كيف يمكن تزكية النفس
الشيخ هلال حسين العماني يعتقد البعض من المؤمنين القاعدين والعاملين ان تزكية النفس لاتتحقق الا عبر قنوات خاصة , والقنوات التي يفترضها هؤلاء هي ...الاكثار من الصلوات المستحبة اضافة الى الواجبة , والاكثار من الصيام المستحب وخاصة في الايام التي لهاخصوصية في الصيام , ولا شك في كون ذلك اضافة الى الواجب .
وكذا الاكثار من العمرة وزيارة العتبات المقدسة والحج وتلاوة القرأن الكريم , وختمة لاكثر من اثني عشر مرة فيالشهر ,والاكثار من اخراج الصدقات , ومساعدة الفقراء والمساكين , وكثرة قراءة الكتب الدينية , وحضور الندوات والجلسات الفكرية , والتثقف بالثقافة الاسلامية والمواظبة علىحضور صلاة الجماعة . والاكثار من قراءة الادعية والمناجاة والاذكار , والمواظبة على حضور مجالس العترة الطاهرة عليهم السلام .. الخ .بمعنى ان يحاول المرء ان يتزود مهماامكنه من الخير والقنوات الدينية , بحيث يكون همه منصباً على البحث عن كل عمل مرغوب او مندوب او مرجح من قبل الشريعة المقدسة ويعمل به طلباً ل ' تزكية النفس ' .
ولكن تردفي المقام مجموعة من الاسئلة .
هل تحصل التزكية بالعمل بجميع المستحبات وترك جميع المكروهات أم انها تحصل بالعمل ببعضها ؟ فاذا كان بجميعها فهل يعتبر العاجز عنتحصيلها وتوفيرها ناقص التزكية ؟ واذا كان ببعضها فمن يحدد انواع العبادات التي منها تحصل التزكية ؟
ثم هل التزكية متوقفة على الكم ام هي متوقفة على الكيف ؟
الجواب ..
ان الذي أمر العباد بالتزكية , لا شك ولا ريب قد وضع البرنامج والعناصر المؤدية لها , ولا شك في انه وضع المنهاج المناسب لتخطي حواجز الحياة المانعة عن تحصيلالتزكية او اتمامها . عليه لابد من الرجوع الى مصادر التشريع ليخبرونا طرق تحصيل التزكية , بدلاً عن الاعتماد على ' الاستحياء ' و ' التدبر ' فقط والاستقلال بهما عنمصادر التشريع المبارك .
مصدر التشريع سيجيب :
من المعلوم عند جميع المسلمين , وكما هو من المسلمات عندهم , بأن افضل الشهور عند الله هو شهر رمضان المبارك , بل وانايامه ولياليه وساعاته تعتبر من افضل أيام وليالي وساعات السنة . ' ايها الناس انه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة , والمغفرة , شهر هو عند الله أفضل الشهوروأيامه أفضل الايام , ولياليه أفضل الليالي , وساعاته أفضل الساعات .. ' .
وانطلاقاً من أفضلية كل الاوقات الرمضانية الالهية يتوجه المسلم الى تحصيل اكبر قدر ممكن منالعبادات , فتراه يتحين الفرص لتفطير الصائم , ويخرج في هذا الشهر من الصدقات اكثر مما يخرجه في مجموع شهور السنة , ويحرص على تلاوة القرأن وختمه لاكثر من مرة .
واذا كان مقصراً في بقية ايام سنته عن اداء الصلاة في وقتها , فانه يحرص على ادائها في وقتها ايام شهر رمضان المبارك , وفي هذا الشهر الشريف , يحرص على وصل ما قطع من الرحم ,واصلاحما فسد من حياته ,والصلح مع كل من خدشت علاقته معه , والمواظبة على اعادة العلاقة متينةوقوية مع مع السماء بقراءة الادعية , واحياء ليالي الشهر المبارك وخاصة ليالي العشرالاواخر منه .
أفضل الاعمال :
ولكن السؤال المهم الذي يرد في المقام ..
ما هو العمل الافضل من هذه الاعمال الرائعة الجيدة , بحيث لو أتى به الفرد المسلم فقد حصلعلى الجائزة بل الجوائز الالهية الممنوحة في يوم عيد الفطر ؟ قال علي (ع) : قلت يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر ( يعني رمضان ) ؟
فقال : يا أبا الحسن , أفضلالاعمال في هذا الشهر الورع عم محارم الله ... '.
فلاحظ كلمات الخاتم (ص) حيث لم يقل ان أفضل الاعمال التلاوة او مساعدة الفقراء او الصدقة او بناء البيوت , او كسوة الفقراء, او توزيع المؤونة عليهم , او أقامة ولائم الافطار , وامثال ذلك من الامور المستحبة الجميلة المحبوبة لدى الشارع المقدس , بل قال : افضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارمالله وبعبارة اخرى , ان الامور العبادية التي ذكرناها في معرض الحديث , وقلنا ان معظم المسلمين يتوجهون اليها في شهر الله المبارك , لم تكن سوى اموراً ايجابية , التي يندفعالمسلم والمؤمن لتحقيقها ,الا ان النبي الخاتم ( ص) ضرب على وتر الاعمال ' السلبية ' الذي مفاده ' الاجتناب ' و ' الارتداع ' و ' الترك ' و ' الابتعاد ' و ' الهروب منه ' .
*التزكية