تقریب بین المذاهب الإسلامیة و دراسة علم التوحید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تقریب بین المذاهب الإسلامیة و دراسة علم التوحید - نسخه متنی

عبد المتعال الصعیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التقريب بين المذاهب الإسلامية







ودراسة علم التوحيد

لفضيلة الأستاذ الجليل

الشيخ عبد المتعال الصعيدي

المدرس بكلية اللغة العربية

التقريب بين المذاهب الإسلامية غاية من أسمي الغايات، وهي السبيل إلى عودة المسلمين إلىسابق مجدهم، لأن التقريب بين مذاهبهم يوحد بينهم، ويعيد عهد الإخاء الذي مكن لهم في الأرض، بما كان لهم فيه من طهارة وقداسة، جذبت الناس إلى دينهم، ونشرته بسرعة فائقة فيسائر أنحاء الأرض.

ولكن هذه الغاية لا يمكن أن نصل إليها ما دامت دراسة علم التوحيد باقية على حالها القديم، بل لابد أن نعيد تدوينه من جديد، لندرس فيه الفرقالإسلامية دراسة جديدة تقرب بينها، وتجعل منها فرقاً متصافية متحابة، لا يفرق بينها الخلاف في الرأي، ولا يجعل فرقة منها تنظر بعين العداء إلى الفرقة الأخرى، لأنها ضالةأو فاسقة في نظرها، إلى غير هذا من الأوصاف التي تكيلها كل فرقة للأخرى في ذلك العلم، ولا يمكن أن يكون التقريب بين المذاهب معها خالصا ظاهراً وباطناً.

لقد نشأ علمالتوحيد بين الخصام والعداء ثم شب وشاخ بينهما، حتى تأصلت

/ صفحة 60 /

فيه جذورهما، فكانت أول مسألة أثيرت فيه مسألة مرتكب الكبيرة، أثارها الخوارج والسيوفتلمع في أيديهم، والخصام بينهم وبين جمهور المسلمين قد بلغ غايته، حتى كانوا يرعون دم الذمي، ولا يرعون دم أخيهم المسلم، لأنهم كانوا يرون أن مرتكب الكبيرة كافر مستباحالدم، مع أن كفره لو سلم لا يبلغ في القبح مبلغ غيره من الكفر.

ثم ثارت هذه المسألة بين الحسن البصري وتلميذه واصل بن عطاء، ففرقت بينهما، وجعلت التلميذ ينابذ أستاذهويخاصمه، ويعتزل مجلسه إلى مجلس آخر يكون له فيه أشياع ينابذون ويخاصمون أشياع أستاذه، وقد كان واصل يرى في مرتكب الكبيرة أنه ليس بمؤمن ولا كافر، وإنما هو منزلة بينالمنزلتين، يعني أنه فاسق، ولكنه كان يرى أنه مخلد في النار كما كان يرى الخوارج، فيكاد الخلاف بينه وبينهم يكون لفظياً، وقد قيل إن الحسن البصري كان يعد مرتكب الكبيرةمنافقا، فإن صح هذا عنه عد منهم، لأنه لم يكن يوافقهم في جعل عليٍ ومعاوية ونحوهما من مرتكبي الكبائر، فكان يحفظ للصحابة صحبتهم، ولا يتنكر لهم كما تنكر الخوارج ونحوهم.

ثم جاءت مسألة الكلام وخلق القرآن في علم التوحيد بعد مرتكب الكبيرة، فزادت فيه النار اشتعالا، وكانت وقوداً صالحا لنار الخصومة بين المعتزلة ومن يخالفهم فيها من أهلالسنة وغيرهم، ولا يسما في عهد المأمون ومن أتى بعده من ملوك بني العباس إلى المتوكل، إذ تعصبوا للمعتزله على غيرهم من الفرق، وكالوا بكيلين للرعية التي قاموا بالحكمفيها ليكيلوا لها كيلا واحدا، فكان كل من يقول بخلق القرآن له حظوتهم، وكل من لا يقول به يعزل من وظيفته في القضاء وغيرها وينال ما ينال من العذاب والسجن، حتى انقسمتالرعية عي نفسها انقساماً شنيعا، ونال أهل السنة من الأذى ما لم ينله المخالفون للعباسيين في دينهم.

فلما جاء المتوكل بعد أولئك الملوك قلب للمعتزلة ظهر المحن، وظاهرأهل السنة عليهم، فكال للمعتزلة بمثل ما كانوا يكيلون به لغيرهم، ويقال إنه كان يظاهر فريقاً

/ صفحة 61 /

مخصوصاً من أهل السنة، وهم فريق الحشوية الذين كانوايحسبون من أهل السنة في ذلك العهد.

وقد مكث ذلك الخصام قائما بين أهل السنة والمعتزلة وغيرهم من الفرق الإسلامية إلى أن ظهر أبو الحسن الأشعري، وكان تلميذاً لأبي علىالجبائي من المعتزلة، وقد مكث أربعين سنة يأخذ علم التوحيد عليه وعلي غيره من علماء هذه الفرقة، ثم انقلب عليهم مرة واحدة، فكان شديداً في انقلابه عليهم، إذ انقطع عنالناس في بيته خمسة عشر يوما، ثم خرج بعدها إلى المسجد الجامع بالبصرة، فصعد المنبر وقال: معاشر الناس، إنما تغيبت عنكم هذه المدة، لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة، ولميترجح عندي حق على باطل، ولا باطل على حق، فاستهديت الله تبارك وتعالى، فهداني إلى ما أودعته في كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده، كما انخلعت من ثوبي هذا ـ وانخلعمن ثوب كان عله ورمى به، ودفع الكتب للناس، فمنها كتاب اللمع، وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سماه: كشف الأسرار وهتك الأستار ـ وغيرها من كتبه.

وفي رواية أنه رقى كرسيافي الجامع ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعَرفه بنفسي، أنا فلان ابن فلان، كنت أقول بخلق القرآن، وأن الله لا تراه الأبصار، وأن أفعال الشرأنا أفعلها، وأنا تائب مقلع معنقد للرد على المعتزلة، مخرج لفضائحهم ومعايبهم.

فزادت الخصومة اشتعالا في علم التوحيد، ولا سيما أن أبا الحسن الأشعري لم يمكنه التخلصمن كل آثار المعتزلة، بل بقى في مذهبه قليل من آثارهم، ولم يتخاف التأويل في بعض الآيات المتشابهة، كما كان يتجافاه القدامى من أهل السنة، فوقع بهذا بين نارين، وقامتخصومة شديدة بينه وبين المعتزلة والقدامى من أهل السنة وغيرهم، وانتصر الملك طغرلبك السلجوقي للكرامية في خراسان وغيرها من مملكته الواسعة على أتباع الأشعري، فعذبهموشردهم ونفاهم من مملكته،

/ صفحة 62 /

ففروا منها إلى غيرها من البلاد، كما فر إمام الحرمين إلى بلاد الحجاز، وكذلك غيره من أئمة الأشعرية.

فلما ظهر أمرالأشعرية في عهد الوزير نظام الملك أخذوا يكيلون لغيرهم الصاع صاعين، حتى ظهر مذهبهم وطغى على غيره من المذاهب، ولا سيما مذهب المعتزلة الذي تربى إمام الأشعرية علىأساتذته، فقد كان الأشعرية أقسى عليه من غيره من المذاهب، حتى امحى أثره بينهم، ولم يمكن أحداً أن يأخذ بشيء منه عندهم، ولا يزال أمره على هذا الحال إلى عصرنا الحاضر، لأنكتب الأشعرية هي التي تدرس الآن في علم التوحيد، ولا تزال على حالتها من يوم أن وضعت فيه، فلا مجال فيها لغير مذهب الأشعرية، ولا يلقى فيها غيره شيئا من الإنصاف، لنهدأ نارتلك الخصومة، وتضعف حدة ذلك الخلاف، ويكون هناك مجال للصلح والوفاق.

/ 1