الفقيه والسلطة
محمد حسين فضل الله هل هناك مفهوم اسلامي معين يحدد علاقة الفقيه بالسلطان؟ وهل يتنافى موقعه الفقهيالذي يختزن في داخله المعنى الروحي، مع الانفتاح على أجواء السلطة التي تختزن في مضمونها المعنى المادي؟
* * *
ربما يفكر بعض الناس بهذه الطريقة، فيرى أن الفقهيمنح صاحبه قيمة اسلامية كبيرة فيما يمثله من الثقافة الشرعية المتصلة بالموقع القيادي للأمة لاسيما على مستوى نظرية (ولاية الفقيه) التي تجعل له سلطة الولاية على شؤونالناس في حياتهم العامة مما يفرض عليه أن يكون بمنأى عن كل ما يثير الشبهات، أو يدفع إلى الانحراف، ولو من مكان بعيد.
ولعل من الطبيعي ـ فيما يتصور هؤلاء ـ انه كلمااقترب من السلطان أكثر، فإنه يقترب من المزالق التي تبتعد به عن خط الاستقامة، وتفتح له أبواب الإغراء وتجفف في أعماقه ينابيع الروح، بينما يمثل الابتعاد عن السلطانالصفاء الروحي، والطهارة القلبية، والاستقامة السلوكية الأمر الذي يمثل الضمانة الأخلاقية العملية في وعي الشعب لقيادته الفقهية.
وقد يكون للتوجيه العرفانيوالثقافة الأخلاقية دور كبير في تركيز هذه الفكرة في نفوس الناس من خلال مفاهيم التجرد عن الدنيا والبعد عن الشهوات، والانعزال عن مظاهر الحياة اللاهية العابثة،والتنكر لكل أوضاع الواقع الحركي الذي ينطلق في دائرة العلاقات بالقوى المسيطرة الدنيوية، مما جعل القيمة الدينية الايجابية تتمثل في السلوك المنفصل عن مواقع السلطةوعن حركة الواقع المادي في الحياة، لتكون القيمة الدينية السلبية متمثلةً في السلوك المتحرك في مواقع السلطة وفي حركة الحياة.
وقد أدى ذلك إلى الفكرة التي تفصل الدينعن السياسة لتضع الحواجز بين الفقهاء وبين الممارسة السياسية أو العلاقة بالواقع السياسي، ولم تكتف بذلك بل إنها عملت على إبعاد الانسان المؤمن الملتزم عن الانفتاح علىالسياسة المتحركة في ساحته بطريقة ايجابية سواء كان ذلك في دائرة التصور فابتعدت به عن الاهتمام بالسياسة من قريب أو بعيد حتى على مستوى الفهم السياسي، أو كان ذلك فيدائرة الممارسة، حيث عزلته عن أي نشاط سياسي مما يمكن أن يؤثر سلباً أو ايجاباً في القضايا المصيرية، الأمر الذي تحول إلى لون من ألوان الجمود السياسي المطلق الذي لايثير أي حركة في المعارضة أو الموالاة، في الموقف الفكري، ولا يحرك أي خطوة مؤيدة أو رافضة في الموقف العملي، فيما هي التفاصيل السياسية التي تحدث في الوسط الاسلامي، أوفي مجرى الساحة العالمية المرتبطة بالساحة الاسلامية بشكل مباشر أو غير مباشر.
وربما شارك ذلك في بعض ألوان الغباء السياسي في حركة الإخلاص الديني، حيث أن السلطةالسياسية في العالم الاسلامي أو في غيره، كانت تستثير الروح الدينية التقية في بعض مواقع الضغط السياسي الذي يتحرك من هنا وهناك، فيندفع الفقهاء والمؤمنون في حماس دينيثائر انطلاقاً من الغيرة على الاسلام والمسلمين، من دون تخطيط سياسي، أو احتياط للمشاكل المعقدة في الحركة، أو دراسة للظروف الموضوعية المحيطة بالموقف فتتلقف السلطةالنتائج لمصالحها الخاصة، ولسياستها المرسومة وفقاً لتصوراتها .. ثم تبدأ في اضطهاد الثائرين أو محاصرتهم، أو إبعادهم عن ساحة العمل السياسي أو الجهادي الذي لا ينسجم معمخططاتها.
* * *
وتلك هي مشكلة المسألة الأخلاقية فيما هي التأثيرات السلبية أو الايجابية في تكوين الذهنية الاسلامية حيث تجد هناك ارتباكاً واضطراباً وخللاً فيتفكير المجتمع الاسلامي فيما يحمله من ركام هائل من الأخلاقيات الروحية والسلوكية التي اختلط فيها العرفان الفلسفي بالعرفان الأخلاقي، كما تداخلت فيها الأمثال والحكموالوصايا والنصائح الصادرة من بعض الحكماء أو المفكرين أو الناس العاديين التي لا تخضع لقاعدة فكرية محددة، بل تنطلق من تجربة ذاتية، أو تأمل شخصي أو ثقافة خاصة، أو غيرذلك من المؤثرات النفسية أو الفكرية أو الروحية، وهكذا تختلفا لذهنيات تبعاً لاختلاف القراءات أو البيئات، أو الثقافات، مما أوجد مشكلة للمجتمع الاسلامي في التصوروالممارسة، وعلى مستوى التقييم المتبادل بين أفراد المجتمع.
* * *
ـ الرفض الشيعي لحكم الحاكم:
وهكذا رأينا الفقهاء يبتعدون عن مواقع السلطة، فيهربون من اللقاءبهم، والعلاقة معهم، ويعملون على التخفف من ضغوطهم ما أمكنهم ذلك. كما قد رأينا العامة من الناس يرصدون الفقهاء في سلوكهم من حيث قربهم من السلطة أو بعدهم عنها.. وتنطلقالكلمة المأثورة في حركة الذهنية العامة: (إذا رأيت العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك وإذا رأيت الملوك على أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء). وربما بادر بعض الملوك، انطلاقاً من ذلك، لزيارة بعض العلماء للحصول على الثقة الاجتماعية من خلاله.. وربما انطلق الكثيرون من العلماء في موقف المواجهة للسلطان بالقولأو بالفعل فيحصل لهم من ذلك شأن كبير فيما يتحدث به الناس من جرأته وبعده عن السلطة.. وقد امتد ذلك إلى الدرجة التي تتحرك فيها هذه الذهنية السلبية المعقدة من الاقترابمن السلطة، لتصل فيها إلى التعقيد في العلاقة مع السلطة التي تملك بعض الشرعية لدى الفقهاء سواء كان ذلك من ناحية العنوان المذهبي الكبير الذي تتخذه لنفسها في موقعها بمايتفق مع العنوان الذي ينتمي إليه الفقيه أو كان ذلك من ناحية العنوان الشرعي والسلوك العملي اللذين يتميز بهما صاحبها حتى لدى الفقيه في منطلقاته العامة بل قد تصلالمسألة ببعض الناس بحيث يرفضون الاقتراب من الفقيه إذا تحول إلى صاحب سلطة.
وقد يكون الأساس في ذلك هو الصورة السلبية التي اختزنتها السلطة في مواقعها التاريخية أوالحاضرة بحيث أنها كانت تمثل خط الانحراف تارة، وخط الكفر أخرى، وخط الظلم والفسق والفجور والخلفيات الاستكبارية التي تخطط للإجهاز على الاسلام والمسلمين ثالثة. الأمرالذي يجعلها تمثل العنوان المرفوض اسلامياً للذين يريدون أن يبتعدوا بمواقعهم عن مواقع الزلل، وينطلقوا في حياتهم على أساس الخط المستقيم.
وإذا اقتربنا من الدائرةالاسلامية الشيعية، فإننا نجد أن هناك ذهنية عامة تحمل في داخلها عقيدة بعدم شرعية أي حكم في بلاد المسلمين، لأن الموقع هو لأئمة أهل البيت ولمن يمثلهم ممن يمنحونه شرعيةالولاية أو النيابة عنهم.
وقد نجد بعض الناس من الفقهاء أو من غير الفقهاء ممن لا يرى شرعية حتى للفقيه، لأنهم لا يرون الولاية للفقيه في نظريتهم الفقهية اجتهاداً أوتقليداً.
وقد نرى بعض المتعصبين المعقدين منهم مَن يدخل في عملية رفض لحكم الفقيه لأنه يعطي لنفسه الشرعية الاسلامية التي لا يملكها بينما لا يستطيع غيره من الحكامالآخرين أن يدعي لنفسه ذلك، وبذلك فإن حكم الفقيه الذي قد يقرر تشريعات غير صحيحة اسلامياً في نظر هؤلاء، وقد يتصرف تصرفات غير اسلامية، قد تغير الصورة الاسلاميةالمشرقة ليبدلها إلى صورة غير اسلامية، ويمنحها وجهاً اسلامياً وبذلك تتحرك الخطيئة في خط الوعي المنحرف والممارسة الخاطئة.
وهكذا استطاعت هذه الذهنية المتشبعةبالسلبية ضد السلطة القائمة، أن تبعد الانسان المسلم الشيعي الملتزم عن الانفتاح على السلطة أي سلطة في دائرة العلاقات.
* * *
ـ رفض ولاية الظالم:
وقد نجد فيأحاديث أئمة أهل البيت الكثير من الكلمات التي ترفض العمل للسلطة غير الشرعية و التعاطف مع صاحبها، أو اقامة علاقات معه أو مع أجهزتها الأخرى، وذلك كما ورد في حديثالإمام موسى الكاظم مع صفوان الجمال ـ أحد أصحابه ـ حيث قال له ـ وكان يكري جماله لهارون الرشيد ـ : يا صفوان كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، قلت: جعلت فداك، أيشيء؟ قال: إكراؤك جمال من هذا الرجل ـ يعني هارون الرشيد ـ ، قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ ولاأتولاه، ولكن أبعث إليه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم، جعلت فداك، فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟ قلت: نعم، قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم،ومَن كان منهم ورد النار. فقال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني وقال: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك؟ قلت: نعم، قال: لِمَ؟ قلت: أنا شيخ كبيروأن الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات هيهات إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشارك موسى بن جعفر، فقلت: ما لي ولموسى بن جعفر، فقال: دع عنك هذا فوالله لولا حسن صحبتكلقتلتك.
فنحن نلاحظ في هذه الرواية ان الإمام يرفض العمل للسلطة الظالمة لأنها تؤدي إلى حالة عاطفية منطلقة من حسابات المصلحة الخاصة أولاً في التمني لبقائهم للحصولعلى رواتبهم.. ثم قد تتطور إلى حالة من التطبيع النفسي الذي يؤدي إلى التطبيع العملي فيما يمكن أن يؤدي إليه من الالتزام بحكمهم والتحرك الايجابي في خط تقويته وتثبيتهوالدفاع عنه ضد أهل الحق في نهاية المطاف.
وقد يكون العامل لهم من الشخصيات النافذة في المجتمع بحيث يمثل العمل لهم لوناً من ألوان الدعم لوجودهم فيما قد يفهمه الناسالآخرون من إعطاء الشرعية لهم بالمستوى الذي يدل عليه ارتباط هؤلاء بأعمالهم ومواقعهم العامة والخاصة.
ونجد هناك نصاً آخر يحمل في مضمونه خطاً ايجابياً في دائرةاستثناءات الخط السلبي العام فيما هو التوازن بين الخط المبدئي وبين الضرورات الواقعية.
فقد روى صاحب الكافي عن الحسين بن الحسن الهاشمي عن صالح بن أبي حماد عن محمدبن خالد عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على أبي الحسن موسى (ع)، فقال لي: يا زياد إنك لتعمل عمل السلطان؟ قلت: أجل، قال لي: ولِمَ؟ قلت: أنا رجل لي مروة وعليّ عيال، وليس وراءظهري شيء، فقال لي: يا زياد لأن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب إليّ من أن أتولى لأحد منهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم إلا لماذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك، قال: إلالتفريج كربة مؤمن أو فكّ أسرة أو قضاء دَينه.
يا زياد إن أهون ما يصنع الله بمن تولى لهم عملاً أن يُضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق.
يازياد، فإن وليت شيئاً من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك فواحدة بواحدة والله من وراء ذلك.
يا زياد، أيما رجل منكم تولى منهم عملاً ثم ساوى بينكم وبينهم فقولوا له: أنت منتحلكذاب، يا زياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة الله عليك غداً ونفاذ ما أتيت إليهم عنهم وبقاء ما أتيت إليهم عليك.
إن هذه الرواية تدل دلالة واضحة على الرفضالحاسم لمسألة الولاية من قبل الظالم أو الارتباط به، أو الذهاب إليه.. لأن ذلك يؤدي إلى غضب الله الذي يستحق معه الانسان دخول النار.. ولكنه لا يطلق المسألة في كل مواقعهابشكل مطلق لأن ذلك قد يتحول إلى حالة حصار للمؤمنين عندما تحيط السلطة بكل مواقعهم، وتضغط على كل قضاياهم وتصادر كل أوضاعهم، مما يفرض وجود فئة من المؤمنين في داخلالسلطة بحيث تحمي المؤمنين الآخرين من ذلك كله، ليستطيعوا الاستمرار في خط المعارضة بطريقة متوازنة عملية، حتى لا تضغط عليهم الوقائع بشكل كبير ضاغط وهكذا رخص الإماملهذا العامل وغيره، أن يدخلوا في عمل السلطان الجائر لتحقيق الهداف الكبيرة في المجال العام أو الخاص في حياة المؤمنين.
ـ متى يكون الفقيه (على باب السلطان)؟
وهذاهو ما نريد أن نثيره في حديثنا عن الفقيه والسلطان. فإن الخط السلبي إذا كان يفرض على الانسان المؤمن العادي أن يبتعد عن السلطان الجائر إلا على أساس المصالح العامة التيتتحرك في حماية المؤمنين أو في تقوية الحركة الاسلامية الرافضة في تحصين مواقعها من داخل السلطة وخارجها.. فإن من الطبيعي أن يكون الفقيه هو الشخصية البارزة في موقفالرفض في المواقع الشرعية للرفض عندما تكون العلاقة سبباً في اعطاء الشرعية للسلطة.. لأنه هو الشخص الذي يمنح الشرعية في سلوكه للموقع وللموقف وللشخص، بلحاظ ما يمثله منالموقع الشرعي المميز على مستوى المرجعية في التقليد أو في الولاية، فلابد أن يدرس الحالة المحيطة به، والساحة التي يتحرك فيها، بكل دقة وموضوعية ليتعرف كيف يتوازن فيموقفه بين شرعية الخط وبين حاجة الواقع. وقد يدخل في ذلك مسألة اقامة العلاقات مع السلطان على صعيد العلاقات الاجتماعية، أو الأوضاع الاقتصادية، أو المواقفالسياسية، أو المواقع الأمنية، ليحدد لنفسه الكلمة التي يقولها، أو الخطوة التي يخطوها، أو العلاقة التي يؤكدها في خط السلب أو الايجاب، فلا يسيء إلى الاسلام في عناوينهالكبيرة، ولا يسيء إلى الواقع الاسلامي في تحدياته الصعبة بل يكون الانسان الذي يستهدي حكم الله في ذلك كله لأن اختلاف الظروف قد يوجب اختلاف الأحكام الشرعية فيما يمكنأن تختلف فيه موضوعات الأحكام التي قد تتنوع أوضاعها في عناوينها الأولية التي قد تفرض حكماً، وفي عناوينها الثانوية التي قد تفرض حكماً آخر على أساس القاعدة الفقهية فيحركة الأحكام المتنوعة تبعاً للعناوين الأولية والثانوية.
إن الفقيه الفقيه هو الذي يحرك فقهه في خط اجتهاده المرتكز على القواعد الثابتة للاجتهاد، بعيداً عن كلالمطامع والأهواء، فقد يفرض عليه الرأي الاجتهادي في موقف معين، أن يرتبط بالسلطة برباط قوي أو ضعيف تبعاً للمصلحة العامة، وقد يفرض عليه في موقف آخر، أن يقاطعها بشكلحاسم، فيما هي المقاطعة السلبية أو يثور نحوها بشكل هادر ليعمل على أن يحل محله في موقع الحكم البديل.. وهكذا يكون الحكم الاسلامي هو خطه العريض، وهو الأساس في كل خطوطهالتفصيلية.
وهذا هو ما لاحظناه في سلوك أئمة أهل البيت مع خلفاء زمانهم فقد كانت علاقتهم بهم تتنوع بين المقاطعة وبين المهادنة.. وبين الثورة تبعاً للظروف المختلفةالتي كان يعيشها الإمام في مرحلته الخاصة في شروطها وظروفها الموضوعية.
* * *
إن المسألة هي أن لا يعيش الفقيه في نطاق اهتماماته الذاتية وطموحاته الشخصية، ليسخرفقهه لشهواته ومطامعه، مما يدفع به إلى تسخيره ـ من خلال ذلك ـ لخدمة الحاكمين الظالمين، وبذلك يسيء إلى الاسلام والمسلمين عندما يتحول إلى أداة خبيثة لتثبيت قواعدالكفر والظلم والانحراف في حركة موقعه الديني الذي يضع نفسه في خدمتها فيستغل ثقة الناس به ليوظف تلك الثقة في الاتجاه الذي يضر بحياتهم.. وهذا هو ما نستهديه من الحديثالشريف المروي عن رسول الله (ص): (العلماء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قالوا: وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان فإذا رأيتم العالم محباً لدنياه فاتهموه علىدينكم).
ان المسألة هي مسألة اعتبار الرسالة في دائرتها الفقهية والحركية أمانة الرسل عند العلماء من أجل أن يحافظوا على أصالتها وطهارتها واستقامتها وابتعادها عنكل مواقع الزيف وهذا هو الذي يفرض عليهم أن يتبعوا رموز الرسالة، لا رموز الكفر من سلاطين الجور الذين يعملون ضد الرسالة.
وهذا هو الذي يفرض على الناس أن يوازنوا فيالنظرة وفي الموقف من العلماء.
فهناك علماء يحبون الله ويخلصون له ولرسالته وهناك علماء يحبون الدنيا ويبتعدون عن خط رسالته فعلى الأمة أن تكتشف هؤلاء وهؤلاء لتعرفجيداً من خلال الرصد الدائم للفكر وللسلوك، أين يقف هؤلاء وأين يقف أولئك في النماذج التي تتحرك في دائرة عنوان العلماء..
هل هم وعاظ السلاطين وحماة السلطة ليكونواعلماء الحكم الجائر؟!
أو هم وعاظ الشعب المستضعف الباحث عن الحقيقة وعن الخلاص في الدنيا والآخرة ليكونوا علماء الاسلام الذين يعملون من أجل أن يكون الاسلام قاعدةالحكم للحياة، وأنت كون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.. وذلك من خلال الدراسة الواعية، والنظرة الواسعة والفكرة العميقة التي لا تحكم على الأشياء بأشكالها الظاهرة بلبجذورها الضاربة في أرض الحقيقة في رحاب الله.
*المصدر : المنطلق/العدد59/1989م