مـــاهر آل شــبرإهــــداء إلى شمس الحقيقة إلى بقيةِ الله التي لا تخلو من العترةِ الهادية، إلى المعـد لقطع دابر الظلـمة، إلى المـرتجى لإزالةِ الجـور والعدوان، إلى باب الله الذي منه يُؤتى، إلى وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء، إلى السبب المتصل بين الأرض والسمـاء، إلى المضطـر الذي يجاب إذا دعا، ليت شعري يا سيدي أين استقرتْ بك النوى، بل أي أرض تقلكَ أو ثرى، بنفسي أنت من مغيَّب لم يخل منَّا، بنفسي أنت من نازح ما نَزح عنَّا، إلى متى أحار فيك وأي نجوى، هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقى، هل يتصل يومنا منك بعدةٍ فنحظى، متى ننتفع من عذب مائك فقد طال الصدى، أترانا نحف بك وأنت تؤم الملأ، وقد ملأت الأرض عدلاً، وأذقت أعدائك هواناً وعقاباً وأبرت العُتاة وجَحَدةَ الحقِّ وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين ونحن نقول:الحمد لله رب العالمين .
المقدمة
قال تعالى:ونريدُ أن نَمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونَجْعَلهم أئِمَّةً ونجعلهُم الوارثين 1 . لقد كثرت الكتابات قديماً وحديثاً حول الإمام المهديعج حتى أنه ما حظيت قضية من قضايا المسلمين بمثل هذا الكم الهائل من الكتابات والروايات التي ما تركت جانباً من جوانب حياته إلا وذكرته باسمه وكنيته و ولادته وغيبته وخروجه في آخر الزمان وعلامات الخروج الدالة عليه وما يجري بعد خروجه وانتصاراته، ولكني وجدت القليل من الكُتاب الذي يتعرض لأسباب غيبته وعللها، أو التكلم عن الفائدة من الغيبة أومن الإمام في حال غيبته! ومع أن هناك بعض الروايات التي تؤكد أن لغيبته حكمة إلهيه لا يعلم بمرادها إلا الله والراسخون في العلم، أو جاء النهي عن السؤال عنها، كما ورد في التوقيع الصادر من الإمام المهدي عج إلى إسحاق بن يعقوب:وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عز وجل يقول:يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤ كم 2 .. إلى أن قال:فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم 3 . وروى عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادقع أنه قال:إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها يرتاب فيها كل مبطل، فقلت له:ولم جُعلت فداك؟ قال:لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم، قلت:فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال ع:وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى ع إلا وقتَ افتراقهما، يا بن الفضل إن هذا أمر من أمر الله وسرٌ من سرِّ الله وغيب من غيبِ الله، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف لنا4. ونحن طبعا لا نعترض على الله سبحانه وتعالى والعياذ بالله، فإذا دلت النصوص الصريحة على وجود الإمام المهدي ع وغيبته، وإن لهذه الغيبة حكمة إلهيه لا يعلمها إلا الله وأولياؤه المقربين فليس لنا إلا التسليم. إلا أن هناك أيضا الكثير من الروايات التي تدل على بعض الأسباب لغيبته وتتحدث عن الحكمة منها. ولعل المقصود بالرواية السابقة للإمام الصادقع هو العلم المطلق والتفصيلي المختص بالله وحده سبحانه، أو لعل المقصود بالرواية السابقة للإمام هو الإحاطة بجميع العلل والأسباب للغيبة وهذا غير ممكنلنا طبعاً. وفي هذا الكتاب أستعرض بعض أسباب الغيبة للإمام المهدي ع مع بعض الروايات الدالة عليها وأعرض هنا فهمي الخاص لبعض الروايات فلقد روي عن الصادقع أنه قال:إن كلامنا ينصرف على سبعين وجهاً5. وعنه أيضاً قال:أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إن الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب6. كما أعرض هنا بعض ما ذكرته الكتب التي اطلعت عليها وأقوال العلماء العظام أمثال:السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد كاظم القزويني، والسيد محمد صادق الصدر، وغيرهم من العلماء الأكارم، فعملي هنا إذاً هو جمع هذه الأسباب والروايات التي ذكرها العلماء الأجلاء في كتبهم كغيبة الطوسي وغيبة النعماني وكتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق وكتاب إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب وغيرها من الكتب. وفي بداية هذا الكتاب أوردت استعراضا