الدين الإسلامي يساير الحضارة التي توفر السعادة للإنسان

تحقيق يكتبه: عبد اللهإمام

آية الله العظمى الشيخ علي كاشف الغطاء يقول:

ـ تجارب الاختلاط بين الجنسين..نجحت تماماً.

ـ الدين الإسلامي يساير الحضارة التي توفرالسعادة للإنسان.

ـ زواج المتعة يجب أن يطبق في كل أنحاء العالم.

ـ تحديد النسل جائز..لمجرد أن الزوجة غير قادرة على تربية الأولاد.

إلتقيت بأحدزعماء الشيعة في العراق.. قال لي أنه سيعقد مؤتمراً في العراق للتقريب بين المذهب الشيعي والمذهب السني حتى لا يترك للإستعمار وأعداء وحدة الكلمة أن يغذوا الخلافاتالطائفية..

تحدث عن زواج المتعة وشرح كيف يمكن للرجل أن يتزوج أمرأة لمدة محددة شهراً أو شهرين أو ربما أقل بدون عقد مكتوب.. وبلا شهود، مجرد موافقة شفوية بينالإثنين فقط..

تحدث عن الأزياء، والموضات وعن السينما والتمثيل والاختلاط..

قال أنه لا يرى مانع في أن تحدد المرأة نسلها. ولكنه يعارض الاجهاض..

وإمام الشيعة جاء إلى القاهرة على رأس وفد من علماء الشيعة لأول مرة.. وإسمه آية الله علي كاشف الغطاء.. إنه واحد من عائلة كاشف الغطاء. التي تتزعم الشيعة في العراق منذأكثر من ثلاثة قرون..ومقره مدينة النجف..

والشيخ علي كاشف الغطاء هو أحد زعماء الشيعة في العراق عمره إثنان وخمسون عاماً، ولد في مدينة النجف، وتخرج من مدرستهاوهي أشبه بالأزهر الشريف..

وأعد قائمة طويلة من الكتب... أخذ يعددها لي، بعضها من أربعين مجلداً.. كتب تتضمن دراسات فلسفية، ودينية، وروحية، ومناظرات.. وأبحاثاًعديدة في اللغة والنحو. والأرواح والشياطين.. والجن.. والنفس..

لم يترك مجالاً دون أن يكون له فيه دراسات ورأى، ومن أبرز آرائه التي قالها بمجرد أن جلست معه إننانعيش الآن في عصر الصناعة، كانت الحياة زمان ليس فيها شيء وأصبح فيها كل شيء.. حتى الطعام كان زمان صنفاً أو ربما صنفين، وتطور كل شيء حتى أنواع الطعام، وإن واجب علماءالدين أن يلاحقوا هذا التطور الهائل.

ولا يقفوا جامدين مكانهم.. فالإسلام لا يمكن أن يصطدم بالحضارة الصحيحة التي تتجسم فيها سعادة الانسان... بل إن الإسلام يوجبهذه الحضارة.

وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها الجمهورية العربية المتحدة ليحضر مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية... ومن المهم إن وفداً من علماء الشيعة جاءوا إلىالمؤتمر وجاء وفد آخر من علماء السنة من العراق أيضاً.. وجلسوا في قاعة واحدة.. تبادلوا فيها الرأي فيما يهم المسلمين.. ويرى ضرورة التقريب بين المذاهب الإسلامية وتوحيدكلمة المسلمين، فالفرقة لا يستفيد منها سوى المستعمر وليس هناك خلافات جوهرية في العقيدة بين المذاهب الإسلامية المختلفة..

ولزعيم الشيعة موقف مشرف أثناء تأميمقناة السويس فقد أصدر فتوى أيد فيها تأميم القناة. ودعا فيها إلى مساندة الشعب المصري في معركته.

ولقد إلتقيت بالشيخ في فندق أطلس بالقاهرة، وكان محدداً لي أنأمضي معه نصف ساعة، فأمضيت معه أربع ساعات لم آمل خلالها من حديثه.. وفتح لي الرجل قلبه.. وأجاب على كل سؤال.

ومن الطبيعي أن أول سؤال لي كان عن أوجه الخلاف بينالمذهب السني والمذهب الشيعي..

وقال:

الخلافات ليست جوهرية، وأنا أعجب إن المسيحية رغم ما بينها من اختلافات في العقائد، فهي متفقة.. ونحن والحمد لله نتفقفي العقيدة وإنما نختلف في الفروع..

والانشقاق الطائفي تحول إلى ترنيمة عذبة يرقص عليها الإستعمار والطامعون.

ونحن نؤمن جميعاً إن الإسلام جاء لسعادةالبشرية ومما لا شك فيه إن الإنشقاق الطائفي والمذهبي ضد السعادة..

الشيء الثاني إننا نقول إن كل شخص يتمسك بدينه الإسلامي ليعيش عيشة راضية في الآخرة.. وتختلفالأساليب لذلك، وفي الحياة نجد إختلافاً في طرق المعيشة.. ولا يوجد تناظر، ومن باب أولى أنه لا يجب التطاحن على المعيشة الآخروية.. وأنا أعتقد أنه لو خرج محمد للوجود، لمارضى بهذا الإنشقاق وبهذه الإختلافات التي سلطت علينا الأعداء..

س ـ هل هناك محاولات للتقريب بين المذهبين؟

ج ـ نعم،.. هناك محاولات عظيمة، ولعل مجمعالبحوث الإسلامية يكون أحد الأسباب القويةفي التقريب بين مذهب التسنين والتشيع.. وإني لأرجو له التوفيق في هذه الأعمال التي ترفع مستوى الإسلام والمسلمين في هذا العصر،الذي تبلبلت فيه الأفكار..وانعدمت فيه المثل العليا.

س ـ هل بذلت هذه المحاولات فعلاً؟.

ج ـ لقد ظهرت بوادرها في المؤتمر الأخير لمجمع البحوث الإسلاميةوأهمها ما كنا نلمسه من أعضاءه من فتح باب للإجتهاد، فهي خطوة موفقة للتقريب بين المذهبين..

س ـ على مستوى الجمهورية العراقية هل بدّلت هذه المحاولات؟

ج ـالجمهورية العراقية جادة بكل قواها لجمع الصف، ووحدة الكلمة وإنَّ ما يقوم به رئيس الجمهورية (عبد السلام عارف) ورئيس الوزراء (طاهر يحيى) من الأعمال الدينية تبشر بالخيرلأزالة الفرقة وتوحيد الكلمة.. وعندما أعود إلى العراق فسوف أعقد مؤتمراً أسلامياً في العراق لنعرض فيه مشاكل المسلمين والحوادث التي تمر عليهم، وسنلتقي فيه برجالاتالسنة وعلمائهم..ونأمل أن نوفق في هذا المؤتمر إلى توحيد كلمة المسلمين والقضاء على الطائفية..

س ـ الحقيقة إن هناك بعض الأحكام في المذهب الشيعي تتطلب فهماً..أنامثلاً لا أفهم حكاية زواج المتعة؟.

ج ـ قبل أن أشرح لكَ زواج المتعة أقول أنه لا حل لمشكلة الزواج بين الرجل والمرأة إلا بزواج المتعة، وسيجيء يوم على العالم يكونالزواج فيه نوعاً من هذا القبيل..وزواج المتعة زواج مؤقت بعقد محدود الأجل، كان يتزوج الإنسان لمدة شهر أو شهرين أو سنة..وعند إنتهاء مدة العقد ينتهي آثاره، ويستطيع الرجلأن ينهيه في أي وقت..والعقد هنا غير مكتوب..

س ـ هناك شهود..؟

ج ـ نحن لا نحتاج إلى شهود في الزواج عموماً. ولكن في الطلاق لابد من شهود على أن الأولاد الذينينتجون من هذا الزواج يلحقون بالرجل..وإذا أنتهى العقد وكانت المرأة حاملاً لا تتزوج حتى تضع وليدها..فإذا لم تكن حاملاً فإنها تمضي العدة..

س ـ هل يمكن أن يكون هذاالزواج لمدة يوم أو أسبوع..؟

ج ـ يمكن، ولكن هذا لا يحدث عادةً..

س ـ وما الحكمة من وجوده بجوار الزواج الدائم؟.

ج ـ هو في صالح المرأة والأسرة فأنفيه حلاً لمشاكل الطلاق..ويجعل المرأة تعيش في حرص على أن يستمر هذا الزواج ويتجدد..ولقد جربنا ما يقع من نتائج العقد المؤقت للزواج فوجدنا أن نتيجته الدوام..

س ـولكن ذلك يجعل المرأة تعيش قلقة طوال حياتها..؟

ج ـ تعيش المرأة حياتها تحرص على جو التفاهم بينها وبين زوجها..وأنا أعتقد أن مشاكل الزواج لن تحل إلا بالعقدالمنقطع وسيأتي يوم كما قلت لا يكون الزواج إلاَّ بالعقد المؤقت هذا، فضلاً عن أن هذا الزواج يعصم من الإنحراف..

س ـ هل يدفع الرجل نفقة للزوجة بعد ذلك؟..

جـ لا إلا إذا اشترطت ذلك..ولكن لابد أن يدفع مهراً..

س ـ هل لهُ إذا كان متزوجاً بأربعة أن يتزوج زواج المتعة أيضاً إلى جانب ذلك؟.

ج ـ يمكن..ولكن أي رجل لايستطيع ذلك..ولابد أن تعرف إن الإنسان أحياناً يمر بلحظات ضعف فيكون الموقف أما الزنا..أو عقد زواج متعة..والأفضل هو عقد المتعة..

س ـ والطلاق..إن الأصوات ترتفععندنا تطالب بتحديده؟..

ج ـ نعم، .. لابد أن يحدد. وعندنا هناك عوائق كثيرة ضد الطلاق..

فالطلاق المعلق لا يقع والطلاق في حالات الغضب لا يقع، وأثناء الحيضلا يقع.. ولا بد أن يكون أمام شاهدين من الشهود العدول.. بالإختصار لا بد من وضع قيود على الطلاق وإلا يكون لغواً..

س ـ هناك أصوات أخرى تطالب بمنع تعدد الزوجات؟

ج ـ هذا يسبب من الخسارة أكثر مما يسبب من نفع.. وأنا لا أوافق على ذلك..

س ـ يثور أيضاً حديث عن أزياء المرأة وخروجها على المألوف.. فما رأيكم في ذلك؟

جـ الإسلام جاء لرفع مستوى المرأة، وهو يمنع من تبرجها، وأعتقد إن الصالح يقضي بذلك أيضاً.. حتى لا تدخل في شؤون الرجل فإشتراكها في شؤون الحياة تكلفها العناء، والجمع بينموجبات البيت، وموجبات العمل والرزق… وهي مهمة يصلح لها الرجل كما إن تبرجها ضرر عليها فالرجل عندما يرى المرأة الأجنبية بهذا الشكل والهندام يصبح في صراع نفسيبالنسبة لزوجته وقد يزهد فيها.. كما إن المتبرجة التي تظهر بهذا المظهر الخلاب لا تبقى على هذا المظهر.. ويخرج زوجها ليرى متبرجات..

س ـ أليس للمرأة إذن ان تعمل؟

ج ـ الدين لا يمانع من عملها ضمن الحدود الدينية، ولكن هذا يكلفها فوق طاقتها..

س ـ تحديد النسل قضية مثارة الآن في بعض البلاد الإسلامية فما هو رأيكم فيها؟

ج ـ أولاً: لا يجوز إسقاط الجنين في كل مراحل تكوينه.. وبعد ذلك يمكن للمرأة أن تستعمل ما يمنعها من الحمل.. أما إستعمالها لذلك فهو يختلف بإختلاف الظروف والأحوال،بل باختلاف استعدادها نفسه للتربية، فإذا كانت لا تستطيع ان تربي اولادها، فلا مانع من منع الحمل أساساً..

س ـ بعض رجال الدين يحرمون السينما فما رأيكم؟

جـ السينما التي هي منافية للأخلاق، فالدين لا يقبلها أما التي تبعث في النفوس المثل العليا.. فهذه لا بأس بها.. ونقول بجوازها..

س ـ والتمثيل في حد ذاته؟

ج ـالتمثيل إذا كان فيه خلاعة، أو تشجيع على الرذيلة فهذا لا نرضى به، وهو محرم، ولا تقبله الحضارة الصحيحة..

س ـ والغناء؟

ج ـ الصوت الحسن لا مانع منإستماعة… بشرط أن لا يخرج الإنسان عن حدوده.

س ـ والموسيقى؟

ج ـ لم أسمعها لحد الآن لكي يمكن أن أصدر حكماً عليها..

س ـ والإختلاط بين الجنسين؟

ج ـ لا مانع منه مع غض الأبصار، وترك ما حرمه الله بينهم..ومن المشاهد دائماً إن النساء تختلط بالرجال ولكن لم يحدث ما حرمه الله بينهم..

س ـ وقلت له فينهاية حديثي. إن هذه أول مرة تزورون فيها الجمهورية العربية المتحدة فما هو إنطباعكم عنها؟

ج ـ إن أبرز ما لاحظته هو إخلاص الشعب لحكومته.. وإخلاص الحكومة لشعبها..ولقد لمست من الشعب الأخلاق الكريمة، ولمست فيهم من الأعمال الطيبة ما لم أسمع بعضه من الخارج.. والله لقد شاهد بصري، وأطلعت بصيرتي على أضعاف ما سمعت..

اسم المجلة: روز اليوسف مكان الإصدار: مصر

العدد:1930 تاريخ الإصدار: 7 حزيران 1965م

الصفحة: 42 سنة المجلة: السنة الأربعون