تربیتنا الإسلامیة؛ بین الدعوة و التطبیق نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تربیتنا الإسلامیة؛ بین الدعوة و التطبیق - نسخه متنی

هادی الدرقاش

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تربيتنا الإسلامية .. بين الدعوة والتطبيق

د. الهادي الدرقاش

ـ الأديان والمذاهب .. والدعوة:

إن انتشار الأديان والمذاهب متوقف أساساًعلى وجود دعاة أكفاء قد هضموا مفاهيم مذهبهم وفهموا مقاصد شريعتهم وبدون هؤلاء لا يمكن البتة لهذه الأديان وتلك المذاهب أن تغدو منهجاً تربوياً يقنن السلوك ويوضحالاختيارات اقتصادية كانت أو سياسية.

ـ منهجية المذاهب:

وقد قامت منهجية المذاهب في أغلب الأحيان على تخيلات فلسفية تحلم بالمدية الفاضلة وبالنعيم الأبدي سواءعلى أساس عرفي أو اقتصادي ولكن لا أحد منها على مر التاريخ حقق ما يصبو إليه الإنسان. فقد انتهى أغلبها إلى نتيجة سلبية تمثلت في زيادة بؤس الإنسان وشقائه .. وليس ذلك بغريبلأنها نتاج عقول قاصرة وما يمكن للقاصر أن يحقق المثالية.

ـ الأديان .. ومنهجيتها:

والأديان جملة لا تفصيلاً، وكما أنزلت من الإله قد اعتمدت في منهجية دعوتها علىالواقع الحياتي للإنسان ملتزمة في ذلك لين اللهجة في غير ضعف، هادفة إلى الاقناع في غير إكراه، فهذا موسى (ع) يؤمن بالذهاب إلى فرعون الطاغية بغرض هدايته إلى الصراطالمستقيم. وقد ذكر القرآن ذلك في غاية الإيجاز والإعجاز حيث قال جل شأنه: (اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى ... ) وكذلك فعل عيسى (ع) لما جاء مجدداً للرسالةالموسوية فعلى الرغم من شدة معارضة اليهود له لم ييأس ولم يغضب بل قال فيما يروى عنه (إذا صفعك أحد على خدك الأيمن فقدم له خدك الأيسر) كل ذلك من أجل غرس الفضيلة في الأرضحتى يستطيع الإنسان الخليفة أن يؤدي المهام التي تحمل تبعاتها دون غيره من المخلوقات. أما الإسلام بحكم عالميته وشمول تربيته للمادة والروح فقد التزم منهجية واضحةالمعالم بينة السبل فطرية النزعة سهلة المسالك يسيرة المفاهيم.

ـ منهجية الإسلام:

فإذا كانت الموسوية والمسيحية ديانتين خاصتين باليهود اقتضت الخصوصية وجودرجال قيمين على الدين فإن عمومية الإسلام وعالميته منعت أن يكون هناك رجال كهنوت بل اقتضت من المؤمن به قبل كل شيء الإيمان بالرب والرسول والرسالة ثم التطبيق العمليللتعاليم وفهم مقاصدها ومراميها ولهذا أوجب الله على رسوله (ص) قبل غيره الإيمان بالشريعة المنزلة عليه حيث قال تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) 2/ 289، معنى ذلك أنالإسلام يشذب عمل كل من جعل من الدعوة سبيلاً للظهور أو للربح المادي. لأنه عندئذ يصبح داعية لنفسه لا للدين الذي تسربل بمسوحه، لذا فالدعوة إلى غرس تربية إسلامية متزنةوشاملة تقتضي:

أ ـ ليناً من الداعي في غير ضعف وشدة في غير تزمت وتحجر، ويتم ذلك عن طريق تعميق جذور الأنمطة السلوكية الطيبة من مثل قول الرسول (ص): ((الكلمة الطيبةصدقة)) وفي هذا اليسر تحريك لدوافع الخير في النفس الإنسانية الباحثة دائماً عن الجزاء مهما كانت نوعية العمل الذي قدمته ويظهر هذا المسلك التربوي في منهج القرآن عندماتحدث عن الجنة وما فيها من جزاء من ذلك قوله تعالى: (إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً وكواعب أتراباً وكأساً دهاقاً لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذّاباً) والدارس للقرآنيجد آيات الجزاء أكثر من آيات العقاب والردع. كل ذلك من أجل القضاء على نزعة الترهيب والخوف في نفس الإنسان حتى يقبل على أعماله وأمل الجزاء يحدو نفسه.

ب ـ صدقاً منالداعي ويظهر ذلك في التزام الداعي قبل غيره تطبيق التعاليم حتى لا يكون من قبيل قول الشاعر:

لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتي مُثْلَهُ

ج ـ معرفة بالظروف الاجتماعيةوالمستويات الفكرية في الوسط الذي تولى فيه مهمة التربية الإسلامية، حتى يكون لعمله مردود طيب ولا مردوداً طيباً إلا إذا عرف طريقة مخاطبة المستمعين فإذا أثر علىالوجدان استطاع هذا أن يؤثر على الأنظمة السلوكية، فهل طبقنا نحن هذا في مساجد وشوارعنا وفي وسائل معاهدنا ودور ثقافتنا؟

ـ دور المساجد في غرس تربية اسلامية متزنةوشاملة:

لقد قام المسجد في الإسلام بدور طلائعي في تركيز الحضارة الإسلامية على دعائم ثابتة حيث كان مكاناً لدعم الجوانب الروحية كموطن للعبادة كما كان مكاناً لدعمالجوانب المادية كموطن للتربية والتعليم أما في وقتنا الحاضر فلا شيء من ذلك ألبتة وإذا أردت أخي أن تتحقق مما أقول فما عليك إلا أن ترتاد مساجد متعددة لتظهر لك الحقيقةجلية وواضحة. فخذ مثلاً يوم الجمعة الذي تكتظ فيه المساجد بالمصلين وأرهف السمع إلى خطبة الإمام فإنك لن تجد واحداً من أئمتنا الفضلاء يحادث المصلين عن واقعهم الحياتيومشاغل أسبوعهم وما يجب عليهم فعله من أجل إصلاح وضعهم وتنمية ثروة وطنهم وتقوية وحدة قومهم استمداداً من تعاليم الإسلام السمحة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكرالجاعلة الإنسان خليفة في الأرض من أجل تعميرها وتحقيق السعادة لساكنيها. بل تجد أغلبيتهم يتلون على مسامع المصلين خطباً قيلت منذ عدة قرون ولا تتعجب إن سمعت أدهم يدعوقائلاً: (اللهم انصر جيوش الموحدين يا رب العالمين)، والآخر مردداً: (اللهم نصر جيوش السلاطين من آل عثمان)، والآخر مترنماً: (اللهم أهلك الكفار والصهيونيين وانصر عليهمجيوش أمير المؤمنين) إلى آخر ما هو معروف حتى أصبح محفوظاً لدى أغلب المصلين. إن منصب الإمامة من أدق المناصب في الدولة الإسلامية إذ اكن لا يتولاه بعد الرسول (ص) إلاالخليفة أو مَن يعينه الخليفة من أهل العلم والمقدرة والصلاح والذكاء. فكيف يعقل أن يكون أئمتنا يعيشون في عصر غير عصرنا فيدعون لحكام قد كانت لهم الكفاية في دعوات أئمةعصرهم.

إن الإمامة أصبحت في مساجدنا وقفاً على المسمنين من المتقاعدين أو من غيرهم والذين لا يمتون بصلة إلى ميدان التربية والتوجيه ذلك أن الإمامة مهمة تربوية تقتضيالعمق الثقافي والقدرة على الإقناع والاقتناع لا وظيفة تشريفية تسند هكذا بدون اعتبارات علمية.

إن عدم أداء الإمام لوظيفته يترتب عنه إعراض من طرف الشباب خاصة عنالمساجد وفي إعراضهم يكمن فشلنا في عدم خلق شباب عامل بالقيم الإسلامية. فكم يسعد مجتمعنا بالطبيب المتدين العالم، وبالمهندس المسلم ذي الكفاءة العالية المبدعة في كل مااتصل بحياتنا الصناعية.

ـ وسائل الإعلام ودور الثقافة:

بالاضافة إلى المسجد هناك وسائل الإعلام ودور الثقافة اللتان لهما دخل كبير في تبسيط المفاهيم الإسلاميةوالترغيب فيها. ولئن كانت إذاعتنا وتلفزتنا تقومان بدور يذكر فيشكر إلا أنه لا يزال في طفولته سواء من ناحية المحتوى أو الإخراج. أما قضية ربط الدعوة الدينية بليلةالجمعة وبيومها فليس ذلك من الإسلام في شيء إذ أن الإسلام هو دين الحياة اليومية وليس بدين يوم واحد في الأسبوع أو بشهر واحد في السنة أو بيوم واحد في العام بل يجب أن تعمدوسائل إعلامنا ودور ثقافتنا إلى الإكثار من البرامج والمحاضرات التي تدعم قوى الخير في الإنسان وليست هناك وسيلة أنجع من ميدان التربية الإسلامية ذات التأثير الوجدانيالإيجابي على الإنسان عامة وعلى النشء خاصة.

ـ ضرورة المراجعة:

ثم نأتي إلى بيت القصيد إلى الميدان الذي له تأثير أكثر من غيره ألا وهو ميدان التربية والتعليمفإلى سنوات قليلة ماضية كانت التربية الإسلامية تعتبر مادة ثانوية حتى نجدها تلغى من الامتحانات القومية إلا أنه بفضل المخلصين من المربين عادات للتربية مكانتها من حيثمراجعة برامجها وضواربها أو من حيث بعث شعبة اختصاص كغيرها من العلوم الأخرى وهذا العمل يعتبر دعماً لأصالتنا وحفاظاً على انتمائنا ومقاومة لموجة التفسخ والفوضى التيعمت العالم بسبب رفض شبابه للقيم والمبادئ التي جعلت من المخلوق انساناً.

ـ إقلاعنا الحضاري:

إن الحل الذي فيه خير ديننا ودنيانا يكمن في مزيد العناية بالتربيةالإسلامية من أجل ربط النشء بواقع أمته حتى يكون ملتزماً بقيمها مدافعاً عن إنجازاتها مستمداً أفكاره من تراثها الحضاري. ولن تكون هذه العناية ذات مردود طيب إلا إذااعتنت الدولة بالهياكل المشرفة على غرس هذه المبادئ السمحة في نفوس أطفالنا وطلابنا، نسائنا ورجالنا فبالنسبة للأئمة لابد من وضعهم تحت إشراف نظر ذوي الاختصاص ممن لهمنظرة شمولية للشريعة وأحكامها ومقاصدها. وبالنسبة لميدان التعليم فلابد من تطبيق الوسائل السمعية والبصرية حتى يكون درس التربية درساً جذاباً كغيره من العلوم الصحيحة.وبالنسبة لدور الإعلام فلابد من دراسة البرامج قبل بثها ونشرها بين الناس سعياً وراء إقبال الناس عليها. وبالنسبة لدور الثقافة والنشر فلابد من مراقبة المنشورات وخاصةالمستوردة منها من الشرق أو من الغرب.

بهذا العمل المخلص نستطيع أن نخلق شباباً عقائدياً متزن السلوك واقعي النظرة يعمل جاهداً من أجل رفعة أمته وتقدمها.

* المصدر: العقد الحضاري في شريعة القران

/ 1