إنسان و المدنیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إنسان و المدنیة - نسخه متنی

عبدالرضا کاشف الغطاء

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الإنسان والمدنية

شيخ العراقين عبد الرضا كاشف الغطاء

لا شك إن الإنسان سواء كان ملكاً أو سوقة أو شريفاً أو حقيراًحضرياً كان أو بدوياً فلاحاً كان أو صياداً حراً أو عبداً متمدناً أو متخشناً يتناسل مع سائر أنواعه المنتشرة في الدنيا فيخرج النسل بين الأبيض والأسود والعربي والأعجميوالمتمدن والمتبربر، وتتناسل أمم الأقطار الحارة مع أمم الأقطار الباردة فالأفراد المتولدة من هذا الأختلاف تتحسن اخلاقهم وطباعهم وألوانهم وأبدانهم وتتنقل صفاتهمالأصلية عن اصلها حيث تخلفها صفات المتولد بعضهم مع بعض فيحدث من ذلك اسماء أجناس الأمم.

وهذه الاسماء إنما تدل على تكييف الجنس المنقاد لأحكام طباع الأراضيالمولود بها ذلك النوع المخصوص بأحوالها وصفاتها وتسمى هذه التكيفات والتشكلات بالألوان والأجناس تسمية عرفية لأصحاب الجغرافية. فبهذا قسّم بعض العلماء ألوان الأمموأجناسهم إلى ثلاثة أقسام بعضها متميز عن الآخر.

الأول: الجنس الأبيض المسمى بالقوقاسي أي (الجركسي).

والثاني: الجنس الأصفر المسمى بالمنغولي أي(التتاري).

الثالث: الجنس الاسمر المسمى بالسوداني.

وبعضهم قسمها إلى خمسة أقسام فزاد على الثلاثة الأقسام السابقة الجنس الملياري أي (الهندي) والجنسالأمريكي، وبعضهم زاد على ذلك، فأكثر الأجناس وذكر منها الجنس العربي والجنس الحبشي وهما داخلان عند من يزدهما في الجنس القوقاسي حيث إن المعتبر إنما هو أصل البياضالمقول بالتشكيك أي المختلف الحقيقة مع اعتبار تناسب الأعضاء في الحسن والوضاءة، ولا شك إن العرب موصوفون بذلك.

وإذا أمعنا النظر وأنعمنا الفكر في تنظيم بنيةالإنسان وتركيبه القويم وخلقه في أحسن تقويم وتأملنا أوصافه الجسمية وفضائله العقلية تبين لنا أنه مخلوق من أصل فطرته بعقله وحسه لأن يعيش بالاستئناس والاجتماع معأبناء جنسه.

وإن قوته البشرية تميل إلى الإحتياج إلى غيره وأنه إذا لم يجتمع بالإستئناس والعمران مع امثاله كان أضعف من الحيوان الذي عند انفراد الإنسان يوشك هوأن يهيم بأغتياله ويذيقه كأس وباله فلولا ما في الإنسان من صفة الإدراك العقلية لما تسلط على المواليد الحيوانية والنباتية والمعدنية.

ولكن شرط تسلطه على هذهالكائنات صقل إداركه باستئناسه مع ابناء جنسه وإلاَّ لما آمن من اغتيال ما عداه في غده وأمسه ولو لم يكن الإنسان مخلوقاً للإستئناس مع أخوانه والإجتماع مع أقرانه ليصنعمعهم اجتماعية وحالة عمران تمدنية لم يكن لتخصيص الحكمة الإلهية له بصفة الناطقية كبير مزية، فقد منحه المولى جلَّ شأنه قوة الكلام وخصه بقوة الفكر والفهم والإفهامليدرك ما في الأشياء التي حوله من المشابهة والمباينة ويعرف النسب بين الأشياء الخفية والمعاينة، وقد خصه الله سبحانه وتعالى بالنفس المطمئنة التي تسمى بالذمة ليميزبها ما يستحق المدح والمذمة وليتحقق بها ما له وعليه من الواجبات والحقوق لكل انسان مثله بل لكل مخلوق، وكذلك ميّزه بالقريحة التي هي مفتاح معالي الأمور ليأمر وينهى وهوآمر ومأمور.

فالحالة المؤنسة للإنسان والاجتماعات البشرية للتحضر والعمران هي حالة فطرية للآدمي من أصل ولادته وخلقته وهي فيه جبلة وغريزة طبيعية فبالناطقيةالموجودة فيه من أصل الفطرة يمكنه اعمال قواه العقلية بإمعان الفكرة فيسعى لما فيه التمدن والحضارة ويبذل جهده بحوز ما ينتج عن التمدن بالبراعة والمهارة لأنه لو أنفردوحده ولم يأنس بغيره ولا يكتسب لوطنه درجة العمران كان دائماً ضعيفاً خائفاً وعن جادة الأمن حائداً فباجتماعه ببني جنسه واتحاد تجاريبهم وحدسهم بتجريبه وحدسه تتسعالقوى العقلية المنضمّة إلى البحث عن العلوم العقلية والنقلية فبهذا تتسلطن الأمة المتمدنة على من سواها وتجلب لنفسها من المنافع جميع ما عند من عداها، وما دامت الجمعيةالمؤنسة مائلة إلى الحصول على السعادة وراغبة في تحصيل الشرف والسيادة فلا محيص لها من أن تتعاطى الأسباب وتتشبث بالاغتنام والاكتساب فإن أهملت التمسك بحبال التمدنوالفضيلة واستغنت عنه ورضيت بالخشونة والدعة عاشت مدة عمرها ذليلة فيجب على الإنسان أن يدع الدعة التي هي في لوح فؤاده منطبعة، وفي زوايا الكسل مودعة.

فكم دعةأتعبت هلها، وكم راحة نتجت من تعب، فحب الدعة يبعث الإنسان على أن يجر لنفسه جميع ملاذ الحواس.

وأما الآمال فتبعثه على الحصول على راحة الروح وكمال التمدنوالاستئناس، فالأولى تجمع في الإنسان جميع الملاذ البدنية وتسقط في حضيض الإنسانية وتوصله إلى درجته الحيوانية كما قيل:




  • تزوجت البطالة بالتواني
    فأما الأبن لقبه بفقر
    وأما البنت سماها ندامة



  • فأولدهاغلاماً أو غلامة
    وأما البنت سماها ندامة
    وأما البنت سماها ندامة



أيها القارئ، لا تشك إن من تعطل وتبطل فقد انسلخ عن الإنسانية وصال من جنسالموتى، وذلك إن الله خصَّ الإنسان بالقوى، فالقوة الفكرية تطالبه بالعلوم التي تهديه بالصنائع التي يترتب عليها من المكاسب والمنافع ما يرضيه ويصونه ويحميه فحقللإنسان أن يتأمل بقوة فكره، ويسير بقدر ما يطيقه فيسعى لما يفيده فينال السعادة بسعيه ويتحقق إن سعيه سبب انتقاله من الذل إلى العز، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الضعة إلىالرفعة، ومن الخمول إلى النباهة.

وقال بعض الحكماء من تخلق بالكسل فلينسل عن سعادة الدارين.

وكان أبو مسلم الخراساني في مبادئ خروجه للدعوة لبني العباسينشد هذا البيت:




  • فلا أؤخر شغل اليوم عن كل
    إلى غد أن يوم العاجزين غد



  • إلى غد أن يوم العاجزين غد
    إلى غد أن يوم العاجزين غد



وقال بعض الحكماء (شهد الجهد أحلى من عسل الكسل)، وقال بعض الأدباء (راحتي فيجراحة راحتي).

ومن شأن البطالة أنها تبطل الهيئات الإنسانية فإن كل هيئة بل كل عضو ترك استعماله يبطل كالعين إذا غمضت، واليد إذا عطلت فإن الأعضاء خلقت لحكم كلشيء فإن الله سبحانه وتعالى لما جعل للحيوان قوة التحرك لم يجعل له رزقاً إلاَّ ليسعى إلى مأمنه لئلا تتعطل فائدة ما جعله له من قوة التحرك ولما جعل للإنسان الفكرة ترك لهمن كل نعمة أنعمها عليه من الأعضاء ما يصلحه حينئذٍ بفكرته لئلا تبطل فائدة الفكرة فيكون وجودها عبثاً.



اسم المجلة: الغري مكان الإصدار: النجف الأشرف

العدد: 5 تاريخ الإصدار: 4 شعبان 1358هـ

الصفحة: 3 سنة المجلة: السنة الأولى

/ 1