النفس الأخير
الشيخ علي كاشف الغطاء
تتطلب مني أسرة صوت الوحدة أن أساهم في تحرير مجلتها الغراء وأن أنزل في ميدان العمللمحاربة الفوضى ومقارعة الرذيلة. والدعوة للوحدة الإسلامية بين صفوف المسلمين وما علموا أن الحوادث الزمنية والفتن الصماء التي لا زال الدهر يسددها نحوي والأيام تقدمهاإليّ قد أذهبت المعين إلى معدنه وحلق الطائر بها عن أوكره وأطفأت تلك الشعلة المتأججة وباتت النفس رمة هامدة وحثالة راكدة.
فقد قطعت شوطاً غير قليل من الحياةودخلت العقد الرابع من سنيها وقلبت أوجه الحياة ظهراً لبطن وسلكت الكثير من مسالكها فرأيت: ((والرائد لا يكذب أهله)) لأن أسكن الفلاة وأقبع في كسر بيتي و أتفيء أراكتيوأستدر معزتي وأنفذ فيها سويعات العمر وديمومة الأبد أهنأ لي من أن أرى هذه الحضارة الدامية البائسة تستغيث منها الإنسانية وتخور منها الرحمة البشرية أو أشاهد هذهالمدينة التي تسبح فيها فراعنة هذا الاجتماع ببحار من دماء الأبرياء وتكتفي بغابات من أعمدة المشانق ترفرف عليها النفوس الأبية لإشباع الشهوات البهيمية والأطماعالجهنمية أو أنظر إلى تلك الهياكل المجردة عن الفضيلة التي تتحلى بظاهرة النصيحة وتبطن غش السريرة وتبدي لطف المودة وتضمر سوء العذاب. قد تدرعت بجلباب الصلاح ذريعةللفساد وظهرت بمظهر التقوى للقضاء على أهل التقوى.
ألا وإن فشل المصلحون حاملي مشعل الرسالة الإلهية وهزيمتهم أمام الوحشية والهمجية وزجهم في السجون والأطماروتراجعهم أمام الحديد والنار التي تؤججها مواقد الأطماع وتلهبها كبرياء القسوة والاستئثار تقطع آخر سبب يغلي في هذه الحياة وآخر صلة تربطني بهذا الاجتماع.
وقدآنست من نفسي أن أشد سفينتي بمرفأ الفناء في الأحدية وأبرد غلتي من بحور الذات المطلقة وأكرع من رحيق الحكمة المحمدية وأهتدي بضوء شعاع اليقين وأكسر صولجان الأمانيوالمنى بصخرة الإيمان والتقوى فهناك وهناك يفلح المثقفون وتلكم السعادة التي يركض إليها الفائزون دون أن تسحرهم فواتن الحياة أو تستخفهم دنيا اللذات يتجه ركبهم نحوالرحمة المطلقة قد أمن الناس شرهم وشمل الخير محبطهم الجسوم آدمية والنفوس ملكوتية والأرواح لاهوتية وهم النعمة الصافية والماء العذب الزلال.
وأني لأرجو بجاهمن لذنا بجواره أمير المؤمنين أبو الحسنين(عليه السلام) أن تكون جمعيتكم هذه(جمعية الوحدة الإسلامية) فاتحة مستقبل مجيد يجمع به الشمل ويشد به الأزر فإن الأمة الإسلاميةكان لنتيجة تفكك عراها أن تعاني آلاماً ثقالاً وترزح تحت أعباء مرهقة قاسية وأنكم لجديرون وأنتم مسلمون أن تفتحوا آذانكم لسماع أنينها المتواصل وحسراتها المؤلمةالصارخة والله ولي التوفيق.
اسم المجلة: صوت الوحدة الإسلامية مكان الإصدار: النجفالأشرف
العدد:
الصفحة:9