ربا و المرابین نسخه متنی

الربا والمرابين

مهدي السويج الخطيب

وقد أفاد سماحة المغفور له الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في ايضاح هذه الآيةقال ما نصه:

وهذا تصوير بديع لحال المرابين، وعظيم جشعهم، وحرصهم على جمع المال وادخاره وتوفيره فهو كالذي فيه مس من الجنون يذهب ويجيء، ويقوم ويقعد، ويأخذ ويعطيفهو في حركة دائبة، وعمل متواصل، لا يقر له قرار، ولا يستريح من التفكير والتوفير والادخار في ليل ولا نهار واذا اعترضه معترض قال: مبرراً عمله انما البيع مثل الربا،والبيع حلال فالربا مثله، وهو قياس فاسد، ويعرف فساده من القاعدة الشرعية المباركة (الغنم بالغرم) فكل معاملة فيها غنم بلا غرم فهي أكل مال بالباطل، والبيع غنم بغرم،ومبادلة مال بمال، بخلاف الربا فانه للآخذ غنم بلا غرم، وللدافع غرم بلا غنم، فاذا اعطى عشرة باثنتى عشرة من جنس واحد فقد اخذ اثنين بلا عوض فهو آكل مال بالباطل1.

لقد حرم الاسلام الربا، ونهى عنه، وليس للمسلم ان يتعاطاه فهو من أعظم الكبائر والموبقات فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((من أكل الربا ملأ الله بطنه من نار جهنمبقدر ما أكل، وان اكتسب منه لم يقبل الله منه شيئاً من عمله، ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده قيراط واحد)) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((آكل الربا، وموكلهوكاتبه وشاهده في الوزر سواء)) وقال الصادق (عليه السلام): ((درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت الله الحرام)).

ان جريمة الربا من اعظمالموبقات في الاسلام، وذلك لما تترتب عليه من الاضرار الفظيعة فانه يسبب شل الحركة الاقتصادية، وحصر الثروة عند فريق من الناس.

إن المرابي يبني سعادته على شقاءالآخرين، فقد نهب المرابون أموال الناس، واشاعوا الفقر والبؤس في البلاد.

ان الربا وسيلة للاستعمار فقد ثبت ان الغزو الاقتصادي القائم على المعاملات الربويةكان الممهد الفعال للاحتلال العسكري والاقتصادي الذي سقطت أكثر دول الشرق تحت رحمته، فقد اقترضت الحكومات الشرقية وفتحت أبواب البلاد للمرابين الاجانب فما هي الا سنواتمعدودة حتى تسربت الثروة من أيدي المواطنين إلى هؤلاء الغازين، حتى اذا افاقت الحكومات وارادت الذود عن انفسها واموالها استعدى هؤلاء الاجانب عليها دولهم فدخلت باسمحماية رعاياها، ثم تغلغلت هي كذلك فوضعت يدها مستثمرة مرافق البلاد2.

ان الربا من أهم الجرائم وأفتكها، فقد أمر الاسلام بتحطيمه وازالته من الارض لأنه من مصادرالبؤس والفاقة في المجتمع.

1 الفردوس الاعلى ص176-177 الطبعة الثانية.

2 روح الدين الاسلامي: ص299.

اسم الكتاب: مفهوم الاشتراكية في الاسلام مكان الاصدار: النجف الاشرف

المؤلف:مهدي السويج الخطيب تاريخ الاصدار: 1381هـ

الصفحة: 217