فکر الارهابی اما لهذا الارهاب من اخر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فکر الارهابی اما لهذا الارهاب من اخر - نسخه متنی

أحمد کمال ابو المجد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفكر الارهابي اما لهذا الارهاب من اخر؟

عالمنا العربي والإسلامي كله تجتاحه موجة عنف تهز الأمنوتزعزع الاستقرار، وتشغل الأمـة كلها بنفسها عن غيرها، وبهذا الهم العارض عن همومها الكبرى المتأصلة. والحكام إزاء هذه الموجة في حيرة وقلق. وسياساتهم في التعامل معهاغير واضحة ولا مستقرة. فهم تارة يفسحون الصدر ويحاولون الفهم، ويفتحون أبواب الحوار، وهم - تارات أخرى- يقابلون العنف بمثله أو أشد، ويدخلون في مواجهات حادة يملكونبدايتها ولكنهم لا يتحكمون أبدا في نهايتها.

والأمة كلها في قلق وخوف وحيرة، وهي ترى نذر الشر تطلع عليها مـن كل جـانب دون أن تعرف لها سببا واضحا، ودون أن تملكالوسائل الفعالة لاحتوائها والقضاء عليها، ثم ترى كل يوم أمنا يهتز، ودما يسيل، وعداوات تزرع، وطاقة تتبدد في غير قضية.

كل ذلك والأمـة على مفترق طرق، وعلى أبـوابمستقبل كـانت ولا تزال تطمح إلى أن تجعله أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا، وأن تتخلص فيـه من مشـاكلها الكبرى، لتنطلق- مع شعوب الـدنيـا كلها- إلى حيث الرخاء الذي طالانتظاره، والسلام الذي افتقده العرب والمسلمون عشرات طويلة من السنين، والمشاركـة في بناء الحضارة العالمية على قدم المساواة مـع سائر الأمم والشعـوب بعـد أن جـرى'تهميش ' دور العـرب والمسلمين، ومحاولة ردهم إلى مواقع التراجع والتبعيـة للقوى الكبرى صاحبة الدور الأكـبر في تحديد معالم النظام العالمي الجديد.

فض الاشتباك

العنف الذي نتحـدث عنه في هذه السطور له أشكال متنوعة وأسباب متعـددة، فمنه عنف تشتبك فيه فصائل وأحـزاب متناحرة، على نحو ما جـرى في الصومال وأفغانستان، ومنه عنف يتخذشكل مواجهات حادة بين بعض الحكومات وبين حـزب أو أحزاب تختلف معها في المنهج أو تنازعها مقاعد الحكـم ومقاعد النيـابة عن الشعب على نحـو مـا جرى ويجري في الجزائر، ومنهامواجهات عديدة مع الحكومات وصور غريبة من العنف العشوائي، يرفع القائمون به شعـارات إسلامية، ينفتح معها البـاب على مصراعيه، لانقسـام الأمـة على نفسها حول قضيـة الدينومكـانه في المجتمع ويوشك معها الإسلام أن يتحول إلى قضيـة أمنية، تختلط فيها الأوراق وتمتزج فيها المخاوف بالهواجس المتوهمة وتوزع فيها الاتهامات بغـير حساب. ويسقطمعها المجتمع كله في 'فتنة' لا يعرف العقلاء طريق الخروج منهـا. وهناك امران يجب الالتفات اليهما:

أولهما: أن جزءا - على الأقل - من المواجهة بين التيار الإسلامي الشعبيوبعض الحكومات العربية يرجع إلى أطـراف أخرى يعنيها بقـاء الأمة العربية والإسلاميـة مشغولة بنفسها، منقسمة على ذاتها، ولذلك قدرنا أن في فض الاشتباك إحباطا لمسعى تلكالأطراف، وعودة إلى معالجة قضية التطرف 'الفكـري' والانقسام الثقافي في إطار رعاية المصـالح الحقيقية للأمة بعيدا عن التأثر بمصـالح الآخـرين والـدخـول في مخططـاتهم'الاستراتيجية' لتطويع العرب والمسلمين.

ثانيهما: أن أكثر أطراف الاشتبـاك لا تدرك على نحـو كاف طبيعـة المواجهات التي يستخدم فيها العنف، وأن لتلك المواجهاتقوانينها الداخلية التي تؤدي إلى تصاعد مستمر لموجـاتها يجاوز اختيار أطرافهـا، ويخرج الحالة السياسية والأمنية من نطاق سيطرة تلك الأطراف تماما. بمعنى أن الحكـوماتوأجهزتها الأمنية قـد تعمـد إلى تصعيـد المواجهة بالعنف تصعيـدا محسـوبا تنوي ألا تتجـاوزه كثيرا، ولكن ردود الفعل المتبـادلـة تصل بالمواجهة إلى كـم وكيف يتجاوزانكثيرا تلك النوايا، ويخرجان الموقف كله عن سيطرة أطرافه، فإذا بالمجتمع كلـه غارق في دوامة عنف متبادل تفقـد معها الجـماهير ثقتها في أطراف الاشتباك جميعـا وتتهيألقبول قـوى جـديدة وأوضـاع جـديدة لم تكـن في الحسبان. وبذلك يكون خطر الوقـوع في 'المجهول ' أحد الأخطار الكبيرة التي تترتـب على التقصير والتراخي في فض الاشتبـاك وقطعالطريق على مسيرة 'العنف المتبادل'.

العنف المتبادل.. وماذا بعده؟

وعلى جانب 'الجماعات الإسلامية' التي قد تلجأ إلى العنف دفاعـا عن مقولاتها وأهدافهـا ذات الطابعالإسلامي، فإن التورط في العنـف والتراخي في الاستجابة لدعوة فض الاشتباك يحملان في طياتهما خطرا آخر هو انتقال ' التصعيد' من أطرافه الأصليين ليشمل أطرافا أخرى.فالمواجهة مع جماعة أو جماعات سياسية معينة قـد تتحول - إذا استمرت - إلى مواجهة مع دوائر أوسع وجماعات أكثر، ذلك أن العنف المتبادل تنشأ له - إذا استمر - خـاصية جـذب يمكنأن تشد إلى دائرته أطرافا وجماعات لم تختر أبدا أن تكون طرفا في المواجهات القائمة، أو شريكا مـع أحد أطرافها في ممارسة العنف وأساليب المواجهة، يساعد على ذلك كثيرا فيخصوص المواجهة مع الجماعات السياسية التي ترفع شعارات إسلامية أن الحدود غير قائمة ولا واضحة بين فصائل العمل الإسلامي المختلفـة، وأن في المجتمع أو خارجـه جماعات وقوىيعنيها أن تستهلك جميع تلك الفصائل الإسلامية في المواجهات القائمة، وأن تمتد محاولات 'التصفيـة' من ظاهرة 'العنف' إلى ظاهـرة 'التطرف الفكري وأن تشمل- إذا أمكن- ظاهرةالتدين ولو كان معتدلا، وذلك تحت شعار أن 'العنف ' ليس إلا مرحلة حتمية لا بد أن يصل إليها المتطرفون فكريا، وأن التطرف الفكري ليس بدوره إلا مرحلـة وحالة يمكن أن يصلإليها جميع المتدينين.

تجربة الحوار

فوق ما تقدم جميعه، فإننا - وهي أن 'الحوار' الحقيقي لم يجرب تجربة كافية بين أطراف الاشتباك القائم، والسبب في ذلك أن جزءاكبيرا من مواقـف تلك الأطراف قـد حددته الهواجس والمخاوف والظنون السيئة أكثر مما حددته الحقـائق والمعلومات الثابتة والفهم الصحيح لمواقف ومطالب الأطراف الأخرى.

إن الهاجس الأكبر الذي يحرك الحكومات ويدفعها إلى تلك المواجهات هو الاعتقـاد بأن جميع فصـائل العمل الإسلامي تسعى في النهـاية إلى تغيير النظـام السيـاسي والاجتماعيبالقوة وباستخـدام الوسائل الانقلابية، وأن قيامها بالدعوة النشطة بين أفراد المجتمع ليس إلا خطوة أولى تعقبها مباشرة محاولة انقضـاض على النظم القائمة بأكثر الـوسائلبعـدا عن الديموقراطية، وذلك فور نجاحها في حشد عدد كاف من الأنصار، خصوصا إذا أفلحت في الوصول بأولئك الأنصـار إلى بعض المؤسسات السياسية والمنظمات الاجتماعية أوالنقابية ذات التأثير..

أما الهاجس الأكبر الذي يحرك بعض 'الجـماعـات السيـاسية' الإسلامية إلى استخـدام العنف فهو اعتقاد مقابل مؤداه أن الحكومات تسعى بإصرار إلى'التصفية الجسـدية' لكل فصائل العمل الإسلامي، متذرعة بدعاوي التطرف والإرهاب، وأن المستهدف النهائي إنما هو الإسلام ذاته كعقيدة وشريعـة ونظام للحياة، وبذلك يدخلاستخدام العنف وأسـاليب المواجهـة بالقوة من جانب تلك الفصائل، في وعي أفرادها واعتقادهم، دائرة 'الدفـاع المشروع عن النفس ' وعن العقيـدة والحقيقة وعن الحق في الدعوةإليهما.

قبل الضياع الكبير

لهذا كله، نجـدد في هذه السطور دعوتنـا إلى الحوار، منتبهين. إلى أن هذه الدعـوة تتردد الآن، وقـد امتـلأت الساحـة بالمخاوف وسوءالـظن، وتصور كثيرون - لذلك وبعد ما وقـع من أحداث- أن أوان الحوار قـد مضى وفات، ولكننـا نقول - عن علم بما نقول - إن الأوان لم يفت، ولا يفوت أبدا، مادام فينـا راشدونمخلصون قـادرون على تذكـير الأطراف جميعا وتذكـير الأمة كلهـا بمدى الخطر الـذي يتهددنـا في أمننـا واستقرارنا ودمائنا، وتذكيرهم كـذلك بحجم الضياع الكبير الـذييسببـه انشغـالنـا بهذه الآفـة الطـارئة عن التوجـه بكل ما نملك من قوة وجهد نحـو تحقيق المعالم الحقيقيـة للنهضـة التي يتطلع إليها كل العـرب وكل المسلمين، نهضة تشحـذمن أجلهـا العقول، وتحشـد القوى، وتتجمع الصفوف.

وتبقى في نهاية هذا الحديث كلمتان:

الأولى: أن ريـاح التغيير والتوجـه إلى المستقبل تلف الدنيا كلها، وعالمناالعربي والإسلامي لن يكون استثناء يتمرد على تلك الحقيقة، ولنتذكر أن الظواهر، ما نحب منها وما نكره، قد صارت عابرة للحدود، متنقلة عبر القارات. وأن التوجه الخاطئ فيمعالجة ظاهرة العنف قد تمتد آثاره السيئـة لتصيد مجتمعات عربية وإسلامية تظن - حتى الآن - أنها بمنجاة من هـذه الظاهرة، ولنذكر بكل الصـدق والصراحـة أن شكـاوى بعـضفصـائل الاحتجاج والمعارضـة السياسيـة تجد لها أصـداء لـدى الجماهير، لأنها تسلط الأضواء على ثغرات حقيقية تشكو منها تلك الجـماهير، وأن الوسيلـة المثلى لقطع الطريقعلى هذه الأصداء إنما هـو التصدي بحزم وجدية، لسد هذه الثغرات ومعالجة أسباب تلك الشكوى، وليس في شيء من ذلك تنـازل يضعف الحكـومات، وإنما هـو إصـلاح يستجيب لمطالبالرعية، وتقوى به الحكومات.

الثانية: أننا إذا أعرضنا عن هذه الدعوة، وتصورنا أننا قادرون على محاصرة الظاهرة والتخلص منها بجهـود أمنيـة خـالصة، فإننا بـذلك نقطعالطريق على سائر الوسائل السلمية في الإقناع، وفي ممارسة العمل من أجل التغيير، ونفتح أبواب صراعات لا آخر لها، بما نعلمـه لأجيال الشباب من أن 'الكلمـة الطيبة' و'الجدالبالتي هي أحسن ' لم يعودا قادرين على حسم الخلاف وإصلاح ذات البين، وفي ذلك ما فيـه من دعوة إلى ممارسة التغيير عن طـريق الضغط والقسر وتجاوز الحدود. إنـه بغير التوجه فيصـدق وأمانة، وعقول مفتوحة وصدور واسعـة إلى الحوار المسئول حول قضـايا الأمة، وبغـير الرضا بنتـائج هـذا الحوار، فإننا لا نرى للعنف الذي نشكو منه آخر، ولا نهاية، بلنرى له أمـواجا تتلوها أمواج، تدفع الأمة كلها ثمنها الباهظ، وتضيع معها - إلى أجل غـير مسمى - فرص النهضة و إصلاح الحال.

* المصدر:مجلةالعربي/العدد415/1993 م


/ 1