لماذا تطلب المرأة المساواة بالرجل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لماذا تطلب المرأة المساواة بالرجل - نسخه متنی

رشیدة سراج الدین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

لماذا تطلب المرأة المساواة بالرجل

للأستاذة رشيدة سراج الدين

إنني إذ أبدأ حديثي بالتكلم عن الدواعي التيدفعتني لأن أقول بمساواة بين الرجال والنساء، لا أقصد من كلمة مساواة أن أدفع بالمرأة لتكون مساوية للرجل في قوته العضلية وما ينتج عنها من أعمال فظة كالمصارعاتوالملاكمات وحمل الأثقال وقطع الأحطاب، فأنا لا أريدها أن تخطو هذه الخطوة المباركة وأن تتحلى بهذه الصفات التي نبارك للرجل بها ونسأل الله أن لا يحرمه إياها.

فالمرأة لا تريد ولا يمكن أن تتحلى بصفات الرجولة، فهي تحب وتفخر بأنوثتها التي لا تقل قيمة عن رجولته، فأنا إذن إذ أبحث المساواة فإنما أعني مساواة بين قيم مميزاتهاوقيم مميزاته، لا بين أنواعها وكمياتها وأوزانها وحجومها، مع العلم أن اختلاف هذه المميزات في النوع لا ينتج عنه ضرورة رفع بعضها من حيث القيمة فوق بعضها الآخر.

فيماأن قيمة شيء ما تعرف بما يستطيع إنتاجه من الأعمال فإنني أريد أن أبرهن ـ متبعة هذه الطريق ـ على أن هناك حقوقاً مسلوبة تستطيع المرأة أن تتمتع بها من حيث الأعمال التيتقوم على رأس الشخص الإنساني دون عضلاته، ثم استناداً على ذلك أريد أن يفسح لها المجال وتفتح أمامها الأبواب كي تقدم من عندها كل إنتاج يتلاءم في سموه وقيمته مع هذهالحقوق التي تريدها مساوية لحقوق الرجل كي يستطيعا معاً تحقيق المثل الاجتماعية المنشودة.

فالتفاوت العظيم الذي نراه في حياتنا الاجتماعية المتأخرة بين قيمة المرأةوقيمة الرجل تفاوت اعتباري لا حقيقي فلا الرجل أشرف ولا أرقى من المرأة ولا المرأة كذلك، كما أنه لا فرق بين مقام القلب والدماغ بالنسبة لحياة البدن.

فأنا حين أعتبرهذه المساواة وهذا التعاون في القيم أمراً صحيحاً حقيقياً يجب أن يصبح واقعياً، لا أطلب للمرأة إلا ما تؤهلها له غرائزها وصفاتها العقلية والجسمية والعاطفية وأدلل علىضرورة وجودها بالأدلة الآتية:

أولاً: إن الوظيفة الطبيعية للمرأة أن تكون أماً، ووظيفتها هذه تعادل وظيفة الرجل الطبيعية كمحصل للقوت وكلكم يعلم أهمية تلك الوظيفةالتي جعلتها الطبيعة في يد الأم، فهي وحدها القادرة على أن تأتي بالمعجزات السامية أو المنحطة بالنسبة لطفلها، فقد برهن على ذلك علماء النفس منكم فقالوا: إن هيكل نموالطفل العام ولاسيما نفسيته يتحدد في الحداثة الأولى التي يكون فيها الطفل في سن الرابعة أو حولها، ففي هذه الفترة من نموه تتكون مثله التي يمكن أن نعتبرها كتصميم أساسيلحياته المستقبلية وهي ستبقى أساسية رغم ما يمكن أن تدخله عليها التربية المقبلة من تعديل قد لا يكون من الأهمية بشيء بالنسبة إليها.

ويحدثنا علماء النفس والأطباءالنفسانيون أن كثيراً من الأزمات المستعصية التي يصادفونها عند بعض المصابين بالعقد النفسية، سواء أكانت عقد نقص أم تفوق إنما يرجع تاريخها إلى هذه السن المذكورة ولذلكيعمدون في معالجة هؤلاء المصابين بطريقة الرجوع بذكرياتهم إلى تلك المرحلة الخطيرة، فيتفحصونها ثم يصفون العلاج وكثيراً ما استعصى عليهم هذا العلاج. فإذا علمنا أنالوقاية من الشيء خير من علاجه، وإن هذه الوقاية من خصائص المرأة وحدها دون سواها عرفنا أهمية الدور الذي تلعبه الأم في شخصية ابنها ومستقبله وبالتالي في شخصية الأمةمستقبلها.

ولكن هل تعرف المرأة عندنا وسيلة هذه الوقاية، وهل تملك الأدوات التي تساعدها على تحقيقها؟ فالوسيلة الكبرى التي تؤهلها لهذه الوظيفة هي الانطلاقوالحرية، وهذا هو أحد الحقوق المسلوبة التي تطالب بها لا لتكون رجلاً كما يدعى الرجل بل تكون امرأة بكل معنى الكلمة امرأة قيمتها الإنتاجية كقيمة الرجل الإنتاجية، وأماالأدوات التي تحتاج إليها في العلوم والثقافة الاجتماعية الواسعة والتجارب العملية في جميع نواحي الحياة وإلا فكيف يطلب منها أن تنشئ رجلاً قوي النفس والجسم والعقل وهيلا تفقه من هذه المعاني شيئاً؟ وكيف تخلق في هذا الجسم وهذا العقل وهذه النفس ميولاً صحيحة ملائمة لمحيطه ما دامت لم تتصل قط بهذا المحيط وحجزت عنه حجزاً تاماً؟

ثانياً: إن قوة المرأة العقلية وإنتاجها الفكري يعادل قوة الرجل العقلية وإنتاجه الفكري، فقد قال العلماء أن دماغ الرجل أثقل من دماغ المرأة وإن حجم جمجمته أكبر من حجمجمجمتها، وقد يمكن أن يكون هذا البحث العلمي موضع نقاش لو كان جسمه بقوة جسمها ولكن العلم عاد فأثبت أيضاً أن نسبة دماغ الرجل إلى جسمه يعادل نسبة دماغ المرأة إلى جسمها،وهذا يفسر تساويهما من القوى الفكرية المدخرة وبالتالي بالقوى الفكرية المنتجة.

وأما الفرق الذي نشاهده اليوم كثيراً في بلادنا وقليلاً في بلاد الغرب بين إنتاجالمرأة والرجل هو ناتج عن بقاء هذه القوى مدخرة كلها عند نسائنا وبعضها عند نسائهم. فلدى المرأة الاستعداد ولكن هذا الاستعداد يحتاج إلى انطلاق فقط كالذي يتمتع فيه الرجلوبعد ذلك تستطيع إنتاج أجود أنواع الخدمات الاجتماعية والإنسانية التي أعتقد الرجل لغروره أنه يستطيع القيام بها لوحده فغض الطرف عنها وعن نفسه وأمته في سبيل المحافظةعلى هذا النوع من الكبرياء القاتل.

قد يجيبني أحدكم إن عدد النابغات من النساء قليل جداً بالنسبة لعدد النابغين من الرجال فأقول له:

ما عدد النابغين العباقرة منالرجال الذين يموتون دون أن يشعر بعبقريتهم لأنهم فقراء، سدّ الرأسماليون الأغنياء والمحتكرون والحكومات المؤازرة لهم أبواب السمو والارتقاء في وجوههم فقتلواباستبدادهم كل ما كان ينتظر منهم من الأعمال الفكرية والعلمية والاختراعية. أن عدد هؤلاء ولاشك يزيد على عدد النابغين الذين أتيحت لهم الفرص وساعدتهم الحظوظ وفتحتأمامهم الأبواب فظهروا واشتهر فما مثل هؤلاء المساكين إلا كمثل ملايين من النساء عشن ثم متن دون أن يظهر لهن أي أثر لانتشار ذلك النظام الرأسمالي الذي أدعوه تحكماًرجالياً، تساعده على ذلك حكومات رأسمالية من الرجال أيضاً فقد احتكر الرجل العلوم العالية والأعمال العظيمة السياسية وغير السياسية واستأثر بالسلطات والحكوماتوالقوات فوضع القوانين لصالحه، ومنع عن المرأة تخطي عتبتها القديمة وحصرها في ذلك المستوى الفكري الفقير الذي أبقاها فيه سلفه ولذلك بقي هو دائماً ظاهراً، وبقيت هيدائماً في تأخر فهوت به وبنفسها إلى ما نحن فيه اليوم، ولكن لا زالت نفسها في تحفز. فالمرأة إذن في واقعها لا تزال متأخرة عن الرجل في إنتاجه وسيطرته ولكنها تحمل معهاالكفاءة وكل الشروط الضرورية لتنادي بضرورة المساواة في الحقوق المدنية التي تعطي لكل فرد من أفراد المجتمع الواحد. وهي في تأخر أمتها تضع المسؤولية عليه، وهي في صرختهاتعبر عن شعورها وتشرح أمراضها للطبيب الأول للمجتمع وهو الحكومة وهي تبحث لتكون عامل قيادة وسلام ومدنية في مجتمعها. وكل تأخير في إعطائها حقوقها يعود بالضرورة إلىتأخير في مدنية المجتمع وسلامته وقيادته.

والحق الذي أرجو أن يكون واضحاً أمام الجميع. الواعي وغير الواعي، أمام الحاكم والمحكوم، المثقف وغير المثقف، أمام المتمدنبلسانه دون قلبه والمدفوع بلسانه وقلبه هو أننا نعيش في مجتمع في التأخر نفسه والانحطاط نفسه. وإن السير والاندفاع نحو الأمام إنما يتم بسرعة وبصحة عندما تساير المرأةالرجل في ما يتمتع به من حقوق وفي ما تقوده إليه هذه الحقوق من واجبات ومسؤوليات... .

* رشيدة سراج الدين

المصدر: مجلة المرأة ـ دمشق ـ العدد9 ـكانون الأول 1947.

عن ( قضية المرأة )


/ 1