ما هی المنطلقات النظریة لموقف ونظریة التفاعل فی التعاطی مع الشأن الحضاری الغربی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ما هی المنطلقات النظریة لموقف ونظریة التفاعل فی التعاطی مع الشأن الحضاری الغربی - نسخه متنی

محمد المحفوظ

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ما هي المنطلقات النظرية لموقف ونظرية التفاعل في التعاطي مع الشأن الحضاري الغربي؟

محمد محفوظ

أولاً: سيادة الذات الحضارية:

إن المواقف المتخذة من قبل الكثير من المدارس الفكرية والسياسية تجاه الغرب والحضارة الحديثة، هي مواقف لا تعكس حالة الاعتزاز بالذات الحضارية للأمة. الحضارية للأمة.بل هي تنطلق من أرضية معرفية مغايرة ومعادية للأرضية الإسلامية. لذلك فهي مواقف في إطار الغرب لا خارجه، بمعنى أن مؤداها الأخير هو الاندماج في الغرب والذوبان فيه.فالمشروع العلماني المطروح في الساحة العربية والإسلامية، ومن خلال تجارب عديدة هو مشروع غربي الانتماء والوجهة، ولا يؤدي إلا إلى الارتماء في أحضان الغرب. كما أن مشروعالانعزال والانكفاء على الذات يؤدي من الناحية العملية والفعلية إلى حالة من الازدواجية الرهيبة التي تصيب الإنسان، ظاهراً وفي العلن يمقت الغرب ومنتجاته وإنجازاته،وفي الخفاء والسر يلهث وراء اقتناء أخر إنتاج الغرب وتقنيته!!

ومن الملاحظ أن غياب نظرية التفاعل بشروطها وعناصرها التامة، هو الذي أدى إلى فوضى على صعيد المنهجوالنظم الفكرية والثقافية السائدة. لذلك نجد أن (رينيه حبشي) في كتابه: (حضارتنا على المفترق)، يدعو للعوده إلى ماضينا المتوسط. فيقول: علينا أن نطلب من الماركسيةوالشخصانية والوجودية أضوائها في الحاضر، مع الغوص على فلسفة ابن سينا وابن رشد وتوما الأكويني وأغسطينوس كي نجد عندهم أطر عقلنا. علينا أن نجرب أكثر وصفات الاختبارتجديداً وكي لا نغرق، علينا أن نطلب النصح قبل ذلك من أرسطو وأفلاطون. علينا أن نتمنى أغرب الثورات الإجتماعية واجرأها، شرط أن نبدأ بتأمل حقائق الإنجيل والقرآن الكريم..

ثانياً: حضور الإسلام:

أين الطريق أو ما هو السبيل إلى الخروج من ربقة التخلف الحضاري، والإنطلاق في رحاب البناء والتطور والتقدم؟.

بادئ ذي بدء ينغبي أن نؤكد أنالحلول التي قدمتها لنا العقلية الغربية في مختلف شؤون حياتنا، لم تؤد إلا إلى المزيد من التخلف والإنسحاق أمام الغول الحضاري الحديث. فالفشل الذريع هو حال الحلولالغربية لواقعنا العربي والإسلامي. فلم تستطع أوروبا أن تعطينا في الحقيقة سوى منهج واضح لتفتيت مكوناتنا الإجتماعية وتمزيق أوصالنا. جاء ذلك على مستوى بدائلهاالرأسمالية والإشتراكية على نحو سواء.. فالدواء الغربي لواقعنا ليس في حقيقته سوى مجموعة أساليب وتكتيكات لتبديد طاقات الأمة، وبعثرة جهودها في أمور لا تؤدي إلىالانعتاق من الآخر الحضاري، بل تكرس التبعية وتداعياتها المختلفة. والسبب في ذلك أن الحلول الغربية خاطبت عقله دون أن تخاطب وجدانه وروحه، وقدمت له برامج إجتماعية دونأن تقدم له أجوبة مقنعة حول أسئلة الوجودية وأحواله الشخصية وعلاقاته الأسرية والتزاماته الأخلاقية. والسبيل الوحيد للخروج من نفق التخلف وظلمة الإنحطاط هو (حضورالإسلام) في كل جوانب وحقول حياتنا. إذ أن كل التجارب على مدى العقود الماضية أثبتت بشكل جلي أنه لا تقدم ولا تطور ولا خروج من ربقة التخلف في ظل غياب وتغييب الإسلام، لأنالأيديولوجيات المستوردة إضافة إلى نقاط القصور الذاتية، لا تمتلك القدرة في تعبئة طاقات الإنسان وإستنفار هممه ودفعها في المسار الإيجابي.

فهذا الدكتور محمد جسوسالماركسي المغربي المعروف يقول: إن الإسلام كان ولا يزال يمثل مركز الشرعية الأول والأخير بالنسبة للأغلبية الساحقة من الجماهير العربية التي نتعامل معها. وإن كلالطروحات الأيديولوجية الأخرى لم تتمكن من الحصول على بصيص من الوفاء والإلتزام الذي امكن الوصول إليه عن طريق الإسلام. كل هذا يؤكد أن عملية البناء الحضاري إنطلاقاً منالإسلام ونظمه المختلفة عملية تلقائية لا إعتساف فيها ولا تكلف ولا قسر. لأن الإسلام هو الأيديولوجية الكفيلة بتحقيق متطلبات الإنسان المادية والمعنوية، ويتوافقوينسجم مع فطرة الإنسان وحقائقه الأولى. متطلبات الإنسان المادية والمعنوية، ويتوافق وينسجم مع فطرة الإنسان وحقائقه الأولى. يشير إلى هذه المسألة السيد محمد باقرالصدر بقوله: إن عملية البناء لن تبدأ من الصفر لأنها ليست غريبة عن الأمة، بل لها جذور تاريخية ونفسية ومرتكزات فكرية، بينما أي عملية أخرى تنقل مناهجها بصورة مصطنعة أومهذبة من وراء البحار لكي تطبق على العالم الإسلامي سوف تضطر إلى الإبتداء من الصفر والإمتداد بدون جذور.

ثالثاً المشاركة الحضارية:

حين نقرأ تاريخ التطورالتاريخي للحضارة المعاصرة، نكتشف أن هذه الحضارة بمكوناتها المتعددة، هي من صنع البشرية جمعاء. بحيث أن عملية التراكم على مستوى الحضارات، هو الذي أوصل البشرية إلى هذاالمستوى العلمي والحضاري المعاصر. فالحضارة الحديثة ليست من صنع الغرب وحده، بل هي من صنع جميع الأمم والحضارات. أو ليست الحضارة تواصلاً إنسانياً من جيل لآخر.

وعلىهذا فإن الحضارة الراهنة ليست هي الآخر من حيث أنها حضارة، أن الآخر فيها بالنسبة إلينا هو الإستعمار والامبريالية والصهيونية وال{أسمالية الإحتكارية والعنصريةوالفاشية والنازية والإستغلال والعدوان، ومحاولات الإحتواء والسيطرة. أما من حيث كونها حضارة، أي علم وعقلانية وإبداع تكنولوجي ومناهج بحث وفلسفة وأدب وفن وثقافةوهموم مشتركة، وتطلع إلى الأمن والعدل والتقدم والسلام، فليست هي الآخر، بل هي بُعد من أبعاد الأنا، بل هي الأنا الواقع والأنا الممكن، بل الأنا الضروري.

وبهذا فإنالتفاعل هو عبارة عن عملية التجديد الذاتي، الذي تحدثه الأمة بإستمرار اعتماداً على إسلامها وعقيدتها، وإدراكها السليم والدقيق للظروف المحيطة بها. إنه التجديد الذيينطلق من أرض الإسلام، لا من أرض الغير، وهو تجديد وتفاعل ينسجم ومنطق العقيدة والتاريخ. فلا سبيل إلى حماية خصوصياتنا الحضارية، إلا بالتسلح بالتفاعل الفعال، وهو تعبيرعن إنجاز إنساني عظيم يجب حمايته وتطويره وتطويعه بما يخدم البشرية جمعاء.

فالتفاعل هو مشروع مفتوح على المستقبل، نطوره وننميه بالمعارف والممارسات والخيراتالمتراكمة عبر الأجيال. وبهذا يصبح التفاعل نقطة استلهام للحقائق الحضارية، لا للقشور والمظاهر الاستهلاكية البراقة. أما كيف نحقق التفاعل في وسط المجتمعات الإسلامية،مع العصر ومكاسبه ومنجزاته.. فذلك بإختصار يكون عن طريق ثورة ثقافية تحرر العقل المسلم من التقليد المذموم وجموده، وتبعيته للوافد. ثورة ثقافية تمكن العقل المسلم منالإلمام بالمعارف الحديثة، وإدراك العناصر الرئيسة والجوهرية في هذه المعارف بغية الإنتفاع بها..

إن تحرير العقل المسلم من الجمود والتقليد المذموم، والتبعيةللوافد، هي الخطوة الأولى نحو تحقيق عملية التفاعل المطلوبة في واقع مجتمعاتنا. لذلك فنحن ندعو إلى خطاب يؤسس منهجاً للمثاقفة والتفاعل بين الأطراف الحضارية في المجتمعالبشري كله، من دون إحساس أحد الأطراف بالوهن والتبعية والذيلية.

وإنما يكون حواراً علمياً _ ثقافياً _ حضارياً بعيداً عن ضغوطات السياسة ومصالح السياسيين.

فلتكنهناك مؤتمرات شعبية ونخبوية من جميع الأطراف الحضارية، بشرط قبولها بالحوار كطريق أمثل لتجاوز أزمات العالم ومشاكله. وتناقش في أروقة هذه المؤتمرات جميع القضاياالأساسية المرتبطة بمستقبل البشرية، للتوصل إلى خطاب حضاري يتجاوز الوصف وهول الأزمة، ويدخل في أعماق المشكلة، ولتكن أهداف هذه المؤتمرات والملتقيات:

1 _ المعرفةالمتبادلة.

2 _ صياغة نموذج عملي يقبل التعايش الحضاري، على أساس الإحترام المتبادل. بدءاً من الفلسفة والعقائد، وانتهاءاً بالثقافة ومنهج ونظام الحياة. ونفي كلعوامل رفض الآخر أو الإستعلاء عليه.

3 _ بلورة المشاريع المشتركة.

إن من القضايا الأساسية التي لابد لنا من إدراكها، هي أن أحد عوامل إيقاف عملية الإنهيار الحضاريالذي تعيشه البشرية، يكمن في تشجيع ودعم عقلاء وحكماء الغرب، الذين أدركوا خطورة المنهج المادي الذي تسير على هداه الحضارة الحديثة. فهؤلاء وأمثالهم ينبغي تشجيعهموالتحاور والتفاعل معهم، بغية توضيح النموذج الحضاري الإسلامي لهم، أو الإختيارات الكبرى التي ينشدها الإسلام في هذه الحياة.

فنحن أمام الأزمات الحضارية التيتعانيها البشرية اليوم، بحاجة إلى أمرين أساسيين: الحوار مع الذات لإستكناه مكامن القوة وإبرازها، غربلة ذواتنا من الكثير من آثار عصور التخلف والإنحطاط. إذ ثمة قضايافي ذواتنا تشكل كوابح مانعة من الإنعتاق والتحرر، والسعي في رحاب الآفاق الواسعة.

إن الحوار مع الذات ومصارحتها، ينقيها من هذه الشوائب والجراثيم التي تعيق الحركةوالعمل. وهذه الطريقة من التعامل مع الذات ستفتح العديد من الطرائق والآفاق في مسيرة الإنسان، وعن طريقها نستطيع أن نؤصل لنموذج إنساني فريد، يقوم بواجباته ويلتزمبمسؤولياته. والحوار مع الآخر والدخول معه في عملية تفاعل إيجابية، غير خاضعة لمصالح سياسية أو ضغوطات إقتصادية، وإنما حوار من أجل المعرفة المتبادلة والفهم المشترك.

ونحن حينما نتحدث عن مقولة التفاعل وضرورته، لا نقصد بذلك التفاعل السياسي أو التعاطي الدبلوماسي مع قوى الحضارة الحديثة بمؤسساتها المختلفة وبما تشكل من واقع حضاريعام.

وأخيراً، إن المسلم حقاً هو ذلك الذي يكون ربيب تعاليم الوحي، ومنطلق العقل والعلم، ومثالية الفضائل الإنسانية الخالدة.

المصدر : الاسلام ، الغرب .. وحوار المستقبل


/ 1