بیان حقیقة الخوف نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بیان حقیقة الخوف - نسخه متنی

أبوحامد محمد بن محمد الغزالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بيان حقيقة الخوف

الغزالي

اعلم أن |الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في المستقبل وقد ظهر هذا في بيان حقيقةالرجاء ومن أنس بالله وملك الحق قلبه وصار ابن وقته مشاهداً لجمال الحق على الدوام لم يبق له التفات إلى المستقبل فلم يكن له خوف ولا رجاء بل صار حاله أعلى من الخوفوالرجاء| فانهما زمامان يمنعان النفس عن الخروج إلى رعوناتها وإلى هذا أشار الواسطى حيث قال الخوف حجاب بين الله وبين العبد وقال أيضاً إذا ظهر الحق على السرائر لا يبقىفيها فضلة لرجاء ولا لخوف وبالجملة فالمحب إذا شغل قلبه في مشاهدة المحبوب بخوف الفراق كان ذلك نقصاً في الشهود وإنما دوام الشهود غاية المقامات ولكنا الآن إنما نتكلم فيأوائل المقامات فنقول حال الخوف ينتظم أيضاً من علم وحال وعمل أما العلم فهو العلم بالسبب المفضي إلى المكروه وذلك كمن جنى على ملك ثم وقع في يده فيخاف القتل مثلاً ويجوّزالعفو والإفلات ولكن يكون تألم قلبه بالخوف بحسب قوةٍ علمه بالأسباب المفضية إلى قتله وهو تفاحش جنايته وكون الملك في نفسه حقوداً غضوباً منتقماً وكونه محفوفاً بمن يحثهعلى الانتقام خاليا عمن يتشفع إليه في حقه وكان هذا الخائف عاطلاً عن كل وسيلة وحسنة تمحو أثر جنايته عند الملك فالعلم بتظاهر هذه الأسباب سبب لقوّة الخوف وشدة تألم القلبوبحسب ضعف هذه الأسباب يضعف الخوف وقد يكون الخوف لا عن سبب جناية قارفها الخائف بل عن صفة المخوف كالذي وقع مخالب سبع فانه يخاف السبع لصفة ذات السبع وهي حرصه وسطوته علىالافتراس غالباً وأن كان افتراسه بالاختيار وقد يكون من صفة جبلية للمخوف منه كخوف من وقع في مجرى سيل أو جوار حريق فأن الماء يخاف لأنه بطبعه مجبول على السيلان والإغراقوكذا النار على الإحراق فالعلم بأسباب المكروه هو السبب الباعث المثير لإحراق القلب وتألمه وذلك الإحراق هو الخوف فكذلك الخوف من الله تعالى تارة يكون لمعرفة الله تعالىومعرفة صفاته وأنه لو أهلك العالمين لم يبال ولم يمنعه مانع وتارة يكون لكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي وتارة يكون بهما جميعاً وبحسب معرفته بعيوب نفسه ومعرفتهبجلال الله تعالى واستغنائه وأنه لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون تكون قوة خوفه فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم1 أنا أخوفكم لله وكذلك قالالله تعالى ـ إنما يخشى الله من عباده العلماء ـ ثم إذا كملت المعرفة أورثت جلال الخوف واحتراق القلب ثم يفيض أثر الحرقة من القلب على البدن وعلى الجوارح وعلى الصفات أمافي البدن فبالنحول والصفار والغشية والزعقة والبكاء وقد تنشق به المرارة فيفضي إلى الموت أو يصعد إلى الدماغ فيفسد العقل أو يقوى فيورث القنوط واليأس وأما في الجوارحفبكفها عن المعاصي وتقييدها بالطاعات تلافياً لِما فرط واستعداداً للمستقبل ولذلك قيل ليس الخائف من يبكي ويمسح عينيه بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه وقال أبو القاسمالحكيم من خاف شيأً هرب منه ومن خاف الله هرب إليه وقيل لذي النون متى يكون العبد خائفاً قال إذا نزل نفسه منزلة السقيم الذي يحتمي مخافة طول السقام وأما في الصفات فبأنيقمع الشهوات ويكدر اللذات فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة كما يصير العسل مكروها عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سماً فتحترق الشهوات بالخوف وتتأدب الجوارح ويحصل فيالقلب الذبول والخشوع والذلة والاستكانة ويفارقه الكِبر والحقد والحسد بل يصير مستوعب الهم بخوفه والنظر في خطر عاقبته فلا يتفرغ لغيره ولا يكون له شغل إلا المراقبةوالمحاسبة والمجاهدة والضنة بالأنفاس واللحظات ومؤاحذة النفس بالخطرات والخطوات والكلمات ويكون حاله حال من وقع في مخالب سبع ضار لا يدرى أنه يغفل عنه فيفلت أو يهجمعليه فيهلك فيكون ظاهره وباطنه مشغولاً بما هو خائف منه لا متسع فيه لغيره هذا حال من غلبه الخوف واستولى عليه وهكذا كان حال جماعة من الصحابة والتابعين وقوّة المراقبةوالمحاسبة والمجاهدة بحسب قوّة الخوف الذي هو تألم القلب واحتراقه وقوّة الخوف بحسب قوّة المعرفة بجلال الله وصفاته وأفعاله وبعيوب النفس وما بين يديها من الأخطاروالأهوال وأقل درجات الخوف مما يظهر أثره في الأعمال أن يمنع عن المحظورات ويسمى الكف الحاصل عن المحظورات ورعاً فأن زادت قوّته كف عما يتطرق إليه إمكان التحريم فيكفأيضاً عما لا يتيقن تحريمه ويسمى ذلك تقوى إذ التقوى أن يترك ما يريبه إلى ما لا يريبه وقد يحمله على أن يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس وهو الصدق في التقوى فإذا انضمإليه التجرد للخدمة فصار لا يبنى ما لا يسكنه ولا يجمع ما لا يأكله ولا يلتفت إلى دنيا يعلم أنها تفارقه ولا يصرف إلى غير الله تعالى نفساً من أنفاسه فهو الصدق وصاحبه جديربان يسمى صِدّيقاً ويدخل في الصدق التقوى ويدخل في التقوى الورع ويدخل في الورع العفة فأنها عبارة عن الامتناع عن مقتضى الشهوات خاصة فإذا الخوف يؤثر في الجوارح بالكفوالأقدام ويتجدد له بسبب الكف اسم العفة وهو كف عن مقتضى الشهوة وأعلى منه الورع فانه أعم لأنه كف عن كل محظور وأعلى منه التقوى فأنه اسم للكف عن المحظور والشبهة جميعاًووراءه اسم الصديق والمقرب وتجري الرتبة الآخرة مما قبلها مجرى الأخص من الأعم فإذا ذكرت الأخص فقد ذكرت الكل كما أنك تقول الإنسان أما عربي وأما عجمي والعربي أما قرشيأو غيره والقرشي أما هاشمي أو غيره والهاشمي أما علوي أو غيره والعلوي أما حسني أو حسيني فإذا ذكرت أنه حسني مثلاً فقد وصفته بالجميع وأن وصفته بأنه علوي وصفته بما هوفوقه مما هو أعم منه فكذلك إذا قلت صديق فقد قلت أنه تقي وورع وعفيف فلا ينبغي أن تظن أن كثرة هذه الاسامى تدل على معان كثيرة متباينة فيختلط عليك كما اختلط على من طلبالمعاني من الألفاظ ولم يتبع الألفاظ المعاني فهذه إشارة إلى مجامع معاني الخوف وما يكتنفه من جانب العلو كالمعرفة الموجبة له ومن جانب السفل كالأعمال الصادرة منه كفاًوإقداماً.







المصدر : (إحياء علوم الدين) الغزالي ج4

1 حديث أنا أخوفكم البخاري من حديث أنس والله أني لاخشاكم لله واتقاكم له وللشيخين من حديثعائشة والله أني لاعلمهم بالله وأشدهم له خشية.


/ 1