السيدة زينب.. بنت علي .. شهيدة المجزرة الوحشية في كربلاء
أحمد حامد المسيحية ماريا المصرية.. السريّة.. أم إبراهيم!
'ما غرت على امرأة، إلا دون ما غرت على ماريا، وذلك لأنها كانت جميلة'. عائشة
هي ماريا بنت شمعون، ولدت بصعيد مصر، لأم مسيحية رومية، وأب مسيحي مصري. كان لها شقيقة تدعى 'سيرين' وابن عم يدعى 'مأبور' يعيشون في قصر المقسوس، كير مسيحيمصر، بالإسكندرية.
سمعت ماريا، ككل المصريين، عن نبي الإسلام، الذي انطلق برسالته من أرض العرب، مختاراً من الله، برسالة يدعو إليها المسكونة، فداخلها شوق، للتعرفعلى هذا الدين، ورؤية الرسول الذي اصطفاه الله لرسالته من بين بني البشر، ليدعو إلى الدين الجديد، إلى أن جاء 'حاطب بن أبي بلتعة'، مبعوثاً من رسول الله، يحمل رسالة منمحمد، إلى المقوقس، يدعوه وقومه، إلى كلمة سواء، ويدعوه إلى الوحدانية.
واستقبل المقوقس، مبعوث رسول الإسلام، استقبالاً طيباً، وتناول رسالة رسول الله، فقرأهابعناية فائقة، وجلس يستمع إلى 'حاطب'، يرد على تساؤلاته عن الإٍسلام ورسوله، فظهر منه الإعجاب بالإسلام ورسوله وقال له: 'قد كنت أعلم أن نبياً قد بقى، وكنت أظن أنه يخرجبالشام، فأراه قد خرج من أرض العرب'.
ولما حان رحيل 'حاطب بن أبي بلتعة' حملّه رسالة إلى رسول الله، وجاريتين، هما: 'ماريا' وشقيقتها 'سيرين' وابن عمهما 'مأبور'، علاوةعلى العديد من الهدايا التي تشتهر بها مصر في ذلك الزمان.
وأسرَّ المقوقس إلى 'حاطب' أن القبط لا تطاوعه. وطلب منه ألا يبوح بما قال له، حتى لا ينقلب المسيحيون عليه. واكتشف 'حاطب'، أن المقوقس يخاف على كرسيّه، الذي يتعيش منه، ويسيطر منه على مسيحيي مصر.
وحمل الرسالة، وسار بالهدايا، راجعاً إلى رسول الله وفي الطريق، تحدث إلىالجاريتين، عن الاسلام، ورسوله، مما جعلهما تنسيان وحشة الطريق، وهما تبتعدان عن الوطن لأول مرة منذ أن ولدتا. فأزال حديث 'حاطب' عن الإسلام، من قلوبهما وعقولهما الغربةوالوحشة والفراق إلى أن ذهبا إلى رسول الله، فاستبقى محمد ماريا، سريرة له، وأهدى 'سيرين' الى شاعره 'حسان بن ثابت'. فتزوجها، وولدت له عبد الرحمن، فاعتقت وصارت حرة. ولم تدخل 'ماريا' بيت النبوة، بل دخل بها رسول الله، بمنزل قرب المسجد كان لحارثة بن النعمان الأنصاري.
كانت ماريا، جميلة، تتمتع بطلعة بهية مشرقة، مرويّة بماءالنيل، فكان لها سحر خاص، مما جعل الرسول يقضي في بيتها أغلب أوقات فراغه، فدبت الغيرة في قلب عائشة، من الصبية المصرية الجميلة، وراحت تراقب حركاتها وسكناتها، وما كانتتدري أن رسول الله يقص لها تاريخ السابقين من الأنبياء، ويهدىء من روعها في غربتها، بزواج أبي الأنبياء من هاجر المصرية.
وتوجهت ماريا إلى الله، بالدعاء أن يجعلهاذات مكرمة مثل هاجر المصرية فتلد لرسول الله ابناً.
واستجابت لها السماء، وتحركت أحشاؤها بالجنين، الذي سعد به رسول الله، وأحزن الخبر كل نسائه، وعلى رأسهن عائشةالأثيرة الغيور.
وانطلقت الشائعات المغرضة، تشكك في حمل ماريا، فالرسول وهو في هذا العمر، لا ينجب، ولم ينجب من بعد خديجة، وهو الذي تزوج البكر، والولود، واتهموا'ماريا' بابن عمها 'مأبور'.
ولكن جبريل عليه السلام، حسم الشائعة حيث نادى رسول الله بأبي إبراهيم.
علاوة على أن علياً بن أبي طالب، لما ذهب إلى ابن عم ماريا، التياتهمتها الشائعة به، وجده بلا ذكر.
واهتم الرسول، بماريا وبما تحمل باحشائها منه، مما أثار نفوس الضرائر، ضد ماريا، التي شعرت أنها بحملها، إنما تميزت عن كل نسائهإلا الأولى خديجة.
وولدت ماريا إبراهيم، فصارت بولادتها حرة.
وسعدت ماريا بوليدها، الذي أنقذها من اضطهاد الضرائر وغيرتهن.
وسعد رسول الله، بابنه إبراهيمسعادة لا مثيل لها، خاصة وهو في هذا العمر المتقدم، إلا أن الله، أراد أن يسترد وديعته، فمرض إبراهيم، وهو في نهاية عامه الثاني، وحزن الرسول الكريم، لمرض ابنه، ولما رآهيعاني سكرات الموت، وضعه في حجره، لا يملك من الأمر شيئاً أمام إرادة الله، وصعدت روح إبراهيم ابن رسول الإسلام، إلى خالقها، ودمعت عينا رسول الله، وقال: 'إن العين تدمعوالقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون'.
وواسى، محمد، أم إبراهيم، وهدأ من روعها.
وخرج الأب، النبي، الرسول، وراء ابنه المحمولإلى البقيع، بعد أن صلى عليه، وحمله بيده، وأودعه ثرى البقيع.
وحدث في هذا اليوم أن انكسفت الشمس، فقال البعض: 'إن الشمس انكسفت لموت إبراهيم'.
ولما علم الرسولالكريم، صلى بالناس صلاة الكسوف، وقال فيهم: 'إن الشمس والقمر، آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت احد، ولا لحياة احد، فإذا رأيتم ذلك، فادعوا الله، وكبّروا،وتصدّقوا'.
ومرض رسول الله، بعد ذلك، وانتقل إلى الرفيق الأعلى.
وعاشت 'ماريا' تحاول بزياراتها لقبر الرسول والابن، أن تهدأ لملاحقة الأحداث لقلبها الصغيربالأحزان، إلى أن انتقلت هي أيضاً إلى جوار ربها، وصلى عليها عمر بن الخطاب، ودفنها بالبقيع.
المصدر : قمم نسائية في الاسلام