مجتمع و اللغة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مجتمع و اللغة - نسخه متنی

عبداللّه العروی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المجتمع واللغة

عبد اللّه العروي

تنميط وتحنيط اللسان

أن لكل لسان منطقاً خاصاً به، لاتتغير تراكيبة دون أن تذوب خصوصية الفكر القومي.لقد اعتمد البعض على اتجاهات معاصرة، في حقل التحليل الفلسفي والنظريات الألسنية، وادّعوا أن اللسان المقوعد هو خزان نظرة - إلى- الكون خاصة بالعرب منذ أقدم عصورالجاهلية، وأن التعلق بتلك النظرة يحتم علينا المحافظة على اللسان كما صنف في العصر الذهبي. لا يعني الكثيرون بالتعريب سوى تعميم ذلك اللسان والمنطق المتضمن فيه. إنيأعتقد الآن اعتقاداً راسخاً أن هذا الاتجاه خاطىء منهجياً وخطير على المجتمع، إذ محكوم عليه أن يحارب كل تجديد ثقافي. إنه مبني على واقع، فيظهر أول وهلة وجيهاً، الا أنهيخطىء فهم وتقويم ذلك الواقع.

لقد قلنا إن اللسان، بعد عقود من التنقيح والترتيب والتصنيف، يكتسي صفة الكمال والشمول، وتظهر قواعد التصنيف، المستنبطة في الغالب منحلقات تطوره، للأجيال اللاحقة، كأنها منطق الأشياء وليست فقط منطق اللسان. في القرن الرابع الهجري، بدا نحو البصريين وكأنه منطق العروبة، معارضاً لمنطق اليونان الذيبدا وكأنه منطق نحو اللسان اليوناني. لكن لنتخيل أن إصلاح عبد الملك قرر ضبط وكتابة المصوتات كحروف مستقلة واتخذ الخط الكوفي أساساً للكتابة الشعائعة، هل يعتقد أحد، أنالنحو البصري المبني على التعليل المنطقي، كان يتغلب على النحو الكوفي المبني على الاستعمال؟

|لايوجد برهان قطعي على أن ما نتج عن ضبط وتدوين المادة اللغوية علىالصورة التي تم بها، كان مبطناً منذ البدء في سياقها، وأن العوارض التاريخية، أي القرارات التي اتخذت وتلك التي لم تتخذ، لم تقم بأي دور في التطور الثقافي الذي حصل منبعد|. هناك منطق عام يتحكم في جميع مستويات المنظومة اللغوية، في مخارج الحروف، في الصرف والنحو، في قواعد الاشتقاق وإغناء المعجم، لا شك في ذلك، إلا إنه منطق اللغة، وليسمنطق الطبيعة، منطق مرحلة من مراحل تطور المجتمع. لذا، نقول إن قواعد تنسيق اللسان تدل على تجربة تاريخية مرحلية، ولا تدل في شيء على نظرة - إلى - الكون تمثل أفق الفكرالعربي، حاضراً ومستقبلاً.

صحيح أننا نلاحظ أن المتكلمين بالفرنسي يستعملون منطقاً عقلانياً تجريدياً في حين أن الناطقين بالإنجليزي يميلون إلى منطق تصنيفيتجريبي، فوجد من الفرنسيين من قرر بقوة أن الفلسفة الديكارتية متضمنة في النحو الفرنسي. يمكن الخطأ هنا في التعميم. إن الصفة المذكورة تخص قسماً من الناس فقط: الساسةوالصحافيين والأدباء. لنلتفت إلى اللغات الاصطلاحية في اللغتين معاً، نجد أصحاب الاختصاص الذين يستعملونها، يعتمدون منطق الرموز التي أسست عليها اختصاصاتهم. هل يتصورأحد أن الكيماوية الحية متأثرة بمنطق اللسان الفرنسي أو اللسان الانجليزي؟ الواقع هو أن فرنسية أو إنجليزية البيولوجيين هي المتأثرة بمنطق رموز البيولوجيا.

إنميتافيزقيا الألسنيات خطيرة لأنها تربط خصوصية العرب، والدور الذي يمكن أن يقوموا به في العالم المعاصر، بمنطق محدود تاريخيا. وتسحب عليه صفة الوجوب والدوام دون برهانمقنع. لقد أظهرت لنا التحليلات أن المنطق المتضمن في اللسان لا يتضح إلا بعد أن ينفصل هذا الأخير عن التطورات التحتية والفوقية: تطور اللهجات وتطور اللغات الاصطلاحية.فكمال اللسان، هو في الوقت نفسه دليل على انكماشه وشفافيته. كل إصلاح يستوجب إذاً محو ذلك الاستقلال، وبالتالي كسر ذلك الكمال الظاهر. وبالعكس، المحافظة على منطقاللسان، على صفائه وتناسقه، تعني المحافظة على فراغه وعدم استيعابه للتطور.

إذا كنا نعني بالتعريب الحفاظ على صورة عارضة للعربية، أنجزها تطور تاريخي معين وجمدتلأسباب سياسية واجتماعية أيضا معينه، فإننا لن نفعل سوى المحافظة على أصل المشكل ونؤخر الإصلاح الضروري، كما فعلنا مراراً خلال تاريخنا الطويل. من يقول إن اللسان المعربشكل حتمي، تام ونهائي، ما كان أن يكون ولا يمكن أن يكون على صورة غير الصورة التي تحققت بالفعل، يحكم مسبقاً على نفسه بتركيز الازدواجية التي نراها اليوم على درجتين:تساكن اللسان المعرب واللهجات في الحياة اليومية، ومزاحمة لسان أجنبيى للسان المعرب في المدارس والجامعات.

المصدر : ثقافتنا في ضوء التأريخ




/ 1