بنو قریظة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بنو قریظة - نسخه متنی

خلیل عبدالکریم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خليل عبد الكريم

خليل عبد الكريم

بنو قريظة


كان ليهود بني قريظة دور مؤثر في تأليب الأحزاب على محمد ودولة قريش والديانة التي كان يفشيهابين الناس، ولذا فإن وقعة الخندق كانت من أوعر الغزوات على المسلمين حتى شعروا بالخوف وظنوا بالله _معبودهم الظنون _ وهذا ما لم يحدث لهم من قبل (وعظم عند ذلك البلاء واشتدالخوف وأتى المسلمين عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظنوا بالله الظنون).

وكان الظن بالله الظنون مما يوسم به المنافقون ولكن في هذه الغزاة شمل المسلمين على بكرةأبيهم وهو ما سجله القرآن عليهم (إذا جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا). وهذا وصف بلغ نهاية الكمول في البلاغةوفي تصوير فزع أتباع محمد وغاية خوفهم حتى إن قلوبهم طارت من أماكنها من شدة الهلع حتى التصقت بحناجرهم. والملاحظ أن الخطاب لهم جميعهم دون استثناء ولهذا قالت أم سلمةإحدى زوجات محمد التسع وممن عُرف بينهن بجودة الرأي أن الأحزاب/ الخندق كانت من أشد الغزوات.

ولعل من أبرز أسباب رعب الصحبة وهولهم هو أن نبي قريظة خانوا العهدوالميثاق بينهم وبين محمد وانضموا إلى الأحزاب وكان ذلك بسعي من حيّى بن أخطب الذي أراد أن يثأر لما أصابه وقومه فلم يزل بكعب بن أسد القرظي حتى أغواه على نبذ ما وادع عليهمحمداً وعاهده.

وهكذا وجد المسلمون أنفسهم بين شقيّ الرحي: عدو في الداخل بل في العُب، وعدو في الخارج يحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم وبأعداد غفيرة وعدة هائلة.

وهذا تفسير ما جاء في الآية السابقة: (من فوقكم ومن أسفل منكم) فشطير العدو الأول يتحلقهم من الصدر وشطيره الآخر جنبتهم من العجز.

وإذ كان محمد عبقرياً فذاً لا يبارىفقد هداه ذكاؤه اللّماح وفطانته المفردة وعقله الوفير إلى التخذيل بين صفوف ذلك الحلف الشيطاني = الكوافر واليهود، وقد نجح أيما نجاح فارتحل الأحزاب يجرون أذيال الخيبةوالخسران، وتركوا بني قريظة وحدهم يواجهون عاقبة نكثهم الميثاق.

وأرسلت السماء جبريل إلى محمد تأمره بالشخوص إلى بني قريظة وأنه سيسبقه إليهم ليزلزل الأرض من تحتأرجلهم زلزالاً (فلما كان الظهر أتى جبريل رسول الله(ص) كما حدثني الزهري معتجراً (متعمماً) بعمامة إستبرق (ديباج غليظ) على بغلة عليها رحالة (سرج) عليها قطيفة من ديباجفقال: أوَقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت إلاّ من طلب القوم إن الله عزّ وجلّ يأمرك بالمسير إلى بني قريظة فإنيعامد إليهم فمزلزل بهم). وأذّن المؤذن بالجهاد ضد بني قريظة وحاصروهم خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وأصابهم الرعب وركبهم الخوف... والحق أن المرء ليعجب من عناد بنيقريظة إذ كيف ظلوا صامدين خمساً وعشرين ليلة لزلزلة جبريل وعدد وفير من الجنود نصفهم من الملائكة ونصفهم من أتباع محمد، وأي غباء دفعهم إلى الثبات في وجه جميع تلك القوىالجبارة لمدة تقرب من شهر!.

وكانت النتيجة محسومة منذ البدء! فمن ذا الذي يقف في وجه زلزلة جبريل وجيش لحمته الملائكة وسداه هم الصحاب؟ لذا طفقوا في المراوضة(المساومة):

(... وبعد الحصار قيل: أرسلو بنبّاش بن قيس إلى رسول الله(ص) أن ينزلوا على ما نزلت عليه بنو النضير من أن لهم ما حملت الإبل إلاّ الحلقة فأبى رسول الله(ص) أنيحقن دماءهم ويسلم لهم نساءهم والذرية... وكان أبو لبابة مناصحاً لهم لأن ماله وولده وعياله كانت في بني قريظة فأرسله رسول الله (ص) إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش(أسرع إليه) النساء والصبيان يبكون في وجهه من شدة المحاصرة وتشتيت مالهم فرقّ لهم وقالوا: يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال: نعم وأشار بيده إلى حلقه أي إنهالذبح). ويشي هذا الخبر أن محمداً أرسل أبا لبابة لأن (ماله وولده وعياله كانت في بني قريظة) أي رابطته بهم شديدة الوثاق، ونسلط الضوء على كلمة (عياله) أي أنه أحد الذينكانوا يسترضعون أولادهم عند اليهود، ولكن هل تصل تلك العلاقة إلى رتبة الحلف؟

ندع هذا الخبر يتولى الإجابة:

(وعن أبي لبابة 'رض' لما أرسلت بنو قريظة إلى رسولالله(ص) فسألوه أن يرسلني إليهم، دعاني قال: إذهب إلى حلفائك فإنهم أرسلوا إليك من بين الأوس فذهبت اليهم). أي أن محمداً كان يعلم بالحلف الذي بين أبي لبابة والقرظيين وذلكهو رأس موافقته على طلبهم إرساله إليهم لمشاورته، ولعل الخيانة التي ارتكبها أبو لبابة في حق محمد الذي أوفده، وفي حق سائر المسلمين تدل بذاتها على قوة الآصرة بينالطرفين وتمثلت تلك الخيانة في إفصاحه لهم عن العقاب الذي انتوى محمد أن ينزله بهم جزاءً وفاقاً على كيدهم له وغدرهم به.

وأبو لبابة نفسه اعترف بالخيانة (فوالله مازالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله(ص) ثم انطلق أبو لبابة على وجهه...).

ولم يكن أبو لبابة صحابياً عادياً بل كان:

1_ عقبياً (شهد العقبة) بل.

2_نقيباً.

3_ وقيل: شهد بدراً.

وقيل: ضرب له محمد بسهمه مع الصحابة (يعني شهدها معنوياً ومن ثم فهو يحمل اللقب).

4_ استخلفه على أثرب في غزاة السويق.

5_ شهد أحداًوما بعدها من المشاهد.

6_ صاحب راية بني عمرو بن عوف في الفتح الأعظم، فتح مكة.

ومع هذه الرتب السنية والأوسمة الرفيعة والنياشين العالية التي حملها ذلك الصاحب فإنصلابة الأخية (العروة) التي ربطته بيهود دفعته إلى خيانة الثورة وقائدها في وقت الحرب!

وأصر محمد على ضرورة إنزال الجزاء الرادع على بني قريظة:

(... وأخرج النساءوالذراري من الحصون وجعلوا ناحية... وكانوا ألفاً واستعمل عليهم عبد الله بن سلام فتواثب الأوس وقالوا: يا رسول الله موالينا وحلفاؤنا وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس مافعلت يعنون بني قينقاع، لأنه كانوا حلفاء الخزرج ومن الخزرج عبد الله بن أبيّ بن سلول وقد نزلوا على حكم رسول الله(ص) وقد كلمه فيهم عبد الله بن أبيّ بن سلول فوهبم له على أنيجلو أي فظنت الأوس من رسول الله(ص) أن يهب لهم بني قريظة كما وهب بن قينقاع للخزرج...).

وهذا الخبر يبين لنا أن أبا لبابة الخائن لم يكن هو الحليف الوحيد بل كان الأوسجميعهم حلفاءهم ومواليهم (وقالوا يا رسول الله موالينا وحلفاؤنا) وكانوا يأملون أن يعفو عنهم كما عفا عن بني قينقاع، وفاتهم أن جرمهم لا يقاس بما نسب إلى بني قينقاع،وسيدهم سعد بن معاذ هو الذي قضى بـ :

أ_ قتل الرجال.

ب_ سبي النسوان.

ج_ قسمة الأموال.

واغتبط له محمد وأنبأ أنه الحكم الذي رضيته السماء من فوق سبعة أرقعة (ثمخرج رسول الله(ص) إلى سوق المدينة... فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق فخرج إليها أرسالاً وفيها عدو الله حيّى بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهمستمائة أو سبعمائة والمكثر يقول كانوا ما بين الثمانمائة والتسعمائة. ولكن ما الذي دفع ابن معاذ إلى إصدار ذلك الحكم على حلفائه ومواليه وحلفاء قومه ومواليهم؟

فيالبدء استشف سعد أن ذلك هو عين ما استقر عليه محمد ولعل إشارة أبي لبابة إلى رقبته ما يعني الذبح عند سؤال يهود إياه ما ينتويه محمد بشأنهم، يدل على أن رأي محمد كانمعروفاً للصحبة.

أما في المنتهى فقد شعر سعد بن معاذ أن حلفاءه ومواليه القرظيين آذوه وأحرجوه بإقدامهم على تلك الفعلة الخبيثة النكراء ولا يماري لبيب في أن جريمتهمأفظع ما ارتكبه فرع من فروعهم الثلاثة.

وهكذا ينجلي أمام ناظرينا أن الرابطة بين بني قيلة وبني إسرائيل على المستوى الجمعي أو الجماعي لم تكن واهنة أو واهية بل كانتعلى قدر موفور من المتانة والوثاقة.

ولكن ماذا يعني ذلك؟

إنه يعني الكثير:

لقد وصل في بعض الأحيان إلى درجة التماهي حتى إنه في بعض الأحيان كان يقال للأثريي يايهودي من منظور إطلاق العام على الخاص كما يقال الآن للمصري: يا عربي، ولقد أسخط ذلك محمداً، فحظره حظراً باتاً بل شرع له عقوبة غير هيّنة (عن داود بن الحصين عن أبي سيفينمرسلاً: من قال لرجل من الأنصار يا يهودي فاضربوه عشرين).

ولقد لاحظ محمد تأثر اليثاربة العرب (بني قيلة) باليهود في كثير من مناحي الحياة ففطن إلى خطورة ذلك ومن ثمفإنه حارب ذلك ونهى عنه بشدة: نهى عن التشبه باليهود في الهيئة والملبس والجلسة والقعدة وتسريحة الشعر (احفوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تشبهوا باليهود).

وإذ تجاور بنوقيلة وبنو إسرائيل مدة طويلة فلا بد أن يتم بينهم اختلاط وأن تنعقد بينهم مجالس يتسامرون فيها وينشدون الأشعار ويتحاورون في أدق المسائل ومنها أصول الدين (بعمومه) وفيأساسيات الإيمان:

(عن أبي الدرداء ووائلة بن الأسقع وأنس بن مالك قالوا: كنا في مجلس يهود ونحن نتذاكر القدر فخرج إلينا رسول الله(ص) مغضباً فعبس وانتهر وقطّب ثم قال:(مه اتقوا الله يا أمة محمد... الخ).

وأبو الدرداء وأنس بن مالك أثربيان عربيان أي أنصاريان بلا خلاف، أما وائلة بن الأسقع فهو ليثي، أما أبو سامة فلم يذكره عبد البر في(الاستيعاب) من بين أصحاب الكُبي ولعل في اسمه تحريفاً، وربما يكون أبو أمامة وإذا صح ذلك فهو أبو أمامة بن سهل بن حنيف وهو أثربي أيضاً (أوسي أنصاري).

وكانت هناك علاقةملابسة ومعاملة بين بني قيلة وبني إسرائيل تنبىء عن مخالطة وقدر من الحميمية لم يشكل اختلاف الدين عائقاً دونها، والخبر التالي يدل على ذلك؟

(لما قتل كعب بن الأشرفاليهودي وهو رجل من نبهان من طيء الذي كان يؤذي رسول الله(ص) بشعره وسعيه ويحرض العرب عليه... قال رسول الله(ص) من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثبت محيصة بن مسعود بنكعب... بن الحارث بن الخزرج الأنصاري على ابن سنّينة، رجل من تجار يهود، كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان أخوه حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسنّ من محيصة فلما قتلهجعل حويصة يضربه ويقول أي عدو الله، قتلته، أما والله لرب شحم في بطنك من ماله...).

نخرج من هذا الخبر ببعض الحقائق:

1_ أن كعب بن الأشرف عربي من نبهان من طيء ولكن أمهمن النضير فهو يهودي من جهة أمه، وهذا أمر له اعتداد لدى بني إسرائيل، ولكن المهم أن العرب واليهود كانوا يتزاوجون ولم يكن هناك بأس من زواج العربي من اليهودية.

2_ لماكان قتل ابن الأشرف حدث قبل عركة أُحُد التي نشبت في السنة الثالثة وكان حويصة حتى ذلك الوقت مشركاً، فإن معنى ذلك أن هناك من الأنصار (الأثاربة) من تأخر إسلامه عدة سنينوهو بخلاف ما تصوره الكتابات الحديثة أنه بمجرد وصول محمد أثرب اندفعوا يدخلون في دين الله أفواجاً.

3_ إنه منذ حوالي السنة الثالثة صدر أمر صريح من محمد لأتباعهالمسلمين (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه.. من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) وهو شأن بالغ الخطورة لم ينتبه إليه كثيرون ممن كتبوا في السيرة إذ معناه واضح وهو أنمحمداً أعلن الحرب على بني إسرائيل أفراداً وجماعات (من رجال يهود فاقتلوه) وبداهة فإن الأمر لا يشمل النسوان والذراري.

4_ أن ابن سنّينة قتيل محيصة كانت له معاملاتمعهم وعلى صلة طيبة بهم بل كان له فضل عليهم (أما والله لرب شحم في بطنك من ماله).

5_ أن هناك من بني قيلة أو الأنصار أو العرب الأثاربة من كان يسووءه قتل بني إسرائيلويأسف لذلك ولا يملك إلاّ أن يذيع علانية توجعه ويطرح أسباب الفجيعة.



المصدر : الصحابة والمجتمع

/ 1