على هامش كلمة المصلح الكبير
بينما الإنسان اليوم يتكالب على سحق أخيه الإنسان وبينما تتمادى جيوش الغدروالخيانة في محو معالم الإنسانية وخنق الحريات، وبينما ينهمك فطاحل العلماء (رجال الإنسانية في السلم) في التنقيب عن أقوى عوامل الهدم والتخريب والتدمير، وبينما يتهالكرجال المال في استغلال جهود المواطنين وتنكيد عيشهم، بينما يجري كل ذلك تجد في زوايا العمل المثمر وتكايا الخدمة الصالحة رجالاً لا يعنون إلاّ بخدمة الناس ولا يفكرونإلاَّ بما يعود على المجموع بالخير والصلاح، يرقبون الوضع من كثب ويقدمون نصائحهم وارشاداتهم للجميع.
ولا اظنني مغالياً أو مكابراً أو متجاهلاً إذا قلت إن سماحةالعلامة الكبير والمصلح الشهير حجة الإسلام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في مقدمة أولئك المرشدين الناصحين الذين لا يألون جهداً في خدمة الناس بما يذيعونه عليهمسواء عن طريق المنبر أو الصحافة أو في المجالس والمنتديات، وما كلمة سماحته الأخيرة في مجلة (الغري) الغراء الانموذج صالح من نماذج وعظه وارشاده فقد اختصر فيما قال كلمايمكن أن يقوله فلاسفة المبادئ وعلماء الاجتماع لأصلاح المجتمع والمبادئ وموضوع المبادئ وفلسفة المبادئ ما وضعت إلاَّ لتأمين تطبيق هذه الأفكار الإنسانية العاليةومراقبة تنفيذها وتخليص الناس من جشع الناس.، لقد لخص سماحته بكلمته هذه كلما يمكن أن يقال أو يكتب عن الجانب الروحي من فلسفة الحكم وأضاء للناس وللمسؤولين طريقهم للسيرفي خدمة المجموع، فهي وإن كانت للناس وعظاً وإرشاداً ولكنها للمسؤولين دستور يجب أن يبنوا عليه جميع حركاتهم وسكناتهم ليتم الغرض الاساسي الذي تكونت من أجله فكرة الحكم،أو قل هي خلاصة الأفكار الديمقراطية الصحيحة وأساس الحكم الصالح.
لقد اشغل موضوع الحكم وعناصر الحكم وأساليب الحكم أفكار المجتمع منذ نشوئه، ولما يستقر على حالثابت من الأحوال. فما الحروب المستمرة وأساليب الاستغلال والاستبداد وشتى أنواع الظلم والجور، إلاَّ نتيجة لازمة لتعقد مشكلة الحكم واختلاف أسسه ومبادئه الأمر الذيربما يجعل موضوع الحكم ونوعه ودستوره في مقدمة واجبات رجال الاصلاح فعلاج مشاكل الناس يجب أن يكون أساسياً وفي صلب القوانين والأنظمة التي يخضعون إليها ويجري تعاملهمعليها. وها هو دستور البلاد على وشك التعديل، كما صرّح فخامة رئيس الوزراء فعلاج مشاكلنا يجب أن يتم فيه، وإلاَّ فجميع النصائح والارشادات تذهب صرخة في واد، ولعل هذهالظروف هي أصلح الأوقات لمعالجة مشاكلنا على ضوء الواقع والصراحة المتزنة، ومناقشة موضوع الحكم لتقرير أسسه ومبادئه، وبثَّ الدعاية اللازمة بأوسع نطاقها للديمقراطيةالصالحة لئلا يذهب شبابنا شتى المذاهب ويعتنقون مختلف المبادئ والأفكار فتتبعثر الجهود وتضيع الفرصة على المصلحين.
اسم المجلة: الغري مكان الاصدار: النجف الأشرف
العدد: 3-119 تاريخ الاصدار: 13 ذي الحجة 1361هـ
الصفحة: 477 سنة المجلة: السنة الرابعة