الفصل الثامن الـذِّكـر - دولة المهدی المنتظر (عج) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دولة المهدی المنتظر (عج) - نسخه متنی

ابراهیم الانصاری البحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفصل الثامن الـذِّكـر

فعند التأمُّل في التكاليف جميعها نرى بأنَّ الجامع بينها هو أمرٌ واحد وهو الذكر فالذكر هو الغاية النظرية لجميع العبادات وهو الحلُّ الوحيد للإنسان الهابط ذلك الإنسان الذي افتقد حالةً معنويةً ساميةً، حيث كان يعيش في جوار ربه عيشةً يأكل من جنته حيث شاء رغداً ويتنعم بنعيمه.

فبعد هبوطه من ذلك المقام ينبغي له (على أقلِّ التقدير) أن لا ينسى ذلك فيكون دائما في ذُكرٍ ممّا كان فيه ولا يغفل عن الله على أيِّ حال ولا تشغله الأموال والأولاد وظواهر الدنيا عن الذكر (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)(1)

وهذا الذكر المستمر سوف يجعله دائماً يتوقع الوصول إلى ذلك المقام ويرغب فيه و ينتظره وتبَعاً لذلك سوف يجعله يشمئز وينزجر من الدنيا وزخارفها ويفكِّر في خلاص نفسه منها وهذان الجانبان هما اللذان يُشكِّلان روح جميع المناسك والعبادات. ومن هذا المنطلق صار الذكر هو أفضل من جميع العبادات حيث أنَّه هو روح العبادة!! ويكفي في إثبات أفضليَّته أنَّ الصلاة التي هي عمود الدين وأهم العبادات لم تشرَّع إلاّ للذكر يقول سبحانه:

(إنني أنا الله لا اله إلا أنا فاعبدني و أقم الصلاة لذكرى)(2)

وقال تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)(3) فالنهي عن الفحشاء والمنكر ليس هو الغاية القصوى من الصلاة بل ذلك يرجع إلى ظاهر الصلاة وللصلاة روح وواقع وهو يتمثَّل في الذِكر وهو أكبر من سائر الجوانب الإيجابيَّة فيها.

والذكر لا بد وأن يصل إلى مستوى بحيث يتولَّى على جميع حركات الإنسان وسكناته ويسيطر على كافة تصرفاته لا في حال أداء الصلاة فحسب بل في جميع الحالات قال تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)(4) وقال تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)(5) .. وقال تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين)(6) ولا يُجدي الذكر القليل المتقطع بل لا بدَّ وأن يكون كثيراً دائماً (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا)(7)

هذا و قد بلغت أهمية الذكر عند هبوط بنى آدم إلى مستوى بحيث لا يمكن العيش في الدنيا إلا به و مع الإعراض عنه سوف يبتلى الإنسان بضنك العيشِ وعمى البصيرة (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)(8)

والجدير بالذكر أنَّ هذه الآية وردت بعد آيات الهبوط و قد مرَّ الحديث عنها فراجع ، وفي قبال هذه المعيشة هي الحالة المعنوية التِّي يشير إليها سبحانه بقوله (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)(9) الذكر من أهمّ أدوار الأنبياء ؟

مادام قد أثبتنا أنَّ الشريعة ليس هي إلاّ انعكاساً لِما حدث عند خلق آدم وحواء فعلى ضوء ذلك ينبغي لنا أن نفسِّرها فالأنبياء لم يأتوا بالشريعة من قِبَل الله سبحانه إلاّ للتذكير ولإرجاع الهابطين إلى تلك الجنَّة التِّي كان يعيش فيها آدم عليه السلام وهو في جوار ربِّه فليس للأنبياء دورٌ رئيسيٌ غير ذلك وهو نفس السرّ الذي من أجله خلق الإنسان وشرِّعت الشريعة كما مرَّ ذلك.

ذكر أهل البيت هو ذكر الله

من هنا نعرف أهمية ذكر من هم وجه الله الذين بهم يُعرف الله ويُعبد، فمع ذكرهم يتمكن الإنسان أن يذكر الله بل ذكرهم يساوى ذكر الله كيف وهم الذين قال الله فيهم (في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الآصال رجال لا تلهيهم تجاره و لا بيع عن ذكر الله)(10) حيث أنَّهم عليهم السلام هم أهل الذكر وقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)(11)

(الكافي الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم الذكر أنا والأئمة عليهم السلام أهل الذكر)(12)

/ 67