ابن عربی فی التفکیر الإسلامی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ابن عربی فی التفکیر الإسلامی - نسخه متنی

محمد البهی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ابن عربي في التفكير الإسلامي

لحضرة الدكتور محمد البهي

أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين

(ا) إلى أيمدى تمثل شخصية ابن عربي ثقافة وقته؟

(ب) والي أي حد كان أثر ابن عربي في التفكير الإسلامي.

وفي الأدب الفني العربي، وفي الآداب العربية؟.

في القرن السادس منالهجرة تم للعقلية الإسلامية في الشرق وفي الغرب ألوان عدة من الثقافة، دينية وغير دينية، وضروب مختلفة من التفكير الإنساني، عربي وغير عربي: أصبح لديها عدد من المذاهبالفقهية، وجملة من الآراء الكلامية في العقيدة، وكثير من النظريات الفلسفية في الكون، فضلا عما تهيأ لها من طرق متنوعة للسلوك العملي وفق)الشريعة(مرة، وطبقا)للحقيقة(مرةأخرى.

بين هذه الاتجاهات التي قد تكون متضاربة ـ وكثيراً ما كانت متضاربة، وما زال أكثرها متضارباً ـ نشأ في 17 من رمضان سنة 560هـ (1165م) أبو بكر محمد بن على محيي الدينالحاتمي الطائي الأندلسي المشهور بابن عربي وبالشيخ الأكبر بمدينة مرسية. وبعد ثمانية أعوام أقامها فيها وتعلم خلالها شيئاً من القراءة والقواعد رحل إلى إشبيلية. وهناكأخذ قسطاً من نواحي المعرفة في عصره؛ فدرس الفقه، وتفهم القرآن، كما درس الكلام والفلسفة، وأقام الصلاة في صفوف السنيين، كما انضم إلى حلقات المتصوفة ولبس خرقتهم. ولكنهبالرغم مما جمعه من معارف من شيوخ هذه المدينة أراد المزيد من شيوخ المدن

/ صفحة 174 /

الأخرى في الأندلس، ثم أراد المزيد أيضاً من شيوخ المغرب، ثم أراد للزيدمرة ثالثة من شيوخ المشرق، فتنقل في بلاد الأندلس منذ سنة 590هـ، ثم رحل عنها إلى تونس حتى كانت سنة 598هـ، فرحل نهائياً عن المغرب إلى الشرق، فمر بمصر ثم أقام بمكة وبغداد،ثم كانت نهاية حياته في دمشق الشام في ربيع الثاني سنة 638هـ.

فلم تكن ثقافة ابن عربي إذاً ثقافة محلية، ولم يكن افق معرفته محدوداً بلون خاص، أو ببيئة معينة.

ابنعربي ألف وأكثر من التأليف: ألف في الفقه، وفسر القرآن، وألف في الفلسفة، وكتب عن التصوف، وألف في السيرة والأدب، فهو صاحب المقنع في إيضاح السهل الممتع، والفتوحاتالمكية، وصاحب التفسير المنعوت باسمه، وصاحب فصوص الحكم، وصاحب تاج التراجم، وصاحب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار. وله كذلك ما يزيد على خمسين ومائة كتاب ذكرها (بروكلمان) في كتابه (تاريخ الأدب العربي) ج 1 ص 441.

وابن عربي عرف بالخيال في الأدب عرف أيضا بالتعمق والدقة في الفلسفة وعرف أكثر بمزج الخيال الشعري بالفلسفة، وهما إن مزجاكان الغموض واللبس وقد كانت صنعة ابن عربي هذه من أسباب عدم وضوحه إن تحدث أو كتب.

* * *

(1) فلسفة ابن عربي، والي أي مدى تدل شخصية على ثقافة وقته؟

ليست دراستهالفقه وحدها أو تفسيره لكلام الله، ولا صنعته في الأدب هي التي ترينا علاقة ابن عربي بثقافة وقته، ولا من أجلها نلمح من خلال شخصيته صورة عامة لهذه الثقافة، بل دراستهالفلسفية هي التي تحكم بسببها على مقدار تمثيله لمعرفة عصره، وإن كانت هذه المعرفة مزيجا من ألوان متعددة. لأن الفلسفة منذ القرن الخامس الهجري، ومنذ احتكاك الغزاليبالفلاسفة لم تعالَج من العقلية الإسلامية في عزلة عن بقية المعارف الأخرى، بل تناولها الأديب في أدبه،

/ صفحة 175 /

والفقيه في فقهه، والمتكلم في كلامه،والمفسر في تفسيره، وأصبحت بذلك عنصراً هاما أو قليل الأهمية في تلك المعارف المختلفة، وها هو ذا ابن عربي في تفسيره لكتاب الله يقول في شرح قوله تعالى:)يمحو الله ما يشاءويثبت وعنده أم الكتاب((يمحو الله ما يشاء) عن الألواح الجزئية التي هي النفوس السماوية من النقوش الثابتة فيها فيعدم عن المواد ويفني (ويثبت) ما يشاء فيها فيوجد (وعنده أمالكتاب) أي لوح القضاء السابق الذي هو عقل الكل المنتقش بكل ما كان ويكون أزلا وأبدا على الوجه الكلي المنزه عن المحو والإثبات، فان الالواح اربعة لوح القضاء السابقالعالي عن المحو والاثبات وهو لوح العقل الأول ولوح القدر: أي لوح النفس الناطقة التي يفصل فيها كليات اللوح الاول ويتعلق بأسبابها وهو المسمى باللوح المحفوظ، ولوحالنفوس الجزئية السماوية التي ينتقش فيها كل ما في هذا العالم بشكله وهيئته ومقداره وهو المسمى: بالسماء الدنيا، وهو بمثابة خيال العالم، كما أن الأول بمثابة روحه،والثاني بمثابة قلبه، ثم لوح الهيولي القابل للصور في عالم الشهادة (1)، فهو يحكي نظرية الأفلاطونية الحديث في نشأة العالم عن موجده: الله فالعقل الفعال فالنفس الكليةفعقل القمر ثم المادة.. الخ.

ابن عربي كان فيلسوفا كبقية الفلاسفة الإسلاميين، تكلم في الكون وفي مبدئه وفي صدروه، وتكلم في الإنسان وفي غايته من هذه الحياة، وفيعلاقته بموجده، وفي السبيل إلى تحديد هذه العلاقة، ولم يخرج في جوهر ما قال عن الإفلاطونية الحديثة، والإفلاطونية الحديثة مصدر الفلسفة الإشراقية في الثقافةالإسلامية، ومصدر كبير للتصوف الإسلامي القائم على الإلهام في المعرفة، والفناء في ذات الله ونبذ متع هذه الحياة.

ولكن ميزة ابن عربي عن الفلاسفة الإسلاميينالآخرين، أمثال: الكندي، والفارابي وابن سينا، أو أمثال الغزالي وابن مسكويه، في تصوير هذه الفكرة الفلسفية، فلم يشأ أن يحكيها أو أن يشرحها بعباراتها الاصطلاحية، بلعرضها بأسلوب يكثر فيه التمثيل الشعري:

(1) تفسير ابن عربي ج 1 ص 171 طبع المطبعة الميمنية.

/ صفحة 176 /

(ا) (فشوق) النفوس الحزنية إلى عالم العقول المجردة الذيتجعله الإفلاطونية الحديثة غاية من غايات الانسان يصوره ابن عربي بصورة شعرية غزلية، ويبالغ في شعرية هذا التصوير حتى يلتبس على القارئ فهم ما يرمي إليه ابن عربي، فضلاعن أن يدرك أن هذا التصوير حكاية لفكرة فلسفية معروفة. وذا اتهم ابن عربي من خصومه كثيراً بالحب الدنيوي، وبالإفراط في الميل إلى المرأة.

فمثلا يقول:

أقبل الأرضإجلالا لو طأتها حبًّا له وأنا منه على حذر

من أجل تقييده في صورة امرأة عند التجلي فقلت النقص من بصري

ويصف الذات العلية في إحدى رسائله في كتابه)تاجالرسائل(بقوله: رائعة الجمال فائقة الجلال، واضحة الجبين، معتدلة العرنين، حسنه لقد اسيلة الخد، مريضة الاجفان، عنبرية النشر، عذبة الكلام (ب) ـ والافلاطونية الحديثةترى وحدة الوجود فالله ليس غير العالم والعالم ليس غير الله، وترى مع ذلك وساطة مع ذلك وساطة في الخلق بين الله وبين هذا العالم المشاهد، وأن هناك عقلا يسبق هذا العالم فيالوجود وله التدبير فيه، وأن هناك نفساً كلية تستمد قوتها من هذا العقل في تصوير)المادة(وتشكليها بأشكال جزئية.

وابن عربي يحكى هذه الفكرة في صورة خالية على وجهالتمثيل فيقول في كتاب شجرة الكون (ص 5):)إني نظرت إلى الكون وتكوينه فرأيت الكون كله شجرة، وأصل نورها من حبة)(1)(قد لقحت)كان(الكونية بلقاح حبة)نحن خلقناكم(2)(فانعقد من ذلكثمرة)إنا كل شيء خلقناه بقدر(3)(. فأول ما أنبتت هذه الشجرة الثلاثة أغصان: أخذ غصن ذات اليمين، وأخذ غصن منها ذات الشمال، ونبت غصن منها معتدل القامة، فكان منه السابقونالمقربون.... إلى أن يقول، وجاء من فرعها الأدنى عالم الصورة والمعنى، فما كان من قشورها

(1) كملة الله = العقل الفعال. (2) النفس الكلية. (3) العالم الجزئي.

/ صفحة 177/

الظاهرة، وستورها البارزة، فهو عالم الملك، وما كان من قلوبها الباطنة، ولباب معانيها الخافية، فهو عالم الملكوت، وما كان من الماء الجاري في شريانات عروقهاالذي جعل به نموها وحياتها وسموها، فهو عالم الجبروت الذي هو سر كلمة (كن) ثم أحاط بالشجرة حائط حد لها حدوداً ورسم لها رسوماً فحدودها الجهات.... وأما رسومها وما فيها منالأفلاك والأجرام والأثار فهي بمنزلة ما يستظل به من الأوراق).

(جـ) وإذا كانت الإفلاطونية الحديثة تحدد غاية الانسان من هذه الحياة بمكافحة شرور المادة والعمل على أنيكون الانسان عقلا محضا فيقترب بذلك من الخير المطلق، وتحاول تعليل شرية المادة مع أنها صادرة عن خير محض وهو الله ـ بأمر يتصل بالغرض أو العقيدة، فابن عربي يصور ذلك بقصةخيالية لها أثرها الشعري على النفوس وامتلاك أزمتها وإن لم يفز فيها بعنصر منطقي أكثر مما فازت به الإفلاطونية الحديثة نفسها. فهو يتخذ من (العقل الفعال) خليفة لله فيملكه، ويتخذ من (النفس) زوجة له، ثم يفرض من (الهوى) أميراً جميلا، قوي الشكيمة، ينازع الخليفة سلطته، ويجعل لهذا الأمير معيناً هو (الشهوة)، ثم يعقد صلة غرام بين النفسزوجة الخليفة وبين الهوى منازعه. ونتيجة هذا الغرام حيرة النفس بين أن تبقى على عهدها للعقل أو أن تستمر في حب هذا الأمير الجميل.

وهكذا الحياة للإنسان، في نظر ابنعربي، صراع بين الخير والشر، وهكذا كانت النفس الإنسانية أمارة بالسوء مرة ومطمئنة مرة أخرى.

شخصية ابن عربي واضحة وغامضة؟ واضحة في تمثيلها ثقافة عصره، وغامضة فيأنها لم تبرز صريح رأيه ومعتقده، وأغلب الظن أن هذا الغموض مرجعه شغف ابن عربي باستخدام (القصة) في الفلسفة، والخيال في التعبير عن الفكر، وإن كان هو يعلله يقوله: (ليس فيمستطاع أهل المعرفة أيصال شعورهم إلى غيرهم، وغاية ما في هذا المستطاع الرمز عن تلك الظواهر لألئك الذين أخذوا في ممارستها).

/ صفحة 178 /

(2) إلى أي حد كان أثر ابنعربي في التفكير الإسلامي،

وفي الأدب الفني العربي، وفي الآداب العربية؟

ابن عربي في فلسفته لم يأت بجديد، فلم يضم فكرة إلى فكرة سابقة، كما أنه لم ييسر هذهالفِكَِر للعقلية الإسلامية، بل بالعكس كان لأسلوبه الخاص في معالجتها أثر في تعقيدها، وبالتالي في تعقيد مرماه، وأخيراً في صعوبة الحكم على ميله الديني ونزعتهالاعتقادية.

ولكنه من ناحية أخرى أضاف إلى الأدب الفني موضوعا لم يطرق من قبل وهو موضوع القصة في الفلسفة. فهو يستخدم الخيال الشعري في معالجة موضوعات فلسفية كانتنتاج الفكر البشري في عدة قرون. ثم مع إضافته هذا النوع الجديد إلى الأدب الفني لم يكن مقصراً فيه، بل كان متقناً مجيداً في كثير من الأحيان. فيقول مثلا في التعبير عن فكرةالإفلاطونية الحديثة في شوق النفس إلى الله ورغبتها في الاتحاد به عن طريق التفكير فيه:




  • لما بدا السر في فؤادي فنى وجودي وغاب نجمي
    وجئت منه به إليه في مركب من سني عزمي
    هبت عليه رياح شوقي فمر في البحر مر سهم
    فجزت بحر الدنو حتى أبصرت جهراًمن لا أسمى



  • وحال قلبي لسر ربي وغبت عن رسمحس جسمي
    نشرت فيه قلاع فكري في لجة من خفي علمي
    فجزت بحر الدنو حتى أبصرت جهراًمن لا أسمى
    فجزت بحر الدنو حتى أبصرت جهراًمن لا أسمى



هو مع الابتكار في الانتاج الفلسفي قد غذى الآداب العربية بمجموعة من المؤلفات تشهد له بكثرة الاطلاع، والقدرة على الاستيعاب.

* * *

ابن عربي عنوانواضح لثقافة عصره، وأديب في فلسفته، ومكثر في تأليفه.

/ 1