أجهزة الضبط في الشخصية القرآنية
زيدان عبد الفتاح قعدان جهاز المناعة الروحي والمكتسب
في التربية الدينيةإيقاظ للإحساس الفطري الذي يرزح تحت وطأة المادية والوثنية؛ ومن ثمَّ خلط السلوك المادي البحت بآثار روحية نابعة من أعماق القلب الذي يقع فيه قبس الإيمان من أول يوم جاءفيه الإنسان إلى الوجود. حين نفخ الله فيه من روحه، وهذه النفخة الروحية هي ولا شك شيء من نور الله تصحو آثارها بالتربية الدينية فتطفو على السطح تزاحم النزعة المادية أوتردعها، حين لا ترعوي أو ترتدع ذاتياً. ومن هنا لابد من أن ندرك أن التراث الديني الذي يدرس للإنسان للنهوض به روحياً، ومن ثمَّ تأهيله لمدينة القرآن أولاً، ومدينةالآخرة 'الجنة' ثانياً، هو التراث الذي يبدأ ـ كما بدأنا ـ من المُوجِد الأول للخلق بحيث يدرك الإنسان أن خلق ذو بُعْديْن، بُعْدٍ ماديٍّ ـ حسيٍّ وهو المحدود بحجم وأبعادمعينة، وبعدٍ روحيٍّ يتعامل مع الغيبيات والإلهيات والروحانيات. التي تقبع في ما وراء المادة. مما يجعله يتعامل مع نفسه تجاه الغير بحيطة وحذر ولا تجعله كالدواب أوالأنعام يعيش هكذا. وكيفما اتفق، حتى إن المولى عز وجل ذكر بالنص في كتابه العزيز:
(أَيَحْسبُ الِإنسَانُ أَن يُتْركَ سُدىً) (سورة القيامة: الآية 36).
جهاز المناعةـ المادي ـ المكتسب
من هنا يبدأ الإنسان يتحسس الطريق المستقيم وقائده في ذلك روحه وقلبه المفعم بالإيمان المدرك لحقيقة وجوده على ظهر هذه الأرض. ومن ثمَّ تبدأآثار التربية واضحة على السلوكيات الإنسانية، بحيث تتعزز لدى الإنسان بشكل عام المعرفة القرآنية التي تنبه الإنسان إلى أن فيه جهازاً رادعاً ذاتياً ولنقل جهاز المناعةالذاتي أو الوازع الذاتي ولنضرب مثلاً على جهاز المناعة الصحي أو الجسدي، إذ من المعروف للعالم والجاهل.. والمؤمن وغير المؤمن أن الجسم تتنازعه أفواج وأفواج من الجراثيموالميكروبات والفيروسات وإن لم يحسها فهي موجودة وأصبحت غير خافية على أحد، وهذه الأفواج علمته الكثير من الأمراض.. لا بل أصبح لديه تراث في هذا الصدد، فأين مرض السل الذيكان يقضُّ مضاجع الأمم والأفراد؟؟ وأين مرض الجدري والتيفوئيد والكوليرا.. الخ؟
صحيح أن هذه الأمراض قد انتهت إلى غير رجعة ولكن أليست آثارها باقية؟ الحق أنها باقيةببقاء الإنسان، بل وجاء عليها المزيد من آثار الحضارة والتلوث والمصانع والغبار والغاز والأشعة إلا أن الإنسان يملك جهازاً عظيماً للمناعة، وهذا الجهاز موجود معه منذبدأ يدب على الأرض.
ونظرة فاحصة إلى العين نرى كم من النكسات تتعرض لها في اليوم أو في الشهر أو في السنة.. ونرى في كثير من نكسات العين أنها تنتهي دون علاج، وكذا فيالأنف والأذن، وفي كلِّ أجزاء الجسم وخلاياه وكأن الجسم حين يستشعر الخطر تبدأ أجهزة المناعة بالزحف على المرض أو الخطر أو الفيروس ـ هكذا تلقائياً ـ حتى تقضي عليه قضاءًمبرماً ويشفى الجسم من كل الآثار السلبية المترتبة على ذلك.. ويمكن أن نضيف هنا أن ارتفاع درجة الحرارة هو أكبر جهاز مناعة للجسم.. بعد أن أدرك الإنسان مدى أهمية السخونة فيعلاج كثير من الأمراض ولابد من أنه قد تعلم الدرس الأول من جهاز المناعة المكتسب ـ المبثوث في ذات الجسم.
هذا الطرح لا يبعدنا عن الحقيقة الأخرى وهي أن الجسم كما يملكجهاز مناعة على الصعيد المادي هو أيضاً يملك جهاز مناعة على الصعيد الروحي ويمكن أن يكون ضعيفاً كما يمكن أن يكون الأول كذلك، ويمكن أن نسترعي النظر إلى الضعف في جهازالمناعة المكتسب الذي أصبح ديدن الأمم والشعوب اليوم بعد أن اكتشفت تلك الظاهرة المرعبة 'الإيدز' ويأتي ذلك موائماً مع ضعف الجهاز المناعة الروحي، هذا التواؤم لا شك أنهلم يأت بمحض الصدفة وإلا أنكرنا التراث الديني برمته وأنكرنا قوله تعالى:
(أَيَحْسبُ الإِنسَانُ أَن يُتْركَ سُدىً) (سورة القيامة: الآية 36).
نحن هنا لا نتخيلولكننا نقذف بالحق على الباطل فيدمغه.. ومن هنا لابد من أن نوضح جملة من الحقائق.
إن ضعف جهاز المناعة المكتسب الذي سمِّي 'الإيدز' كان من أسبابه كما يقولون: هو الشذوذأو لنقل من آثار الأشعة أو الحضارة التكنولوجية أو التجارب أو أي شيء من ذلك.. والأرجح هو السبب الأول وهذا السبب لا يمتُّ إلى الجهاز الروحي بصلة.
جهاز المناعةالروحي
إن مسألة الشذوذ في أي مجال من مجالات الحياة هي ظاهرة العصر الحديث وكأنها انفلات من الدائرة الأخلاقية، أو لنقل الروحية، وهذه القضية يحسبها بعض الناسسهلةً وهي كانت في يوم من الأيام سبباً لمجيء رسول اسمه لوط إلى قومه ونهاهم عن هذه الفعلة الشنعاء.. والآن ذهب لوط وقوم لوط، ولكن المرض جاء بمجيء السلوك وكأنها نقمةالسماء على أهل الأرض، ومن ثمَّ تحذير للبشرية من خطر محدق إن هي تركت الحبل على الغارب. إن قضية الشذوذ ـ وإن كانت ممارسةً مادية ـ إلا أنها توحي بضعف كبير في جهازالمناعة الروحي قبل أن تؤدي لجهاز المناعة المكتسب، وما الجهاز الأخير إلا وسيلة للإدراك المباشر لمصدر الخطر وآثاره الأخرى. وهذا لا شك يضعنا وجهاً لوجه أمام الوازعالذاتي أو النفسي ـ فهو الجهاز الروحي الداخلي الذي يوقظ وميض الروح وشعلة الإيمان فتقف السلوك الخاطيء أو الشذوذ في أي سلوك كان.. هذا إذا رجعنا إلى كنه الإنسان وعرفنامصادر تكوينه الأولى، المادية والروحية.
فالوازع الذاتي يتكرس بالتربية القرآنية الدينية التي تضع الإنسان أمام حقائق الموجودات فيعرف مكانه فيها. إن سلباً أوإيجابياً، ضعفاً أو قوةً، وإن كان الوازع يبدأ أولاً بالخوف فلا بأس أن يتحول بعد ذلك إلى الحب. وبالتدريج.
وأما المشكلة الأساسية التي يضعها القرآن في الحسبان وهويربي أفراده في المدينة القرآنية فهي نزوع الإنسان إلى الخوف من غير الله، فيكون الوازع مؤقتاً إلى حين ذهاب مصدر الخوف. وهذا لا شك هو نوع من الإحساس المادي للألوهية،فهو يدرك الألوهية ولكن يضع لها أشكالاً من نسج خياله، فقد يضع الشمس أو القمر أو أي شيء يبعث على الخوف والرهبة كظواهر الطبيعة ولكن ـ الحق ـ هذا لا يسحق الوازع تماماً بليضلله ويضعه في كثير من الأديان في حالة تغييب وإلا لما حصل مثل ذلك الشذوذ الذي كان سببه الرئيس تضليل الوازع الذاتي.
والوازع الذاتي يعمل بسرية مطلقة تماماً كمايعمل جهاز المناعة الجسمي، فلا أحد يدري ماذا يدور في الجسم حال تعرضه للمخاطر، وعليه فإن الجسم يكون دائماً في حالة حذر وتيقظ لكل طاريء.
وكذا الوازع الداخلي ـالنفسي عليه أن يعمل حتى ولو تغيب الوازع الخارجي أو العقاب الخارجي.
ففي الصوم يكون تحت وطأة الوازع الذاتي الذي كرسه الدين ومن ثمَّ يسمَّى الوازع الديني المباشر،وعليه لا أحد يدري ماذا يفعل الإنسان، هل فعلاً هو يصوم أو لا يصوم.. من يدري؟ فهذا لا يحكمه إلا الوازع، وكذا الصلاة وغيرها من العبادات الروحية هي بحق لتربية الذاتوالضمير وتنمية الوازع الديني بتنمية وإيقاظ الشعور الديني.
والخوف من الله هو المصدر الحقيقي للوازع الديني ـ الذاتي، وأما الخوف من الإنسان أو الطبيعة أو الظواهرالأخرى فإنه يبقى في مهب الريح، لذا ينتشر الآن الإلحاد بعد أن تنصل الإنسان من نزعات الخوف التي كانت تأتي من الظروف المحيطة بالإنسان.. أما وقد وصل إلى هذه المرحلة فإنهلابد من أن يرعوي فكان لابد من تعطيل جهاز المناعة المكتسب. لعله يعود إلى تقوية جهاز المناعة الروحي وينمي الوازع الديني من جديد.
الحق لم يكن قصدنا التركيز علىالشذوذ بقدر ما هو مثال من أمثلة أمراض العصر الحديث.. وما أكثر الأمثال. ولكن كان مثالنا هذا لأنه كان يوماً ما مصدر شقاء لأقوام وشعوب ضلَّت السبيل وذكرها القرآن ـ بالنصـ وكأنها عبرة لأولي الألباب.
وأما الوازع الحقيقي أو جهاز المناعة الروحي فإنه لابد من أن يقف كل الممارسات الشاذة وأللاأخلاقية من القتل إلى السرقة إلى الإجرام إلىغير ذلك من الممارسات، الخارجة عن قوانين الأرض والسماء.
وهكذا تكون القواعد الأساسية للوازع الداخلي ـ الذاتي، قد ارتكزت على أساسات ثابتة بدأت بالأسس الروحية وعلىرأسها تعزيز فكرة الألوهية في الذات الإنسانية، ويليها التجربة الأولى للإنسان في السماء، وهذه أسس روحية بحتة لم يأت بها ـ أو بتفاصيلها ـ إلا الدين 'القرآن' وأما الأسسالمادية فهي القائمة على التجربة الإنسانية من أول يوم هبط فيه آدم إلى يوم نزول القرآن. فكانت بحق تجربة مريرة وشاقة خلقت الإرهاصات الأولى للنضوج الديني والعقلي الذياحتوته بتمامه وكماله المعرفة القرآنية، لأنها كانت تتويجاً للنضوج الإنساني، لذا لم تشهد الأمم عصراً أفضل من عصر الإسلام خُلُقاً وحضارة، فالتجربة القرآنية مورست فيالكون وعلى الأرض وكان لها دولتها المترامية الأطراف اتسمت بالعدل والتسامح ونضوج المعرفة والعقل.
وما دامت التجربة القرآنية هكذا هي سماتها فهي الأجدر بالبقاء،لذا كان لابد من وضع هذه التجربة على المحك وأخراجها من الفكر إلى التطبيق لأنها تمثل الإشراق الروحي في عالم مادي مظلم آن له أن يزول.
وعليه نقول بوحي من القرآنوالتجربة القرآنية أن لابد من العودة للوازع الديني، باديء ذي بدء، الذي يرتكز على أسس مادية وروحية تكوِّن الإطار الحقيقيَّ للضمير، وداخل هذا الإطار تبدأ التفاصيلولكن بشرط أن تكون مرتبطة بالتراث الديني والأطر الحقيقية التي نوَّهنا عنها.
ولكن لا يغيب عن أذهاننا ـ ونحن نخوض في التفاصيل داخل الأطر ـ أن هناك خوفاً من التركيزعلى التفاصيل ومن ثمَّ نسيان الأصل والأطر الحقيقية للدين والضمير، وهو الذي أشقى الإنسان وأبعده عن الحقيقية في هذا السبيل.
فالسلوك الإنساني يجب أن يبقى في إطارالمراقبة الذاتية للضمير أو الوازع، والذي يمكن أن نسميه الخوف من الله وعدم نسيان التجربة الأولى للإنسان.
وعمله هذا هو بمثابة تطوير للوازع الديني بشكل متواصل حتىتنتقل آثار الوازع الديني من الباطن إلى الظاهر.. من الفكرة إلى السلوك.. من الإيمان الداخلي إلى المعاملة اليومية، والسلوك الظاهريُّ قد ينمُّ عما بداخل الإنسان إذا كانباطن الإنسان مفعماً بالإيمان، ولكن كيف نفسر سلوك بعض الملحدين الذي يتسم بالدقة والنظام والأمانة وداخله خاوٍ من الإيمان؟!
الحق، هو لا يعمل بدافع الدين والاعتقادبل بدافع التقليد أو الخوف أو الحب أيضاً ولكن الخوف من غير الله ربما من العقاب أو الجزاء حتى يصبح السلوك عرفاً عاديّاً.
وأما الحب فهو حب الوطن أو الإنسان حتى هوأيضاً يصبح سلوكاً عادياً، يطبع الأمم بطابع حضاري ـ كما يقولون ـ الحق، هو سلوك مادي لا غير، لأن الوازع أو الرادع الذاتي وهو الحلقة الأولى في الضمير أو الخلق، غيرموجود أصلاً، لذا نلاحظ أن سلوكهم يخلو من الرأفة والرحمة والعدل بكل ما تعني هذه الكلمات من معانٍ روحية، ذاتية، وفعله مادي بحت أو سلوك عادي اقتضته طبيعة العصر والآلةوالحاسب الآلي.
وهذا قد نراه في تفسير النظرة السادية لديهم ومعاملتهم للغير بشكل مغاير لتعاملهم داخل وطنهم ومع أفراد بلدهم، وكأن النظرة المادية للسلوك لا تمتدإلى الأمم والشعوب الأخرى، فنراهم يبطشون ويتجبرون ويذبحون في الشعوب الضعيفة دون وازع من خُلُق، فلو قيل لهم أو لأحدهم أو لجيوشهم اذهبوا وأحضروا ثروات البلد الفلاني،لأعملوا فيه قتلاً وتدميراً من أجل الهدف المادي الذي هم ذاهبون إليه، وينسون كلَّ القيم والأعراف والأخلاق، وهذا عكس ما كان يحصل في الغزوات الإسلامية، حيث كان القائدالمسلم حريصاً على توصية أشباله بعدم التدمير أو التهديم أو قتل الشيوخ والأطفال أو قطع الأشجار.. لا غرابة فأولئك قاتلوا ويقاتلون في سبيل الطاغوت المادي وهؤلاء قاتلوافي سبيل الله والحق المبين.. ليس إلا..
جهاز الحوافز والأجور
وهكذا تبقى خيوط التربية في المنهج القرآني مترابطةً، تماماً كما هي أعضاء الجسم الإنساني، فبعد أنرسم القرآن الأهداف المثلى للإنسانية وميّز بين الوسائل والغايات فجعل دائرة الوسائل في الحياة الدنيا ودائرة الأهداف والغايات القصوى في الآخرة.. بعدها ينتقل إلىالسلوك، وديناميكية السلوك، والأسس التي يجب أن يرتكز عليها السلوكُ الإنساني للوصول إلى هذه الغايات المثلى، لذا أشار إلى الجسم الإنساني تحكمه دوافع وغرائز؛ منها مايؤخذ بالترغيب، ومنها ما يؤخذ بالترهيب، لذا حدد أجهزةً داخلية وخارجية لتدبير السلوك الإنساني وأكد باديء ذي بدء الحوافز الإنسانية للسلوك، وميز بين نوعين من الحوافز.أولاً: الحافز المادي
أي عمل يقوم به الإنسان لابد من أن يدفعه إليه حافز معين أو محرك يحركه باتجاه معين أو محدد من السلوك، فإن كان العمل مادياً بحتاً سُمِّيالحافز بالحافز المادي، أو ما ينطوي تحت أسماء الأجر أو الثواب أو غيرها، وهذا الأجر هو الدافع الرئيس لعمل الإنسان وبمقدار قيمة هذا الأجر تكون طاقة الحافز أو قدرته علىالمنافسة في اتجاهات مختلفة من أنواع السلوك حتى في مجالات الأعمال المختلفة فإن كان الأجر كبيراً في مهنة معينة ترى الناس يتدافعون عليها والعكس بالعكس، وهذا أمر غريزيمطبوع في ذاتية الإنسان وكأنه مثل وإن كان معاكساً للحافز الآخر الروحي فكما أن الله خلق التضادات ليمحِّص الذين آمنوا من الذين كفروا كما هي في كل مجالات الحياة؛ الضعفوالقوة.. الخير والشر.. اللين والشدة.. الحر والبرد، وكذا في مسألة الحافز هناك حافز مادي وحافز روحي. وهو الذي سنناقشه في الآتي. ثانياً: الحافز الروحي
هو الجهازالذي يعمل تحت إمرة العنصر الروحي من البناء الإنساني وهو في صراع أو تنافس متواصل مع الحافز المادي الذي يغدق على أصحابه عطايا الدنيا من الأموال والبنين والنساء.. إلخبعكس الحافز الروحي الذي يَعِدُ الإنسان بالثواب والأجر الآجلين الأمر الذي يحمله طاقة في الاقناع أكثر صعوبة.. وربما هي المهمة الرئيسة التي انطوى عليها الجهاد الأكبروكذا الأصغر، فكل منهما تضحية بالمادة وبالنفس وبكل شيء في سبيل غايات روحية أصيلة ولكنها أيضاً ضمن الأجر والثواب.. الأجر والثواب
هذه هي الحقائق القرآنية حينترسم الطريق أمام المؤمن، فلا تتركه رهن الهواجس والأفكار المضللة التي تقصر الحياة على الحياة الدنيا بحيث يغرف من خيراتها الحسان ما شاء له أن يغرف فيدخل في متاهةمعاكسة للغاية المطلوبة أصلاً، ومثل هذا يعطل كل التراث الديني ويلغي مباديء كثيرة من مباديء القرآن، وكذا الإسلام بشكل عام، لأنه يبقى حريصاً على الحياة الدنياومتاعها وشهواتها لا يريد أن يبارحها، وبذا عطل مبدأ الجهاد في سبيل الله وكذا الصدقات والإحسان والبر التي ثوابها يؤجل في الآخرة فتصبح الدنيا أمام هؤلاء لا طعم لهالأنها لا تؤمن إلا بالأخذ والعطاء المادي فلا تبقى شيئاً للأجر والثواب في الآخرة. فقضية الثواب أو الأجر قضية جوهرية وهي تلامس الحقيقة المادية أولاً، ومن ثمَّتلامس الحقيقة الروحية ـ الإيمانية ثانياً.
تعالوا معي نتساءل:
أين ثواب الفقراء والمحتاجين، والمساكين والضعفاء الذين لم ينالوا من الدنيا إلا النزر القليل لايكاد يكفي تلبية حتى المطالب الأساسية للعيش الكريم؟!. ومن ثمَّ أين ثواب الجنود المدفعين إلى القتال في سبيل الوطن ـ على الأقل ـ نعم، أين يأخذون هذا الأجر والثواب؟
هذه التساؤلات ضرورية لإرساء دعائم المجتمع المؤمن الفاضل القائم على القيم والمباديء العظيمة التي يبثها القرآن في مجتمع المدينة القرآنية الفاضلة.
وهذه أيضاًضرورة لشحذ الهمم والتضحية في سبيل الآخرين لأن مثل ذلك له ثواب عظيم ولكن في مكان آخر وهو ما يسمَّى بالآخرة، ولنسمع بعض الآيات القرآنية في هذا الصدد!
(قُلْأؤْنَبئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلكُمْ للَّذينَ اتَّقوْا عِندَ رَبِّهمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتهَا الأَنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا وَأزْواجٌ مُّطهَّرةٌ وَرِضْوانٌمِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ) (سورة آل عمران: الآية 15).
هذه هي الأسس الحقيقية للعقيدة، لأن الإنسان مطبوع أصلاً على الأجر والثواب، نفسه هي الأخرىمطبوعة على هذا المنوال، هب أنك أحضرت كوباً من الماء.. حتى لوالدك، إن لم يقل لك كلمة إطراء أو شكر فإن نفسك لا ترتاح أبداً وتأخذ بتفسير الأمور وتصويرها على أكثر من وجه،هذه جزئية بسيطة من الثواب والأجر، تحدث كلَّ يوم هي ومثلها كثير، وكأن نفوسنا مجبولة أصلاً على ذلك، تارة ترضى بالكلمة الطيبة، وتارة ترضى بإيماءة أو إشارة أو ابتسامة،وكلها نوع من الثواب أو الأجر، وأحياناً يستبدل الإنسان الطيب المؤمن الكلمة الطيبة بالأجر المادي، وهذه من السنن التي بثها المولى عزَّ وجلَّ في البشرية،ونفوسهم،ويغرسها المنهج التربوي القرآني في نفوس مواطنيه والمؤمنين بعقيدته، تعالوا نسمع هذه الآيات:
(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقةٍيَتْبَعُهَا أذىً...).
وهذا تفصيل للكلمة على المادة المغموسة بالذل والمن والأذى، هذا هو العرف الإلهي، وهو الذي يعلِّمه إلى المؤمنين به:
(الَّذينَ يَقُولُونَرَبَّنَا إنَّنَا أَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرينَ وَالصَّادِقينَ وَالقَانِتِينَ وَالمْنُفِقينَ وَالمُسْتَغْفرِينَبِالأَسْحَارِ*) (سورة آل عمران: الآيتان 16و17).
هذه ممتلكات الذين لا يملكون الماديات، وهؤلاء أجورهم عند الله كما رأينا عظيمة، في الآية 15 من سورة آل عمران المذكورةآنفاً فالقول المعروف، والقول لا إله إلا الله، وربنا آمنا، واغفر لنا ذنوبنا، وقنا عذاب النار، والصابرين، والصادقين، والقانتين، والمستغفرين بالأسحار.
كلهاممتلكات معنوية، لا تزيد عن الصمت والقول بالكلمة المحسوبة، وبعدها يكون الأجر العظيم.
أي شيء أكبر وأعظم من هذا العطاء الجزيل والثواب العظيم، وحتى هؤلاء لابد من أنيكون لهم أيضاً أجرٌ ماديٌّ في كثير من الأحيان إما بتخليصهم من ضيق حلَّ بهم، أو مرض كمرض أيوب، أو قلة ذرية، أو رزق مادي.
ففي ضيق الحال، يضرب القرآن مثلاً بحالةيونس، الذي التقمه الحوت ولبث في بطنه حتى إنه لو لم يكن من المسبِّحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، وهذا مكتوب بآيات قرآنية كما نرى:
(وَذَا النُّونِ إذ ذَّهَبَمُغَاضِباً فَظَنَّ أن لَّن نَّقْدِرَ عَليْهِ فَنَادَى فِي الظُّلمَاتِ أن لاَّ إلهَ إلاَّ أنتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمينَ) (سورة الأنبياء: الآية 87).
وفي آية أخرى توضيح أكثر، حين التقمه الحوت:
(فَالتَقمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُليمٌ* فَلَوْلا أنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ*) (سورة الصافات: الآيتان 142و143). أما مرض أيوب، فإنه يروي القصة بلسانه وبالنص القرآني: (وَأَيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أنِّى مَسّنيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أرْحمُ الرَّاحِمينَ* فَاسْتَجبْنَا لَهُفَكَشفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَأتَيْنَاهُ أهْلهُ وَمَثْلهُم مَّعهُمْ رَحْمةً مَّنْ عِندنَا وَذِكْرَى لِلعَابِدينَ) (سورة الأنبياء: الآيتان 83و84).
أما حالةزكرياء فهي مع الذرية وإنجاب الأولاد، وهي أيضاً بالنص:
(وَزَكَريَّا إذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذرْنِى فَرْداً وَأنتَ خَيْرُ الوَارثِينَ* فَاسْتجَبْنَا لَهُوَوَهبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأصْلحْنَا لَهُ زَوْجهُ إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ*)(سورة الأنبياء: الآيتان 89و90). ومن قبله مريم كانت تحصل على الرزق من عند الله، فكان زكرياء يسألها عن مصدر هذا الرزق فتقول هو من عند الله كما نرى:
(... كُلَّمَادَخلَ عَليْهَا زَكَريَّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاُ قَالَ يَا مَرْيَمُ أنَّى لَكِ هَذَا قَالتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشاءُبِغَيْرِ حِسَابٍ*) (سورة آل عمران: من الآية 37).
والحق، أمثلة كثيرة وتظهر الفرق بين الأجر الإلهي والأجر الإنساني حتى في الدنيا، فالإنسان يعمل عند أخيه الإنسان عدةساعات ولا يأخذ بعدها إلا عدة قروش أو جنيهات، وأما عند الله فلا يعمل الإنسان إلا خمس صلوات لا تزيد في مدتها عن ساعة وبعض كلمات الاستغفار ومن ثمَّ يكون الأجر عظيماً لافي الدنيا وحسب بل وفي الآخرة.
عرفنا من قبل في الأجر والثواب أن هناك أجراً في الدنيا وآخر في الآخرة وما الأجر الدنيوي إلا مثال للأجر الأخروي، ليس إلا، مع فارقالقيمة والقدر في الأجرين، فالأول يخضع لحسابات مادية كما هي الحياة الأولى ـ الدنيوية ـ وأما الثاني فإنه يخضع لحسابات روحية كما هي الحياة في الآخرة، والأخير هو قمةالأجر والثواب في تسلسل الثواب والأجر من الأدنى إلى الأعلى وكأن الأخير في أعلى السلم ـ سُلَّمِ الدرجات المطلق مع الأخذ في الحسبان أن الدنيا سلَّمٌ خاصٌّ بها وكذاالآخرة.
نعم هكذا كانت معالجتنا للأجر والثواب، ونفس الشيء ينطبق على العقاب، فهناك عقاب دنيوي عاجل، وآخر أخروي آجل منذ كتب الله على نفسه الرحمة ـ فأعفى البشرية منالعقاب العاجل الذي كان مثله مع قوم نوح وعاد وثمود حين اجتثَّ الأقوام من الجذور، وأما بعد نزول القرآن فأصبح العقاب العظيم آجلاً، وأما العقوبات العاجلة فهي من بابتخليص الحياة من الشرور والآثام وعلى رأسها عقوبة القتل والقذف والزنا والاعتداء على الأموال، فهذه عقوبات عاجلة لأنها تدخل في صميم الحياة اليومية للمجتمعات، وهيتختلف عن العقوبات الآجلة التي تبقى في يوم لا ريب فيه، وهو يوم الحساب العسير وعلى الظالمين غير يسير.
وهذه العقوبات الدنيوية التي نص عليها القرآن بالآيات، هيلحرصه على حياة المجتمع نظيفةً خالية من الدنس والأرجاس، هي قمة العقوبات في سلَّم العقوبات الدنيوية، وفيها حياة لأولي الألباب، ويمكن أن نضع الملامح الرئيسة لمثل هذهالعقوبات القرآنية.
*في القتل مثلاً: (يَأيُّهَا الَّذينَ أمنُوا كُتِبَ عَليْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنثَىبِالأُنثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ أَخيهِ شَيءٌ فَاتِّباعٌ بِالمَعرُوفِ وَأدَاءٌ إليْهِ بِإِحْسانٍ ذَلِكَ تَخْفيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحمةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَذَلكَ فَلهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (سورة البقرة: الآية 178).
ولأن هذه القضية لا مناص منها لاستتباب الأمن والسلام في المجتمع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. أصر عليها فيالنص القرآني الآتي:
(ولَكُم فِي القِصاصِ حَياةٌ يَأُولِي الألبابِ لَعلكُم تَتقونَ) (سورة البقرة: الآية 179).
ومن نصوص القرآن في العقوبات أيضاً نأتي على الزناوقذف المحصنات فنرى أن القرآن قد أولاها أهمية كبرى حتى تستمر مسيرة على أحسن ما يرام.
(الزَّانيةُ وَالزَّانِي فَاجْلدُوا كُلَّ وَاحدٍ مِّنْهُمَا مِائةَ جَلدةٍوَلاَ تَأخُذْكُم بِهمَا رَأفةٌ فِي دِينِ اللهِ إن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الأَخرِ وَلْيَشْهدْ عَذابهُمَا طَائِفةٌ مِّنَ المُؤْمِنينَ*) (سورة النور :الآية 2).
فهنا نلاحظ أن العقوبة جسدية ـ مادية ـ وكذا نفسية وزاد على ذلك أنه فصلهما عن المجتمع النظيف. فقال:
(الزَّانِي لاَ يَنكحُ إلاَّ زَانيةً أوْ مُشْركةًوَالزَّانيَةُ لاَ يَنكحُهَا إلاَّ زَانٍ أوْ مُشْركٌ وَحُرِّمَ ذَلكَ عَلَى المُؤْمِنينَ*) (سورة النور: الآية 3).
وهناك نص خاص بقذف المحصنات، وذلك لإبقاء أعراضالناس وشرفهم بمنأى عن التهم والعبث!
(وَالَّذينَ يَرْمونَ المُحصنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأتُوا بِأرْبعةِ شُهدَاءَ فَاجْلدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلدَةً وَلاَ تَقْبلُوالَهُم شَهادةً أبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ*) (سورة النور: الآية 4).
وأما النص الخاص بالمفسدين في الأرض فهو في قوله تعالى:
(إنَّما جَزَؤُا الَّذينَيُحَاربُونَ اللهَ وَرسُولَهُ وَيَسْعونَ فِي الأرْضِ فَسَاداً أن يُقتَّلُوا أوْ يُصَلَّبُوا أوْ تُقطَّعَ أيْديِهِمْ وَأرْجُلُهمْ مِّن خِلافٍ أوْ يُنفَوا مِنَالأرْضِ ذَلكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الأَخرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ*) (سورة المائدة: الآية 33).
[وهكذا نرى إصرار القرآن على تحديد العقوبات في أمور لاتستحق التساهل لأنها تحطم المجتمعات إذا بقيت دون معالجة، وقد وضع لها العلاج الناجع، والدواء الشافي، وهذا لا يعني أن القرآن لا يهتم بالأخطاء الأخرى، وإنما وضع لهاجهازاً ذاتياً رادعاً يتمثل في التربية أولاً التي تشكل الضمير والأخلاق فتزرع بذرة الوازع الأخلاقي الذي يردع النفس وقبل ذلك الوازع الديني الذي يضيء الطريق أمامالمضلين فيرجعون عن الغيِّ والضلال]، وفوق ذلك وضع الله جهازاً مادياً يحاسب على الأخطاء المادية، فالعقل أعمل جهده في التشريعات ووضع من النصوص والعقوبات في الكتبوالملفات ما تنوء به الجبال من بداية البشرية إلى يومنا هذا وكلها تعاقب على السلوك الإنساني الذي لا يتحدّد بأنماط معينة فكما هم الناس أنواع متنوعة في السلوك والأخلاقوالضمائر فكذا هي أنواع الأخطاء كثيرة ولا تحصى ومنها الصغير، منها الوسط، ومنها الكبير، وأما النص القرآني فقد اختص بالأمور التي تهم كلَّ البشرية، كانت في دين الإسلامأو غيره، وقد كان القرآن سباقاً في وضع قاعدة المثل في العقوبة، إذ يقول:
(وَإنْ عَاقَبْتُم فَعَاقُبوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ...) (سورة النحل: الآية 126). وكلُّ الدول تستخدم هذه العقوبة، حتى في الأعراف الدبلوماسية بين الدول تستخدم عقوبة المعاملة بالمثل.
وقبل أن نتوه في مثل هذه الأمور فلنرجع إلى العقوبات التييختص بها العقل، وهذه أصبحت كثيرة؛ منها في التجارة، والمعاملات، والصناعة.. سواء ما يتعلق منها بالعمال أو بأرباب العمل، وكذا في أعمال الزراعة والبناء والتشييد، وفيالمصالح والمدارس والجامعات، وحتى داخل المجتمع الأسري حيث وضع لرب الأسرة تشاريع وقوانين للعقوبات التي يمارسها على الأبناء والأحفاد أو غيرهم.
وإن كانت هذهالعقوبات ليست بالضرورة من صميم العدل وإحقاق الحقوق إلا أنها عقوبات وكفى.. وأما القرآن فإنه يرسخ القوانين والتشريعات التي تهم الحقَّ والعدلَ والمساواة.
وما نقصدمن هذا القول هو أن العقوبات كثيرة وتتسلسل في درجات حسب المهنة أو الوسط الذي تعيش فيه، ولكن تبقى كلمة لمن لا يطاله العقاب ويستمر في الظلم والاستغلال والعدوانوالتدليس على بني جنسه أو ممارسة القتل والسرقة والزنا.. إلى آخر الممارسات السلوكية ـ غير الأخلاقية ـ فمن يا ترى يتكفل بعقاب هؤلاء، هل يذهبون إلى قبورهم دون عقاب وقدنفدوا بجلودهم وهم أفسدوا المجتمعات، وأضلُّوها؟.
لمثل هؤلاء نقول: إن العقاب الأعظم هو الذي يبقى في الآخرة وهذا يؤكد البعث ويوم الحساب.
هذا هو الفكر العقائديالذي يكرسه القرآن في مدينة القرآن حين يقول: (... وَلَهُمْ فِي الآخرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ*) (سورة المائدة: الآية 33).
وكذا قوله:
(وَمَن يَقْتلْ مُؤمِناً مُّتعمِّداًفَجَزاؤُهُ جَهنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَليْهِ وَلَعنَهُ وَأعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً*) (سورة النساء: الآية 93).
إذاً لن يفلت أحد أبداً من العقابسواء في الدنيا أو في الآخرة ومهما يحاول بعضهم الإفلات منه في الدنيا فسيطاله في الآخرة.
وهذا لا يعني أنه لن يعاقب في الدنيا فقد يكون عقابه في مرض عضال ينخر جسدهويحيله إلى ركام أو في مرض يفقده لذة العيش كمرض الأغنياء والمترفين 'مرض السكر' أو مرض يفقده راحة النفس فيضيق عليه صدره، في ضغط أو ربو.. أو يفقده ماله في عمل طائش أو خمريزيل عقله أو ميسر يأتي على آخر أمواله أو في خسارة في تجارة أو صناعة أو زراعة.
* المصدر:مجلة رسالة الجهاد /العدد 58 /1987 م