قرآن و تنظیم الأسرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرآن و تنظیم الأسرة - نسخه متنی

رفعت حسان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

القرآن وتنظيم الأسرة

د. رفعت حسان

نظرياً - بدون شك - القرآن هو المصدر الأعلى والأكثر موثوقية للاسلام القاعدي. إن أي تصريح قرآني واضح فيأي موضوع، يُنظر إليه من قبل غالبية المسلمين الساحقة بأنه بات وحاسم وفوق الشك. لكن القرآن ليس كتاب قوانين وتشريعات تتعاطى مباشرة مع كل قضية أو مشكلة يمكن تخيلها. إنهكتاب حكمة إلهية، المقصود به توجيه المخلوقات الانسانية بحيث تستطيع تحقيق إمكانياتهم كمخلوقات إنسانية (في أحسن تقويم) التين/ 4، وتصبح خليفة الله في الأرض.

وحيث لايوجد هناك نص أو نصوص صريحة في القرآن ترتكز مباشرة على القضية المعاصرة لتنظيم الأسرة، فإن القرآن لا يؤسس من خلال تعاليمه الإطار الأخلاقي الذي يمكن أن يتيح لهذهالقضية ـ كبقية القضايا المعاصرة ـ أن تُناقش بكل تعقيداتها المتعددة.

إن المسلمين التقدميين الذين يدعمون تنظيم الأسرة غالباً ما يقولون أن القرآن صامت بشأن قضيةتنظيم الأسرة، ويأخذون هذا الصمت على أنه إشارة للإثبات وليس للرفض. على سبيل المثال أشار Fazlur Rahman إلى أن المرء ((لا يجد في آيات القرآن ما يُنكر فكرة أنه علينا التحكم فيتعدادنا السكاني لوقت ما لمعالجة وضعنا الحالي)).

من جهة أخرى، يشير المسلمون المحافظون من أمثال أبي الأعلى المودودي الذي يُصر أن ((القرآن ليس صامتاً)) في الموضوع،يشيرون إلى الإدانة القرآنية لعملية وأد البنات وهن على قيد الحياة التي كانت منتشرة في الحجاز ما قبل الاسلام (التكوير/ 8-9)، (النحل/ 57-59) وأيضاً إلى الآيات القرآنية التيتمنع أو تستهجن ((قتل)) الأطفال (الأنعام/ 137، 140، 151)، (الإسراء/ 31)، (الممتحنة/ 12) ويشيرون أيضاً إلى آيات - تدعم نزاعهم في أن زيادة النسل مبارك من الله - كما يلي:

(يا أيهاالناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء..) النساء/ 1.

( واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم) الأعراف/ 86).

(والله جعللكم من أنفسكم أزواجاً وعجل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات..) النحل/ 72.

(ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية..) الرعد/ 38.

(والذينيقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين..) الفرقان/ 74.

يورد أيضاً المعارضون لتنظيم الأسرة تلك الآيات القرآنية التي تذكر أن كل الأرزاق من عند الله، يمنحهالكل مخلوقاته ويبارك بشكل خاص أولئك الذين لديهم ثقة بالله:

(ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم) الأنعام/ 151.

(وما من دابة في الأرض إلا على اللهرزقها..) هود/ 6.

(.. ومَن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومَن يتوكل على الله فهو حسبه..) الطلاق/ 2-3.

وحول هذه الحجج المستخدمة من قبل المسلمينالمحافظين لتأكيد أن القرآن معارض لفكرة تنظيم الأسرة، أحب أن أشير إلى:

1 ـ إن إشارات القرآن إلى ((قتل)) الأطفال (الذين - تبعاً لشهادة كل من النصوص الدينية والتاريخية- كانوا إناثاً وليس ذكوراً) كانت لأطفال قد تمت ولادتهم وليس لأطفال لم يولدوا بعد. ولذلك فليس لهم صلة بنقاش ما إذا كان تبعاً لتعاليم القرآن التحكم بالولادة مسموح به أملا.

2 ـ إن إشارات القرآن إلى ((قتل)) الأطفال قد لا تشير في كل الأمثلة إلى القتل الفعلي للذرية بل قد تكون رمزاً لإساءة معاملة الأطفال كما أشير إليه من قِبَل غلام أحمدبارويز في قاموسه للقرآن أن جذر الكلمة العربية ((قتل)) لا يعني فقط القتل بواسطة سلاح أو سمّ بل أيضاً أن يذل ويحط من قدر أو يحرم من تعليم وتنشئة مناسبة.

3 ـ مع أنالقرآن يشير بشكل متكرر إلى الله كخالق ومساند لكل الخلق فإنه لا يخلي لا الأفراد ولا المجتمعات من مسؤوليتهم من أجل بقائهم وحسن أوضاعهم.

بل إنه يُذكر المخلوقاتالانسانية باستمرار أن ((كل امرئ بما كسب رهين)).

وأن العقل المنطقي يرفع المخلوقات الانسانية فوق كل المخلوقات الأخرى ويمكنها من أن تصبح خليفة الله على الأرض.

إنالإيمان الصحيح متلازم مع الفعل الصحيح المستقيم (الأعمال) والذي يتضمن جهاداً متواصلاً للتغلب على العقبات الداخلية والخارجية التي تعوق جعل العالم مقر عدل وسلاموالذي هو هدف الاسلام.

إن الله لن يغير ظروف المخلوقات الانسانية حتى يغيروا ما بأنفسهم: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد/ 11.

وأن استخدامالإشارات القرآنية إلى قدرة الله أو وعده بإبقاء وتأمين قوت كل الخلق في مناقشة ((من أجل تعداد غير محدد بالنسبة للمصادر الاقتصادية هو - كما أشير إليه من Fazlur Rahman - شيءصبياني)).

بالتأكيد لا يقصد القرآن أن يقول أن الله يزود كل المخلوقات الحية بأقواتها سواء أكان المخلوق قادراً على تدبير قوته أم لا)).

وحول الحجج المستخدمة من قبلالمسلمين التقدميين أو ((المتحررين)) في دعم تنظيم الأسرة، أي أن القرآن صامت فيما يتعلق بهذا الموضوع، مما يعني - على الأقل أنه غير معارض لفكرة التحكم بالنسل - أودالإشارة إلى:

1 ـ إن غياب الحرب لا يعني بالضرورة وجود السلم، تماماً كما لا يعني غياب الأمراض وجود الصحة. وبطريقة مماثلة، فإن حقيقة أن القرآن لا يقول أي شيء ضد فكرةالتحكم بالنسل لا تعني بالضرورة أنه يدعم تنظيم الأسرة.

2 ـ يتوقع العديد من مسلمي هذه الأيام، طالما أنهم تربوا طوال حياتهم على أن (القرآن هو دستور كامل للحياة)، أنيجدوا فيه تصريحاً محدداً أو مباشراً يخص كل القضايا أو المواضيع الهامة بالنسبة لهم. وعندما لا يجدوا مثل هذه التصريحات فإنهم يفترضون أن القرآن ليس لديه شيء ليقولهفيما يتعلق بهذه القضايا، أو إن (الصمت) الملاحظ في القرآن فيما يتعلق بعدد من القضايا الهامة (المعاصرة) ـ كقضية تنظيم الأسرة مثلاً ـ تخلق فراغاً دينياً أخلاقياً يملاهالأفراد والجماعات المختلفة بطرق مختلفة. إن ما يجب فعله بشكل عاجل ـ في رأيي ـ هو إعادة نقدية جدية لفكرة أن القرآن دستور كامل للحياة.

بأي طريقة القرآن دستور حياةكامل؟ بالتأكيد إنه ليس موسوعة من الممكن استشارتها للحصول على معلومات عينة عن نظرة الله لكل مشكلة أو قضية أو ظرف من الممكن أن يواجه الانسان.

وكذلك ليس القرآن(دستوراً شرعياً) كما أشير من قبل محمد إقبال. وبالنظر إلى القرآن ككتاب، يوجد فيه قوانين، تشريعات، قواعد، أو ضرائب جاهزة متعلقة بكل شيء في الحياة، فقد عدد كبير منالمسلمين رؤيتهم للهدف الرئيسي للقرآن، هذا الهدف ـ كما صرح من قبل إقبال ـ هو (من أجل إيقاظ أعلى وعي في الانسان، لعلاقته مع الله والكون.. الشيء المهم في هذا الاتصال هووجهة النظر الديناميكية للقرآن).

مع أن القرآن لم يخاطب قضية تنظيم الأسرة بشكل محدد ومباشر، لكن تعاليمه تلقي بكمية جيدة من الضوء حول كيفية فهم هذه القضية ـ وقضاياأخرى معاصرة ـ والتعامل معها ضمن الإطار الأخلاقي للاسلام المعياري.

على سبيل المثال يؤكد القرآن بشكل كبير على ما يشار إليه عامة بـ(حقوق الانسان الأصلية) مثل:

أـ الحق باحترام إنسانية المرء: (ولقد كرمنا بني آدم وحلمناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) الإسراء/ 70.

ب ـ الحق بأن يعاملبعدالة ومساواة: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، أعدلوا هو أقرب إلى التقوى) المائدة/ 8.

(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط..) النساء/ 135.

ج ـ الحق بأنيكون حراً من التقليدية الفاشية (دينياً، فكرياً، سياسياً واقتصادياً) والقبلية، والطبقية، والتمييز الجنسي والعبودية. البقرة/ 177، 256، 282 آل عمران/ 79، 159 الخ…

د ـالحق في الخصوصية والحماية من الافتراء والغيبة والسخرية. النساء/ 148. النور/ 27، 59 الخ…

هـ ـ الحق في طلب العلم. الزمر/ 9. العلق/ 1 ـ 5.

و ـ الحق في العمل الكسبوالملكية. النساء/ 11، 31

ز ـ الحق في الإقامة في مكان آمن حيث تكون ممتلكات المرء وعقوده واتفاقياته مصانة، وحيث يستطيع المرء التنقل بحرية. البقرة/ 229 الخ…

ح ـالحق في ترك المرء مكان نشأته تحت ظروف اضطهادية. النساء/ 97.

ط ـ الحق في أن يطور المرء إحساسه بالجمال والتمتع بالهبات التي خلقها الله. الأعراف/ 32. الحديد/ 27.

ي ـالحق ليس فقط في العيش بل في (العيش الكريم) والذي هو ممكن ـ تبعاً لرؤية القرآن ـ فقط في مجتمع عدل، لأن العدالة شرط أساسي للسلام والسلام شرط أساسي من أجل تحقيق الذات.

إن القرآن بالنسبة للمسلمين كونه كلام الله هو المصدر الأساسي والأكثر موثوقية في الاسلام. وكما ذكر آنفاً يؤكد القرى، بقوة ويؤيد حقوق الانسان الأصلية، وهذا يتبع أنهذه الحقوق يجب ا، تكون معروفة ومصانة في كل المجتمعات والتجمعات الاسلامية.

بالنظر إلى الظروف الاجتماعية، الثقافية، الحضارية، الاقتصادية والسياسية البائسةلكثير من بلدان العالم الاسلامي اليوم حيث تعتبر زيادة معدلات الولادة من بين أعلى النسب في العالم، فإن الحاجة لتنظيم الأسرة يمكن النظر إليها كأمر بديهي.

إنا لحقفي استخدام وسائل منع الحمل خاصة من قبل الجماهير المضرورة الذين حياتهم مهددة بالفقر الطاحن والأمية الكبيرة، يجب أن يُرى ـ في ضوء الرؤية القرآنية لما يجب أن يكون عليهالمجتمع الاسلامي ـ كحق إنساني أساسي.

هذا قابل للتطبيق خصوصاً على النساء المسلمات اللواتي رغم كونهن عددياً أكثر من 500 مليون لكنهن ضمن أكثر الأقليات في عدم التمثيلوالصمت والعجز في العالم.

*المصدر : الاسلام وحقوق النساء

/ 1