جهاد المسلمین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

جهاد المسلمین - نسخه متنی

عباس کاشف الغطاء

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

جهاد المسلمين

جهاد المسلمين

الدكتور الشيخ عباس كاشف الغطاء

النجف الأشرف

24/صفر /1423هـ.

6/5/2002م .


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

سيرة اليهود تختلف عن سيرة باقي الأمم و الشعوب فقد وهبهم الله تعالى فرصاً عظيمة من الخير والصلاح بما أرسله من أعدادكثيرة من الأنبياء ولو ساروا على نهج الباري عز وجل لأفلحوا ونجحوا لكنهم حادوا عن الطريق و انحرفوا عن الأنبياء و زاغوا عن الشرائع السماوية . و تحول بنو إسرائيل إلىفتنة للإنسانية جمعاء مع قلتهم. فترى الأممو الشعوب تشكوا منهم و الحكومات تحتاط منهم في مختلف أرجاء العالم وعلى مرور الأيام و السنين ، فالروم أخرجوهم من فلسطينانتقاماً لأعمالهم الدنيئة و المسلمون أخرجوهم من شبه جزيرة العرب لمكائدهم و مؤامراتهم ، و الأسبان طردوهم من بلادهم لتدخلهم في الشؤون الداخلية ، وشعوب العالمالحالية ما زالت تئن تحت وطأة جرائمهم ، و سوف يستمر اليهود في مشروعهم الصهيوني العنصري إلى أن يأتي يوم يتخلص العالم فيه من شرورهم و ينتصر عليهم .

وقد وسمتبحثي هذا بعنوان [ جهاد المسلمين لأبناء القردة و الخنازير ]، وقد جعلت البحث على ثلاثة فصول الفصل الأول تناولت فيه تعريف الجهاد لغةً و شرعاً و فضيلته و أنواعه و مقوماتهولم نتعرض لأحكام الجهاد فإنها موجودة في الكتب الفقهية ، و تطرقت في الفصل الثاني إلى اليهود في عصر النبوة فتكلمت عن اليهود في مكة المكرمة ثم في المدينة المنورة ثم أملالمسلمين في إيمان اليهود ثم موقف اليهود من الدعوة الإسلامية و عداء اليهود لمحمد (ص) و المسلمين ، ثم تناولت مواجهة الرسول الأعظم لليهود على مستويين مستوى الأفراد ومستوى الجماعات و سيكون حديثنا قاصراً على فترة بعثة النبي(ص) . و الحديث عن اليهود في هذه الفترة مهم جداً لأنه سيحدد أبعاد فكرة العداء الذي نصبه اليهود للإسلام و يبينالأسس الأولى التي دارت عليها المعارك، كما سيخطط الأسلوب الذي واجه به المسلمون هذا العداء ، وهو أسلوب تشريعي جعل الحق أساسه و العدل شعاره و الإسلام غايته و مرماه ،أسلوب وضعه الله بعلمه و حكمته ، و نفذه أمناء مخلصون جديرون بالثقة و التقدير باتباع منهجهم في كل المواجهات التي تحدث في جميع العصور .

أما الفصل الثالث فقد جاءبعنوان اليهود وفلسطين وتناولت فيه سمات الشخصية اليهودية ثم أهمية فلسطين، وثالثاً الحكم الشرعي في مبادرة السلام مع إسرائيل والعمليات الاستشهادية ، ورابعاً آلياتالجهاد في المرحلة الراهنة و أسباب فشل المسلمين في الصراع الصهيوني و أخيرا موقف علماء النجف الأشرف من قضية فلسطين .

إنّ الناس لم يدخلوا إلى دين الله أفواجاً، و تنتشر الدعوة الإسلامية ، و تتم الوحدة العربية تحت راية الإسلام ، وفتح مكة ، و إخماد فتنة المنافقين ، و إتمام النعمة و الدين إلا بعد القضاء على اليهود رأس كل فتنة وإجلائهم من المدينة المنورة ، و لا يتم للعرب و المسلمين اليوم مستقبل زاهر وسلام رغيد إلا بالقضاء على اليهود المتمثلين بالكيان الصهيوني .


الفصلالأول :الجهاد في الإسلام

الجهاد هو حجر الزاوية من بناء هيكل الإسلام وعموده الذي قامت عليه سرادقه ، و اتسعت مناطقه ، و امتدت أطرافه ولولا الجهاد لما كانالإسلام رحمة للعاملين وبركة على الخلق أجمعين . و الجهاد هو مكافحة العدو ومقاومة الظلم و الفساد في الأرض و النفوس و الأموال و التضحية و المفادات للحق .

والجهاد على قسمين :


القسم الأول : الجهاد الأكبر

وهو مقاومة العدو الداخلي و هو النفس و مكافحة صفاتها الذميمة و أخلاقها الرذيلة في الجهل والجبن و الجور و الظلم و الكبر و الغرور و الحسد و الشح إلى آخر ما هناك من نظائرها قال رسول الله (ص) [ أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ](1). وسمى النبي (ص) هذا القسم من الجهادبالجهاد الأكبر لصعوبة معالجة النفس و انتزاع صفاتها الذميمة و غرائزها المستحكمة فيها ، و المطبوعة عليها ، ولسنا في بحثنا هذا بصدد الكلام على هذا القسم إنما هو موكوللكتب الأخلاق الإسلامية .


القسم الثاني : الجهاد الأصغر

وهو مقاومة العدو الخارجي ، عدو الحق ، عدو العدل ، عدو الصلاح ، عدو الفضيلة عدو الدين .وبحثنا عن هذا القسم .


أولاً : تعريف الجهاد

1. تعريف الجهاد لغةً : الجهاد على وزن فعال من الجَهد بالفتح بمعنى التعب و المشقة أو بالضم بمعنىالوسع و الطاقة وهو مصدر جاهد يجاهد مجاهدة و جهاداً كقتال ، وجاهدت العدو إذا قاتلته فهي صيغة مشاركة أي بذل كل واحد جهده وطاقته في دفع صاحبه (2) 2. تعريف الجهاد شرعاً :استفراغ الوسع أي الطاقة في مدافعة الأعداء وقتالهم ، و هي كلمة إسلامية تستعمل بمعنى الحرب عند بقية الأمم . ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس بتعلم أمور الدين و العمل بهاوتعليمها وعلى مجاهدة الشيطان بدفع ما يزين من الشبهات و الشهوات. والجهاد بوجه عام يعتبر مبدأ من مبادئ الإسلام ، و دعا القران الكريم المسلمين إليه جماعة و أفراداً ، وأن يؤمنوا بتشريعه كإيمانهم بأي معتقد صحيح ،وأنْ يقوموا بتنفيذه كما يجب انْ ينفذوا غيره مما فرض الله ، و أكد على ذلك مما يجعلنا على بصيرة بأهمية الجهاد .


ثانياً : فضيلة الجهاد

الجهاد باب من أبواب الجنة ومن أركان الإسلام وما ورد من فضله في الكتاب الكريم و السنة الشريفة أكثر من أن يحصى . قال الله تعالى : 'إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَوَيُقْتَلُونَ' (1) . وقد سمى رسول الله (ص) الجهاد سنام الدين وقال رسول الله (ص) : ( للجنة باب يقال له : باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون بسيوفهم و الجمعفي الموقف و الملائكة ترحب بهم )(2) . وقال (ص) أيضاً : ( الخير كله في السيف وتحت ظل السيف ولا يقيم الناس إلا بالسيف ، و السيوف مقاليد الجنة و النار ) (3) . وعنه (ص) أيضاً : (اغزوتورثوا أبناءكم مجداً ) (4) . وروي عن الإمام علي(ع)انه قال : ( إنّ الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه ، وهو لباس التقوى و درع الله الحصينة وجُنته الوثيقة ،فمن تركه ألبسه الله ثَوْبَ الذل وشَملهُ البلاء ، و ديث بالصغار و أديل الحق منه بتضييع الجهاد ، وغضب الله عليه بتركه نصرته)(5) . وقد قال الله عز وجل في محكم كتابه[ إِنْتَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] . وهو القائل (ع): ( أيها الناس إنّ الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيص ومن لم يمتيقتل ، و إن أفضل الموت القتل ، والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على فراش )(1). وفي خبر أبي حفص الكلبي عن أبي عبد الله الصادق(ع): ( إنّ الله عز وجل بعثرسوله بالإسلام إلى الناس عشر سنين ، فأبوا أن يقبلوا حتى أمره بالقتال ، فالخير في السيف وتحت السيف ، و الأمر يعود كما بدأ)(2) . وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (ع)( منقتل في سبيل الله لم يُعّرفه الله شيئاً من سيئاته ) (3) . وروي عن الإمام الباقر (ع)في صحيح ابن خالد (ألا أخبرك بالإسلام أصله وفرعه وذروة سنامه ؟ قلت بلى جعلت فداك ، قال (ع):أما أصله فالصلاة و فرعه الزكاة وذروة سنامه الجهاد)(4) .


ثالثاً : أنواع الجهاد

الجهاد على أنواع أربعة :


النوع الأول : الجهادالابتدائي

ويسمى بالجهاد الأصلي أو الجهاد الدعوي وهو جهاد المشركين و الكفار ابتداءاً بدعوتهم إلى الإسلام ، ويجب كفاية على كل مكلف حر ذكر غير معذور .


النوع الثاني : الجهاد الدفاعي أو الدفاع

وهو جهاد من يَدْهَمُ أو يَهْجُم على المسلمين من الكفار و يخشى منه على بيضة الإسلام أو يريد الاستيلاء علىبلادهم و أسرهم وسبيهم و طردهم و أخذ أموالهم . وهو واجب عيني على كل أحد حتى الأعمى و المريض و الصغير و الأنثى ، ولا يختص بمن قصده الكفار من المسلمين بل يجب على من علمبالحال النهوض إذا لم يعلم قدرة المقصودين على المقاومة و الدفاع ، و يتأكد الوجوب الأقربين فالأقربين ، ولولي المسلمين الأخذ من أموال المسلمين بقدر الحاجة ، وإنالقتال لدفع اعتداء الكفار عن بلاد المسلمين يباح في الأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم الحرام ورجب الأصب ، وهذه الأشهر يحرم القتال فيها ابتداء من المسلمينولكن يحل القتال رداً للاعتداء ، وهي أشهر كان يحرم القتال فيها عند العرب و أقرّ الإسلام ذلكالتحريم منعاً للاعتداء كما قال سبحانه و تعالى :[ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِعِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَاتَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ]([1]).

ولا يثبط بعد الديار عن البلد الذي دهم أو هوجممن قبل أعداء الإسلام المؤمنين عن هذا الفرض العيني ، فإن الواجب على القاصي و الداني أنْ يحمل السلاح ما دام قادراً على حمله ومن عوقّه سبب من الأسباب كبعد المكان فإنّهلا يعوقه البعد أن يرسل المال أو يدعو بلسانه لدفع الاعتداء . و إن الذين يتباطئون و يتعللون بتعليلات واهية في هذه الحال فيهم شعب من النفاق و الله تعالى عليم بالسرائر،ويدخلون في حكم المتخلفين الذين قال الله تعالى فيهم :' فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْوَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَفَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًاوَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوامَعِي أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ' ([2]) . قال جدنا كاشف الغطاء فيكتابه كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء في كتاب الجهاد: ( رابعها : جهاد الكفار لدفعهم عن بلدان المسلمين وقراهم و أراضيهم و إخراجهم منها بعد التسلط عليها و إصلاحبيضة الإسلام بعد كسرها و إصلاحها بعد ثلمها والسعي في نجاة المسلمين من أيدي الكفرة الملاعين ، ويجب على المسلمين الحاضرين و الغائبين إنْ لم يكن في الثغور من يقومبدفعهم عن أرضهمأن يتركوا عيالهم و أطفالهم و أموالهم ويهاجروا إلى دفع أعداء الله عن أولياء الله ، فمن كان عنده جاه بذل جاهه أو مال بذل ماله أو سلاح بذل سلاحه أو حيلةأو تدبير صرفها في هذا المقام لحفظ بيضة الإسلام و أهل الإسلام من تسليط الكفرة اللئام ، وهذا القسم أفضل أقسام الجهاد و أعظم الوسائل إلى رب العباد ، و من قُتِل يقف معالشهداء يوم المحشر و الله هذا هو الشهيد الأكبر فالسعيد من قتل من بين الصفوف فإنّه عند الله بمنزلة الشهداء المقتولين مع الحسين (ع)يوم الطفوف قد زخرفت لهم الجنان وانتظرتهم الحور و الولدان وهم في القيامة أضياف سيد الأنس و الجان ) ([3]) .


النوع الثالث: جهاد من يريد قتل نفس محترمة أو أخذ مال أو سبي حريم مطلقاً

وهو يسمى بالدفاعالفردي. وهو كل من خاف على نفسه أو عرضه أو ماله إذا غلب على ظنه السلامة . وذكر أحكامه الفقهاء في باب الحدود .


النوع الرابع : جهادالبغاة

وهم من خرجوا على الإمام العادل و قاتلوه و منعوا تسليم الحق إليه ([4]) .


رابعاً : مقومات الجهاد

1. إنّ الإيمان بالحق الذي يجاهدفي سبيله ركن ركين من أركان الجهاد ، فلا يدخل المجاهد مضطرب الإيمان مزعزع العقيدة ، فإن الإيمان قوة في الجهاد لا تقل عن قوة السلاح فيقدم على القتال ويوطن نفسه علىتقديم النفس ، و أن يؤمن معوضاً بحياة أفضل وسعادة أكمل وخير أشمل وهي حياة الشهداء يوم القيامة ومذعن لقوله تعالى :[ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِاللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ] ([5]).

2. أنْ نشعر المعتدين أعداء الإسلام بأننا أمة واحدة ، ويتحقق فينا قول النبي (ص) : ( مثلالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) ([6]) . وقوله (ع): (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ) ([7]) .وقوله (ع): (المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه ولا يظلمه ) ([8]) . فكل أرض من أراضي الإسلام من حمى الله تعالى فلا يصح أنْ نترك ما هو في حمى الله تعالى يعبث فيه أعداء الله.

3.بيان الغلظة على الكافرين و التراحم ما بين المسلمين ، ونشر الرعب في نفوس أعداء الإسلام قال تعالى :[ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَيَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ] ([9]) .

4. تهيئة أماكن التدريب لتخريج القادة والجنود متمرسين على الحرب و متعلمين استخدام أدوات القتال و آلات الحرب ، ومعرفة مسالك الدخول في الحرب ليستطيعوا أن يكيدوا للأعداء ، فقد كان الرسول (ص) يعد أعظم السبلللنجاح بما يرسم من خطط موصلة و اختيار الأماكن التي ينبعث منها الهجوم .

5. أنْ ينتصر المجاهد على نفسه التي بين جنبيه و تكون أهواؤه وشهواته خاضعة لأمر اللهتعالى ونهيه ، فلا ينتصر على عدوه الذي يحمل السلاح حتى ينتصر على نفسه من شهواتها فقد قال زيد بن علي(ع): ( ما خاف قوم حرّ السيوف إلاَّ ذلوا ) .

6. أنْ يكون ما وراءالجبهة جبهة أخرى رصينة ومتماسكة ، فإن ما وراء المجاهدين يشدون أزر المجاهدين ويضاعفوا الجهد في تماسك الجبهة و سد احتياجات المجتمع الإسلامي فلهم يكون جزاء الجهادوإنْ لم يحملوا السلاح.

7.التسلح بالصبر و المصابرة و الجَلَد فإن الحرب بلاء الإنسانية يصحبها نقص في الأموال والأنفس مع الخوف و الاضطراب و القلق و لا علاج لذلكإلا الصبر فهو الإرادة القوية و العزم الصادق .

8.أنْ تكون القيادة مؤمنة شجاعة صابرة حكيمة ذات قرار حاسم غير مترددة تفتح قلوبها للناس .

9. أنْ يجاهد فيسبيل الله لا لأجل حمية أو عصبية أو قومية فقد يدخله ذلك ظلم ،وهذا يؤدي إلى ضعف النفس عن القتال فمن خلا قلبه من الإيمان بالله و اليوم الآخر فإن التخاذل يكون منه في وقتالشدة وبالاً على المجاهدين ، ولو خرج يكون خبالاً ،بينما لا يبقى ثابتاً بثبوت الراسخات سوى الإيمان بالله و باليوم الآخر كما قال تعالى في شأن المنافقين :[ لَوْخَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلاوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌبِالظَّالِمِينَ]([10]) . فيكون منهم دعاة التردد و الهزيمة ومنهم المثبطون ومنهم من يرجفون في المجالس فلا يرون خبراً يلقى باليأس إلا أذاعوا به ، وقى الله المسلمين منشرهم فإنّهم سوس الأمم الذي ينخر في عظامها و يفسد عليها أمورها .


الفصل الثاني : اليهود في عصر النبوة


أولا : اليهود في مكة المكرمة

حين بعث النبي (ص) بمكة المكرمة لم تكن فيها أسر يهودية أو جالية منهم يعمل لها حساب كما هو الشأن في المدينة المنورة ، بل كان فيها أفراد قليلون لا يؤبه لهم ولايخشى بأسهم . واليهود في مكة كانوا يعتقدون أنهم غير داخلين في ضمن المخاطبين بالدعوة الإسلامية ، ويحسبونها خاصة لأهلها على نسق الدعوات السابقة .


ثانياً : اليهود في المدينة المنورة

هاجر النبي (ص) إلى المدنية المنورة وهنالك واجه قوماً آخرين غير عبدة الأصنام الذين تركهم بمكة هؤلاء هم اليهود ، و يهودالمدينة أقوى وأخطر من أهل مكة ، كما أنّ وجودهم بارز فيها من حيث كثرة العدد ووفرة المال وقوة السلاح وتعدد الحصون بالنسبة إلى اليهود في الحجاز ، في الوقت الذي لا تربطالنبي (ص) باليهود رابطة نسب تخفف من حدة المواجهة كما كانت رابطته بقريش . وحينما حلّ النبي (ص) في المدينة كتب بينه وبينهم عهداً آمنهم فيه على حريتهم الدينية وطقوسهمومعابدهم و أموالهم و أبقاهم على محالفاتهم مع بطون الخزرج و الأوس ، وأوجب لهم الحماية مشترطاً عليهم أن لا يغدروا ولا يفجروا ولا يتجسسوا ولا يعينوا عدواً ولا يمدوايداً بأذى . قال تعالى :[ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ] ([11]) . وقوله تعالى :[ الَّذِينَ عَاهَدْتَمِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونٍَ] ([12]) .ولكن ما أن لبث الرسول الكريم (ص) في المدينة المنورة حتى أخذ اليهود ينظرون بعينالتوجس إلى احتمال رسوخ قدمه و انتشار دعوته و اجتماع شمل الأوس و الخزرج تحت لوائه بعد ذلك العداء الدموي الذي كان اليهود من دون ريب يستغلونه في تقوية مركزهم، وخشوا علىهذا المركز و الامتيازات الكبيرة التي كانوا يتمتعون بها ويجنون منها أعظم الثمرات . ولهذا كان باعثاً على تنكرهم للدعوة وحقدهم على صاحب الرسالة(ص) منذ الخطوات الأولى فيالعهد المدني ، ولما رأى اليهود الناس قد أخذوا ينصرفون عنهم ويتخذون النبي (ص) مرجعهم الأعلى و مرشدهم الأعظم وقائدهم المطاع استشعروا بالخطر العظيم يحدّق بمركزهم الذييتمتعون به بين العرب و امتيازاتهم التي كانوا يستغلون العرب فيها إذا تم النجاح و الاستقرار للنبي (ص) ودعوته. ولهذا اندفع اليهود في التنكر و الحقد و الصد و التآمر إلىالنهاية على الدعوة الإسلامية .


ثالثاً : الأمل في إيمان اليهود

كان على اليهود أنْ يكونوا أول المؤمنين بالدعوة الإسلامية لا أن يكونوا أولالكافرين بها ، وذلك لأسباب عدة في قبول الدعوة أو على الأقل وقوفهم موقف المحايد ونجمل أهمها :-

1. جاء النبي (ص) بدعوة كلها سلام لا تبغي ظلماً و لا عداء . قالتعالى : [ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ]([13])، ولهذا عقد الرسول (ص) مع اليهود معاهدة على حسن الجوار و التعاون وعلى تأمينهم على دينهمو أموالهم .

2. إنّ اليهود جماعة سبقت لهم دعوة سماوية أساسها التوحيد و الإيمان بالرسالات و المعاد ، و القرآن جاء مصدقاً لهم [ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنْالرُّسُلِ] ([14]).

3.إن القرآن الكريم مدح الأنبياء السابقين وقدس كتبهم التي أنزلها الله عليهم وجعل ذلك شرطاً لصحة إيمان المؤمنين ليبين أنّ دعوته ليست عنصريةولا خاصة .

4. إنّ التوارة المنزلة من عند الله بشرت بمحمد ورسالته كما قال تعالى : [ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الامِّيَّ الَّذِييَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ]([15]).

5. دخول بعض أحبار اليهود المشهور لهم بالعلم و التقوى للإسلام كعبد الله بن سلام أحدرؤساء بني قينقاع كان أهلاً أن يتبعه اليهود في ذلك ([16]) .

6. استقبال النبي (ص) و المسلمين لبيت المقدس مدة سنة ونصف في صلاتهم كما تستقبله اليهود في صلواتهم .


ولكن اليهود أصروا على معاداتهم للدعوة الإسلامية ، بل أملوا من وراء ذلك أن ينحاز النبي(ص) عن دعوته ودينه إلى دينهم كما قال تعالى: [ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَالْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ]([17]).


رابعاً : موقف اليهود من الدعوة الإسلامية

قال الله تعالى :[ يَابَنِيإِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِي*وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُمُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِي*وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّبِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ * أَتَأْمُرُونَ النَّاسَبِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَأَفَلَا تَعْقِلُونَ]([18]).

إنّ هذه الآيات المباركة هي أول ما خوطب به يهود المدينة من الآيات القرآنية المدنية ، وهي صريحة الدلالة على أنّ اليهود لم يقابلواالدعوة الإسلامية التي وجهت إليهم مقابلة حسنة ، و فيها إشارة إلى النهي لهم عن أنْ يكونوا أول الكافرين بالقرآن ، وعن لبس الحق بالباطل وكتم الحق الذي يعرفونه وهو كونرسالة النبي (ص) ووحي الله إليه بالقرآن حقاً وصدقاً ، ثم السؤال الاستنكاري عن أمرهم الناس بالبر وعدم سيرهم في طريقه . ففي كل ذلك دلالات على المقابلة غير الحسنة للدعوةالتي وجهت إليهم أولا ثم على ظهور إمارات وقوفهم منها موقف الجحود و التعطيل ثانياً . وهنالك عدة أسباب لعداء اليهود للدعوة الإسلامية أهمها :-

1. اعتقاد اليهودأنهم خارجون عن نطاق الدعوة الإسلامية ، فإذا هم يدعون إليها و الاندماج بها ومساواتهم بالعرب وهم شعب الله المختار الذي له السيادة و السلطان على غيرهم من الأميين فكيفيقبلون ذلك ؟

2. سد النبي (ص) على اليهود باب الأمل في مجيء رسول من سلالتهم يحقق لهم أغراضهم ، و ذلك لتقرير النبي (ص) بخاتمية الرسالة ولا نبوة بعده . فكيف يقبلونأن تكون فخر الرسالات لسلالة نبينا إسماعيل (ع)؟، كما إن اليهود أنكروا أن تكون هناك رسالة من غير بني إسرائيل، فهم وحدهم الجديرون لإختيار الرسل منهم ، ومحمد من العربالأميين [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ]([19]) ، فلذلك لا يعترفون برسالته وقد قال حي بن أخطب وكعب بن أسد و أبو رافع وغيرهم لعبد الله بن سلامحين أسلم : ما تكون النبوة في العرب ولكن صاحبك ملك([20])، وقد أنزل الله تعالى في ذلك :[ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُبَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ]([21]).

3.عمل الرسول الأعظم (ص) على وحدة وتأليف وتقوية الأوس و الخزرج بالإيمانو الإسلام، ومعنى هذا تقوية صفهم ضد اليهود وزعزعة مركزهم الذي عمل اليهود طوال أيامهم على الاستئثار بالسلطان وهذا ما لم يكونوا ينتظرون .

4. انصراف الرسول (ص) عنقبلة اليهود بعد أن كان مستقبلاً لبيت المقدس لذلك صرّح بعض اليهود مثل سلام بن يشكم وشاس بن قيس حين قالوا للنبي (ص) : كيف نتبعك و قد تركت قبلتنا ؟ ([22]) .

5. زعماليهود أن الله الحق هو الذي يعبده بنو إسرائيل فقط ولا يستحق غيرهم من الأميين أن يكون لهم هذا الإله خالقاً ومعبوداً ، ولما كان محمد(ص) يدعوهم إلى إله واحد لجميع الناسخالقاً ومعبوداً كان في ذلك تسوية لإله غيرهم بإلههم وكان فيه تسوية لغيرهم به هذا وكيف يرتضيه اليهود؟ .

6. رفض اليهود القرآن المنزل بدعوى أنّ الذي حمله إلى محمد(ص) هو جبريل، وجبريل عدو لهم لأنه ينزل عليهم بما يشق من التكاليف فردَّ الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله : [ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُعَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِوَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ]([23]).

7.أنكر اليهود هناك بشارة في كتبهم أو عهد بالإيمان ببعث الرسول الأكرم (ص) وقد قال مالك بنالصيف للنبي حين ذكر لهم ما أُخِذَ عليهم من ميثاق : و الله ما عهد إلينا في محمد عهد وما أخذ له علينا من ميثاق([24]) ، فأنزل الله سبحانه و تعالى :[ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواعَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ]([25]). وقد كانت اليهود يستنصرون على الأوس و الخزرج برسول الله قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب ولم يكن من بني إسرائيل كفروا بهوجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال لهم معاذ بن جبل و بشر بن براء بن معرور : يا معشر اليهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل الشرك و تصفونهوتذكرون أنه مبعوث ، فقال سلام بن مسلم أخو بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم([26]). ثم عهد اليهود إلى تغيير صفاته الموجودة في التوراة و استبدلوابها صفات أخرى لا تنطبق عليه ليضلوا الناس و يتخلصوا من عهد الإيمان به . قال تعالى: [وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْتَعْلَمُونَ ](4),و قال تعالى: [فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًاقَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ](5) .

8.مكابرة اليهود على غيرهم بأنهم أهل معرفة و لا حاجة لهم بعلمجديد فقلوبهم مملوءة ليس فيها متسع,و هي مغلقة لا تسيغ علوماً غير ما عهدت من علم آبائهم الأولين الذين كانوا خيرا منهم و أعلم,و قد رد الله سبحانه و تعالى على مقولتهمبقوله : [وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا](1) ,و قال تعالى: وَقَالُواقُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ](2).

9. تمادي اليهود في العناد فطلبوا من الرسول الأعظم كتاب لهم من السماءيأمرهم فيه بالإيمان به قال تعالى: [يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَفَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً](3).

10.رفض اليهود دعوة الرسول الأعظم (ص) لأنها مخالفة لدعوة نبينا إبراهيم (ع) الذي زعموا أنّه كان يهوديا و لو كانت موافقةلها لآمن محمد باليهودية و دخل معهم و لا حاجة لدعوة جديدة.

11.شكك اليهود الناس بطريقة عملية في صدق النبي (ص) و كتابه,فقد اقترح عبد الله بن صيف و عدي بن زيد و الحرثبن عوف أن يظهروا للناس أنّهم آمنوا,ثم بعد ذلك يعلنون عدولهم عن الإيمان و يجهرون بالكفر,فإذا رأى الناس ذلك قالوا:(لولا أنّه ظهر لهم كذب محمد لما عدلوا عن الإيمان به وهم أهل علم و دراية)(4),و هذا ما حكاه القرآن الكريم بقوله تعالى: [وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواوَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ](5).

12. كان اليهود يتعمدون بتوجيه الأسئلة إلى الرسول الأعظم (ص) بقصد تعجيزه و إفحامه أمامالناس فقد سألوه عن الساعة و الروح و عن ذي القرنين و عما حرم إسرائيل عن نفسه و غيرها ومع إجابته (ص) على ما سألوه و أخذ المواثيق عليهم بالإيمان به إنْ صدقهم في الإجابةفقد كذبوا و لم يؤمنوا.

هذه بعض الأساليب التي اتخذها اليهود للطعن في الدعوة الإسلامية و القرآن الكريم و لكن مثل هذه الأساليب يمكن أن تتكشف و تتحطم إذا كانتهنالك قلعة حصينة من العقيدة القوية و قيادة حكيمة واعية و حراسة متيقظة تفوت على العدو غرضه,و تحمي المجتمع شره و هو ما فعله النبي (ص) و صحابته الكرام إزاء أساليباليهود,و كان الوحي يؤيدهم لأنهم أخلصوا النية,و صدقوا العزم فكان الله معهم بالعون و التوفيق.


خامسا:عداء اليهود لمحمد و المسلمين

لم تفلحاليهود في عدائها للدعوة الإسلامية و لم تنجح أساليبهم في غزوهم الفكري للعقيدة الجديدة فلجأوا إلى معاندة الأشخاص و إيذائهم و هذه حيلة العاجز عن معاندة الحق كمبدأ بلأنّ معاداة اليهود للنبي(ص) والمؤمنين معه كانت تسير جنبا إلى جنب مع معارضة الدعوة في وقت مبكر كأسلوب من جملة الأساليب الكثيرة التي تتفنن فيها اليهود في الإيذاء والإفساد,و هذه بعض مظاهر العداء منها:-

1. تناول اليهود بالسب و القدح و الاستهزاء شخص محمد (ص) سواءأكان ذلك في مواجهته أم من وراء ظهره.قال سبحانه و تعالى:[وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا] (1).و قد تضمنت الآيات صورة موقف ساخر لليهود من النبي(ص) حيث كانوا يلوون ألسنتهم بكلمة(راعنا)حتى تكون نعتا للنبي (ص) بالرعونة و يجهرون بعصيانه فيما يأمر و يدعو.و يستعملون كلمة(عصينا)بعد(سمعنا)بدلا من الجملة العربيةالمعتادة(سمعنا و أطعنا)أو(سمعاً وطاعة).و يدعون عليه بالسوء فيقولون:اسمع لا سمعت أو اسمع غير مستجاب,و يقصدون بكل ذلك الانتقاص من الدعوة الإسلامية و شخص النبي (ص) والطعن فيهما قال تعالى: [ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَالَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ](1).

2. تهديد اليهود للنبي (ص) و المؤمنين بقتالهم و بخاصة بعد غزوة بدر و كان ذلك أداة لبداية نقض العهد,فعندمارجع الرسول من غزوة بدر جمع اليهود في سوق بني قينقاع و قال لهم: يا معشر اليهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشاً,فقالوا:يا محمد لا يغرنك من نفسك أنّكقتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال,إنّك و الله لو قاتلتنا لعرفت إنّا نحن الناس و إنّك لم تلق مثلنا(2).فأنزل الله سبحانه فيهم : [قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُواسَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِوَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ](3).

3.عدم تعاون اليهود مع النبي (ص) في تنفيذ نصوص المعاهدة من حيث النصرة و تحمل الديات,ففيغزوة أحد لم يتقدموا إلى الرسول (ص) بمساعدة ما لرد عدوان قريش(4).على أنّ النبي (ص) لم يطلب منهم ذلك لعدم الثقة فيهم عندما عرض عليه الأنصار الاستعانة بهم بمقتضى الحلف.


4. محاولة اليهود للتخلص من النبي محمد (ص) باغتياله و مما عرف من ذلك ثلاث طرق:-

الطريقة الأولى

عهد اليهود إلى رجل منهم اسمه لبيد بن الأعصم و هو منيهود بني زريق بإيذاء النبي (ص) بالمرض عن طريق كان معروفا للعرب و هو السحر(1).

الطريقة الثانية

محاولة اليهود لقتل النبي (ص) بإلقاء حجر عليه من فوق جداركان يجلس تحته.

الطريقة الثالثة

حاولت امرأة من اليهود اسمها زينب بنت الحارث وهي امرأة سلام بن مشكم من بني النضير أن تقضي على النبي (ص) بواسطة السمعندما أُهديت لرسول الله شاة مطبوخة فيها سم(2).

5. أذى اليهود للمسلمين اقتصاديا لأنهم كانوا يملكون زمام الثروة المالية فكانوا يقرضون بالربا و يحتكرون الأقواتو فيهم الشح و البخل.

6. تفريق الصف و تفتيت الوحدة و بث الفرقة بين المسلمين لإضعاف شوكتهم و بسط نفوذهم عليهم.

7.تآمر اليهود مع المشركين ضد النبي والمسلمين و ذلك طبع قديم فيهم يتعاونون مع الشيطان لتحقيق مآربهم,ففي غزوة أحد كان كعب بن الأشرف هو المحرض الأكبر لقريش على الأخذ من المسلمين بثأر يوم بدر,وكذلك غزوةالأحزاب,و اليهود حين يلجأون إلى تأليب غيرهم على محمد إنما يعملون ضده في الخفاء و يخشون أن يلقوه في حرب مكشوفة فيحرضون غيرهم ليقوم بهذه المهمة و هذا دليل واضح علىجبنهم و خوفهم من المسلمين بالذات.

8.أنشأ اليهود جبهة ثالثة غير المؤمنين و الكافرين هي جبهة المنافقين ليكونوا عملاء في الكيد للمسلمين.و اليهود الذين دخلوا فيالإسلام زيفا كانوا يعادون المخلصين و يودون الفاسقين وهذا ديدنهم إلى يوم الدين .

9. تعاون اليهود مع كل حركة عدائية للدعوة الإسلامية و لجماعة المسلمين,فقد ادعىالنبوة طليحة بن خويلد الأسدي في أيام النبي (ص) , وذكر المؤرخون أنّ اليهود ساعدوه في حركته المناهضة لمحمد .


سادسا:مواجهة الرسول عداء اليهود

بعد استعراض لموقف اليهود العدائي من الدعوة الإسلامية و من شخص النبي(ص) والمسلمين و نقضهم للعهود و غدرهم أدى ذلك إلى إذن الله لرسوله بتصفيتهم على مستوى الأفراد والجماعات.


أولا:تصفية اليهود على مستوى الأفراد

1. تصفية كعب بن الأشرف الذي آذى الرسول و حرض قريشا على الأخذ بثأر قتلى بدر أرسل إليه النبي (ص)جماعة من الأوس قتلوه بعد 35 شهر من الهجرة(1).

2. تصفية أبو عفك بإرسال النبي (ص) سالم بن عمير فقتله لهجائه للرسول و تحريض قريش عليه,و كان ذلك في شوال السنة الثانيةمن الهجرة.

3.تصفية عصماء بنت مروان التي كانت تقول الشعر في هجاء النبي (ص) و التحريض عليه فعندما سمعها عمير بن عدي في بدر و هي تعيب الإسلام بالشعر نذر إذا ردالله رسوله من بدر سالما أنْ يقتلها فأذن له النبي (ص) في ذلك فتوجه إليها ليلا - و كان أعمى - فقتلها و هي بين أولادها نائمة فأثنى عليه النبي (ص) و سماه البصير,وكان ذلك لخمسبقين من شهر رمضان عقب غزوة بدر(2).

4. تصفية سلام بن أبي الحقيق كان دائما يحرض القبائل التي تربطها باليهود رابطة على حرب النبي(ص) و كان آخرها تحريضه لبني سعد بنبكر ووعدهم على ذلك تمرا من خيبر و لم يزل يتابع التحريض بعد إجلاء قومه بني النضير حتى أرسل النبي إليه جماعة من الخزرج برئاسة عبد الله بن عتيك فقتلوه في منزله بخيبر(1).

5. تصفية كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق الذي كان من الرؤساء المحرضين على غزوة الأحزاب و قتل في غزوة خيبر(2).


ثانيا:تصفية اليهود على مستوىالجماعات

1. بنو قينقاع:عندما تعدوا على امرأة من المسلمين و حصل احتدام و اصطدام بينهم و بين المسلمين كان ذلك أول غدر و نقض للعهد فتوجه إليهم النبي (ص) بجيشحاصرهم خمسة عشر يوما حتى نزلوا على حكمه و كان جلاؤهم في منتصف شوال للسنة الثانية من الهجرة(3).

2. بنو النضير:حيكت مؤامرة لقتل النبي (ص) بإلقاء صخرة عليه,فأخبرالله رسوله بذلك فأنجاه ثم أخبر الرسول (ص) أصحابه بالخبر و أمر بالتهيؤ لقتالهم فحاصرهم ثم غزاهم و أجلاهم فذهبوا إلى خيبر و سار بعضهم للشام(4).

3.بنو قريظة:عندماتجمعت الأحزاب لحرب النبي (ص) بتحريض يهود بني النضير,فقد حرض حي بن أخطب في أثناء الغزوة بني قريظة على نقض العهد غير أن الله تعالى أخبر رسوله الكريم المؤامرة التيتحيكها اليهود مع المشركين فاستشار الرسول (ص) أصحابه فأشاروا عليه بحفر الخندق حول المدينة,و جاء المشركون بمعونة اليهود و حاصروا المدينة و حدثت المنازلة بين الإمامعلي بن أبي طالب (ع) و عدو الله عمرو بن ود العامري الذي وصفها الرسول الكريم بقوله: (خرج الإسلام كله إلى الشرك كله) فظفر الإمام علي (ع) و قتل عمرو بن ود العامري و انكسرمعسكر المشركين و تراجع,فما أن رد الله الكافرين عن المدينة بغيظهم لم ينالوا خيرا و كفى الله المؤمنين القتال و نصر الله نبيه على الأحزاب حتى أمر النبي (ص) بالتوجهبالجيش إلى منازل بني قريظة فحاصرهم خمسا و عشرين ليلة ثم نزلوا على حكم رسول الله الذي أيده سعد بن معاذ(1).

4. خيبر:مستعمرة يهودية وكان بها حصون قوية,وقد أوتإليها جماعة من بني النضير وقاموا بدور كبير في تأليب الكفار على المسلمين في غزوة الأحزاب و فعل المكائد بالإسلام و المسلمين و قد بعث الرسول (ص) الإمام علي لفتحها و قال(ص) قولته المشهورة : (لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله و رسوله و يفتح الله على يده وليس بفرار)(2) فأعطاها للإمام علي (ع) و قال (ص) له: (خذ هذه الراية فامضِ بها حتى يفتح اللهعليك)(3) فأخذها الإمام علي (ع) حتى أتى حصن خيبر فأطل عليه مرحب اليهود من رأس الحصن فقال له:من أنت؟فأجابه الإمام علي (ع): (أنا علي بن أبي طالب) و هنا اشتبك علي معه فضرب مرحبدرع الإمام فنصفه نصفين فتناول الإمام علي (ع) باب الحصن فتترس بها و قتل مرحبا و لم يزل يتترس بالباب و هو يقاتل حتى فتح الله عليه الحصون(4) .

5. وادي القرى فتحهاالنبي (ص) و تيماء و فدك صالح اليهود النبي حينما فتح خيبر.و هكذا تم نصر الله لنبيه على اليهود و استتب الأمن في الجزيرة العربية و جاءت الوفود إلى النبي (ص) تسلم أفواجا,وأرسلت كتب الدعوة إلى القبائل و تخطت حدود الجزيرة.


الفصل الثالث: اليهود وفلسطين

أولا:سمات الشخصية اليهودية

إنّ آيات القرآن الكريمرسمت صورة وافية لسمات الشخصية اليهودية,و الذي يتضح أنّ هذه السمات ليست خاصة بمكان و زمان لليهود و إنما هي جبلة راسخة متوارثة من الآباء و الأجداد غابرين و معاصرين,وقد وصفتهم الآيات القرآنية بالكفر و الجحود واللجاج و الأنانية و الزهو و التبجح و الترفع عن الغير و اعتبار أنفسهم فوق الناس و عدم الاندماج الصادق مع أحد و التضليل والتدليس و الدس و الشره الشديد إلى ما في أيدي غيرهم و الحسد الشديد لهم و لو متعوا أنفسهم بأوفر النعم,و محاولة الاستيلاء على الكل و التأثير في الكل و اللعب في وقت واحدعلى كل حبل و استحلالهم لما في أيدي غيرهم و ضنهم بأي شيء لغيرهم إذا ملكوا و قدروا,و عدم مبادلة غيرهم في الود و البر و المحبة وعدم تقيدهم بأي عهد ووعد و ميثاق و حق و عدلوواجب و أمانة,و تشجيعهم لكل حاقد و فاسد و منافق و دساس و متآمر في سبيل التهديم و شفاء لداء الحسد و الحقد و الخداع المتأصل فيهم.

و لما تجمعت هذه الصفات الرذيلةفي اليهود نظر إليهم المجتمع في كل زمان و مكان نظرة ازدراء و سخط فأصبحت النفوس متبرمة بهم,و الناس مستثقلون ظلمهم,و الحذر رائدهم منهم,و شرهم و مكرهم بالغا الأثر فيهم,والجميع راغب في التخلص منهم بأية وسيلة،و لهذا يعرف عظم هول البلاء الذي رمى به طواغيت الاستعمار العرب و المسلمين بزرع هذا الكيان الصهيوني في أرض فلسطين ليتخلصوا مناليهود و ليقضوا مآربهم الخبيثة و هذه بعض سمات الشخصية اليهودية:-

1. يتسم اليهود بالخديعة و التضليل و تواصيهم بينهم بأن لا يتضامنوا و لا يتواثقوا و لا يطمئنواو لا يتبادلوا المعرفة والمودة مع غيرهم,و أن يكون موقفهم مع المسلمين موقف خداع لا غير,قال الله تعالى: [يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِوَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ](1).فالنفاق صفة ملازمة و أصيلة لليهودي,فإن قلبه و لسانه شيئان متضادان.

2. يعلن اليهود التصميم على عصيان اللهعز وجل و نقض ميثاقه و انحرافهم إلى عبادة العجل,و كان النهي عن عبادة غير الله من أمهات تلك المواثيق.قال تعالى: [فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْوَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ](2).إنّ اليهود ينفردون دون سائر الأمم بقتل الأنبياء.

3.قال تعالى: [فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْوَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً](3)، فقد وصفت كتبهم بأنهم شعب غليظ القلب قتلت الأنبياء و أبناء الأفاعي.

4. نقمت اليهود على الله تعالى لأنه أنعم على غيرهمبالنبوة و هي نبوة نبينا محمد (ص) و هذا ساقهم إلى إنكار ما كانوا يعترفون به و يبشرون به و يعرفون أنّه الحق,و يستفتحون به على الكفار قبل البعثة لشدة الغيظ الذي انتابهممن ذلك.قال تعالى: [وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوافَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِعَلَى الْكَافِرِينَ](4).

5. سوء نوايا اليهود نحو المسلمين و تمني عدم نيلهم بأي نعمة و فضل,واشتراكهم في هذا مع المشركين رغم ما بينهم و بين المشركين من تباعد و تناقض في عقيدة التوحيد.قال تعالى: [وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْبَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُبِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ](1)، فالآية تفصح عن خلق اليهود البشع و رغبتهم في ارتداد المسلمين عن الإيمان بالله إلى الشرك الذي كانوا عليه منشدة حسدهم و غيظهم من بعثة النبي و التفافهم عليه برغم ما ظهر لهم أنّه النبي حقاً و صدقاً.

6. إنّ اليهود اتسموا بشدة الشح مع سوء الأدب مع خالقهم ورازقهم.و وصفواالله بالفقر.قال الله تعالى : [وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْسَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُقَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ](2).

7.قابليةاليهود في إنكار عقيدتهم و التظاهر بعقيدة الآخرين من أجل التحالف للقضاء على النبي (ص) و المسلمين فهذا وفد يهودي ذهب إلى مكة لتحريض قريش على النبي و المسلمين و التحالفمعهم على استئصال شأفة النبي و المسلمين و قد ذهب اليهود مع زعماء قريش إلى الأصنام فتبركوا بها و حلفوا لهم عندها على صدقهم في محالفته.و سأل زعماء قريش اليهود بالله ماإذا كانوا هم أهدى في دينهم و عقائدهم من محمد و أصحابه أم محمدا و أصحابه أهدى,فقالوا : إنّهم هم أهدى,و ذلك بقصد إغراء المشركين و تأليبهم على النبي و المسلمين و هذا يدلعلى دركات الانحراف الديني و الوقوف في أي موقف مهما دنؤ و فجر,و تبريرهم كل وسيلة مهما كان فيها و صمة و فسق و عار بسبيل النكاية بمن يناصبوا العداء.قال تعالى: [أَلَمْتَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَآمَنُوا سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا](1 ).

8.إنّ خلق اليهود مجبول على الظلم ومخالفة أوامر ربهم و أخذ الربا الذي نهاهم عنه و استحلالهم أموال الناس و أكلهم بغيا و خيانة و باطلا.قال الله تعالى: [فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَاعَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَالنَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا](2).كما أنّ عدم مبالاة أحبارهم و ربانييهم بهذه الأخلاق الرذيلة و سكوتهم عنها و عدمردعهم كان ذلك مؤديا إلى استشرائها فيهم.قال تعالى: [وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَاكَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوايَصْنَعُونَ](3).

9. إنّ اليهود لم يتمدنوا و ضميرهم ضمير الحاقد و حياتهم حياة القبلية العصبية رغم اتصالها بمختلف الحضارات,فهم يعتزلون العالم رغم اتصال العالمبهم,و لا ينظرون إليه إلاّ نظرة العدو,فالغرور صفة ملازمة لليهود لا تنفك عنهم تملكهم تملك الخبل للمخبولين فهم في تباهيهم لأنفسهم مغرقون وفي احتقارهم للعالم أجمعماضون.

10.تمادي اليهود في الباطل و النزعات الشريرة فالتأريخ يشهد بما اقترفوا من إثم و ما جانفوا من خير,فلم تشرق الشمس على هذه الأرض على شعب أكثر تعطشا إلى دماءالبشرية و أنزع إلى الحقد من شعب اليهود بسبب اعتقادهم بأنهم شعب الله المختار و تكبرهم على البشرية,فتراهم يحرقون الأمم بويلاتهم و يجيعون الناس باحتكارهم للطعام ويفرقون المجتمعات بفتنهم,و تكبر اليهود العنيد هو الذي دفعهم إلى تخريب الدول و تفتيت العوائل و اشتعال الحروب.

11.يقود اليهود اليوم تجارة المخدرات في العالم ويديرون مؤسسات القمار في الدنيا و بين هذا و ذاك تراهم يؤسسون و يدعمون مؤسسات الفسق و الفجور. إنّ سيطرة اليهود على رؤوس الأموال الكبيرة هو الذي سمح لهم بهذه المشاريعالكبيرة و الخطيرة,فمع قلتهم يستولون على حركة المال في الدنيا.و تربعهم على قيادة المؤسسة المالية العالمية هو الذي سمح لهم في التدخل في الشؤون السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و غيرها.

12. اليهود اليوم المتمثلين بالصهاينة عملاء و أجراء للدول الاستعمارية فعندما نجحت الدول الاستعمارية نتيجة الجهود المتواصلة التي قامت بهابريطانيا و أمريكا بإقامة دولة إسرائيل كثمرة للمشروع الصهيوني كان من الطبيعي أنْ تكون هذه الدولة قاعدة عسكرية للاستعمار الغربي و رأس جسرها لعبورها إلى العالمينالعربي و الإسلامي, واختيار فلسطين بالذات لتكون على أرضها هذا المشروع الاستعماري يرجع إلى أهمية موقع فلسطين من ناحية استراتيجية جغرافيا و اقتصادياً لأنها تتوسطالقارات الثلاث آسيا وأوربا و أفريقيا.


ثانيا أهمية فلسطين

فلسطين قبلة الإسلام الأولى ومهد الأنبياء ولدوا فيها وعلى أرضها درجوا وبين طياتتربتها دفنوا,و لأهميتها جعلها الله سبحانه و تعالى قبلة الإسلام الأولى و قرن اسمها مع قبلته الثانية فقال جل جلاله في محكم كتابه: [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىبِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا](1).

إنّ فلسطين قلبالعروبة النابض تقع في وسط البلاد العربية,فالصهيونية العالمية و الامبريالية التي خططت لاحتلال هذه البقعة المباركة هدفها إخضاع البلاد العربية ومنطقة الشرق الأوسطللنفوذ الاستعماري,و ضرب الإسلام في أهم مفاصله و مواقعه.


ثالثا الحكم الشرعي في مبادرة السلام

إنّ اليهود في فلسطين معتدون في الأصل على دارالمسلمين و العرب و مغتصبون لما احتلوه من فلسطين اغتصابا باغيا بمساعدة طواغيت الاستعمار بعد أن حاربوا العرب و المسلمين فيها أشد حرب ، وآذوهم أشد أذى ، وطردوهم منمدنهم و قراهم ، واستولوا على بيوتهم ومزارعهم وبساتينهم وثرواتهم المنقولة و غير المنقولة,و قتلوا الآلاف منهم,و منهم أطفال و نساء و شيوخ عزل غير محاربين ومثلوا فيهمأفضع تمثيل، و هتكوا حرمات العرب المسلمين ، ودنسوا مقدساتهم، وأزالوا معالم الإسلام والعروبة و لم يكن بين العرب و بينهم سابق عداء قبل تفكيرهم في غزو فلسطين و إنشاءدولة على أنقاض العرب و المسلمين فيها,بل كان العرب و المسلمون في ضل السلطان الإسلامي يمنحون من كان منهم في ضل هذا السلطان الحرية و الأمان و الطمأنينة في حين كانوا وظلوا معرضين للاضطهاد و المطاردة و المصادرة في كل البلاد الأخر التي كانوا يحلون فيها,فالجهاد المفروض على المسلمين في فلسطين هو الجهاد الدفاعي الذي هو فرض عين كماتقدم تفصيله في الفصل الأول.فلا ينطبق معنى الجنوح إلى السلم على الصهاينة إذا أعلنوا أنّهم يريدون الصلح و المسالمة و السلام مع العرب و المسلمين مع احتفاظهم بمااغتصبوه من دار المسلمين و أموالهم و بالدولة التي أقاموها على أنقاضهم.ولا يجوز للمسلمين و العرب إجابتهم إلى ذلك أو المبادرة إلى السلام مع اليهود حتى لو تركوا بعض مااغتصبوه و اكتفوا بالقسم الذي قررته لهم هيئة الأمم لأنه دار المسلمين و العرب,و ليس لهيئة الأمم و لا أي جهة كانت أن تمنح الصهاينة جزءا مهما كان صغيرا من هذه الدار لأنعقيدتنا كمسلمين لا يمكن أن نعترف بأحقية الغاصب حتى لو أنّ العالم كله اعترف بالكيان الصهيوني,و ذلك لأن ديننا الإسلامي لا يعطي أي مبرر أو أية شرعية لأن يوقع المسلمالصلح مع الصهاينة حتى لو كانت السياسة العالمية أن تعطي التبرير أو الشرعية الدولية للاعتراف بإسرائيل.و ليس لأحد من المسلمين والعرب حق قبول ذلك,و أي قبول أو تنازل أوتساهل أو تفاوض في ذلك هو خيانة لله و لرسوله و للمسلمين و على المسلمين أن يحاربوا كل مشاريع التسوية و مبادرات السلام مع الصهاينة,كما على المسلمين واجب إعداد كل قوةيستطيعونها,و الاستعداد بكل وسيلة لمقاتلة اليهود و تضييق الخناق و الحصار عليهم بدون هوادة و لا كلل إلى أنّ يقوضوا دولة إسرائيل و يستردوا ما اغتصبه اليهود من أرضفلسطين المقدسة و يطهروها من رجسهم لتعود إلى السلطان العربي الإسلامي كما كانت.[ إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ](1)، [َإِنَّ اللَّهَعَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ](2).

و إنّ العمليات الاستشهادية في فلسطين هي من أروع صور الجهاد و أكمل أفرادها فإن الجود بالنفس في سبيل الله هي غاية الجود والتضحية,و قد جاد الإمام الحسين (ع) بنفسه عندما رأى أنّ دين الله لا يستقيم إلاَّ بسفك دمه فقدمها قربانا لله.

إنْ كان دين محمد لم يستقم



إلا بقتلييا سيوف خذيني



و أما قياس العمليات الاستشهادية بالانتحار فهو قياس مع الفارق,و ذلك أنّ المنتحر هو يريد التخلص من الحياة لجزعه و ضعفه و قصور همته وإرادته,بينما المستشهد في العمليات الاستشهادية يضحي بالنفس من أجل سعادة و حياة الآخرين و طرد الظالمين و إرهابهم,و الاستشهاد هو الإقدام على الموت بخطى ثابتة مطمئنةيريد بها إعلاء كلمة الله و في سبيل الله دفاعا عن الآخرين ونصرة للمظلومين و ردعا للمعتدين فأين هذا من ذاك؟و لكن العقول الناقصة و قوى الاستكبار و شريعة الغاب تقلبالحقائق و تخلط المفاهيم و تذر الرماد في عيون الضعفاء فتسمي الربا بالفائدة و الحجاب و احتشام المرأة تعدي على حقوق الإنسان و العمليات الاستشهادية إرهاب و طمس معالمالحضارات بالعولمه و الله المستعان كما يجوز في هذه العمليات الاستشهادية أي فعل مما يؤدي إلى إيهام العدو و النيل منه ونجاح العملية و إنْ كان ينافي الأحكام الشرعية منالتزي بزي اليهود و ترك الحجاب للمستشهدات و غيرها.


رابعاً:آليات الجهاد في المرحلة الراهنة

1. الجهاد العسكري السماح للمتطوعين المجاهدينللدخول في فلسطين بفتح الحدود لدول الطوق المجاورة،و خلق الخوف و الرعب في قلوب الصهاينة.و إمداد إخواننا المجاهدين في فلسطين بالسلاح لديمومة الانتفاضة و استمرارها.وبيان إنّ ما تمتلكه إسرائيل من ترسانة عسكرية كبيرة في المنطقة لا يكون سببا في التقاعس عن الجهاد فإنْ اليهود منذ العصور الغابرة حتى في عصر النبوة كانوا لهم حصون و سلاحو كانوا ظانين أنّ حصونهم و سلاحهم مانعهم من أي غزو،و مع هذا انتصر المسلمون مع إمكاناتهم العسكرية البسيطة.و بيان انتصارات الانتفاضة الفلسطينية التي استطاعت أنّ تهزالكيان الصهيوني هو أفضل دليل على ذلك.

2. الجهاد السياسي وهو بقطع العلاقات السياسية مع إسرائيل و رفض جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني و مبادرات السلامالمزعومة مع إسرائيل.

3.الجهاد المالي وهو إمداد إخواننا المحاصرين في فلسطين بالمال على المستوى الرسمي و الشعبي،كذلك دعم العوائل الفلسطينية بالمال لبناء مادمره العدو الصهيوني من دور و مؤسسات فلسطينية.فإنّ في فلسطين عيونا باكية دامعة و نفوسا حزينة و قلوبا منكسرة من أرامل و أيتام يتضورون جوعا،و جرحى مقعدين عن العمليفترشون الغبراء و يلتحفون الزرقاء,و فقراء حائرين لا مأوى لهم و لا يجدون ما يسد رمقهم.هؤلاء هم الذين قاموا بواجبهم فبذلوا أنفسهم لتسلم أعراضهم و دافعوا عن أعزمقدساتهم و ديارهم و ذبوا عن حياضهم.فبرهنوا في كل المواقف الخطيرة على التضحية و المفاداة في سبيل الدفاع عن كيان الأمة و حفظ الأماكن المقدسة من براثن الاستعمار والخطر الصهيوني المحدق بها فما هو موقفكم يا أبناء العرب و الإسلام أمام هذه الحالة المريعة التي تنفطر لها الأكباد و المرائر و تتمزق لها القلوب,إنّ أرواح شهداء فلسطينالأبرار لتستصرخكم و تناديكم من مستقرها و عالمها طالبة إليكم إسعاف أراملهم و كفالة أيتامهم و القيام بأودهم فما أنتم فاعلون؟إنّ العرب قد اشتهرت بأقصى غاية الجود وإسعاف المنكود و الإيثار على النفس من قبل أنْ تتكون منها غسان و عدنان و تنقسم إلى مذاهب و أديان و أكد ذلك الإسلام.فإنّ الواجب من سنة التعاون و التضامن من أنْ يكون حق فيأموالكم,و مقابلة الإحسان بالإحسان فإنّ إخوانكم عرب فلسطين لم يهملوا واجباتهم طرفة عين و قد عرفتم بالمسارعة و المبادرة إلى كل خير,فعززوا اليوم ثقة العالم بكم و أيدواماضيكم فهذا اليوم يومكم,كل فرد قدر طاقته,أرونا نشاطكم و غيرتكم و جودكم و تدفقوا بالنوال عن طيبة نفس و خاطر,و سارعوا إلى صالح الأعمال و إنّ الله لا يضيع أجر المحسنين.

4. الجهاد الاقتصادي و هو بقطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل و الدول المساندة لها و خصوصا أمريكا و بريطانيا بحرمة شراء البضائع و عقد الاتفاقات التجارية معشركات الدول المساندة لإسرائيل و الاعتقاد بأنّ الأمريكيين شركاء للصهاينة في الحرب و السلاح ضد فلسطين.

5. الجهاد الشعبي:و هو إحياء المسيرات و المهرجاناتلتمجيد الانتفاضة و دعمها و تقوية العزائم و إنشاء القصائد للتمجيد ببطولات المستشهدين,و بيان الخطر الصهيوني التوسعي على الأمة العربية و الإسلامية.

6.الجهادالثقافي و هو أن يدعم الإعلام العربي و الإسلامي الانتفاضة الفلسطينية و بيان حق المسلمين في فلسطين و أهمية القدس و مسجد الأقصى عندهم,وإنّ تحرير القدس و المسجد الأقصىمن براثن العدو الصهيوني تكليف شرعي لكل مسلم مسؤول في تقصيره أمام الله سبحانه و تعالى,كذلك تركيزالقضية الفلسطينية المركزية في المدارس و الجامعات و المحافل الثقافية، ودعم جميع فصائل الانتفاضة والتركيز على وحدة الانتفاضة,و رفع شعار لا سلام إلاَّ بطرد الاستعمار الصهيوني.و الإيضاح بأنّ إسرائيل تمثل قاعدة عسكرية للدولالاستعمارية من بريطانيا و أمريكا و من دار في فلكهم لضرب العالم العربي الإسلامي.كما يجب على المسلم العربي أنْ يكون واعيا تمام الوعي لخلفيات عدوه و خططه كلها,وأنْ لايستسلم ببساطة أو سذاجة للانفتاح عليه دون تحفظ وأنْ لا يتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين,وإنّ على المؤمنين أن يكونوا أولياء المؤمنين قال تعالى : [لا يَتَّخِذْالْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ](1).فإنّ اتخاذ الكافرين أولياء له خطر عظيم و سلبيات جسيمة بحيث يترك تأثيرات فكرية و عملية تؤديإلى انقلاب على الأعقاب.قال تعالى: [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُواخَاسِرِينَ](2).

و نشر ثقافة الثورة الحسينية عند الطلبة الفلسطينيين في الجامعات و المدارس خاصة، وبيان فضيلة الاستشهاد ، وبيان أنّ الانتصار ركنه الأساس هوالإقدام على الموت بخطى ثابتة كأصحاب الحسين F,ففي هذه المرحلة الحرجة فإن فكر الثورة الحسينية هو الطريقة المثلى و الفكرة النيرة لمواجهة فكر الكيان الصهيونيالاستيطاني التوسعي.و رفع شعار لا صوت إلاَّ صوت المواجهة و لا مواجهة إلاَّ بالعمليات الاستشهادية المؤثرة في المجتمع الإسرائيلي,و لا وسيلة لطرد الاحتلال الإسرائيليإلاَّ بالعمليات الاستشهادية و بيان للعالم بأنّ الاحتلال الإسرائيلي هو أعلى درجات الإرهاب.وإنّ تحرير فلسطين يتطلب التضحية بدماء زكية طاهرة من علماء الأمة و قادتهاو فقهائها و من سبر التأريخ فإنّ نقاطه المضيئة من التضحيات هي تضحيات قادته و فقهائه و رجاله العظام,لأنه كلما كان النصر عظيما و المعركة مصيرية يحتاج إلى قربان عظيم ودماء زكية طاهرة معروفة فما دام الجهاد الفعلي في ساحات الوغى منحصر على المجاهدين من الشعوب دون علمائها و قادتها فإنّ هذا يؤدي إلى إضمار شعلة الجهاد و إطفاء نار الشوقنحو الاستشهاد بينما كان سلفنا الصالح من علماء الدين و قادة المسلمين و حملة علم خاتم النبيين في مقدمة جيوش المسلمين لا يسبقهم سابق و لا يتقدم عليهم لا حق.بينمافقهاؤنا و علماؤنا في هذا العصر يفتون بالجهاد و لم نر أحد منهم في ساحات القتال بل إنّي أجزم أنّهم لا يستطيعون ذبح شاة بل إنّ بعضهم لم يلمس السلاح مدة الحياة,و عندمارأى المجتمع الإسلامي أنّ فقهاءهوولاة أمره قد تغيبوا عن سوح الجهاد خمدت شعلة الاستشهاد في نفوس أبنائه.نسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة على أشر عباده اليهود.فهللهذا من سبيل؟و الله يعلم السرائر و هو من وراء القصد.


خامساً أسباب فشل المسلمين في الصراع الصهيوني

1. تصغير و تحجيم دائرة الصراع مع إسرائيل والاعتقاد بأنّ الصراع هو صراع فلسطيني إسرائيلي لا صراع إسلامي عربي إسرائيلي,و ترسيخ فكرة القطرية و عقد معاهدات السلام مع إسرائيل لأقطار الطوق كل على انفراد.

2. الاعتقاد الواهم بأنّ السلام هو الخيار الوحيد لحل النزاع العربي الإسرائيلي و إرجاع الحقوق الفلسطينية.

3.الاعتقاد الواهم بأنّ أمريكا هي الوحيدة الراعيةلمشروع السلام بين العرب و إسرائيل بينما تعتبر هي الشريكة لإسرائيل المساندة لها.

4. تنازلات العرب مرة بعد أخرى المتوالية و التخلي عن جوهر الصراع الذي كانشعاره بأنّ إسرائيل دولة عنصرية غاصبة يجب إزالتها ثم أصبح الشعار(إزالة الكيان الصهيوني) ، ثم أصبح (إزالة العدوان) ، ثم أصبح الشعار(الأرض مقابل السلام) ، ثم شعار(مبادرةالسلام و العودة إلى حدود عام 1967م),و التخلي عن جوهر الصراع الذي بدأ عام 1948م.

5. رد العرب و المسلمين للصهاينة الأفعال بالأقوال و على العدوان بالاستنكار و السنانبالأقلام.

6.الاعتقاد الواهم بأنّ إسرائيل أقوى دولة عسكرية في المنطقة و من الدول العربية فضلا عن دول الطوق,و هذا المنطق مخالف للمنطق القرآني : [وَأَعِدُّوالَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ](1) لا إعداد بمثل ما أعدوا لكم,و التاريخ خير شاهد على ذلك في انتصار المسلمين و الدليل على ذلك من واقعنا المعاصر فإنّ مع الضعف العربي و الوهنالإسلامي و الصمت العالمي فالانتفاضة الفلسطينية أثبتت نصرها و مواجهتها لأقوى ترسانة عسكرية و مؤسسة عسكرية عنجهية.

7.عزل الدين عن المجتمع و تحريف المفاهيمالدينية وتفسيرها تفسيرا مؤطرا بإطار الفرد لا يتخطاه أنملة,و كان الدين لا يمس المجتمع بصلة,ففسرت الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة أكثرها بل جلها تفسيرا فرديا وكأنه لا علاقة لها بالمجتمع و لا مساس لها بالأمة,و كأنّ الغاية من بعث الرسول الأكرم(ص) و إنزال القرآن العظيم هو إيصال الأفراد كأفراد إلى الكمال المطلوب ليس إلاَّ,فكلحكم يتعلق بالمجتمع عطل أو فسر على أنّه حكم فردي,فالجهاد عند هؤلاء المفسرين هو جهاد الفرد لنفسه دون غيره من أقسام الجهاد و هو جهاد الأمة للدفاع عن نفسها أو جهادالدعوة إلى الإسلام.كما علينا أنْ نهتم بفقه المجتمع بمقدار اهتمامنا بفقه الأفراد,فإنّ معرفة مسائل وأحكام و أقسام الجهاد الذي هو سنام الإسلام و عزه أن يكون عندالمؤمنين يمثل معرفتهم لأحكام العبادات من صلاة و صوم و زكاة.

8.الخطورة على الإسلام بتصدي من ليس أهل للإفتاء و نصب نفسه من علماء المسلمين ممن يحمل بعض العناوينالبارزة مثلا أستاذ في الجامعة في اختصاص الفلسفة فيتكلم عن الجهاد وإنّ أحكامه مختصة في زمن الرسول(ص),أو أنّ على المسلمين في فلسطين وجوب الهجرة خارجها لأنهممستضعفون,أو وجوب السلام مع إسرائيل و غيرها من الفتاوى التي لم ينزل الله بها من سلطان,فقد ابتلي العالم الإسلامي بمؤمنين لا يعقلون سطحيون في نظرهم جامدون على ما ورثوهمن ماضيهم,وعاقلين لا يؤمنون انسلخوا من ماضيهم المجيد و أصبحوا أتباع المدنية الغربية بكل حذافيرها,نسأل الله تعالى أن يجعل علماءنا مؤمنين عاقلين.


سادسا موقف علماء النجف الأشرف من قضية فلسطين

إنّ لعلماء النجف الأشرف اليد الطولى في محاربة اليهود,فقد حاربهم جدنا الأعلى الشيخ جعفر كاشف الغطاء صاحب كتاب [كشف الغطاء ] المتوفي سنة (1228 هـ)يوم احتل اليهود أراضي الحلة الفيحاء قرب مرقد ذي الكفل (ع) و حاولوا تهويد أهلها,فانبرى الشيخ للسفر لأهلها مع جملة صالحة من تلاميذه ماانفك الشيخ جعفر يحارب اليهودية بيده و لسانه و قلمه بعد ما أتقن اللغة العبرية ودرس التوراة,و قد أسلم على يده منهم رهط كثير(1).ثم قامت علماء أسرة آل كاشف الغطاء جيلا بعدجيل بمحاربة اليهود العنصريين بأقلامهم وألسنتهم و نفوسهم فقد استنهض المرحوم الشيخ هادي كاشف الغطاء في جمادي الأخرة سنة 1356هـ المسلمين و استفزهم في دفع اليهود عنفلسطين في فتوى نقتبس منها: (أما بعد فقد بلغكم وملأ أسماعكم ما أفتى به علماؤكم الروحانيون زعماء الدين و أئمة المسلمين و حجج الله على العالمين من وجوب الجهاد على كلمسلم في شرق الأرض و غربها العربي و الفارسي و الهندي و التركي من سائر الأقطار والأمصار والشعوب أعدوا لهم ما استطعتم من قوة بالكتب و الكتائب و الخطب و الرسائل والاستنهاض و الاستنفار و الترغيب و الترهيب و اللسان و السنان و الأموال و الرجال و غير ذلك من شتى الوسائل التي يحصل بها النصر على أعداء الدين المعتدين الآثمين مناليهود في فلسطين الذين يريدون أنْ يستعبدوا الأحرار و يملكوا نواحي العباد,و يأبى الله و رسوله و أنوف حميت و شيم عربية.فيا أبطال الوغى و يا ليوث الهيجاء و يا قادة جندناو يا أباة الضيم و يا حماة العرين طيبوا عن أنفسكم نفسا و سيروا إلى الموت سيرا سجحا,و أعيروا الله جماجمكم ساعة حتى ينجلي عمود الحق و أنتم الأعلون,و اعلموا ( أنّ الجهادباب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه و هو لباس التقوى و درع الله الحصينة و جنته الواقية فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل و الهوان و شمله البلاء والخسران)(2).و قد أنهى فتواه بقلب مكلوم و صدر مألوم.

كما وقف المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء مواقف مجيدة للدفاع عن فلسطين فسافر إلى المؤتمر الإسلامي فيفلسطين و بمعيته الشيخ عبد الرسول كاشف الغطاء,و أوضح للعالم الإسلامي بخطر الصهيونيين,و خطب الخطب العديدة في محافل حاشدة و اجتماعات حافلة بعبارات كلها بينات مستنهضاهممهم(1).و قد صدرت منه عدة نداءات حول قضية فلسطين منها ما نشرته جمعية الدفاع عن فلسطين رقم(11) بغداد/السبت في 6آب 1938 م في 5 جمادي الآخرة 1357 هـ نصه : (انفروا خفافا و ثقالا وجاهدوا بأموالكم و أنفسكم أيها العرب أيها المسلمون بل أيها البشر و أيها الناس أصبح الجهاد في سبيل فلسطين واجبا على كل إنسان لا على العرب و المسلمين فقط.نعم هو واجبعلى كل إنسان لا بحكم الأديان و الشرائع فقط بل بحكم الحس و الوجدان ووحي الضمير و صحة التفكير و الخطة العملية في ذلك أنّ من يستطيع اللحوق بمجاهدي فلسطين بنفسه فليلتحقبهم و لا أقول :إنّي ضمين له أنّه كالمجاهدين مع النبي (ص) في بدر,فإنّ المقام أجلى و أعلى من ذلك المقام مقام شرف و غيرة و حس و شعور لا مقام طلب أجر و ثواب وإنْ كان ذلكبأعلى مراتبه,و من لم يستطع اللحوق بنفسه فليمدهم بماله إمّا بتجهيز من لا مال له ليلحق بهم أو بإرسال المال إلى المجاهدين و عيالهم و أطفالهم,و من عجز عن كل ذلك فعليه أنيجاهد و يساعد بلسانه و قلمه و مساعيه جهد إمكانه و هذه أدنى المراتب,و ليكن كل أحد على علم جازم أنّ القضية قضية موت العرب و حياتهم)(2).

ثم أفتى الشيخ علي كاشفالغطاء بوجوب الجهاد عن فلسطين في سنة (1376هـ) في نداء وجهه لعامة المسلمين الذي نشرته الصحف تحت عنوان : ( النداء العام في الجهاد عن فلسطين )(3) و نقتطع بعضا من نصوصه: أيهاالمسلمون إنّ من هزل الدهر أنْ يتطاول على أمة محمد (ص) شرذمة لفضها الغرب على شاطئ البحر و قاءتها اليهودية على فلسطين و من أغلاط الزمن أن يشين كرامة أبناء الضاد تحتسمائهم فئة باغية تعد بالأصابع يا أمة محمد (ص) إنّ الدفاع عن فلسطين باب من أبواب الجنة فمن تركه ألبسه الله ثوب الذل والهوان و مني بالبلاء و الخسران,فجاهدوا في سبيلالله أعداء الله المعتدين الآثمين الذين يريدون أنْ يستعبدوا أحراركم و يسلبوا دياركم و أراضيكم,فسارعوا إلى كبح جموعهم بعزم ثابت و قدم راسخ[وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَااسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ](1)،فإنكم[ إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْأَقْدَامَكُمْ ](2) حتى ينجلي عمود الحق و أنتم الأعلون [وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْيُرْزَقُونَ](3) و عند زيارة الشيخ علي كاشف الغطاء في 19 محرم الحرام المصادف 20/5/1965 م إلى غزة الذي كان يترأس الوفد العراقي لمؤتمر البحوث الإسلامية في القاهرة و بمعيتهشيخ الأزهر العلامة حسن مأمون و رهط كبير من رجال الدين فلما و صل بهم المسير إلى دار حنون حيث كانت الحدود الفلسطينية و الحدود اليهودية المغتصبة,فتأثر الشيخ علي كاشفالغطاء كثيرا على ضياع أرض الوطن العربي بيد اليهود المغلولة فانفجر سماحته كالبركان ثائر بشقشقة هدرت,فتصاعدت من صدر سماحته الحسرات و الأنات بخطبة حماسية ارتجالية وكان لها و قع عظيم في ذلك الجمع الحاشد أبكت الجميع و خشعت لها القلوب و النفوس.و في أيام حرب سنة 1967م كان الشيخ علي يحرض الجماهير العربية و الإسلامية و يبعث الحماس فيهمبقلمه و لسانه على نصرة القضية الفلسطينية كما أعلنت الصحف اليومية صوم الشيخ علي نصرة للعرب و المسلمين على الصهاينة المجرمين و قد طلب من رجال الدين أنْ يستغلوا جميعإمكانياتهم للمساهمة في نصرة الجيوش العربية,و أن يبينوا للمسلمين أبعاد المؤامرة الصهيونية التي حيكت لضرب الأمة العربية و الإسلامية بالاشتراك مع أعدائهم و متربصيالدوائر بهم.ثم بعد هذا أقام مجلس الفاتحة على أرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن فلسطين في جامعته في النجف الاشرف ثم أصدر سماحته نداءا عاما للمسلمين نشرته الصحفالعراقية بتاريخ 16 جمادي الثاني سنة 1387 هـ المصادف20 أيلول سنة 1976 م تحت عنوان: (الإمام كاشف الغطاء يدعوا المسلمين لتحرير الأراضي المقدسة) ,و قد طلبت منظمة فتح فتوىبالجهاد من الشيخ علي كاشف الغطاء بتاريخ 15/1/1969 م فأجابهم على ذلك,كما احتج سماحته لدى الأمم المتحدة و جمعية حقوق الإنسان على الجريمة التي اقترفتها الصهاينة بدفنهاعددا من العرب الأحياء بتاريخ 23/2/1969 م,كما استنكر سماحته جريمة الصهاينة بإحراق المسجد الأقصى الشريف,و ناشد كافة الشعوب الإسلامية و الجيوش العربية و الفصائل الفدائيةبتشديد الضربات الساحقة إلى الصهاينة و المستعمرين لارتكابهم الجريمة البشعة النكراء بحق أولى القبلتين و ثالث الحرمين المسجد الأقصى لدى أهل الشهادتين,و قد جاء ذلك فيبرقية بعث بها سماحته ردا على برقية تلقاها من الاتحاد العام لطلبة فلسطين و الاتحاد العام لعمال فلسطين و اتحاد المرأة الفلسطينية,و جاء في برقية سماحته: (لقد كانلبرقيتكم الأثر البليغ في نفوسنا فقد زادت بها لواعج الأشجان و الأحزان,و إنّ عبراتي في هذا المجال تسبق العبرات,وإنّ زفراتي تمتزج بالحسرات على العمل الإجرامي الذيارتكبته الصهاينة بانتهاكهم حرمة المسجد الأقصى.فيا لله و للمسجد الأقصى من هؤلاء العتاة المردة فأين ذوي النجدة من الصلحاء و الأبرار و منشدي العدالة الإنسانية في شرقالأرض و غربها من استرجاع الحق لأهله و تطهير الأرض)(1).وقد أجاد الشاعر بقوله:

فمتى ترى للعرب جيشا واحدا

بهدي رسول الله سار و عزمه

و يعيد وقعة مرحب وصريعها



و شعاره يوم الهجوم الثار

في النائبات يئمه الكرار

في تل أبيب عجلها الخوار



و لا زال مشايخ آل كاشف الغطاء أحفاد أولئكالرجال يبذلون الغالي و النفيس من أجل تحرير المسجد الأقصى في فلسطين من براثن الغزاة الطامعين.

كما أعلن كبار علماء الدين ومراجع المسلمين ورؤساء المؤسسات والجمعيات الدينية في النجف الأشرف الجهاد ضد الصهاينة المجرمين و دعوا المسلمين للوقوف صفا واحدا للقضاء على دويلة العصابات إسرائيل اللقيطة من خلال فتاويهم إلىمقلديهم و تصريحاتهم إلى وكالات الأنباء و مراسيلها و مناشدتهم لقادة العرب و الدول الإسلامية بالوقوف أمام الهجمة الصهيونية(1).

إنّ الفكر الإمامي الاثني عشرييعتبر اليهود أشد أعدائه على هذه الأرض على مر التاريخ لاعتقاده بأنّ الرسول الأكرم (ص) استشهد بمؤامرة يهودية و ذلك بسمه من قبل امرأة يهودية بشاة مسمومة,وإنّ إمامالمتقين و سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قد قتله ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم,وإنّ الإمام الثاني عشر المهدي بن الحسن عجل الله فرجه سوف تقتله امرأةيهودية برميها حجر على رأسه بعدما يقضي على اليهود و يصلي في القدس الشريف و يقتل كل يهودي حتى ينطق الحجر فيقول : خلفي يهودي فاقتله أيها المسلم,و مع هذا ألصق أعداءالإسلام بأنّ التشيع أصله يهودي لإضعاف هذا الفكر الثوري الذي قدم على مر الأزمنة و السنون أنهار من الدماء الزكية من قبل أئمته و أتباعه في سبيل الله و دفاعا عن الإسلامو المسلمين.

و في الختام أخاطب الأمة العربية و الإسلامية:أيتها الأمة ثقي إنّ آخرك لا يصلح إلاَّ بما صلح فيه أولك,وأعلمي إنّك لا تستعيدين مجدك المندثر و عزكالتليد إلاَّ إذا رجعت إلى تعاليمك الناصعة فهي خير كفيل لتحقيق ما تريدين,فجددي الدعوة ووحدي بين الصفوف و أعيدي سيرتك الأولى في التضحية و الجهاد,فلم يصبنا ما أصابنامن ذل و استعمار إلاَّ بعد أنْ ضربنا بتعاليمنا ظهريا و غيرنا ما بأنفسنا,وإنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم,و تلك سنة الله في الأمم و لن تجد لسنة اللهتبديلا.

أيها العرب إنّ نبيكم لم يمت فهذه تعاليمه ناصعة و هذا قرآنه حي إلى آخر الأبد فسيروا بنوره,و شقوا لكم طريق الخلاص,وإنّ الله سبحانه مع الجماعة,و اعلمواإنّ الله لا يضيع أجر العاملين.






المصادر

1. القرآن الكريم.

2. أحكام البغاة والمحاربين في الشريعة الإسلامية والقانون/الدكتور خالد رشيد الجميلي/رسالة دكتوراه/دار الحرية للطباعة/بغداد/1979م.

3. إسرائيل و الدولة العربية المحيطة بها/سيفالدين عبد القادر/مطبعة شفيق/بغداد/1965م.

4. اصل الشيعة و اصولها/الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء/تقديم الشيخ محمد اليعقوبي.

5. انساب الأشراف/أحمد بن يحيبن جابر البلاذري(ت:276هـ - 892م/حققه و قدم له الأستاذ الدكتور سهيل زكار و الدكتور رياض زركلي/مكتب البحوث و الدراسات في دار الفكر/بيروت/الطبعة الأولى/1417هـ - 1996م.

6.بحار الأنوار /العلامة المجلسي ( ت1110هـ ) /مؤسسة الوفاء /بيروت/لبنان /1404هـ.

7.بين جامعة الإمام الشيخ علي كاشف الغطاء في النجف ومجمع البحوث الإسلامية في القاهرة /السيد كاظم الكفائي /مطبعة الآداب /النجف الأشرف.

8. تاريخ بني إسرائيل من اسفارهم /محمد عزة دروزة/منشورات المكتبة العصرية/بيروت/1389هـ - 1969م.

9. جريدةالفرات /العدد (103) /السنة الثالثة /الاثنين/24 صفر /1423 هـ.

10. حقيقة اليهود/الأستاذ خير الله طلفاح/الجزء الثامن/دار الحرية للطباعة/بغداد/1979.

11. حكم السلاممع إسرائيل/سماحة السيد حسين الصدر/الناشر مكتبة الأمير/بغداد/مطبعة المغرب/2002م.

12.الخطب الأربعة للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء/جمعها و نشرها نوري كاشفالغطاء/النجف الاشرف مطبعة الراعي.

13. دراسات إسلامية/مجلة فصلية علمية/ بيت الحكمة/ العدد الأول /السنة الأولى/1420هـ - 2000م.

14.الدول الكبرى و الصراعالعربي الإسرائيلي/كامل حمدان و سلمى حداد و ميشيل كامل و سمير كرم/المؤسسة العربية للدراسات و النشر/1976م.

15.الدين و الإرهاب/الدكتور رشدي عليان و الدكتور قحطانالدوري و الدكتور سعدون محمود الساموك/مطبعة الرشاد/بغداد/1408هـ - 1988م.

16.دائرة المعارف المسماة بمقتبس الأثر و مجدد ما دثر/الشيخ محمد حسين الشيخ سليمانالاعلمي/منشورات مؤسسة الاعلمي/بيروت /الطبعة الأولى/1392هـ - 1972م .

17.السيرة النبوية /ابن هشام/تعليق طه عبد الرؤوف سعد/دار الجيل/بيروت/1975.

18.الشيخ محمدحسين كاشف الغطاء و دوره الوطني و القومي/حيدر نزار عطية/رسالة ماجستير/معهد التاريخ العربي/1422هـ - 2002م.

19.صحيح البخاري /البخاري/بغداد/1986 م .

20.كشف الغطاءعن مبهمات الشريعة الغراء/الشيخ جعفر كاشف الغطاء(1156هـ - 1228هـ)/ مطبوعات مكتبة كاشف الغطاء في المدرسة المهدية الدينية/النجف الأشرف /2000م - 1422هـ.

21.الكافي /الكليني ( ت 1081 هـ أو 1086هـ ) /منشورات المكتبة الإسلامية/طهران .

22.لأجل نكسب المعركة الفاصلة السيد إبراهيم السيد أحمد الفاضلي /مطبعة القضاء/النجف الاشرف/1387هـ -1967م.

23. لسان العرب /ابن منظور /إعداد وتصنيف يوسف اللخياط ونديم مرعشلي/ دار لسان العرب/بيروت .

24.لماذا أكره إسرائيل/أمين سامي الغمراوي/دار النهضةالعربية/القاهرة/1964م.

25.المرشد العربي/الشريف عبد الله آل علوي الحسيني/1348هـ/السنة(1)/مطبعة الترقي/اللاذقية/سوريا.

26. مجلة العدل / الجزء العاشر و الحاديعشر /السنة الثانية / 1387 هـ -1967 م .

27. مقارنة الأديان/اليهودية/دكتور أحمد شلبي/مصر.

28. مكانة القدس في الإسلام الشيخ عبد الحميد السائح/منشورات لجنة انقاذالقدس/ 1388هـ - 1968م .

29.مهذب الأحكام في بيان الحلال و الحرام/السيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري/مطبعة الآداب/النجف الاشرف/1401هـ - 1981م.

30. النشاط الصهيونيفي العراق 1914- 1952 م/صادق حسن السوداني/دار الحرية للطباعة/بغداد/1400هـ - 1980م.

31. نهاية إسرائيل و الصهيونية/عبد الحميد واكد/من إعجاز القرآن و السنة/ مطبعةالبلاغ/مصر.

32. وجوب النهضة لحفظ البيضة/السيد محمد الحسيني البغدادي النجفي/مطبعة القضاء/النجف الاشرف/1388هـ - 1967م.

33. وسائل الشيعة / الشيخ محمد بن الحسنالحر العاملي ( ت 1104 هـ ) /تحقيق وتصحيح الأغا الميرزا عبد الرحيم الرباني /منشورات المكتبة الإسلامية / طهران .





(1) بحار الأنوار /67/36/باب (44) /القلب وصلاحه وفساده.

(2) لسان العرب :1/520.

(1) سورة التوبة /111 .

(2) وسائل الشيعة / باب 1 من أبواب جهاد العدو وحديث 2/م11/ص5.

(3) وسائل الشيعة / باب 1 من أبواب جهاد العدو حديث 1 /م11/ص5 .

(4) وسائل الشيعة / باب 1/ م11 /حديث 16 / ص9 .

(5) وسائل الشيعة / باب 1/ م11 /حديث 13 / ص8 .

(1) وسائل الشيعة / باب 1/ م11 /حديث 12 / ص8 .

(2) وسائل الشيعة / باب 1/ م11 /حديث 14 / ص9 .

(3) وسائل الشيعة / باب 1/ م11 /حديث 19 / ص9 .

(4) وسائل الشيعة /باب 1 من ابوابمقدمة العبادات حديث 3 .

([1]) سورة التوبة : 36.

([2]) سورة التوبة : 81،82، 83.

(1)كشف الغطاء : 6/5 .

(2) ينظر أحكام البغاة و المحاربين :1/48 .

(1)سورة آل عمران : 169 .

(2) الكافي /ج 9/ح(6)/ص33.

(3)الكافي /الكليني /ج 9/ح(4) /باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض /ص32 .

(4) وسائل الشيعة : باب 37 / م11 /حديث 1 /ص597 .

(5) سورة التوبة : 123 .

(1) سورة التوبة : 47.

(1) سورة البقرة :100.

(2) سورة الأنفال :56 .

(1) سورة البقرة :208 .

(2) سورة الأحقاف :9 .

(1)سورة الأعراف :157 .

(2) ينظر : صحيح البخاري :3/161 ، السيرة النبوية /ابن هشام :2/25.

(3) سورة البقرة :120 .

(4) سورة البقرة :40،41،42،43،44 .

(1) سورة الجمعة:2 .

(2) ينظر :السيرة النبوية / ابن هشام :2/44.

(1) سورة البقرة :2 .

(2)ينظر : السيرة النبوية / ابن هشام :2/44.

(3) سورة البقرة :97،98 .

(1) ينظر:السيرة النبوية / ابن هشام :2/36 .

(2) سورة البقرة :100.

(3) ينظر : دائرة المعارف :30 /258 .

(4) سورة البقرة :42.

(5) سورة البقرة:79.

(1) سورةالمائدة:104.

(2) سورة البقرة:88.

(3) سورة النساء:153.

(4) السيرة النبوية /ابن هشام:2/36.

(5) سورة آل عمران:72.

(1) سورة آل عمران:186.

(1)سورة النساء :46.

(2) ينظر : السيرة النبوية /ابن هشام :3/5.

(3) سورة آل عمران:12،13.

(4) ينظر : ابن هشام :2/128.

(1) ينظر: صحيح البخاري: 4/123.طبعة الشعب.


(2) ينظر :السيرة النبوية/ ابن هشام:3/218.

(1) ينظر: السيرة النبوية / ابن هشام:2/127،وينظر: صحيح البخاري:3/17.

(2) صحيح البخاري :3/18 ، وينظر: السيرة النبوية /ابنهشام:2/127.

(1) ينظر: صحيح البخاري:3/18 ، وينظر:السيرة النبوية / ابن هشام:2/127.

(2) ينظر:صحيح البخاري:3/18 ، وينظر:السيرة النبوية / ابن هشام:2/127.

(3) ينظر:صحيح البخاري:3/66.

(4) ينظر: صحيح البخاري:3/66.

(1) ينظر: صحيح البخاري:3/34 ،وينظر: السيرة النبوية / ابن هشام/3/108

(2) السيرة النبوية / ابن هشام : 3/349.


(3) السيرة النبوية / ابن هشام :3/349.

(4) ينظر: أنساب الأشراف:2/347.

(1) سورة آل عمران:71.

(2) سورة المائدة: 13.

(3) سورة البقرة:63.

(4) سورةالبقرة:89.

(1) سورة البقرة:109.

(2) سورة آل عمران: 180،181.

(1 ) سورة النساء : 51،52.

(2) سورة النساء:161.

(3) سورة المائدة:62،63.

(1) سورةالإسراء:1.

(1) سورة محمد : 7.

(2) سورة الحج : 39.

(1) سورة آل عمران:28.

(2) سورة آل عمران : 149.

(1) سورة الأنفال :60.

(1) ينظر: بين جامعةالإمام كاشف الغطاء و مجمع البحوث الإسلامية/ السيد كاظم الكفائي :40.

(2) ينظر: بين جامعة الإمام كاشف الغطاء و مجمع البحوث الإسلامية/ السيد كاظم الكفائي :48،49.


(1) الخطب الأربعة:12.

(2) ينظر: بين جامعة الإمام كاشف الغطاء و مجمع البحوث الإسلامية/ السيد كاظم الكفائي :60،61.

(3) المصدر نفسه :63،64.

1) سورةالأنفال :60.

(2) سورة محمد : (ص).

(3) سورة آل عمران : 169.

(1) مجلة العدل/الجزء العاشر و الحادي عشر /السنة الثانية/1387هـ - 1967م.

(1) جريدة الفرات/العدد (103) /السنة الثالثة /الأثنين /24صفر/1423هـ .

/ 1