الى فلسطين
الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء عرف الإمام الحجة المصلح الكبير الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء،بالرغم من كثرةمشاغله بالشؤون الدينية،وبالتأليف والتصنيف،والبحث والدرس،مع ضعف مزاجه - باهتمامه الجدي بأمر فلسطين،القطر العربي المنكوب،واغتنامه لكل فرصة مواتية للمساعدة؛كماوقد سبق لسماحته أن تجشم عناء السفر،وقصد فلسطين، لحضور(المؤتمر الإسلامي العام في سنة 1931ميلادي،وقد دوى صوته في ذلك المؤتمر العظيم،واستمعت الدنيا لأقواله ولآياتهالبينات،ونشرت له مختلف الصحف في مختلف الأقطار عدة أحاديث وخطب حول موضوع فلسطين الدامي كما عرفه الناس في أنحاء المعمورة.وقد طلب منه مندوب بعض الصحف الخارجية كلمةفـألقى علينا هذه الكلمة التي ننشرها فيما يلي:
(الغري)
على محنة هذه البلاد المقدسة وظهور البذرة الخبيثة اليهودية فيها وسوء نوايا الصهيونية لها. (مضى) نعم، مضى لهذه المحن والرزايا المتتابعة على تلك البلاد اكثر من نصف قرن وما زالت تلك البذرة بنشاط الغارسين لها تنمو وتنتشر وتتقدم وتتضخم حتى أصبحت تلكالشرذمة الضئيلة والفئة القليلة مرهوبة الجانب حتى للدول المعظمة ذات الحول والطول ذاك حين وجدوا لهم نشاطاً باهراً وأعمالاً جبارة.ونهضة قومية قوية.وتضحياتدامية،ووحدة محكمة الأمراس منيعة الباس. ومعلوم ان القوة في هذا العصر بل وفي كل عصر هي الكل في الكل.وليس الحق والعدل والانصاف في عرف هذه الدول المسيطرة اليوم علىالعالم إلاّ ألفاظاً جوفاء وكلمات فارغة ـ إذا انفصلت عن القوة وبهذا ومن هنا صارت الدول الكبرى التي تزعم أنها دخلت الحرب وفادت بالملايين من نفوسها وأموالها لنشرالعدل وصيانة الحريات تجنح اليها وتصارح بالفاضح من إغرائها وتشجيعها ضاربة بالحجج والبراهين على ظلم اليهود عرض الجدار وقد صمّت مسامعها عن صيحة العدل وصرخة الحق بانالقوم لا علاقة لهم بفلسطين ولا حق لهم أصلاً لا من جهة دينية ولا تاريخبة ولا قومية ولا من أي ناحية من النواحي ولكن محق فيها كل ذلك إن القوة في كفة اليهود.
أماالعرب التي تنصب لها هذه الاشراك وتنصب عليها شآبيب تلك المصائب،فماذا صنعت في هذه المدة الطويلة،وأي عمل جدي بارز قامت به الاقطار العربية ودولها وحكوماتها لعربفلسطين المجاهدين الذين شنقت رجالهم وسبيت عيالهم واسرت أطفالهم.أين الجمعيات أين التشكيلات أين التضحيات ؟ليت العرب يعملون عشر ما تعمل اليهود في هذا السبيل بل ولاواحد من مائة.ماذا أنتجت (جامعة الدول العربية) من نتائج حسية وأعمال جدية.
نعم سمعنا ولا نزال نسمع ونرى في الصحف لأرباب الأقلام عجيجاً وضجيجاً وما شئت من خطبومقالات وأدلة واحتجاجات ولكن لا تتجاوز أوراق الصحف والجرائد فهم يقاتلونا بالأموال والأعمال ونحن نقاتلهم بالألفاظ والأقوال، يقاتلونا بالسلاح ونقاتلهم بالصياح،والله سبحانه يقول واعدوا لهم ما استطعتم من قوة وابن اوس يقول بيض الصفائح لاسود الصحائف.
ولو ان كل وزير أو نائب أو كاتب يرسل عوض مقالته أو احتجاجه عشرة رجال أومقداراً من المال لمساعدة فلسطين لكان أنفع في القضية من ألف مقالة، أفهل بهذا ومثله يرجى النجاح وتحفظ الأوطان ويدفع العدو.
فيا أيها العرب يا أيها المسلمون:
ان فلسطين ليست لسكانها فقط بل لعامة العرب وهي قلب البلاد العربية فاذا اعتل القلب أو عطب(لا سمح الله) فما حال بقية الأعضاء ثم هي ودائع الله عندكم. وتراثأسلافكم.فلا تجعلوها أندلساً ثانية وتذكروا قول شاعرهم:
حثوا رواحلكم يا اهل أندلس
من جاور الشر لايأمن عواقبه
العقد ينثر من أوساطه وأرى
عقد الجزيرة منثوراً من الوسط
ليس المقام بها إلا من الغلط
كيف الحياة مع الحيّات في سفط
عقد الجزيرة منثوراً من الوسط
عقد الجزيرة منثوراً من الوسط
اسم المجلة:الغري مكان الاصدار:النجف الاشرف
العدد:3 تاريخ الاصدار:8ذي الحجة 1364هـ
الصفحة:1 سنة المجلة:السنة السابعة