بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ومن هنا قال سبحانه وتعالى:(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين)(5)ومن هنا تعرف السرّ في الحديث الأوَّل من الأحاديث الثلاثة التِّي ذكرناها من كتاب الكافي الشريف:(...محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون إن الله خلق آدم على صورته..)(6)وللإمام قدِّس سرُّه شرح عميق ومختصر لهذا الحديث في كتابه القيِّم الأربعون حديثاً الحديث 38 فراجع.ولا بأس بذكر بعض النقاط التِّي ذكرها إمام الأمَّة هناك مع تلخيص:قال:(ويستفاد ممّا ذكرناه أنَّ الإنسان الكامل مظهر الاسم الجامع، ومرآة تجلِّي الاسم الأعظم).ثمَّ ذكر آية الأمانة التِّي شرحناها سابقاً وقال:(وتكون الأمانة لدى العرفاء الولاية المطلقة التِّي لا يليق بها غير الإنسان، وقد أشير إليها في القرآن الكريم بقوله تعالى: كلُّ شيء هالك إلاّ وجهه)وفي كتاب الكافي بسنده :(عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن محمد بن حمران عن أسود بن سعيد قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام فانشأ يقول ابتداء منه من غير أن أساله نحن حجه الله ونحن باب الله ونحن لسان الله ونحن وجه الله ونحن عين الله في خلقه ونحن ولاة أمر الله في عباده)(7)وفي دعاء الندبة (أين وجه الله الذي يتوجَّه إليه الأولياء؟ أين السبب المتصل بين الأرض والسماء)وفي زيارة الجامعة (والمثل الأعلى)وهذا المثل الأعلى وذلك الوجه الإلهي هو الوارد في الحديث الشريف (إنَّ الله خلق آدم على صورته)ومعناه أنَّ الإنسان هو المثل الأعلى للحق سبحانه، وآيته الكبرى، ومظهرها الأتم، وأنَّه مرآةٌ لتجلِّي الأسماء والصفات وأنَّه وجه الله وعين الله ويد الله وجنب الله.انتهى كلامه رُفع في الخلد مقامه.
إبليس ليس من الملائكة
إنَّ الخصال الباطنيَّة لإبليس هي التِّي جرَّته إلى عدم إطاعة أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام وأساس ذلك هو الكفر بالله سبحانَّه فهو الذي أدَّى إلى الاستكبار والإباء من السجود والفسق عن أمر ربِّه، وبذلك يمكننا الجمع بين الآيات الثلاثة وهي:ألف: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين)(8)ب: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى)(9)ج: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه)(1)أقـول:الظاهر أنَّ الآية الأخيرة لا تريد القول بأنَّ كلَّ من كان من الجنِّ فهو فاسق، كيف وهناك نفرٌ منهم آمنوا بالرسول صلى الله عليه وآله وقد تحدَّث عنهم القرآن بالتفصيل في سورة الجنّ، بل أنَّه تعالى حيث ذكر الملائكة قبل ذلك وبيَّن أنَّهم أُمروا بالسجود للإنسان ومن خصوصيّاتهم أنّهم لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، حيث أنَّهم عقول محضة لا تعتريها الهوى والشهوة، فربّما يستغرب السامع من عدم إطاعة إبليس فأراد الله سبحانه أن يدفع هذا الوهم المُقدَّر فقال:(كان من الجنّ ففسق عن أمر ربِّه)وقد فرَّع سبحانه الفسوق على كونه من الجنّ حيث أنَّه كان مخيَّراً بين الإطاعة وعدمها. فالاستثناء ليس مُتصِّلاً بل هو منفصل فيه لطافةٌ أدبيَّة يصل إليها المتأمِّل، والحديث التالي