في شرح المقامات والأحوال
د.أسعد السحمراني المقام والحال:أصطلاحان يستخدمهما الصوفيون للتدليل على تدرج السالكللطريق الصوفي من مكانة الى أخرى,ولما يتعرض له في تدرجه هذا في المقامات من أحوال تأتيه من نسمات الرحمة الإلهية.
المقامات هي مكاسب تحصل للإنسان المؤمن ببذلالمجهود,وهي مراحل يرتقي فيها المريد في طريقه الى التمكين والاطمئنان القلبي لتتحقق له مكانة بين الخاصة من المصطفين الأخيار.ويقول السراج الطوسي في 'اللمع':
'إن قيلمامعنى المقامات؟يقال:معناه مقام العبد بين يدي الله عز وجل,فيما يقام فيه من العبادات والمجاهدات والرياضيات والانقطاع الى الله عز وجل',وقال الله تعالى: (ذلك لمن خافمقامي وخاف وعيد ) ( سورة ابراهيم /14) وقال :( وما منا إلا له مقام معلوم ) ( الصافات / 164 ). من المقامات عند الطوسي: التوبة - الورع - الزهد - الفقر - الصبر - الرضا - التوكل...الخ. أما الحال:فهي معنى يرد على القلب من غير تصنع ولا اكتساب,والأحوال هي المذاهب الفائضة على العبد من ربه,وهي تكون ميراثاً يلي العمل الصالح المقترن بصفاء القلب,أوامتناناً من الله تعالى على العبد,ولكنها لاتدوم وإذا دامت تحولت من حال الى مقام.
وقد جاء في 'اللمع':'وأما معنى الأحوال فهو مايحل بالقلوب أو تحل به القلوب من صفاءالأذكار,وقد حكي عن الجنيد رحمه الله أنه قال:الحال نازلة تنزل بالقلوب فلاتدوم...وليس الحال من طريق المجاهدات والعبادات والرياضيات كالمقامات'.
من الأحوال:المراقبة - القرب - المحبة - الخوف - الرجاء - الشوق - الأنس - الطمأنينة - المشاهدة - اليقين...الخ.
( المقام إذن هو مقام الإنسان بظاهره وباطنه في حقائق الطاعات,وأما الحالفهي مايتعرض له القلب من نسمات الرحمة الإلهية والصدر من الشرح ولايدوم).
أما في 'الرسالة القشيرية' فلقد جاء :أن المقام 'مايتحقق به العبد بمنازلته من الآداب,مما يتوصلاليه بنوع تصرف,ويتحقق به بضرب تطلب,ومقاساة تكلف.فمقام كل أحد:موضع إقامته عند ذلك,وما هو مشتغل بالرياضة له.
وشرطه أن لايرتقي من مقام الى مقام آخر ما لم يستوف أحكامذلك المقام...ولايصح لأحد منازلة مقام إلا بشهود إقامة الله تعالى إياه بذلك المقام,ليصح بناء أمره على قاعدة صحيحة'.
أما الحال عند الصوفية فهي 'معنى يرد على القلب,منغير تعمد منهم,ولا اجتلاب,ولااكتساب لهم...فالأحوال :مواهب.والمقامات :مكاسب.
وقالوا :الأحوال كإسمها ,يعني أنها كما تحل بالقلب تزول في الوقت'.
وجاء في تعريفللدكتور قاسم غني:'مقامات التصوف إنما هي من الأمور الاكتسابية والاجتهادية,ومن جملة الأعمال التي هي باختيار السالك وإرادته,بينما الأحوال من مقولة الإحساساتوالانفعالات الروحية,ومن الحالات والكيفيات النفسية الخاصة مما ليس باختيار الإنسان بل هو من جملة المواهب والأفضال النازلة على قلب السالك من لدن الله من غير أن يكونللسالك أدنى تأثير في نزوله على قلبه أو محوه عن خاطره'.
المصدر :التصّوف (منشؤه ومصطلحاته).