الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام
-مؤسسة البلاغ-Imam Aliبيت النبوة
في جزيرة العرب،في أرض البؤس و الجاهلية و الشقاء،عايشت العرب فترة من أشد فترات التاريخ ظلاما،ومرحلة من أكثر المراحل تأخرا و انحطاطا.فالأرض جرداء جدباء،و القلوب قاسية متحجرة،و النفوس خائفة مضطربة،و الحياة بدوية قلقة،لا الخصب
يعمر الأرض،و لا الإيمان يضيء النفوس،و لا العلم يقود العقول،إذ لم ير في هذه الحقبة من حياة
العرب،إلا أوثان تعبد،و غارات تشن،و دماء تسفك،و حرمات تهتك،فلا الحياة تحترم،و لا صوت المظلوم
يسمع،و لا قلب الضعيف ينعم بالأمن.و في غمرة هذا الضلال و الظلام،و تحت وطأة هذا اليأس و العذاب و الانحطاط،شاء الله بلطفه أن ينفخ في
هذه الانسانية روح الحياة،و يهبها نعيم الأمن و الرخاء،و يخرجها من ظلمات الجاهلية إلى نور
الإيمان،فولد فيها محمد (ص) ،في بيت من أرفع بيوت العرب شأنا،و أعلاها مجدا،و أكثرها عزة و
منعة،فكبر (ص) و ترعرع و شب،و شبت معه آمال الحياة كلها.و ها هو محمد (ص) بن عبد الله في ريعان الشباب،و قمة الفتوة،و عنفوان الرجولة،إنه شاب من أكثر شباب
قريش فتوة و جمالا،و أعلاها شرفا و نسبا،و هو بعد ذلك،يمتاز عن سائر شباب قريش بشرف نفسه،و كمال
خلقه،و نضج شخصيته،فقد شاء الله أن يربيه و يعده،و يؤهله لحمل الرسالة،و الاضطلاع بتبليغ
الأمانة،لقد أحيط (ص) برعاية إلهية خاصة،رسمت حياته وفق قدر رباني متناسب مع ما ينتظره من عظم
المسؤولية،و ما يمكنه من حمل الرسالة،و نشر الدعوة :