الصوت وماهيته
والفرق بين الض، والظ، وما يلحق بذلك من الفوائد
الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء
-3-
وظيفةالاعضاء الصوتية
تعجز الصناعة مهما ساعدها الذكاء البشري ان تقلد جهاز الصوت الجميل البديع[1] الذي يسمعنا كل نوع من الاصوات، من الصوت الرخيم الحلو المطرب الىاللحن الجرش وما بينهما من الاصوات من دون ان تحذو حذوه وتتحدى مثاله.
عند التصويت يقضي كل عضو من الاعضاء التي ذكرناها وظيفة مهمة فتجويف الصدر والقصبة والحنجرةوالانف والفم بل والحلق والبلعوم كل واحد منها يقوم بدوره بوظيفة في التصويت وهي مثل الات النفخ ولكنها تشارك ذوات الاوتار فتجويف الصدر يتسع ويتضيق بالتنفس فيضغط الرئةتارة ويتركها تتمدد تارة اخرى، ومتى ضغطت خرج الهواء منها واذا تمددت دخل اليها، فيكون هو والرئة بمنزل المنفاخ في الارغن وعند الخروج من الرئة يندفع الى القصبة وتحفظالغضاريف هيئة الحنجرة ومتانتها وتغير العضلات اتساع فرجة المزمار ومن القصبة يضرب الهواء وترى الحنجرة الصحيحين فيهتزان ويحدث بهذا الاهتزاز صوت يتنوع بواسطة اللسانوالاسنان والشفتين وينوع الصوت حجم الحنجرة وسعة الرئتين وحالتهما وحالة الحلق والمجريان الانفيان وارتفاع الذقن واللسان وانخفاضهما واختلاف حالة الاوتار في كثرةالتذبذبات وقلتها، وتقوم الحنجرة بوظيفة اخرى غير توليد الصوت وهي نقل الهواء الى الرئتين ويتغير الصوت في كل الاحوال التي تعاق فيها حركة الاوتاد او تغير توترها فتحدث(البحة) او خشونة الصوت فالالتهاب الحنجري البسيط والاورام التي تنمو في الاحبال الصوتية والتصاق الحبل وعدم حركته من اسباب البحة او الخشونة ويكون الصوت صريرا عاليااذا توتر الحبل ويكون واطئا اذا انخفص التوتر الطبيعي كما في احوال الشلل في العصب الحنجري العلوي ويفقد الصوت من عدم القدرة على تحريك الاوتار كما اذا كان الالتهابشديدا في الحنجرة او تلفت من التقرح وتندعم هذه الاوتار على غضروفين احدهما يقابل الاخر، يتباعدان او يتقاربان بالارادة لكي تشتد الاوتار او ترتخي عند رفع الصوت وخفضهفالقصبة بمنزلة طرف انبوبة الارغن ووتر الحنجرة بمنزلة فمها والفم والمنخران بمنزلة راس الانبوبة الذي تتصل منه اهتزازات عمود الهواء فيه بالهواء الخارجي، ولما كانالوتران الصوتيان في النساء والصبيان اطول منهن في الرجال فان نسبة طولهما في النساء والصبيان الى طولهما فيهم نسبة الاثنين الى الثلاثة كانت اصوات الفريقين الاوليناعلى من اصوات الرجال.
يقول الموسيقيون ان اعلى اصوات الرجال في بعض الدواوين الموسيقية في الثانية (538) اهتزازةكاملة واوطاها (132) وفيما يناسبه من الدواوينالموسيقية في النساء (1056) اهتزازة واوطاها (364).
وللعادة والمهنة شان يذكر في تغيير الصوت فان الحدادين وغيرهم من الذين تكون اعمالهم مقرونة باصوات قوية يمارسوناعضائهم الصوتية اكثر من ذوي الاعمال الخالية من الصوت وبذلك تتغير بنية الاعضاء بل تتنوع الحان الصوت ذاته، ويعين ان على نمو الاعضاء الصوتية ويدفع بعض الامراض عنهاويقويها ويمدد الصدر تمديدا صحيحا، الترتيل والقراءة بصوت مرتفع ولفظ الحروف من مخارجها باتقان واذا كان الرأس والجذع منتصبين تزداد حركات تلك الاعضاء حرية وفاعليةويصير الصوت اكثر وضوحا.
الناقل
جميع المواد المرنة ناقلة للصوت، غازية كانت او سائلة او جامدة، فاذا غاص غائص في البحر وقرع له جرس عن بعد في الماء سمعصوته ومن لصق اذنه على الارض في حالة السكون يسمع وقع الاقدام عن بعد. والماء وان كان اكثف من الهواء الا ان مرونته اعظم من مرونة الهواء ولهذا كانت سرعة الصوت في الماءاكثر من اربعة اضعاف سرعته في الهواء. وانا اذا تكلمنا لا نلفظ الهواء من الرئتين الى اذن السامع وانما نكثف الهواء المباشر لافواهنا وهذا يكثف ما حوله فتحدث من ذلك امواجصوتية مستديرة تنتقل حتى تقع على اذن السامع وحيث ان الهواء اكثر الموصلات استعمالا لنا ولاكثر الحيوانات البرية والطائرة فلا يهمنا البحث عما عداه من النواقل الصوتيةولا عن معدل سرعة الصوت فيها ولا مزاياه الاخر من الشدة والعلو وغير ذلك ونخص الكلام بالهواء.
اما الحيوانات المائية كالاسماك ونحوها نوعا لا اصوات لها ويمكن انيكون استغنائها عن الاصوات بواسطة ان لها اعضاء تضرب بها الماء فتحدث فيها موجات تؤثر على جهازها السمعي اما الحيوانات غير المائية وكذا البرمائية ما عدى اقسام منالحشار فلا اعرف منها حيوانا لا صوت له الا الزرافة على ما ذكر صاحب الهلال فيها في الجزء التاسع من السنة السادسة الموافق 8 شعبان سنة 1315 صحيفة 350 تحت عنوان ( الزرافةحيوان اخرس): قال (لكل حيوان صوت يعبر به عن احتياجاته الا الزرافة فانها لا تستطيع التصويت ابداً وعلى كل حال).
علمت ان كل جسم مرن فهو ناقل للصوت بواسطة تموجدقائقه واهتزازها ومن كل اهتزازة تحدث موجة صوتية فهذه الموجة مؤلفة من هواء متكاثف وهواء متلطف وينزل الهواء المتكاثف منزلة رأس الموجة المائية وهكذا تتسع الموجة منتكاثف الى تكاثف ومن تلطف الى تلطف فاذا اطلق من مدفع شحنة من بارود يتولد منه غاز يكون فجاة كرة مجوفة محيطها هواء متكاثف وباطنها فارغ ثم يملأ ذلك الفراغ من ذلك الهواءلمرونته بذلك الهواء في حالة تلطف وهذه الكرة تحدث كرة ثانية اكبر من الاولى وهكذا تحدث على التوالي كرات متكاثفة فمتلاطفة حتى تزول، والحادثة منها تحوي المحدثة، والفرقبين موجات الماء والهواء ان دقائق الماء تتحرك سمتيا أي طالعا ونازلا ودقائق الهواء تتحرك افقيا أي انها تتقدم وتتأخر في جهة التموج ولا ترتفع وتهبط.
وشدة الصوتوسرعته تتوقفان على سعة الاهتزازات ولطافة الهواء وكثافته ففي اعماق المناجم يشتد الصوت ويعلو وفي رؤس الجبال الشامخة يضعف والحرارة تقلل من كثافة الهواء فكلما زادتالحرارة درجة زادت السرعة قدما وتتساوى الاصوات في السرعة اذا كان الموصل واحدا، وسرعة الصوت في الثانية 1090 قدم اذا كانت الحرارة بدرجة 22 فوق الصفر تقريبا.
والنسبة التركيبية الكيمياوية في الهواء لها مدخل عظيم في سرعة الاهتزازات فيه وتختلف بمقدار ما يختلف الهواء من حيث احتوائه على غاز اكثر من تلك الغازات، والغازاتانفسها هي من جملة النواقل الموصلة وتختلف سرعة المصوت فيها لاختلافها بالمرونة.
وتنحرف الموجات الصوتية عن استقامتها الى الجهات الانسية فتتقارب اذا اختلفتالسطوح المواجهة للاهتزازات الصوتية من واسع لضيق كما انها تتباعد الى الجهات الوحشية اذا نفذت من ضيق لاوسع كل ذلك بمقدار تعدد الموصل واختلافه بالمرونة وعلى نسبة سطحالموصل الثاني فالثالث وهكذا، وهذا هو انكسار الصوت عندهم. وقد استدركنا عليهم الانحراف الى الجهات الوحشية فان هذا داخل في الانكسار.
واذا رجعت الموجة الصوتيةلملاقاتها جسما لا يكون موصلا لانه غير مرن فعند رجوعها يتقعر محدب قوس الدائرة عند نقطة الوقوع واذ لم يعرض لها هذا العارض تتسع حتى تنمحي، ونقطة الوقوع هي مركز الدائرةالمنعكسة. وهذا هو الانعكاس الصوتي.
[1] روت احدى الجرائد عن شركة الالات اطبية الجراحية في نيويوركانها: اخترعت تلك الشركة جهازا يتمكن بواسطته البكم من التكلم وقد ابلغت هذه الشركة اختراعها حد الكمال، وهذا الجهاز ليس سوى حنجرة صناعية كاملة لها اوتار النطق والتلفظوتوضع من الخارج وتقلد كلام الانسان ونطقه بصورتهما الطبيعيتين وذلك بفضل اشتماله على اوتار ملفوفة بانسجة تخرج الصوت بنبراته الطبيعية وتتصل بانبوب من المطاط داخل فيشق قصبة الرئة ولا بد لمن يريد استعمال هذه الحنجرة الصناعية من ان يزيل حنجرته الطبيعية لتحل محلها الحنجرة الصناعية بواسطة عملية جراحية بسيطة لتسهيل التنفس علىمستعمل الحنجرة الصناعية.
اسم المجلة: المرشد مكان الاصدار: بغداد
العدد: 3 تاريخ الاصدار: 1 ذي الحجة 1347هـ
الصفحة: 104 سنة المجلة: السنة الرابعة