التخليةثم التحلية - تخلیة ثم التحلیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تخلیة ثم التحلیة - نسخه متنی

هلال حسین العمانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التخليةثم التحلية

الشيخ هلال حسين العُماني

لقد ورد هذان العنوانان في كتب الأخلاق، فما معناهما؟!. فلأجلتوضيحهما نضرب المثال الآتي ..

نفترض وجود ((كأس)) فارغة في أيدينا، وقد تعلقت داخلها بعض الأوساخ.

ثم صببنا فيها ماءً صافياً زلالاً، فهل سيبقى الماء محافظاً علىصفائه؟!.

لا شكّ أنه سيتغير بتغيير الأوساخ الموجودة في الكأس، ويفقد بذلك صفاته، وطبيعته التي نزل بها.

فلكي نبقى الماء محافظاً على صفائه حين وجوده في الكأس، مندون أن يفقد طبيعته الجميلة، علينا أولاً أن نزيل الأوساخ من الكأس ? ((التخلية)).

ثم نصب الماء الصافي فيه ? ((التحلية)).

فحينها سوف يبقى الماء على طبيعته، ويحافظعلى شفافيته وأصالته.

إن جميع العبادات والمسائل الإيجابية التي فيها روح البعث والحركة والإتيان كالصلاة والصوم، ومساعدة الفقراء، والدعاء، وتلاوة القرآن والحجوالعمرة والزيارة، وغيرها من العبادات، كلها عبارة عن ((ماء)) صافٍ زلال، وأما النفس الإنسانية وباطنها، عبارة عن ((:أس)) ومحل لهطول وانصباب الفيض الإلهي.

فإذا لم يصفالمحل والكأس القلبي، من أوساخ النفس، وقاذورات الفكر، وكدورات السلوك، كالحسد والبغض، والكبر، وحب السيطرة، والغرور، وتحقير المؤمنين، وإذلالهم، واتهامهم، وغيبتهم،والنميمة عليهم، والعجب، والرياء، والسمعة، وغيرها من الأمراض النفسية والسلوكية، فإن الفيض النازل من السماء الصافي الزلال سوف لن يبقى على صفائه القدسي، بل سيتلونبلون المحل، وسيتغير عن طبيعته الجميلة، وسيتكدر بكدورة الموضع، المتسخ بالصفات الرذيلة القبيحة، فلذا كان من الضروري أن يلتفت المرء إلى نفسه، ويبادر إلى إخلاء ((بيتالرب)) الذي هو القلب وباطنه، من كل ما لا ينسجم مع النور المقدس، والفيض السماوي، قبل أن يتزود بالمصطلحات والثقافة الدينية. وإلا أصبحت العلوم نقمة عليه وأدت به إلىهاوية وجحيم الغضب المولوي، وسقر السخط الإلهي.

فلأجل تحصيل التزكية لابد من المرور عبر قناتين رئيسيتين:

الأولى: التخلية.

والثانية: التحلية.

((فضائلالأخلاق من المنجيات الموصلة إلى السعادة الأبدية، ورذائلها من المهلكات الموجبة للشقاوة السرمدية، فالتخلي عن الثانية والتحلي بالأولى من أهم الواجبات، والوصول إلىالحياة الحقيقية بدونهما من المحالات ... )).

((ثم ما لم تحصل التخلية لم تحصل التحلية، ولم تستعد النفس للفيوضات القدسية، كما أن المرآة ما لم تذهب الكدورات عنها لمتستعد لارتسام الصور فيها ... فالمواضبة على الطاعات الظاهرة لا تنفع ما لم تتطهر النفس من الصفات المذمومة، كالكبر والحسد والرياء وطلب الشهرة والعلى، وإرادة السوءللأقران، والشركاء، وطلب الشهوة في البلاد وفي العباد وأي فائدة في تزيين الظواهر مع إهمال البواطن، ومثل مَن يواظب على الطاعات الظاهرة ويترك تفقد قلبه كبئر الحش،ظاهرها جص وباطنها نتن ...

فإن الأخلاق المذمومة في القلب هي مغارس المعاصي فمن لم يطهر قلبه منها لم تتم له الطاعات الظاهرة ... )).

ولكن كيف يكون حال المعارف لدىتنزلها في محل مظلم بالأمراض الخُلُقية، وكيف تتفاعل النفس المريضة معها؟!

ـ تفاعل العلم والخلق مع النفس:

نفترض أن زيداً كان مصاباً بمرض نفسي خبيث كـ ((الحسد)).فإذا رأى على أخيه نعمة من قبيل نعمة المال، أو نعمة الفكر، أو نعمة الخطابة المنبرية أو نعمة السمعة الحسنة بين الناس، أو بين العلماء والأعلام، أو نعمة الصوت الجميليقرأ به الدعاء أو الرثاء، أو نعمة الجمال، أو نعمة الخُلُق الرفيع .. الخ، لم يتحمل أن يراه فيها، لإحساسه أن ذلك يوجب انتقاصه، وإذلاله، وتصغيره، وهنا تلعب نفسه، ويودّأن لا يرى تلك النعمة وأثرها على المقابل، بل لأجل أن يَسد ذلك الشعور البغيض في نفسه وهو، الشعور بالنقص، وليشعر بشيء من الكمال والرفعة يرجو أن تكون تلك الصفاتالحميدة، وتلك النعم الجميلة له في نفسه وبدنه. فبهذه الحالة فقط يحس بغلبته على أحد، أو برفعته عليه لأنه حينها فقط يرى ويشعر أن نفسه أحسن من المقابل وأفضل عنه في المالأو الصوت، أو الأداء، أو الفكر أو الاحترام من قبل الناس .. الخ.

وإذا استزادت النفس ببعض الثقافات، والمصطلحات فإن من طبيعتها أن تمتزج مع النفس وتتفاعل فيها، فحينهاسنجد أصحاب هذه النفوس، يوظفون العلوم التي تلقوها واكتسبوها لتحقيق ذواتهم المريضة بالحسد، وهنا تتحول العلوم الجميلة إلى وسائل قذرة لا تبحث عن شيء سوى تحقيق المطالبالنفسية السيئة، فتبدأ بانتقاد كل شخص يُمدح أمامها، وتحاول جاهدة أن تبرز العيب الموجود فيه بغية إسقاطه أو توهينه أمام كل مَن يعتقد فيه خيراً.

فإذا كان الشخصالممدوح ممدوحاً في صوته مثلاً، في قراءته للأدعية، فإن الحاسد سوف يغوص بما أوتي من العلم والمصطلحات في صوته كي يجد فيه شيئاً يستطيع من خلاله أن يقلل من جمال صوته أوعذوبة نغمته، لأجل أن يحس بارتياح ولذة نفسية.

وقد تستخدم الشريعة المقدسة في ضرب الأشخاص وإسقاطهم واتهامهم ويكون الغطاء المستخدم لستر مرضهم النفسي هو ((التشخيصالذاتي)) فإذا سألتهم عن سبب معاملتهم الخشنة مع المؤمن الفلاني، لأجابوا ((إن تشخيصنا الشرعي هو هذا))!!

فلاحظ الفرد في هذا المقام، قد تزود بعلوم الشريعة، ولكنهاستخدمها في شهواته وأهوائه، ووظفها لسدّ مرضه النفسي، وكلما ازداد المريض الخُلُقي ثقافة وعلماً، كلما استطاع أن يُبَرِّز تصرفاته الناشئة من مرضه بمصطلحات وكلماتأدق، وأكثر إقناعاً أو إسكاتاً للمستفهم والسائل.

وكلما قَلّت الثقافة وضعفت، كلما عجز المرء المريض عن تبرير مواقفه، ولربما تعرض إلى انتقاد المنصفين. لعدم قدرتهعلى التبرير والدفاع عن تصرفاته، وكلما ازداد العلم، وكثرت الثقافة، ولم ينظف القلب من الأمراض الخُلُقية، ازدادت حالات التبرير، واستخدمت أجمل الكلمات، وأفضل الجمللتحطيم المؤمنين من دون أن يمسك على أصحابها أحد أي مستمسك.

وأمثال هؤلاء يغفلون عادة عن الرقابة الإلهية ولا يشعرون ما تقدّم لهم أنفسهم من حياة شقية. بل والبعضيتفنن في الوصول إلى هدفه في طعنه في المؤمنين بفنون الوسائل والطرق.

فلأجل أن لا يقع المؤمن في مثل هذه المواقع الخطيرة، عليه بمراقبة نفسه، والنظر إلى دوافع حديثه،وسلوكه، ولا يغفل عنها أبداً، لأجل أن لا يصبح العلم الإلهي تحت امرة الهوى، فينقاد لنفسه الأمارة.

وبهذا يتضح أن ((التحلية)) بالعلوم الإلهية لا يمكن لها أن تتمبصورتها الطبيعية إلا بعد خلو القلب من الأمراض المعنوية، والصفات الذميمة، حينها فقط تؤتى الشجرة الطاهرة الطيبة ثمارها.

وقد ورد على لسان أهل العصمة ..

((بتزكيةالنفس يحصل الصفاء)) الرسول الكريم.

((اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات)) الإمام علي (ع).

وأما الذي صفى باطنه، وبقي في حالة اليقظة الدائمة فإنه لا يجد للحسدفي قلبه موطناً، فإذا صادف ذي نعمة دعا له بالخير، والتوفيق.

فانظر الفرق بين صاحب النور الإلهي، وبين صاحب الحجاب الظلماني.

وما مفردة الحسد إلا مثالاً من كثيرمن مفردات الأمراض الخُلُقية، والصفات الذميمة، أعاذنا الله وإياكم منها.

إذن لابد من رفع الموانع كي تؤدي النفس دورها بحسب مقتضى خلقتها ونشأتها.

* المصدر :التزكية

/ 1