصرّفه، ومنّ عليه بمواهب وقوى واستعدادات كي يصيب حظّه من الاستمتاع بما فيالوجود من مواهب ونِعَم وآلاء، ويكون بالمستوى المطلوب في التصرّف بها واستثمارها، ويكشف رموزها وأسرارها.

وجاءت هذه الحقيقة في القرآن الكريم مسجّلة في قوله تعالى:(وإذ قال ربّك للملائكة إنّي جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك قال إنّي أعلم ما لا تعلمون).

وجاء في مكان آخرمن القرآن قوله جلّ من قائل: (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيّبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً).

ونلحظ ثناءه على الإنسان فيقوله عزّ شأنه: (وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه إنَّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون).

ويرى الإسلام أنَّ جميع الناس متساوون في هذه الكرامة والشرفالذاتي، ويعتبر كلّ إنسان يجسّد معنى الإنسانيّة قميناً بهذه الكرامة العظيمة، ويلغي الاختلافات الاعتباريّة والعنصريّة. وقد أعلن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله فيإحدى خطاباته التاريخيّة بصراحة قائلاً: 'كلّكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربيّ على أعجميّ إلاّ بالتقوى'.

وكان رسول الله ذات يوم جالساً مع جمع من أصحابه، فمرّتجنازة فقام لها احتراماً. فغمزه أحد أصحابه قائلاً: إنَّه يهوديّ. فقال : 'أليست نفساً؟'.

وفي ضوء هذا الاحترام والكرامة الذاتيّة، |اعتبر الإسلام جميع الناس أُمَّةواحدة؛ وأُمَّة تستوعب المجموعات الإنسانيّة برمّتها. وأعلن القرآن هذه الوحدة الأصيلة بصراحة، واعتبر ألوان التفرقة والاختلاف عرضيّة ومنبعثة عن اتّباع الأهواء،وصرّح بأنَّ السرّ من بعثة الأنبياء يكمن في علاج هذه الخلافات وقيادة الركب البشري، قال تعالى: (وما كان الناس إلاّ أمَّة واحدة فاختلفوا)|. وقال عزّ من قائل: (كان الناسأُمَّة واحدة فبعث الله النبيّين مبشّرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحقّ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلاّ الذين أُوتوه من بعد ما جاءتهمالبيّنات بغياً بينهم).

إنَّ القرآن لا ينظر إلى اختلاف اللغات والألوان كعقبة في طريق الوحدة الإنسانيّة، بل يرى أنَّ هذا الاختلاف من السنن الكونيّة ومن مظاهرالقدرة الإلهيّة. قال تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم).

ويتطرّق القرآن أيضاً إلى الاختلافات القبليّة والعنصريّة بوصفها باعثاً علىترسيخ الوحدة والعلاقات الاجتماعيّة، والتعاون بين أعضاء المجتمع البشري. قال جلّ شأنه: (يا أيُّها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).

ويسوّغ القرآن حتّى فلسفة الاختلاف في المستوى المعيشي للشرائح الاجتماعيّة لئلاّ يساء استغلاله كباعث على التمييز والاستعلاء. قال تبارك اسمه: (نحن قسمنا بينهممعيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضاً سخريّاً ورحمة ربّك خير ممّا يجمعون).

من جهة أُخرى، فإنَّ القرآن لا ينظر إلى الفارق الجنسيبوصفه باعثاً على الاختلاف في الأبعاد الإنسانيّة، وكان يوبّخ الذين يتبرّمون من ولادة الأُنثى. قال تقدّس ذكره: (وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظلّ وجهه مسودّاًوهو كظيم).

وفي مجال آخر، عندما يروم القرآن تقويم المثل الماديّة والظواهر الدنيويّة في مقابل الحياة الإنسانيّة الشريفة الخالدة، فإنَّه يعلن هذه الحقيقة مرّةأخرى، فيقول: (ولو لا أن يكون الناس أمَّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضّة ومعارج عليها يظهرون).

ولا يسمح القرآن أبداً أن يشكّل التفاوت فيالمواهب البشريّة أو المواقع الاجتماعيّة المتنوّعة، أو بقيّة الفوارق الطبيعيّة، حاجزاً ومانعاً في المجتمع الإنساني، فينقسم المجتمع إلى شرائح مختلفة في ضوء هذهالفوارق، وعند ذلك تتولّد التكتّلات والتجمّعات، فتصبح سبباً في التمايز، وقد تؤدّي إلى الظلم والإجحاف. قال تعالى: (إنَّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فيشيء). وقال جلّ وعلا: (ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله).

تمثّل هذه التعاليم والنداءات في الحقيقة تنشيطاً معنويّاً في توطيد الوشائج والأواصر لمجتمع آمن بأصلهذه التعاليم والنداءات وانشدّ إليها من أعماقه، ويمكن أن تشكّل إنذاراً لتوعية الأُمَّة وإيقاظها أمام كلّ لون من ألوان الغزو والتفريق الذي تمارسه القوى الشيطانيّةالمعادية للبشريّة ووحدتها، وفي الوقت نفسه فهي صمّام أمان في مواصلة الطريق ومقاومة ضرب من ضروب الانصهار والذوبان.



المصدر: القانون الدوليفي الإسلام

/ 1