في يوم ميلاد ابي الائمة امير المؤمنين (عليه السلام)
الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: [واشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء]. نعم في مثل هذا اليوم او هذه الليلةاشرقت الارض بنور ربها وجيء بوارث النبيين وجامع علوم الاولين والاخرين، امام الشهداء وسيد الصديقين، واحتفالنا بانبثاق هذا النور الالهي في مثل هذا اليوم ليس كاحتفالالامم بيوم ولادة ملوكها وعظمائها وسلاطينها ورجال نهضتها بل احتفال بالنعمة العظمى والاية الكبرى والمثل الاعلى التي تنزلت الاحدية من عليا ملكوتها الشامخ وجبروتهاالباذخ وقدس تجردها الى عوالم الناسوت وتقمص المادة لتعود المادة روحا والجسد عقلا والموت حياة، نحتفل بذكرى ولادة بحر العلم الخضم الذي تدفق بنهج البلاغة وهو نبع منينابيعه، وشرعة من مشاريعه، ولا جاءت العصور ولا انجلت الدهور عن كتاب بعد كتاب الله العظيم انفع ولا اجمع ولا المع وافصح منه في اقامة براهين التوحيد ودلائل الصنعة،واسرار الخليقة، وانوار الحقيقة، وتهذيب النفس وسياسة المدن، وحكمة التشريع والعظات البليغة، والحجج الدامغة وانارة العقول، وطهارة النفوس، بينا تراه يفيض بينابيعالحكمة النظرية والعلمية ويبرهن على توحيد الصانع ويغرق في وصف الملائكة والمجردات بيانا ويمثل لك الجنة والنار عيانا، كفيلسوف الهي وملاك روحي واذا به يعطيك قوانينالحرب وسوق الجيوش وتعبئة العساكر كقائد حربي ومغامر عسكري ولا تلبث ان تجد فيه ما يبهرك من عجائب التكوين، وغرائب التلوين وما اودع صانعها فيها من مزايا الفكرة وبدائعالقدرة حتى يخيل لك من دقة الوصف انه هو الذي ابدع تصويرها وقدر مقاديرها، وركب اعضائها وربط مفاصلها هو صانعها ومبدعها وصورها وقدرها وشق سمعها وبصرها.
تحتفلبذكرى ولادة الامام الذي وضع الدنيا تحت قدميه وكانت وهي -العزيزة لغيره- احقر شيء لديه الامام الذي عرف حقيقتها واعطائها حقها، فقال (عليه السلام): يا دنيا غري غيري قدطلقتك ثلاثة لا رجعت لي فيك يا صفراء ويا بيضاء غري غيري، الامام الذي لولا ضرب ماضيه ما اخضر للاسلام عود ولا قام له عمود بل لولاه لما استقام الوجود ولا عرف المعبود،الامام الذي اليه تنتهي سلاسل الصوفية، ومنه نشات العلوم العربية، ومنه عرف حكماء الاسلام الاستدلال بالادلة العقلية، الامام الذي قال للسائل وهو يخطب على المنبر (عادثمنها تسعا) ثم استمر في خطبته وهي اية من ايات العلم النظري ومعجزة من معجزات العقل البشري وهي واحدة من احاد وفريدة من افراد، فماذا يقول المادح والمطريء بعد اياتالقران ومدائح الفرقان فمن الحق ان يقول القائل:
غاية المدح في علاك ابتداء
ليت شعري ما تصنع الشعراء
فصلوات الله عليك ياامير المؤمنين وعلى المعصومين من اولادك الميامين وعلى الصالحين من شيعتك ومحبيك.
اسمالمجلة: العدل مكان الاصدار: النجف الاشرف
العدد: 11-12 تاريخ الاصدار: 1385 هـ
الصفحة: 2 سنة المجلة: السنة الاولى