موقف المفسرین الشیعة من الاتجاه الأخباری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موقف المفسرین الشیعة من الاتجاه الأخباری - نسخه متنی

إحسان الأمین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

موقف المفسرين الشيعة من الاتجاه الأخباري

* إحسان الأمين

اتّجه الخط العام للمفسرين الشيعة إلىمقابلة الاتجاه الأخباري، والرد على آرائه المختلفة، وكان جلّ المفسرين الشيعة ينقدون هذه الآراء، أحياناً بتسامح وأخرى بشدة، حتى أننا نجد اليوم انحساراً كبيراً لهذهالآراء، وفيما يلي نماذج من هذه المناقشات والردود:

1 ـ قال الشيخ الطوسي ـ في تفسيره التبيان ـ في باب الرد على مَن لم يجز تفسير القرآن إلا بالمأثور:

((ثم قالموبخاً لهم (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) معناه أفلا يتدبرون القرآن بأن يتفكروا فيه ويعتبروا به، أم على قلوبهم قفل يمنعهم من ذلك تنبيهاً لهم على أن الأمربخلافه، وليس عليها ما يمنع من التدبر والتفكر والنظر في موجب الأمر وعاقبته. وعلى هذا دعاهم إلى تدبر القرآن.

وفي ذلك حجة على بطلان قول مَن يقول: لا يجوز تفسير شيء منظاهر القرآن إلا بخبر وسمع)).

2 ـ وأما الشيخ الطبرسي فإنه بعدما أورد الخبر في أن تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح، ناقش ذلك قائلاً: (( ... والقول في ذلك أن اللهسبحانه ندب إلى الاستنباط وأوضح السبيل إليه ومدح أقواماً عليه فقال: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء/ 83. وذمّ آخرين على ترك تدبره والإضراب عن التفكر فيه، فقال:(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) محمد/ 24. وذكر أن القرآن منزل بلسان العرب فقال: (إنا جعلناه قرآناً عربياً) الزخرف/ 3. وقال النبي (ص): (إذا جاءكم عني حديث فاعرضوهعلى كتاب الله فما وافقه فاقبلوه وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط)، فبيّن أن الكتاب حجة ومعروض عليه، وكيف يمكن العرض عليه وهو غير مفهوم المعنى، فهذا وأمثاله يدل على أنالخبر (في النهي عن التفسير بالرأي) متروك الظاهر، فيكون معناه ـ إن صحّ ـ أن مَن حمل القرآن على رأيه ولم يعمل بشواهد ألفاظه فأصاب الحق فقد أخطأ الدليل ... )).

3 ـ وفيمجال التعامل مع الحديث ودراسة المتن، أكد الطوسي على ضرورة التدبر والتفكر فيه فقال: (( ... وفيه تنبيه على بطلان قول الجهّال من أصحاب الحديث أنه ينبغي أن يُروى الحديثعلى ما جاء وإن كان مختلاً في المعنى، لأن الله دعا إلى التدبر والتفقه وذلك منافٍ للتجاهل والتعامي)).

4 ـ وأما العلامة الطباطبائي فقد اعتبر أن المنهج الأخباري فيقبول الروايات دون نقد وتمحيص يؤدي إلى نسبة الباطل إلى النبي (ص) ـ من خلال قبول الموضوعات ـ وإلى تزعزع الموازين الشرعية، إذ يقول: ((وبعض الناس ... أخذوا بطرح جميع ماتضمنته سنة رسول الله ... فسلكوا في ذلك مسلك التفريط، قبال ما سلكه بعض الأخباريين وأصحاب الحديث والحرورية وغيرهم مسلك الإفراط والأخذ بكل رواية منقولة كيف كانت. وكماإن القبول المطلق تكذيب للموازين المنصوبة في الدين لتمييز الحق من الباطل ونسبة الباطل واللغو من القول إلى النبي (ص)، كذلك الطرح الكلي تكذيب لها وإلغاء وإبطال للكتابالعزيز ... )).

5 ـ وكما تقدم فقد تصدى جمع من أعلام الشيعة كالوحيد البهبهاني والسيد الأعرجي وغيرهما لنقد المقولة القائلة بصحة جميع روايات الكتب الأربعة، فضلاً عماسواها، واستمر المحققون من علماء الشيعة في ردودهم، قال السيد الخوئي، بعد أن أثبت عدم صحة تلك المقولة بخصوص الكتب الأربعة تفصيلاً: ((وقد تحصل من جميع ما ذكرناه أنه لمتثبت صحة جميع روايات الكتب الأربعة، فلابد من النظر في سند كل رواية منها، فإن توفرت فيها شروط الحجية أُخذ بها، وإلا فلا)).

وقد فصّل المحسني القول في نقل وجهة نظرالأخباريين أولاً، فقال: ((نقل عن جمع من المحدثين أن روايات الكتب الأربعة بأجمعها قطعية الصدور، وقيل لا نقطع بصدورها ولكن نثق بها ونطمئن بها، وممن اختار قول هذهالجماعة وأطال في تحكيمه وإبرامه ودافع عنه بكل قوي وضعيف هو المحدث الحر في آخر كتاب وسائل الشيعة واستدل عليه بإثنين وعشرين وجهاً ... )).

ونسب الرأي الثاني من الثقةبروايات الكتب الأربعة إلى المحدث النوري في مستدركه، ثم أورد حججهم واحدة بعد أخرى وناقشها مفصلاً، ثم قال تحت عنوان (شواهدنا على ردّ الأخباريين): ((قد ثبت لحد الآن عدمقطعية الروايات الموجودة في الكتب المتداولة وأن الأدلة التي ذكروها غير لائقة لإفادة اليقين وإن كان القاطعون بها منها في عذر، لأن طريقية القطع ذاتية ووجوده وجدانيوحجيته لا تقبل الإنكار: وعلى كل حال لم يثبت دليل على حجية جميع تلك الأخبار)).

6 ـ أما فيما يتعلق بسلامة القرآن من التحريف، فقد تصدى كبار علماء الشيعة لدفع أية شبهةعن سلامة القرآن الكريم من كل نقص أو زيادة أو تحريف، وذلك استمراراً لخط أئمة أهل البيت (ع)، ابتداءً من القريبين تاريخياً لهم كالشيخ الصدوق (ت 381هـ ) والشيخ المفيد (ت413هـ ) والشريف المرتضى (ت 436هـ ) ثم أعلام مفسريهم، وفي مقدمتهم الشيخ الطوسي إذ يقول في مقدمة تفسيره التبيان: (( ... وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق بهذا الكتابالمقصود منه العلم بمعاني القرآن، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصرهالمرتضى وهو الظاهر في الروايات، غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد لا توجب علماًولا عملاً، والأَولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها لأنه يمكن تأويلها)).

وعلى نهجه سار الطبرسي الذي قال: ((والكلام في زيادة القرآن ونقصانه مما لا يليق بالتفسير، أماالزيادة فيه فمجمع على بطلانه، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذينصره المرتضى واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء)).

كما نجد لأحد كبار الفقهاء الإمامية ـ وهو الشيخ كاشف الغطاء ـ نصاً يشير بوضوح إلى أن هذه الآراء صادرة من مسلكالأخباريين، إذ يقول مستنكراً: ((وصدرت منهم أحكام غريبة واقوال منكرة عجيبة منها قولهم بنقص القرآن مستندين إلى روايات تقضي البديهة بتأويلها وطرحها. وفي بعضها: نقص ثلثالقرآن أو ربعه ونقص أربعين اسماً في سورة (تبّت) منها أسماء جماعة من المنافقين. وفي ذلك منافاة لبديهة العقل ... )).

وقال مشيراً إلى تناقض قولهم هذا مع تمسكهم بالأخباروتأكيدهم على صحتها: ((يا للعجب من قوم يزعمون سلامة الأحاديث وبقاءها محفوظة وهي دائرة على الألسن ومنقولة في الكتب، في مدة ألف ومائتي سنة، وأنها لو حدث فيها نقص لظهرواستبان وشاع، لكنهم يحكمون بنقص القرآن وخفي ذلك في جميع الأزمان)).

وأرجع المحقق التبريزي القول بالتحريف إلى مصادره وسماها فقال: ((القول بالتحريف هو مذهبالأخباريين والحشوية خلافاً لأصحاب الأصول الذين رفضوا احتمال التحريف في القرآن رفضاً قاطعاً ... )).

واستمراراً لموقف علماء الإمامية نجد المعاصرين منهم كالإمامالخميني والإمام الخوئي (قدس سرهما) أشد نكيراً على القائلين بالتحريف، ونجد في ما قرّظه الإمام الخميني إشارة إلى وجود خطين في المنهج العلمي، فالقول بالتحريف جاء ممنسلك طريق ((إيراد روايات أعرض عنها الأصحاب واختلاط ضعافٍ بين الروايات)) وممن يقوم ((بجمع الضعاف والغرائب والعجائب وما لا يقبلها العقل السليم والرأي المستقيم)) في مقابلالقول بمنع التحريف الذي هو ((مذهب المحققين من علماء الإسلام والمعتبرين من الفريقين)).

وقد أغنى المقال في تفنيد شبهة التحريف الإمام الخوئي في كتابه (البيان)،مشيراً إلى شذوذ البعض بهذا القول دون أن يكون لهم أثر في إجماع الأمة، فقال: ((المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأن الموجود بأيدينا هو جميع القرآنالمنزل على النبي الأعظم (ص) وقد صرّح بذلك كثير من الأعلام، منهم شيخ المحدثين الصدوق محمد بن بابويه، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية، ومنهم شيخالطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ...

ويظهر القول بعدم التحريف كل من كتب في الإمامة من علماء الشيعة وذكر يه المثالب ولم يتعرض للتحريف ...

وجملة القول: أنالمشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف.

نعم، ذهب جماعة من المحدثين من الشيعة، وجمع من علماء أهل السنة إلى وقوع التحريف،قال الرافعي: فذهب جماعة من أهل الكلام ممن لا بضاعة لهم إلا الظن والتأويل واستخراج الأساليب الجدلية من كل حكم وكل قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيء، حملاًعلى ما وصفوا من كيفية جمعه.

وقد نسب الطبرسي ـ في مجمع البيان ـ هذا القول إلى الحشوية من العامة.

أقول: سيظهر لك ـ بعيد هذا ـ أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القولبالتحريف ... )).

ووصل السيد الخوئي في نهاية بحثه إلى أن ((حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو منألجأه إليه محبّ القول به، والحب يعمي ويصم، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه خرافته)).

وهكذا يتضح ـ دون أدنى ريب ـ أن القول بالتحريف لم يكن يمثل الخطالعام لمدرسة الشيعة الإمامية، وإنما قال بذلك البعض من المحدثين الأخباريين من الشيعة، كما قال بذلك بعض آخر من حشوية أهل السنة.

ـ ملاحظتان:

1 ـ وجدنا كثيراً منالباحثين، وخصوصاً المعاصرين منهم قد خلطوا بين الخط العام للفكر الشيعي وبين آراء متفرقة وشاذة عنه، حاله حال كل الأفكار والمذاهب في العالم، فكثيراً ما حملوا الشيعةالآراء النادرة المتفرقة والمخالفة لإجماعهم، لذا يقتضي التمييز بين هذه الآراء المختلفة وبيان أوجه الاشتراك والافتراق، وتوجيه النقد العلمي للرأي المختلف لا صاحبه،الذي ربما كان صالحاً متتبعاً، ولكنه توهم فأخطأ.

2 ـ عادة ما تنطلق الآراء المتشددة من تعصب ديني أو مذهبي، سواء ما نجده في الحشوية وامتداداتهم المعاصرة عند أهلالسنة، أو عند بعض الأخباريين من الشيعة والذين ربما كانوا يظنون أن ((الاتجاه الأخباري كان هو الاتجاه السائد بين فقهاء الإمامية ... ولم يتزعزع هذا الاتجاه إلا في أواخرالقرن الرابع وبعده حين بدأ جماعة من علماء الإمامية ينحرفون عن الخط الأخباري ويعتمدون على العقل في استنباطهم ويربطون البحث الفقهي بعلم الأصول تأثراً بالطريقةالسنية في الاستنباط!! ثم أخذ هذا الانحراف بالتوسع والانتشار)).

وربما يبلغ ذلك بهم مبلغاً عظيماً حتى أن بعضهم ربما ((توهم ... أن شيخنا المفيد ومن بعده من فقهائنا إلىالآن كانوا مجتمعين على الضلالة مبدعين بدعاً كثيرة ... ومتابعين للعامة مخالفين لطريقة الأئمة ومغيرين لطريقة الخاصة ... )) كما جاء في نص للوحيد البهبهاني مصوراً صورالصراع آنذاك مع الحركة الأخبارية.

وقد صور الشهيد المطهري تأثير هذه المقولات على عامة الناس وتحريكها لعواطفهم المذهبية فقال: ((إن ما يبعث على انتشار طراز التفكيرالأخباري بين العامة هو إرضاء ما يميل إليه العامة ... )).

وقد يكون الدافع البارز لهذا التوجه هو الحب والولاء المفرط، كما نجده في مؤلف (فصل الخطاب) الذي يقول في معرضإثبات مدعاه في تحريف القرآن: ((كيف يحتمل المنصف أن يهمل الله تعالى ذكر أسامي أوصياء خاتم النبيين وابنته الصديقة (ع) في كتابه المهيمن على جميع كتب السالفين، ولا يعرفهمللأمة التي هي أشرف الأمم وهو أهم من سائر الواجبات التي تكرر ذكرها في القرآن)).

إلا أن الإمام الخميني ـ قدس سره ـ وصف هذا الحب والولاء بهذا الشكل بأنه ((لا يفيد علماًولا عملاً)) وأنه أوقع ما وقع ((ما بكت عليه السماوات وكادت تتدكدك على الأرض)). وبالجملة: ((ففساد هذا القول الفظيع والرأي الشنيع أوضح من أن يخفى على ذي مسكة، إلا أن هذاالفساد قد شاع على رغم علماء الإسلام وحفّاظ شريعة سيد الأنام)).

/ 1