إجابة العلامة الشیخ محمد رضا کاشف الغطء علی أسئلة تاریخیة علمیة (1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إجابة العلامة الشیخ محمد رضا کاشف الغطء علی أسئلة تاریخیة علمیة (1) - نسخه متنی

موسسه کاشف الغطاء

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إجابة العلامة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء

على أسئلة تاريخية علمية

-الجزء الأول -

بسم الله الرحمن الرحيم

1- بماذا نستدل على أن الخلافة -الامامة- محصورة بأولاد علي ابن ابي طالب (عليه السلام) من أولاد الزهراء (عليها السلام) دون غيرهم؟!.

2- لماذا أدعى محمد بن الحنفية الإمامة بعد الحسين (عليه السلام) هل عارضه السجاد ونفى عنه ادعائه، بماذا نثبت ذلك؟!.

3- لو سلمنا للذين قالوا بإمامة ابن الحنفيةفلماذا أوصى أبنه أبا هاشم في إن الإمامة ستصير بعده لأبناء العباس بن عبد المطّلب، وذلك عملاً بوصية أبيه عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبالفعل لما أتته منيتهوهو بالحميمة أعطى صك الوصية -كما يقولون- لمحمد بن علي، ثم لا أدري لماذا أخرجها من بيته إلى غيرهم-الامامة-؟!.

هل الخلافة محصورة بأولاد علي؟

تسأل بماذانستدل على أن الخلافة -الإمامة- محصورة بأولاد علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أولاد الزهراء (عليها السلام) دون غيرهم.

فأقول إن هذه المسألة مبنية على الرأيينالمعروفين في استحقاق الخلافة والإمامة وهل هي (منصب إلهي) ووظيفة سماوية وداخلة في جملة ما أوحى به الله تعالى لنبيه ولا شأن للأمة فيها؛ أو هي (مفوضة الأمة) ومن حقوقهاالتي أنفذها الله لها وراجعة إلى أختيارها فأرباب الرأي الأول يتبعون في تسلسل الإمامة والخلافة ما يؤثر عندهم من النصوص التي صحّت روايتها لديهم ولا يكون الإمام عندهمإماماً مفترض الطاعة من الله ما لم ينص على خلافته من سبقه بالإمامة -الخلافة- ويبتدئ النص من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على علي (عليه السلام) وينتهي بنص الإمامالحادي عشر على إمامة الثاني عشر من أولاد علي والزهراء (عليهما السلام) والروايات من طرق أرباب هذا الرأي متظافرة وكتبهم مملوءة إلى حواشيها بها.

أما الأدلةوالحجج التي تركن إليهما الفئتان فيمكنك الوقوف عليها في كتب الاحتجاج وهي أهم مسألة أمتحنت بها الوحدة الإسلامية وقد خفف الوطأة فيها نوعاً ما، تنازل الحسن بن علي(عليهما السلام) عن السلطة الزمنية لمعاوية وجرى على ذلك من بعده من الأئمة الاثني عشر حرصاً منهم (عليهم السلام) على سلامة كيان الدولة الإسلامية وكان أول تصريح ملوكيبفصل السلطة الزمنية عن السلطة الدينية في تاريخ الإسلام هو الخطاب الذي فاه به معاوية في نقض الشروط التي اشترطها الحسن (عليه السلام) عليه، ولم يكن قتال الحسين (عليهالسلام) في كربلاء من قبل المطالبة بالعرش، بل إنما أراد به الدفاع والخلاص من عادية تلك السلطة غير المشروعة وأن يظهر للملأ بتركه للبيعة، إن تلك السلطنة ليست هيالخلافة الدينية المفترضة طاعتها من الله تعالى، وهكذا أتبع الأئمة الاثنى عشر خطة الإنعزال السياسي والإنصراف إلى تأدية الرسالة التي كلفهم الله بها، ولكنها في ذاتالوقت يرون إن حقهم مهتضم وإن تلك السلطة غير مشروعة لأولئك الأشخاص الذي اغتصبوها ومع ذلك وبأعتبار أنها الدولة الإسلامية والحكومة المحمدية ما زالوا يؤيدونها ويدعونلثغورها -انظر دعاء الثغور في الصحيفة السجادية- ويأمرون اتباعهم بدفع الخراج الإسلامي إلى جبائه وأدائها إلى مراجعه، ولا ينافي ذلك أنهم يحرمون الرجوع إلى أوليائها فيكل شأن ديني وحكم إلهي.

دعوى ابن الحنفية الإمامة

وسألت لماذا أدعى محمد بن الحنفية الإمامة بعد الحسين؟، وهل عارضه السجاد ونفى عنه ادعاءه، بماذا نثبتذلك؟!.

لقد كانت الإمامة بمعناها الديني الذي يعتقده من يقولون بأنها لا تنال إلاَّ بالنص أي أن الإمام هو الحجة الإلهية بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)والحافظ لعهده والمبلّغ لرسالته والواسطة بين الخالق وخلقه وأمينه في أرضه إلى الحسين (سلام الله عليه) بنص من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ظاهر جلي معروف عندارباب هذا الرأي، ومنهم محمد بن الحنفية وإن تأكد ذلك بنص علي (عليه السلام) على ابنه الحسن (عليه السلام)، ونص الحسن على أخيه الحسين (عليه السلام) واظهارهما لوصية رسولالله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك كحكم شرعي يجب عليهما إظهاره، فلم يكن نص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على علي (عليه السلام) يخفى على محمد ابن الحنفية ولاقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق الحسنين (عليهما السلام): (هذان ولداي أمامان قاما أو قعدا)، لم يطرق سمعه وقد مضى مع اخويه على ما فرض الله عليه وعلى غيره من اتباع مننص على امامته، وإلى الحسين أنقطع النص النبوي الجلي على الإمامة، ولم يكن محمد في كربلاء عند شهادة الحسين ليعلم بنصه على ابن أخيه السجاد وحسب أنه هو المنصوص عليهبالإمامة لكبر سنه ولأنه أحق بميراث علي أبيه من أبن أخيه، وليس هو بمعصوم لا يجوز عليه الخطأ كما أنه لا ينكر إن الإمامة بالنص، ولكنه تخيل أن النص مسوّق إليه ومن الجائزأن يشتبه على الشيعي النص كما اشتبهت الشيعة في المنصوص عليه بالإمامة، وهذا هو سبب ادعائه الإمامة، ولقد عارضه السجاد (عيه السلام) معارضة ارشاد وهداية والمعارضةمأثورة من طرق الشيعة وفيها عدة روايات وقد جاء في كامل المبرد ما يأتي: (قال ابو خالد الكابلي لمحمد بن الحنفية: أتخاطب أبن أخيك بما لا يخاطبك بمثله، فقال: أنه حاكمني إلىالحجر الأسود وزعم أن ينطقه فصرت معه إلى الحجر الأسود فسمعت الحجر يقول سلم الأمر إلى ابن أخيك فأنه أحق به منك فصار أبو خالد أماميا)، والظاهر إن هذه القضية بعد أن تبصرمحمد أبن الحنفية، وقد رويت بكيفيات مختلفة ولكنها متحدة بالفذلكة والخلاصة، وظني أن السجاد أراد أن يباهل عمه ويوقفه أقدس موضع اسلامي يتحتم فيه على من خالطته العقيدةالإسلامية أن يتجرد من كل الاهواء والعصبية ويحضره لدى أعظم مظهر من مظاهر العظمة السماوية بحيث تلجمه تلك الرهبة أن يقترف أي ذنب من الذنوب أو يتلوث بأي ادعاء باطلويكون الإنسان في ذلك الموقف مندفعاً بروح جبارة إلهية للأفصاح بكل ما يخالج ضميره منزهاً لسانه عن كل كذبة وفرية، وجوارحه عن كل جريمة ومعصية خشية أن يسخطه الله بعذابهويعجل عليه بأنتقامه فلا السجاد ولا محمد يستطيعان أن يوجبا لأنفسهما ما ليس لهما ولا هو من حقهما وهنالك بروح غيبية وبنفث سماوي تطامن محمد للحق ولم يستطع أن يدعي ما ليسهو على يقين منه من هذا الأمر العظيم والكبيرة الموبقة وهذا معنى نطق الحجر الأسود الذي تكررت روايته وإن كنا نعتقد إن الامام المعصوم يستطيع اثبات المعجزة في كل آن تنحصرالهداية العامة بها، وربما كان النزاع بينهما صورياً وكان محمد على يقين من العقيدة الحقة، ولكن أراد بهذا النزاع أن يظهر للملأ صحة إمامة السجاد (عليه السلام) متى حجه فيخصامه وخشى أن تفتنن به طائفة من الشيعة فتظل عن الهدى ولهذا دأب على التصريح بالتنازل، وعلى هذا حمل نزاع العباس مع علي (عليه السلام) في الخلافة.

وصية ابنالحنفية لولده

والسؤال الثالث لو سلمنا للذين قالوا بإمامة ابن الحنفية فلماذا أوصى أبنه أبا هاشم في أن الإمامة ستصير بعده لأبناء العباس بن عبد المطلب وذلكعملاً بوصية أبيه عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) وبالفعل لما أتته منيته وهو بالحميمة أعطى صك الوصية -كما يقولون- لمحمد بن علي ثم لا أدري لماذا أخرجها من بيته إلىغيرهم -الامامة-؟!.

يقول علماء البيان: (تقارب المخرج يوجب التنافر) وهذه القاعدة البيانية أجدها دائمة الانطباق في حياة الأسرة والآل وفي صلاة ابنائها وتفككروابط الدم ما بينهم بل قد تكون هي السبب الوحيد في تلاشي الأسر واضمحلالها فكلما تقاربت المخارج في الارحام بين الاقارب أزداد تنافرهم وشنآن بعضهم على بعضاً وكم تنحللنا بالتمشي على ضوء هذه القاعدة الطبيعية في الأقارب مشاكل في التاريخ غامضة إذا كان الحال مشتبهاً على ابن الحنفية نفسه بادئ الأمر وكان هو يحسب أنها له فلابد وأن يكونالأمر مشتبهاً على كثير غيره ممن يرتبط معه بصلة ويلتف حوله ولم يكن عارياً من صفات ومزايا تؤهله لذلك المقام -الامامة- في نظر كثير من الجماهير ولولا جهاد الحسين (عليهالسلام) وشهادته وما أوجبته من العطف العام على ولده وعائلته لأستفحل أمر الكيسانية وظهر أمرها وأمامها محمد بن أمير المؤمنين (عليه السلام) والمكنى بأبي القاسم، وقدكناه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك ولولا ذلك لما جاز أن يجمع له بين اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنيته وربما كان تنازله لأبن أخيه عن الإمامة من آثار ردفعل قوي (لشهادة الحسين وقتله ظلما وسبي ذراريه) في شيوخ المدينة ورجالها فلم يستطع ابن الحنفية أن يصطدم بذلك الرد الفعل القوي وشلت دعايته من هذه الجهة فقد كانت فيهاروح تمش مع عدوان الأمويين وقد سخط عليهم الناس وحرقوا لهم الامر فأضمر الأمر اتباعه والحاشية وعدوا تنازله من قبيل المجاملة وواجب المعروف، ولكن بطول الزمن فترت درجةحرارة ذلك الحماس وعظم على ابناء ابن الحنفية وهم كثيرون، -فقد روي أنهم بلغوا الخمسة وعشرين- عظمة البيت الحسيني وانعطاف الشيعة على السجاد وما اغدقوا عليه من الأموالالطائلة وكان لبعد المواصلات أثر بليغ في استحكام الشبه وعدم انجلاء الحقيقة بصورة سريعة قبل أن تعشعش العقيدة وتتخذ لها مستوطناً ومستقر وتبنى عليها بعض المصالحالحيوية في محيطها.

لقد ثقل على آل أبن الحنفية ذلك وتطلّعت دخائلهم على طول العهد ومرور السنين على مأساة كربلاء ولقد كان يتحتم عليهم الاصرار بعقيدتهم من جهتينمن جهة الأموية الفتاكة وهذه واقعة كربلاء ملؤ المسامع والأبصار من جهة الشيعة الذين يستفظعون مزاحمتهم للسجاد (عليه السلام) وتعصب جمهورهم له فان التكتم في العقيدةشعارهم، وقد ارشدتنا التجارب في تاريخ العقائد والأديان إن العقيدة إذا نشأت في ظروف سرية لابد وأن تندمج فيها عقائد باطنية وتتكون فيها خيالات سرية ومن ذلك تكونت فيالعقيدة الكيسانية إن أبن الحنفية تغيب وأنه مقيم بجبل رضوى وغير ذلك من العقائد.

وقد روّج الانتماء إلى العقيدة الكيسانية من جهة انعزال السجاد عن السياسةوانقطاعه عنها بالكلية وانصرافه إلى الناحية الدينية المحضة المجردة ولم يكن الحنفيون تروقهم هذه الخطة ولا يفوتون الفرصة على الأمويين لو أمكنت ولا يقاطعون من يقوم فيوجه العرش الأموي بحجة طلب الثأر منهم للعلويين فكانت العصابات الشيعية تجد فيهم الكفؤ للدعوة والراغب غير الزاهد فيها والمستعد للنهوض بأعبائها فكانت النفوس الثائرةتتصل بهم وهم في سرهم يقومون بأعمال هدامة في تأجيج نار الثورة ومن تلك النفوس الثائرة (المختار) الذي قام بدعوتهم، ولقد كان أبو هاشم يحذو حذو أبيه في السيرة والمزاياوالورع والزهادة ولقد انفجر فيه بركان السرائر الحنفية وأوقد مشعل الدعوة لها ولم يكن يضطر لتحمل الخسارتين للعرشين الديني العلوي والسياسي الأموي فأخذ يدبر الأمر ويعدالعدة ليوم لابد منه وينظم كتب الدعوة، ونظر في الاقطار فوجد المدينة غير صالحة وفيها آل الحسين (عليه السلام) وشيعتهم ومنزلتهم الدينية لا تحاول، قد علمته التجارب في جدهوأبيه وعمه إن الكوفة دار الخذلان، وأما الشام ففيها الصوارم الأموية فأهدته قريحته إلى فلسطين وربما تجاوزها وحمل معه كتب الدعوة وجعل طريقه ليقف على مجاري السياسةوربما وجد في العاصمة من خصوم السياسة الأموية من يستعين به على دعوته فحضر البلاط الأموي وكانت عيون الارصاد والجواسيس شاخصة إليه فرفعت أمره إلى العاهل الأموي ويرويلنا الطبري إن سليمان أنفذ إلى أبي هاشم من قعد له على الطريق بلبن مسموم فلما شربه وأحس بالموت عدل إلى الحميمة وفيها توفي.

لم يكن لأبي هاشم عقب يعتمده في ولايةعهده ولم يرو لنا التاريخ إن في أخوته من هو كفؤ للنهضة مثله ولم تسمح له نفسه إن يصرفها لأحد من بني عمومته العلويين ولا يقبلونها هم فلقد كانت دعوته بالروح مناوئةلأمامتهم الدينية كما عرفت، وثورته إذا تحققت فهي على العرش الأموي فكان أقرب الناس إليه أبناء عمومته العباسيين فهم يتفقون معه في جميع المبادئ في بغض الأمويين وحسدالعلويين وفيهم الأكفاء ذووا النجدة والمقامات العالية الاجتماعية الشامخة وربما كان على اتصال ببعضهم وهم شركاؤه في التدابير السرية لكسر الصولجان الأموي وعلى معرفةمن خططه المدبرة ولم يكن اجتماعه مع محمد بن علي بن عبد الله بن العباس من باب الصدف والاتفاق بل من قبيل القضية المدبرة وكلاهما كانا مؤمنين بالنجاح فلما أدركت المنيةأبا هاشم كان المجال واسعاً لمحمد بن علي أن يستولي على جميع ما عنده ويحتفظ بكتب دعوته بلا مزاحم وكان ادعاء الوصية له مقبولاً والظروف تناسبه كما أفصحنا عن ذلك وهو معذلك واقف على جميع أسراره وسرائره، ولقد كان وضّاء الطلعة جميل المنظر شهماً جليلاً عظيماً بين الناس، وقد يكون أقنع أبا هاشم بالوصاية له وربما يكون صك الوصية الذي جاءذكره في بعض المؤلفات هو كتب الدعوة وما تضمنته من أسرارها، أما غير ذلك مما يروى في بعض معاجم التاريخ فلا تثق به فإن الأساطير التاريخية كثيرة.

وإذا استعرضناالحوادث التاريخية ومحصناها وقايسنا وقارنا بينها نجد أنه كان شايعا بين أوساط البيت الهاشمي إن الملك والسلطان يخرج من أيدي الأمويين وبالطبع لا يكن إلاَّ للعلويين أولعمومته من الهاشميين فهم الأسرة الملوكية ذات الحق الصريح في العرش الإسلامي ولم يكن ينازعهم من المسلمين أحد في ذلك إلاَّ الامويين.

نعم، كان الأمر يتردد بينسلالات تلك الأسرة وبين أفرادها ونزولاً على العقيدة كان إذا نبغ فيهم نابغ حسب الناس له حساباً له وتفرسوا فيه أمراً.

وربما يكون مصدر تفشي الاعتقاد بأن دولةبني أمية ستدول ولا تدول إلاَّ لأعدائهم ومنافسيهم وليس لهم منافس يؤهل للخلافة إلاَّ الهاشميين الاعتقاد السائد بأن سلطنتهم غصب وعدوان وانهم لا حق لهم فيها أولاً ومايؤثر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من انبائه في ذلك تصريحاً وتلويحاً كقوله في خطبة له: أقسم بالله يا بني أمية عمّا قليل لنعرفنا في أيدي غيركم وفي دار عدوكم، انتهى.والعدو والغير يكاد ينحصر في الهاشميين كما ذكرنا وقوله مرة لأبن عباس خذ إليك أبا الاملاك ثانياً، ويكون ذلك من أنباء الغيب التي يؤثر منها عنه الكثير وليس أنبائه بذلكمعناه إن الامامة التي هي وظيفة إلهية كما يعتقد الشيعة ذلك تكون للهاشميين أو العباسيين بل المراد إن الملك والسلطنة الزمنية التي بأيدي الامويين تكون لهم، ولإعتقادالهاشميين أنه منزه عن الكذب في انبائه كانت التضحية منهم في ذلك السبيل عن أخلاص وعقيدة، أما الحقيقة فقد كانت جلية عند ابنائه من صلبه فهم أئمة الرشاد ومفاتيح الهدىوأبواب النجاة ولهم الإمامة الدينية المحضة ينص على ذلك سابقهم على لاحقهم، وقد عالج (المختار) السجاد في الأمر فأنكر عليه ذلك وقطع معه كل صلة وتبرأ الباقر من عمل عمهزيد، إن عقيدة زوال الملك والسلطة من الأمويين وعودها للهاشميين كانت معروفة حتى عند الأمويين أنفسهم بالمعنى الذي ذكرناه أي السلطة الزمنية فقد صرح مروان لأحد أصحابهلما قابل جموع (المسودة) يوم الزاب يقودهم عبد الله ابن علي إن علياً مع شجاعته صاحب دين وإن الدين غير الملك، وإنا نروي عن قديمنا أنه لا شيء لعلي ولا لولده في هذا؛ وقالله: أتعلم لما صيرت الأمر بعدي لولدي عبد الله وابني محمد أكبر منه سناً، قال: لا، قال: إن آبائنا أخبرونا إن الأمر صائر بعدي إلى رجل أسمه عبد الله فوليته دونه ثم بعثمروان بعد أن حدث صاحبه هذا الحديث إلى عبد الله بن علي سراً فقال: يا ابن عم إن هذا أمر صائر إليك..الخ، وقد كانت تلك الصحيفة تسمى صحيفة الدولة وكتاب الدولة وفي هذهالتسمية ما يدلنا على انها لا تتعرض للإمامة الدينية ولابد أن يكون محمد ابن الحنفية أعظم الناس اهتماماً بهذه الأنباء العلوية وأكثرهم تأييداً وإشاعة لها بعد أن علم إنالإمامة الدينية ليس له فيها نصيب وهي كائنة لأخوته وابنائهم وأنهم منصرفون عن السلطنة الزمنية محجمون عن كل أسبابها فالأمر دائر بينه وبين العباسيين وهو أحق منالعباسيين لأنه ابن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد كان مرشحاً للإمامة الدينية في زمان أخويه وهو إمام بالفعل عند فتية من الناس والعباسيون أنفسهم يرون له تلك الأحقيةوهو الذي قرر علوم العدل والتوحيد وابنه ابو هاشم كان مثله في مزاياه الفاضلة بل اعظم منه في منزلته الاجتماعية أما أخوته فلم يكونوا مثله وأما هذه الصحيفة فهي لا يزال فيالنظر أمرها علينا غامضاً وأقرب الاحتمالات فيما تضمنته أنها اشتملت على شيء مما أوثر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وعلى الخطط التي يجب القيام بها للدعوة؛ وغير ذلك مماهو من هذا القبيل والذي حضر وفاة أبي هاشم ثلاث نفر من بني هاشم محمد بن علي ومعاوية أبن عبد الله ابن جعفر وعبد الله أبن الحرث وقد أختلفوا في الوصاية ولو كان في كتابالدولة وصحيفتها أمر جازم في مصير الأمر وقولها فصل يجب الوقوف عند حده لاحتجوا به في نزاعهم وأختلافهم فليست صحيفة الدولة شيئاً إلاَّ ما ذكرنا ولكن طبل لها وزمرللبيانات وأغراض كانت تستغل من هذه الناحية وتكومت عليها اشاعات وروايات نحن على شك من صحتها وبعض تلك الروايات كانت في أيام العباسيين ولا يبعد أن يكون من جملة ما فيهاما قاله محمد بن علي لرجال الدعوة حين اختارهم للتوجه وقال بعضهم ندعوا بالكوفة وبعضهم ندعوا بالجزيرة وبعض بالشام وبعض بمكة وبعض بالمدينة وأحتج كلٍ لرأيه فقال محمدأما الكوفة وسوادها فشيعة علي وولده (ومن هنا يظهر أن ولد علي ليسوا ذوي صلة بهذه الدعوة)، وأما البصرة فعثمانية تدين بالكف وقبيل عبيد الله المقتول يدينون بجميع الفرق،وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون في أخلاق نصارى، وأما الشام فلا يعرفون إلاَّ آل أبي سفيان، وأما مكة والمدينة قد غلب عليهما أبو بكر وعمر، ولكن عليكمبخراسان، انتهى.

اسم المجلة: الحضارة مكان الإصدار: النجف الأشرف

العدد: 14 تاريخ الإصدار: 1 محرم 1357هـ

الصفحة: 15 سنة المجلة: السنة الأولى


/ 1