تعلیم الاناث ضرورة تنمویة فی ظل التحولات الاساسیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تعلیم الاناث ضرورة تنمویة فی ظل التحولات الاساسیة - نسخه متنی

زهیر الخطیب

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د.زهير الخطيب

تعليم الإناث ضرورة تنموية في ظل التحولات الأساسية


لقد ظهرت في هذه المرحلة التاريخية التي تمتد من الأربعينات بداياتتحول سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي في معظم الأقطار العربية، أكدت كلها على أهمية إعادة النظر بأوضاع المرأة عموماً والحاجة إلى تعليمها خصوصاً.

فسياسياً حصلتبعض الأقطار المذكورة على استقلالها وقامت فيها حكومات وطنية شعرت بضرورة التخلص من حالة التخلف والجهل التي ترسف فيها البلاد، وتطلعت إلى تنميتها وإلى فك تبعيتهاالسياسية وضمان استقلالها الوطني، فوجدت في توجهها لرسم سياسات وطنية تهدف إلى بعث الطاقات العربية وتحريرها من القيود الاستعمارية ما دفعها لتأسيس المدارس وتوزيعهافي ربوع بلادها في المدن والأرياف للذكور والإناث. إلا أن عناية الحكومات الوطنية بهذه الناحية كانت محدودة ولم تؤد إلا إلى تطور بطيء في نسب التلاميذ والتلميذات الذينأقبلوا على المدارس.

لقد كان الهاجس الأساسي للحكومات المذكورة أن تثبت لفئات المواطنين كافة أن عهدها هو أفضل من سابقيه، فاهتمت ولو بقدر أقل من اللازم بالتعليملتظهر عن نواياها بالسعي لمحاربة الجهل ومكافحته وتحسين أوضاع المواطنين العامة عن طريق التعليم.

وبعد أن طال التغيير مقومات البنية القاعدية وعناصرها في الأقطارالعربية نتيجة التحولات الاقتصادية التي شهدتها إثر اكتشاف الثروات الوطنية من نفط ومعادن وغيرهما، تم توظيف مردودها اقتصادياً، مما أدى إلى قيام بعض الصناعات الوطنيةوإنشاء بعض المشاريع الإنتاجية. وكان ذلك إيذاناً ببروز طلب على اليد العاملة المعدة أو غير المعدة لتساهم في تشغيل المشاريع المذكورة.

كما عرفت قطاعات اقتصاديةجديدة نشاطات لم تعهدها من قبل. فازدهرت التجارة وحركتا التصدير والاستيراد وتوسع في المجتمع الطلب على الخدمات، وعلى إنتاج بعض السلع أكانت زراعية أو حرفية أو صناعية.فكان من الطبيعي أن تنعكس آثار هذا كله على دور المرأة التقليدي، وعلى ما هو مطلوب منها في المرحلة الراهنة. فازداد التساهل الاجتماعي حال مزاولتها لبعض الأعمالوالنشاطات الاقتصادية، وخفت حدة المعارضة لتعلمها تمهيداً لإعدادها لسوق العمل. وينبغي ألا نعمم هذه النتائج فنظن أن التعليم أخذ يغزو النساء العربيات في مختلفالأقطار. بل أن نعتبر ما يحصل ظاهرة في طريق التكيف البطيء نسبياً.

أما على الصعيد الاجتماعي فأخذ الاقتناع يتبلور يوماً بعد يوم بأن قضية المرأة ليست محصورة بفئة منالنساء تطرح مسألة تحررها، بل هي قضية تصيب المجتمع من الناحية الكمية لأن حجم النساء كطاقة بشرية يقارب حجم الذكور في الأقطار العربية. وهي أيضاً قضية المجتمع منالناحية الكيفية، على اعتبار أن مساهمة المرأة في الجهود الهادفة إلى تنمية مجتمعها تزج بطاقة بشرية إضافية لمواجهة مقتضيات التطوير والتغيير والنمو لأشكال الحياة فيأقطار الوطن العربي وأنماطها.

هذا بالإضافة إلى أن التجديد الحضاري للمجتمعات والنهوض الروحي بالانسان فيها يقتضي جعل الانسان ـ رجلاً كان أو امرأة ـ محوراً أساسياًللتنمية وغاية غاياتها، ووسيلتها الهامة. ولقد أظهرت مختلف تجارب التنمية وخططها وبرامجها في معظم أقطار العالم الثالث عموماً، والدول العربية خصوصاً، أن خطط التنميةوالنماذج المطبقة فيها حالياً تغفل التركيز على دور العنصر البشري عموماً والنسائي على وجه التحديد. فهي تفتقر إلى رؤية تنموية جادة للموارد البشرية لدفعها إلى الإسهامبمعدلات أكبر في تحقيق عوائد إضافية للتنمية، وتلبية الحاجات المتزايدة باستمرار الانسان.

من هذا المنطلق برزت ضرورات إشراك المرأة في جهود التنمية الوطنية، وتوفيرالشروط والظروف اللازمة والحافزة لها للمشاركة، إذ لا تكفي دعوتها من دون إزالة العوائق من دربها لإعطائها الفرصة الحقيقية للمساهمة المطلوبة. وعليه تطرح مسألة صياغةنماذج جديدة للتنمية تؤسس على ما أنجزته المنطقة العربية من تجاربها التنموية السابقة، ومما استخرجته منها من عبر واستنتاجات وكلها يؤكد على ضرورة إعطاء دور جديدللمرأة فيها وعلى النظر إليها باعتبارها ((مورداً بشرياً لا بد من إعداده ومشاركته في العطاء إلى جانب توفير احتياجاتها الأساسية للقيام بأدوارها المتنوعة في حياةالأسرة والمجتمع)).

فإذا كان هذا الاتجاه قد استقر كضرورة من ضرورات التنمية الاجتماعية، كهدف ووسيلة معاً، فمن المفروض منهجياً تحديد ماهية الدور المطلوب منها،نظراً لوجود التباين في وجهات النظر حول هذا الموضوع، ولتوفير مقومات قيام المرأة به، سواء في مجالات التعليم أو العمل.

ويذهب أصحاب الرأي الأول إلى أن دور المرأةالوحيد هو تربية الأطفال والاعتناء بالزوج وبمستلزمات الأسرة اليومية. وإن تكريس جهدها في هذا السبيل يؤدي إلى إسعاد الأسرة. وهي إن عملت خارج هذا الإطار فإنها لا ريبستفشل في تأدية وظيفتها الأساسية وسينشأ على يديها أبناء غير مستقرين عاطفياً وعلائقياً، وبالتالي فإن الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع ستضعضع. هذا فضلاًعلى أن مؤيدي هذا الاتجاه يعتقدون بأن هناك من الفروقات الجوهرية بين المرأة والرجل ما يجعلها غير قادرة على النجاح مثله في العمل خارج المنزل لأنها أقل وعياً وإدراكاًمنه. وعلى أساس هذه الرؤية يؤكدون أن أي تخطيط لدور المرأة في المستقبل ينبغي أن ينبني على هذه الحقيقة وبالتالي فالمطلوب من الخطة أن تطور أداء المرأة لوظيفتها كأموكزوجة وربة منزل، فتعليمها يجب ألا يؤدي إلى سعيها للعمل خارج بيتها بل إلى امتلاكها وإطلاعها على وسائل وأساليب التربية الحديثة لاستخدامها فعلاً في علاقتها معأبنائها.

أما أصحاب وجهة النظر الثانية فهم يرون بأن لا يقتصر الدور الذي سيطلب من المرأة أداؤه على الأمومة والزوجية، بل ينطلقون من منطلق وظائفي اقتصادي فيقولون:إن العمل المنزلي لا يمتص وحده الطاقات النسائية بالكامل، فينبغي، والحالة هذه، استثمار الفائض من جهدها ووقتها في العمل خارج المنزل لا سيما إذا كانت غير موظفة للعملداخله. إلا أنهم يعتقدون بأن المجال الأساسي لعمل المرأة يبقى البيت وأعباءه وسماحهم لها بالمشاركة لا يتعدى حدود الحاجة إليها، وفراغها من المسؤوليات العائلية ووجودأسباب مادية اقتصادية تدفعها للحصول على أجر عن عمل منتج..

ووجهة النظر الثالثة تنطلق من موقف مبدئي يعلن التزامه بفكرة المساواة التامة الشاملة بين الجنسين،وبالإيمان بأن المرأة تمتلك من الإمكانات والقدرات والطاقات كالرجل سواء، بسواء، ومن غير الإنصاف والعدل حجرها في العمل المنزلي وفرضه عليها بل ينبغي فسح المجالاتالمختلفة أمامها، وإعدادها وتدريبها لمختلف النشاطات والمهن، سواء أكانت فكرية أو عملية، فالعطاء والإنتاج والإبداع لا ترتبط بالجنس بل بالخبرة والاندفاع والقدراتالذاتية. والمرأة من هذه الزاوية تملك ما يؤهلها للمشاركة في جميع الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية إذا ما أتيح لها ذلك.

من هذا المنطلق، يشدد أصحابهذا الرأي على ضرورة التخطيط للاستفادة من الطاقات النسائية العربية من غير تقييد مكاني (المنزل) أو تأثر بالظروف والشروط والقيود المفروضة اجتماعياً، بل انطلاقاً منفكرة المساواة الانسانية التامة بين الرجل والمرأة. فمثل هذا المنطلق يؤمن بضرورة توفير فرص التعليم والعمل للمرأة ويفسح المجال أمامها لاختيار دون أي إكراه مهما كانمادياً أو معنوياً، اجتماعياً أو نفسيا، ويجعلها تشعر بأنها مثل الرجل عنصر مسؤول. وأنه يمكنها أن تحقق ذاتها بالأسلوب الذي ترغب به بما يجعل منها عنصراً مميزاً. كما أنأصحاب هذا الرأي يعتقدون بأنه يجب على المجتمع أن يشعر المرأة بأن القوانين والعادات والقواعد التي يفرضها تتيح لها الاختيار وتساعدها على تحقيقها، وهنا يتجلى فعلاً لاقولاً تجسيد مبدأ المساواة.

وحين يقال مساواة تبرز فكرة المسؤولية التي يترتب عليها حقوق وواجبات، فإن أي إخلال بمعنى وبمضمون فكرة المسؤولية هذه هو إخلال بالمساواةوبالعكس. فالمرأة ((قادرة على أن تعكس صورة واضحة للأمة في تقدمها وفي تخلفها. فإذا كانت شخصية المرأة متكاملة نفسياً وعقلياً وثقافياً تكون الأمة التي تنتمي إليها أمةمتقدمة ومتطورة. عندما يضيق عليها يكون ذلك أحد المظاهر الواضحة لتخلف الأمة ومؤشراً عن اختلال بنية المجتمع لأنه من غير الممكن أن يكون نصف أعضاء المجتمع (النساء) غيرمكتملي الشخصية والتكوين الفكري والعلمي ويكون المجتمع سليماً لأن النساء والرجال أعضاء في مجتمع واحد)).

فالتركيز على الدعوة لإسهام المرأة في التنمية ينبغي ألاينطلق من زاوية اقتصادية بحتة. فكم من النساء العاملات تهضم حقوقهن في مؤسسات العمل أو يضطررن إلى إعطاء أسرهن (الزوج أو الوالد أو الأخ) كامل دخلهن دون أن يكون لهن أي حقفي إبداء الرأي. فالنظرة إلى التنمية ينبغي أن تكون شاملة متعددة الأبعاد فيها: القانوني والثقافي والعلائقي والعملي. فالمرأة مدعوة لأن تشعر بأن ما حولها لا يشكلتنازلاً مجتمعياً لصالحها بل هو معطى أساسي. وإن وجودها كفرد من أفراد المجتمع يرتب عليها تحمل جزء من مسؤولية تطويره وتحقيق تقدمه ونموه.

لقد كانت وضعية المرأة علىمر الزمن مرتبطة إلى حد بعيد بالقيود التي فرضها المجتمع عليها. فهي منذ القدم قد أعطيت دوراً يقوم أساساً على كونها أنثى تنجب، وبالتالي فإن معظم أدوارها في المجتمعكانت متفرعة عن هذه القيمة الماثلة في الإنجاب. فهي تربي الأولاد وتدير شؤون المنزل وتسهم في أعمال الزراعة والقيام ببعض الأعمال الحرفية منظوراً إليها كامتداد للأعمالالمنزلية.

ولقد كان بعض هذه الأدوار يبرز ويتعزز تبعاً لدرجة إلحاح المجتمع عليه وتساهله إزاء قيام المرأة به، وكان بعضها الآخر يغيب غياباً كلياً، كلما مر المجتمعبفترات من الضيق والتزمت، فيضيق معها عالم المرأة إلى أن ينحصر بالمسكن الذي تعيش فيه.

وباختصار أفرزت التحولات التي طالت البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعيةالعربية نتائج مهمة على مختلف الأصعدة. تضاعفت فرص العمل أمام المواطنين وتوفرت لهم نشاطات لم يعرفوها قبلاً، وطرأت تعديلات أساسية على صورة دور المرأة، وأخذت تدخل إلىعالم الرجل شيئاً فشيئاً وبتردد كلي، بدعوة منه وترغيب أحياناً، وقسراً ولمواجهة معه أحياناً أخرى. كما تم توسع نسبي بتأسيس المدارس وافتتاحها في مختلف المناطق لإعدادالمتعلمين القادرين بعد حين، على ممارسة الوظائف المطلوبة منهم بكفاءة مرضية.

وتبين للجميع بعد مضي وقت قصير، أن التعليم هو الطريق الأقصر لتحسين وضع الفرد وتقدمهالاجتماعي. فتعزز الموقف الإيجابي من التعليم بصورة عامة بعد أن كان مقتصراً على ما يصيب الذكور منه فقط، وأخذ يشمل الإناث وتخف تدريجياً معارضة الأهل لتعليمهن. وعلىالعكس من ذلك أصبحت المطالبة بفتح المدارس للإناث، في المدن والأرياف، تشكل حديثاً محور المطالب الوطنية لكافة الفئات الاجتماعية.

ولعل الموقف الاجتماعي من تعليمالمرأة يظهر بصورة أوضح من خلال دراسة ما قدمه المجتمع لها من فرص، وما وفره من ظروف لكي تتعلم، وهذا لا يتم إلا بتتبع الإحصاءات المتوفرة حول الموضوع.



المصدر: الطاقات النسائية العربية

/ 1