آثار الدعاء فی حیاة الإنسان نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آثار الدعاء فی حیاة الإنسان - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

آثار الدعاء في حياة الإنسان

آثار الدعاء في حياة الإنسان


الدعاء تعبير طبيعي عن احساس نفسي وشعور حي لدى الإنسان، الذي يدرك وجود حقيقتين فيحياته: الله، والإنسان، ويدرك النسبة الحقيقية بين الوجودين:

وجود الله الذي هو مصدر الغنى والكمال والإفاضة في هذا العالم .

ووجود الإنسان الذي هو وعاء الفقروالحاجة والمسكنة، المتقوّم بالإفاضة والعطاء المستمر .

فهذا التصوّر للعلاقة الحقيقية بين الوجودين، وجود إلهي، هو المبدأ والمصدر في إيجاد الإنسان ، وإفاضة الخيروالرحمة والبقاء عليه، ووجود إنساني صادر عن ذلك المبدأ، ومتعلّق به، ومتوقّف عليه، ومتوجّه نحوه دوماً لطلب الافاضات والكمالات، التي تسدّ نقص الوجود الإنساني، وتغنيفقره وحاجته في كل شيء، في استمرار بقائه، في استقامة حياته، في رقيّه وتكامله، في اصلاح نفسه ومدّه بحاجاته، في إعانته على مشاكله ومصاعبه، في إنقاذه وخلاصه، فانّ هذاالتصوّر هو الذي يفرض هذه العلاقة، وينتج هذا الشعور الذي يقود إلى توجّه النفس البشرية إلى مبدئها الذي يهبها ويمنحها ما يوفر لها كمالها، ويحفظ وجودها، ويسدّ فقرها .

ولا يتوقف الإحساس بالحاجة والشعور بالحيرة والرغبة في التوجّه إلى قوّة تساعد الإنسان على الانقاذ والخلاص، على المؤمن وحده، بل هو إحساس بشري عام، يستوي فيهالمؤمن بالله والكافر به، إلاّ أنّ الناس ليسوا سواء في تفسير هذا الإحساس، وتوجيه الشعور وجهته الفطرية، رغم احساس الجميع به، وشعورهم بضغطه، فما من إنسان إلاّ وينتابهالعجز، والحيرة، ويشعر بالضيق، ويحس بالحاجة إلى قوّة تسعفه، وتنقذه من محنته وحيرته، وتقطع يأسه وشعوره بالعجز والضياع في هذا العالم .

وعند هذا الحد، من الإحساسالمشترك بين أفراد النوع الإنساني، يبدأ الافتراق بين المؤمن بالله والكافر به .

فالمؤمن يعرف مصدر توجّهه، ومبدأ حياته، وهو الله سبحانه، فيتوجّه إليه بروح مؤمنة،مملوءة بالامل والثقة والرجاء، في حين يظلّ نقيضه الكافر بالله، يعيش حالة من الحيرة والضياع، والبحث غير المجدي، وهو يعيش الإحساس ذاته، ولكن لا يدري إلى أين يتوجّه،لا يعرف الجهة التي تبث هذا الإحساس والألم، ولا يستطيع اكتشاف الرحمة والحنان، الذي يغمر عوالم الوجود، ويتّسع للتجارب مع هذا الإحساس، لذلك فهو يحمل هذا الإحساس بينجنبيه وخزات تباعد بينه وبين الاستقرار والطمأنينة، ويأساً يسد أمامه منافذ الرجاء والخلاص، رغم كل القدرات المادية المتوفرة لديه، ورغم ظنه انه مستغن عن الله، مكتفبما عنده هو .

فهو يظلّ يعيش حاجة التوجّه واللّجوء إلى الله، رغم جهله به، واستكباره وغروره الذي قاده إلى جحيم اليأس والمعاناة، فثغرة الإحساس بالحاجة، وتوجّهالنفس الفطري في هذه الحالة نحو جهة الغنى والإفاضة، يشكّل قانوناً طبيعياً لحركة النفس، وكيفية تصرفها في لحظات الضيق والشدَّة .

ولو أُخذ الدعاء ـ العبادة التي تصلالإنسان بالله ـ ودُرِسَ دراسة تحليلية واعية، لاستقصاء أغراضه، واستكشاف مردوداته النفسية والاجتماعية، والوقوف على آثاره التغييرية والتكاملية في النفس البشرية،لما ترك الدعاء مؤمنٌ بالله، ولما أورد ملحد شبهة عليه .

فالنفس البشرية ذات الأبعاد المختلفة والأعماق والأغوار المعقّدة الغامضة، لا يمكن ملؤها بالحاجات الماديةوحدها، مهما يغالي الإنسان في الإشباع المادي، ويتمادى في توفير الحاجات والمطالب الحسيَّة .

والإنسان بطبيعة تكوينه، وحقيقة وجوده، يتعرّض في حياته لمشاكل،ونكبات، وآلام، وإحساس بالخيبة، وقصور عن الأهداف .

فليس كل شيء في هذه الحياة يتحقق للإنسان كما يريد، ولا كل شيء يجري وفق مشيئته، وبذا تبقى الحاجة قائمة، والرغبةغير مشبعة، والشعور بالحاجة متعاظماً في نفس الإنسان، والتوتر مستمراً بين ذاته، وبين الواقع المحيط به .

وتلك حكمة الله الخبير في الخلق، جعل كل ذلك، لئلا يشعرالإنسان بالاستغناء والطغيان، وليبقى مرتبطاً بخالقه، متوجّهاً إليه، ساعياً نحو الكمال، لاحساسه العميق بوجود الهّوة بينه وبين هذا الكمال المنشود، لان الشعوربالاستغناء موت وانتحار لكل قوى الإنسان ، وسبب في الطغيان والعدوان والتباعد عن الحق والخير:

(كلاَّ إنَّ الإنسان لَيَطغى * أن رَآهُ استَغْنى) .(العلق/ 6 ـ 7)

لانللحاجات، وللآلام والشدائد التي يمرّ بها الإنسان ، من ضعف وفشل في الحياة، ومرض، وقصور عن بلوغ الغايات، آثاراً تكاملية، ومردودات إصلاحية على النفس البشرية، تساعدالإنسان على اكتشاف ذاته، ومعرفة قانون الاتزان، وتشخيص الحدّ الطبيعي الذي يجب أن يلتزم به في نظرته إلى الأمور وتقويمها، وفي سلوكه مع الآخرين، وموقفه منهم .

لذاجُعِلَ الدعاء في الإسلام وسيلة لربط الإنسان بالله، والتوجّه إليه، والاعتراف بين يديه بالذنوب والجرائم، وإظهار حاجة الإنسان وفقره، وضراعته، ورغبته في اصلاح نفسه،وإنعاش حياته، لكسر كبرياء الإنسان، وتعريفه بحقيقة ذاته، وإشعاره بضعفه، وبحاجته إلى خالقه في الخلق والإيجاد والإمداد بضرورات البقاء، ليبني ضمن هذه النظرة مفهومهعن الإنسانية جميعها، وليضع نفسه ضمن هذا المفهوم، فيعي وجوده، وعلاقاته، وقيمته، من خلال هذا التوجّه والارتباط بالله، بعيدا عن الكبرياء والطغيان والعدوان .

لذانشاهد انسحاب هذا الأثر الإيماني على سلوك الإنسان المؤمن ظاهراً وواضحاً، فهو إذا أحسّ بالحاجة لجأ إلى الله، واثقاً بحسن إجابته، وإذا أساء واقترف السيئات، لجأ إلىالله يدعوه ويستغفره، ويعترف أمامه بذنوبه، ليريح نفسه، ويفرغ وجدانه من الألم وعذاب الضمير، فيجدد العهد على الاستقامة ويبدأ السير على هدى الله، وتحت ظلال عفوهورحمته، فهو بهذه المصارحة، وبث الشكوى والأحزان بين يدي الله ينقذ نفسه من الكبت والآلام التي لا يمكنه الإباحة بها إلى أحد غير الله، فيتعرّض للفضيحة والانكشاف الذييخشاه ويخافه .

لذا فهو يفرغها بالبراءة والاستقالة منها، وبالاعتراف بها .

وكم يكون هذا الإنسان سعيداً عندما يقف بين يدي الله العظيم، وهو يحسّ بكل دوافعالإحساس الصادق، أن الله يغفر له ذنبه، ويقبل توبته، وأن طريق العودة مفتوح أمامه، وأن الذي يسأله العطاء والعون هو القادر على تلبية طلبه، ومساعدته على الخلاص من محنتهوشدّته، فتعود إلى نفسه الطمأنينة، ويحلّ الرجاء والرضى، بدل اليأس والسخط والقنوط .

والإنسان بدعائه ووقوفه بين يدي الله، يعاهده على الصدق في الاستقامة،والالتزام بالسلوك الخيّر، والإقلاع عن الجرائم والآثام، فهو بهذه الوقفة التي تكون فيها النفس في حالة صحو وجداني، واستعداد للتلقّي والقبول الايحائي الخيّر الذييردّده بعبارات الدعاء، إنما يشهد على نفسه، ويحاول الانسحاب من عبثيته، وإعادة تنظيم ذاته، وبناء شخصيته، بالعمل على ردّها عن طغيانها، وصدّ خروجها عن الحدّ الطبيعيالذي تبتلى به .

وبذلك يعمل على حذف التعدّي والطغيان، ويتجه نحو طلب الكمال والاستقامة، والسعي تجاه السمو الأخلاقي، الذي يستوحيه من فيوضات الخير والكمال الإلهي .

فيحقق بهذا الاتجاه الذي يصدر عن رغبة، وتوجّه صادق، اتزان القوى النفسية، وتنظيم سير حركتها .

وإذا شئنا أن نقف على نموذج من المناجاة التي تسري بالنفس الإنسانيةفي مسارب النور والكمال، فلنقرأ هذا الدعاء للامام علي بن الحسين السجّاد(عليه السلام) وهو يناجي ربّه كأفضل ما يكون المناجي في الوعي والمعرفة والاقبال:

(اللّهمّصلِّ على محمّد وآل محمّد، وبلّغْ بإيماني أكمل الايمان، واجعلْ يقيني أفضل اليقين، وانتهِ بنيّتي إلى أحسن النيّات، وبعملي إلى أحسن الاعمال .

اللّهمّ وفّر بلطفكنيّتي، وصحّح بما عندك يقيني، واستصلح بقدرتك ما فسد منّي .

اللّهمّ صلِّ على محمد وآله، واكفني ما يشغلني الاهتمام به، واستعملني بما تسألني غداً عنه، واستفرغ أياميفيما خلقتني له، واغنني واوسع عَليّ في رزقك، ولا تفتنّي بالنظر، وأعزّني ولا تبتلني بالكبَر، وعبِّدني لك، ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجْرِ للناس على يديَّ الخير، ولاتمحقه بالمنِّ، وهبْ لي معالي الاخلاق، واعصمني من الفخر .

اللّهمّ صلِّ على محمّد وآله، ولا ترفعني في الناس درجة إلاّ حططتني عند نفسي مثلها، ولا تُحدِث لي عزّاًظاهراً إلاّ أحدثتَ لي ذلّة باطنة عند نفسي بقدرها .

اللّهمّ صلِّ على محمد وآل محمد، ومتّعني بهدىً صالح لا أستبدل به، وطريقة حقّ لا أزيغ عنها، ونيّة رشد لا أشُكفيها، وعمِّرني ما كان عمري بذلة في طاعتك، فاذا كان عمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك، قبل أن يسبق مقتُك إليَّ، أو يستحكم غَضَبُكَ عَليَّ .

اللّهمّ لا تدع خصلةًتُعابُ منّي إلاّ أصلحتها، ولا عائِبَةً أُؤَنَّبُ بها إلاّ حسَّنْتَها، ولا اكرومةً فيَّ ناقِصَة إلاّ أتممتَها .

اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وابدلني منبغضة أهل الشنآن المحبّة، ومن حسد أهل البغي المودّة، ومن ظنّة أهل الصلاح الثقة، ومن عداوة الادنين الولاية، ومن عقوق ذوي الارحام المبرة، ومن خذلان الاقربين النصرة،ومن حبّ المدارين تصحيح المقة، ومن ردّ الملابسين كرم العشرة، ومن مرارة خوف الظالمين حلاوة الامنة .

اللّهمّ صلِّ على محّمد وآله، واجعَل لي يَداً على من ظلمني،ولساناً على من خاصمني، وظفراً بمن عاندَني، وهب لي مكراً على من كايدني، وقدرةً على من اضطهدني، وتكذيباً لِمَن قصبني، وسلامةً مِمَّن تَوعَّدني، ووفّقني لطاعةِ مَنسَدَّدني، ومتابعة مَن أرشدني .

اللَّهمّ صلّ على محّمد وآله، وسددني لان أعارض من غَشَّني بالنصح، واجزي من هجرني بالبر، وأثيب من حرمني بالبذل، واكافي من قطعنيبالصلة، واُخالف من اغتابني إلى حسن الذكر، وأن اشكر الحسنة، واغضي عن السيئة .

اللّهمّ صلّ على محّمد وآله، وحلِّني بحلية الصالحين، وألبسني زينة المتّقين، في بسطالعدل، وكظم الغيظ، وإطفاء النائرة، وضمّ أهل الفرقة، وإصلاح ذات البين، وإفشاء العارفة، وستر العائبة، ولين العريكة، وخفض الجناح، وحسن السيرة، وسكون الريح، وطيبالمخالقة، والسبق إلى الفضيلة، وإيثار التفضّل، وترك التعيير، والافضال على غير المستحق، والقول بالحق وإن عزّ، واستقلال الخير وإن كثر، من قولي وفعلي، واستكثار الشرّوإن قلّ من قولي وفعلي، وأكمل ذلك لي بدوام الطاعة، ولزوم الجماعة، ورفض أهل البدع، ومستعملي الرأي المخترع .

اللّهمّ اجعل ما يلقي الشيطان في رَوعِي من التمَنّي،والتظنّي والحَسد، ذكراً لعظمتك، وتفكّراً في قدرتك، وتدبيراً على عدوّك، وما أجرى على لساني من لفظة فحش، أو هجر، أو شتم عرض، أو شهادة باطل، أو اغتياب مؤمن غائب، أوسبّ حاضر، وما أشبه ذلك، نطقاً بالحمد لك، وإغراقاً بالثناء عليك، وذهاباً في تمجيدك، وشكراً لنعمتك، واعترافاً باحسانك، وإحصاءً لمننك)(1) .

فمثل هذه العباراتوالالفاظ يكرّرها الداعي وهو مستغرق في الاخلاص، مستوعب في التوجّه إلى الله سبحانه، متفاعل مع هذه الافكار والمفاهيم التي يرددها بوعي وانشداد لها، يرددها فتثمر في

أعماقه إيحاءاتها، وتنمو في ضميره معانيها وملقياتها، يردّدها وهو واقع تحت تأثير هذا الجوّ الروحي، البعيد عن كل ممارسات الحياة التي قارف بها المعاصي، أو أوقع فيظلّها دنس الآثام، فتكون تلك الصورة الاخلاقية التي يرسمها بوعيه وروحه من خلال المناجاة والاشواق الروحية والاخلاقية التي تعتلج في نفسه لحظة المثول بين يدي الخالقالعظيم، تكون تلك الصورة، أو الصيغة الإنسانية المثلى هي غايته التي يرجو الوصول إليها، وأهدافه التي يروّض نفسه على الالتزام بها .

لذا فانّ الدعاء يفقد معناه عندماتتحول المناجاة إلى عبارات ميّتة جوفاء، وصيغ خاوية مفرغة من صدق الإحساس، ووعي الانفعال، وصفاء التأمل، بعيدة عن الاخلاص والالتزام بما يدعو الإنسان بالتوفيق إليه .

وللدعاء بعد ذلك دوره الفعال في تنمية مشاعر الحب، وإخصاب روح الإحساس بجمال الخير، الذي لا يستغني الإنسان عنه في حياته، لان الجوّ العبادي والبث الروحي الذي يخلقهالدعاء يساهم في بناء أخطر جوانب النفس الإنسانية، وأكثرها أثراً في حياة الإنسان ، وهو الجانب الذي يفيض اشباعه على النفس الإنسانية أحاسيس الرضى والشعور بالمتعةوالنشوة الروحية .

فالدعاء سانحة روحية يستقبل فيها الإنسان عبقات الحب والإحساس بالجمال الإلهي الذي يستشعره الداعي بانفتاح الروح، وامتداد آفاق الوعي، وتمحّضصفاء النفس، ليعانق المؤمن أسعد لحظات الاستمتاع الروحي، والشعور بالسعادة التي مابرح غيره يبحث عنها في وسائل الاشباع المادي وأساليب التعبير المنحرف، كالرقص والغناءووسائل الطرب، وغيرها من الادوات الإنسانية التي تستعملها الحضارة الجاهلية في التعبير عن أحاسيس الإنسان وأشواقه الجمالية وتوجهاته النفسية والعاطفية . هذه الادواتالتي تسلك بالنفس الإنسانية طريق الانتكاس والانقلاب الغائي الذي يشوه جمال الروح ويذيب مشاعر الاستقرار والطمأنينة بتأليب محفّزات الغريزة، وتحريك الانفعال الغريزيالاعمى، فالانتهاء إلى حالة من التوتر والاضطراب النفسي والعصبي لدى الإنسان .

وتشكل هذه المحاولات البائسة التي تتشبّث بها الحضارة المادية إحدى المحاولات التيتستهدف ملء فراغات الحس الجمالي، والحب الروحي في النفس البشرية التي ما زالت حاجة بلا إشباع، وتوجهاً بلا تحديد هدف .

ومن يتأمل في نصوص الادعية الواردة على لسانالانبياء في القرآن الكريم، وفي المأثور من دعاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، يستشعر أهمية الدعاء وقيمته الفكرية والروحية والنفسية التيتأخذ طريقها في حياة الإنسان ، لتنصب سلوكاً ومواقف إنسانية في محيط الفرد والجماعة البشرية .

وبالتأمل في المأثور عن أهل البيت (عليهم السلام)، بما بين أيدينا منأدعية ومناجاة ندرك أنّ هذه المدرسة الإسلامية اتخذت طابعاً خاصاً في الدعاء والمناجاة فصارت منهجاً للاخلاق والعقيدة والمفاهيم والسلوك .

وباستقراء وتحليل ما وردعنهم من أدعية ومناجاة نستطيع أن نكتشف البعد الفكري والهدف التربوي والمعاني الفكرية والتربوية الآتية:

اولاً: التعريف بالعقيدة، وعرض مفاهيمها، وتركيز مبادئها فيالنفوس، كالتوكل، والشكر والتقديس، والتعريف بالله تعالى، وبصفاته، وعظمته، ومحاولة شدّ المسلم بكل وجوده واتجاهه إلى الله سبحانه .

ثانياً: تربية الضمير، وذلكبتنمية الإحساس بالخطأ، والاعتراف بالذنب، مع توفير جَوّ يُشْعِر بالراحة

والتخلص من التبعات، بالاستغفار والضراعة إلى الله، وطلب الاستقامة والتسديد منه تعالى .

ثالثاً: تربية الاخلاق، وتقويم السلوك وتنمية مشاعر الحب والخير في النفس الإنسانية .

وهكذا نشاهد أصالة الروح الإسلامية ونقاءها تبرز واضحة في أدعية أهل البيت(عليهم السلام) ومناجاتهم الكثيرة، التي فاضت بها كتب الادعية والمناجاة المأثورة عنهم، وهي ترسم صورة وعيهم، وعمق فهمهم للاسلام، فكان دعاؤهم (عليهم السلام) رشحاتنفوسهم، وإشعاع وعيهم، وعطاء ذواتهم .

وكان دعاؤهم (عليهم السلام) ثروة فكرية وروحية بين يدي الاجيال المسلمة، ودعوة أخلاقية وتربوية رائعة تستهدف بناء الشخصيةالمسلمة، وتتوخّى شرح فكرة الايمان، بنقائها وأصالتها القرآنية السليمة .

/ 1