القرآن الكريم هو الثقل الأكبر الذي أنزله الله تعالى بما فيه من العظمة والمنزلة على قلب رسوله محَّمدٍ صلى الله عليه وآله وسلَّم ثمَّ نزَّله على هيئة المُصحف الشريف المشتمل على الحروف والكلمات بلسان عربي مبين ليكون هدىً لعامَّة الناس العربيِّ وغير العربي.فمن كانت لديه أدنى معرفة للغة العربيَّة فلا محالة سوف يُدرك جانباً من ظاهر هذا الكتاب قال تعالى:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(يوسف/2).وهذا الخطاب يشمل العرب وغيرهم على السواء، نعم معرفةُ الجوانب الظاهريّة الدقيقة تتوقَّف على الفهم الشامل للّغة العربية وأسرارها.ومع ذلك هناك العدد الكبير من الآيات الكريمة غير مفهومة لا من حيث المفهوم والمعنى ولا من حيث المصداق والتطبيق، وليست هناك أيُّة وسيلة عادية يمكننا من خلالها الإطِّلاع على تلك الآيات والوصول إلى محتواها الواقعي.فيا ترى كيف نحلُّ هذه المشكلة؟وهل هناك من يُطْمأنُّ به كي يُدلَّنا على محتواها وينبئنا عن تفسيرها أو تأويلها؟
أهل البيت هم مفسرُّوا القرآن
إنَّ القرآن الكريم بنفسه قد عرَّف لنا الوسيلة ورسم لنا السبيل لفهم تلك الآيات والوصول إلى حقيقتها، قال تعالى:(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ)(الواقعة/79:77)قال آية الله العظمى السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه (في مبحث مسِّ القرآن الكريم):(ثم إن قوله عزَّ من قائل : لا يمسه إلا المُطهَّرون لا يستفاد منه حكم المسألة فضلاً أن يدلَّ عليه بالأولويـة، وذلك:فلأنَّ المطهَّر غيرُ المتطهِّر..فالمطهَّر عبارةٌ عمَّن طهَّره الله سبحانه من الزلل والخطأ وأذهب عنه كلَّ رجس ، والمذكور في الآية المباركة هو المطهَّر دون المتطهِّر ففيها إشارة إلى قوله سبحانه : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فمعنى الآية على هذا أن مس الكتاب - الذي هو كناية عن دركه بما له من البواطن - لا يتيسَّرُ لغير الأئمة المطهرين فإنَّ غير من طهره الله سبحانه لا يصل من الكتاب إلا إلى ظواهره)(التنقيح في شرح العروة الوثقى ج 3 ص315) هذا وقال الإمام قدّس سرُّه:(واعلم أنّ للكتاب التدويني الإلهي بطوناً سبعة باعتبارٍ وسبعين بطناً بوجهٍ لا يعلمها إلا اللّه والراسخون في العلم ولا يمسُّها إلاّ المطهّرون من الأحداث المعنوية والأخلاق الرذيلة السيئة والمتحلُّون بالفضائل العلمية والعمليَّة، وكلُّ من كان تنزّهه وتقدّسه أكثر كان تجلِّي القرآن عليه أكثر وحظُّه من حقائقه أَوفر)(شرح دعاء السحر ص71)