إنسان والرسالة الإلهیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إنسان والرسالة الإلهیة - نسخه متنی

عبد الحلیم کاشف الغطاء

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الإنسان والرسالة الإلهية

الإنسان والرسالة الإلهية

عبد الحليم كاشف الغطاء

كان الإنسان عند القدم يجاري هذه البسيطة في جميع أحوالهاوأطوارها يعيش على ضفاف بحارها ومجاري انهارها ومنخفضات وديانها وسفوح جبالها واحراج غاباتها مستأنساً بخرير الأنهار وحفيف الأشجار وتغريد الأطيار يقوت نفسه بما يصطادمن حيوان ويقتطف من أثمار إذا جنَّ ليله أوي إلى وكره ليطمئن ويرتاح بعد أن سئم وتعب من مصارعة الوحوش والضواري وهكذا يقضي ليله ونهاره حتى إذا انقضت مدته وتلاشت قوتهوتجعدت بشرته فاضت روحه وفارق هذا العالم مرتاحاً من عالم الأفكار من فقر وغنى وعز وذل وصحة وسقم، أيبقى أم يفنى؟..

وظلَّ على تلك الحالة سنين عديدة وقرون مديدةوالإنسان في هذه المدة يقترب بأخيه الإنسان قليلاً قليلا، حتى إذا تمت له تلك الألفة والقربة أخذ يجول فكره مع أخوانه في الكون والجود ويتجادل حيرة فيه، نظروا إلى الأرضجيال شامخة وبحار زاخرة ومزارع زاهرة وانهار جارية تتدفق ماء عذباً، رفعوا رؤوسهم نحو السماء رأوا شمساً تسطع وقمراً ينير ونجماً يتلألأ وغيثاً يهطل وبرقاً يخطفالأبصار ورعداً يصم الأذان. فلضعف عقولهم قلة تجاربهم ولأستغرابهم منها وحيرتهم فيها أوالها وأرباباً لهم فلأنتفاع المصريين بنهر النيل جعلوه آلهة يقدمون له الضحاياعند فيضانه، وكذلك الهنود لأنتفاعهم بنهر الكنج جعلوه آلهة يقدمون له الضحايا والهدايا في كل سنة.

ولما كانت بلاد اليونان والرومان بلاداً صخرية تحوي على أنعموألطف رخام في العالم نحتوا من تلك الصخور تماثيل عظيمة قالوا هذه آلهتنا أو صورتها. ولما كانت بلاد فارس شديدة البرد في الشتاء حتى أنهم قلما يخرجون من دورهم ويكثر الثلجوالبرد وتكون الشمس منخفضة ونورها ضئيل وعند أول يوم من الربيع (21 آذار) تأخذ الشمس بالعلو فتبدد ذلك البرد الشديد وتذيب تلك الثلوج المتراكمة وتشتد حرارتها ونورهافيخرجون حينذاك من دورهم ويرجع إليهم روعهم وحراكهم ليقولون هذه منيرة الظلمات مانحة الحراك والحياة هذه آلهتنا.

ولما كانت سماء بلاد بابل في أكثر أيامها صافيةزرقاء ترى على مد البصر وإذا شخص المرء بصره نحوها ليلاً يحدها كأنها شبكة نسجت من نجوم وكواكب فهذا المنظر البديع مما جعل البابليين أن يلاحظوا دائماً حركة هذه النجوموسيرها، ولكنهم كلما ازدادوا بحثاً أزدادوا تعجباً واستغراباً ولما أعيتهم الحقيقة قالوا هذي أو إلهنا. أبدع وأغرب ما في الكون، وهناك من السماء السابعة فوق العرشالرفيع ينظر الله إلى ضعف عقول البشر وسخفهم، ينظر جذلاً معجباً بقدرته وعظمته ساخراً بالعالم والوجود الذي خلقته إرادته ويدعهم على هذه الحالة السخيفة زمناً غير قليلثم يأخذه الرفق والعطف بهم فيبعث إليهم الرسل والهداة يدعونهم إلى الله وإلى الحق إلى السلام والأخوة، إلى الحب والعدل والمروءة، فأرسل إبراهيم بالدين الحنيفي، وموسىبالتوراة، وعيسى بالأنجيل، ومحمد خاتم النبيين بالقرآن لأرشاد البشر وزجرهم عن اقتراف الجرائم والآثام ونشر الحب والتآخي وإلقاء التراحم والتوادد وعبادة اللهواسعادهم في الدنيا والآخرة فيرتدعون حيناً، ولكن يأتي ابليس فيخدعهم ويضلهم عن السبيل فيحورون الدين ويشوهونه لأهوائهم واغراضهم أو لا يتعلقون بأسراره ومراميه.


فهذا الإسلام خاتمة الأديان وصحها وأوفقها للحياة والمنهل العذب والماء النمير الصافي جرى هذا الماء السلسبيلي حقبة من الزمن صافياً هادئ، ثم أتى إبليس الجن وأبالسةالبشر فعكروا هذا الماء بالزندقة والتصوف والطائفية، وهذه هي العوامل الثلاث التي اتخذها الشعوبيون وسيلة لهدم أركان الإسلام وتمزيق أوصاله.

فالزنادقة افترواعلى الإسلام في وضع الأحاديث الكاذبة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فصعب تمييز الأحاديث الصحيحة التي تستند عليها أحكام المسلمين وابتدعوا بدعاً ومذاهب فاسدةوالمتصوفون والمتقشفون التصقوا به ذيولاً وأوهاماً شتى ذهبت برونقه وحقيقته وضيعت أصوله وغاياته. والطائفية والتفرقة أخرت أكثر من كل هذا فتنازع المسلمون وأحلت كلطائفة دم الطائفة الأخرى وانشغلوا بالمقابلات والحروب الداخلية ونسوا إن الإسلام أتى للسلام والأخوة وحقن الدماء، وبهذه الأسباب وغيرها وهن الإسلام فهلك العرب وضاعمجدهم وعزهم.






اسم المجلة: الغري مكان الإصدار: النجف الأشرف


العدد: 19 تاريخ الإصدار: 28 ذي القعدة 1358هـ

الصفحة: 379 سنة المجلة: السنة الأولى

/ 1