تعبئة الروحیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تعبئة الروحیة - نسخه متنی

محمد البهی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التعبئة الروحية

للدكتور محمد البهي

الشرق الإسلامي يخوض الآن غمار حرب عنيفة، هى حرب أعصاب في شتى النواحي: فى الاقتصاد، فيالسياسة، في الثقافة، في غيرها.

و هذه الحرب تقتضي أن يكون المواطن فينا معدا إعدادا قويا للكفاح، و لتحمل النزال مدة طويلة لأن أعداءه الذين انفقوا عشرات السنوات فيالدسائس و المكر و التوجيه المغرض، لتيسير استغلال منقطة الشرق الإسلامي ، بما فيها من إمكانيات بشرية ، و ثروة اقتصادية هائلة - ليس من السهل أن يترك مجال الصراع في لحظةأو لحظات، أو بعد إخفاقه في محاولة، أو حتى بعد إخفاقه في عدد محاولات.

إنها إذن حرب طويلة، ومريرة، لا يصح أن تقابل منا بالحماس الوقتي ضدها، بل يجب أن تقابلبالاعداد القوي الهادئ لمواجهتها.

فلاعداد القوي الهاديء لمواجهة خصم عنيد، متفوق في الإمكانيات الآلية و الاقتصادية، و في الصلات السياسية التي يرتبط بها مع كثيرمن الدول التي لا تزال تتأثر بنفوذه، هو إذن موضوع هذه التعبئة:

إعداد المواطن الصالح:

الإعداد القوي الهاديء للمواطن الصالح الذي يعرف بلاده، و الذي يجب أن يعرفما لها من ماض، و ما بها من إمكانيات، و ما فيها من خطوط رسمت أو ترسم لقيام حياة إنسانية كريمة له و لمواطنيه - هذا الإعداد يعتمد إلى حد كبير على

/ صفحة 163 /

عناصر أساسية في التوجيه، أهمها: (التعبئة الروحية) و التعبئة الروحية لا يعني بها التزهيد في الحياة، و إنما يعني بها مواجهة صعاب الحياة في قوة نفسية، هي قوة الإيمان.الإيمان بالحياة، و دفع هذا الإيمان إلى تحمل مواجهة الصعاب فيها هو مفهوم التعبئة الروحية. و الإيمان بالحياة لا يكون إلا بالإيمان برسالة فيها، و رسالة الانسان فيالحياة هي رسالة الإنسانية، لا رسالة المتعة الحيوانية، هي رسالة المثل، و في مقدمتها: الله، و الوطن. أن تؤمن بالله، و بالوطن، إيمانا قويا، و أن تدفع الخطر الذي يهددالأمرين، و هما متلازمان معا، هما جوهر التعبئة الروحية، و جوهر رسالة المواطن في وطنه.

إن وطن الانسان ليس مكانا، إنه جملة من القيم الخالدة في رقعة معينة على وجههذه الأرض . إن الوطن قيم تتصل بماضي المواطن ، و حاضره ، و مستقبله، و تميزه عن مواطن آخر في وطن آخر. و حدود الوطن ليست الأنهر، و الجبال، أو خطوط العرض و الطول و ما شابهذلك، و إنما هي الفواصل بين جملة من القيم خاصة، و جملة أخرى من القيم لها طابع معين، فوطن المصري كما يدخل في قيمته تاريخ مصر العريق، تدخل فبما أيضا تلك القيم التي تتصلبالإسلام، و بالتاريخ العربي المشترك. و اذن لا يفصل الوطن المصري بالحدود الجغرافية بينه و بين البلاد العربية، و لا بتلك التي بينه و بين البلاد الإسلامية.

و منيحاول جعل الوطن عبارة عن مكان جغرافي محدد بفواصل طبيعية، أو بخطوط أرضية مصطنعة - يتجاهل المواطن كإنسان له طبيعته الحية المرنة التي تتكون وتتفاعل مع القيمالإنسانية، أكثر مما تتفاعل مع المكان الأرضي الصلب أو الرخو على نحو ما يحاول أحد الكتاب المجددين لسبب غير مفهوم من غض النظر في تحديد الوطن المصري عن القيم الإسلاميةو العربية، بدعوى أن رعاية ذلك كانت من تفكير الماضي، أما التفكير المعاصر فيرى في تجديد الوطن كمية المنافع المتبادلة!!

لا، إن الإنسان هو الإنسان. الإنسان الحاضرله خصائص و طبيعة الإنسان

/ صفحة 164 /

الماضي. هو تلك الطبيعة الحية المرنة. إنه صاحب العواطف و الشعور و الإرادة، و إن عالم هذه الأمور الثلاثة الذي تنمو فيه،هو عالم القيم المعنوية، و ليس عالم المنفعة المتبادلة وحدها.

و إذا كانت التعبئة الروحية هي تعبئة النفس بالإيمان بالله، و بالوطن ، فالمواطن المصري إذا أريد به أنيعد إعدادا روحيا فإنما يكون هذا الأعداد على وفق القيم الإسلامية التي تتنشد للإنسان استقلال شخصيته الفردية، و شخصية جماعته، و هي أمته و شعبه، و لا يكون الفرد ذااستقلال شخصي إلا إذا كان له طابع إيجابي في حياته:

في السلوك الخلقي، و العمل من أجل نفسه. و لا تكون جماعته ذات شخصية استقلالية متميزة عن شخصية جماعة أو أمة أخرى،إلا إذا كان الشعور بمعنى الجماعة في نفس الفرد لا يقل عن شعور الفرد بنفسه، إن لم يتميز عنه في القوة و السيطرة على نفس الانسان.

فاستقلال شخصية المواطن المسلم، واستقلال جماعته و أمته كجماعة تؤمن بالإسلام، محوران تدور حولهما تعاليم الإسلام:

1- القرآن يحث على استقلال الإنسان في العمل، فيربط مصيره بعمله، و يجعل إرادتهالأمر الفاصل في تخير ما يقدم عليه من عمل، فيقول:

(من عمل صالحا فلنفسه، و من أساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد) و يقول: (و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، و يعفوعن كثير).

2- و يحث على استقلال الإنسان في الرأي و الحكم، لا يحكم عاطفته ، و لا إلفه فيما يفصل فيه، فيقول:

(بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة(1)، و إنا على آثارهممهتدون، و كذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها: إنا وجدنا آباءنا على أمة، و إنا على آثارهم مقتدون. قال: أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟

(1) دين .

/ صفحة 165 /

/ 2