قرآن الکریم و قضیة البعث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرآن الکریم و قضیة البعث - نسخه متنی

محمد محمد المدنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فريضة الحج

محمد محمد المدني

القرآن الكريم


و قضية‌البعث

( ا ) عناية‌القرآن:

1- إن العقائد التي يفرض علينا الدين أن نؤمن بها ماهي إلا حقائق ثابتة في نفسها لها وجود واقعي، و هي تفترق في هذا عن المباديء و الأحكام التي هي من قبيل الإنشاء، و التي تشرع للناس بعد أن لم تكن، و تتغير بتغير الزمان والمكان، و تقبل النسخ في عهد الرسالة.

و إذا أردنا أن نعبر عن هذا المعني بالتعبير الفني المستعمل في علم أصول الفقه فإننا نقول: إن العقائد من باب الأخبار، وبالأخبار لا تقبل النسخ ، و معنى كونها من باب الأخبار أن الشارع لا ينشئها ولكن يخبر بها، و يحدث عنها، و يكشف للناس عن واقعها و حقيقتها، و إنما كانت غير قابله للنسخ لأنالنسخ هو الإبطال و الإزالة‌و رفع الحكم الأصلي، و الحقائق لا تزول و لا تبطل و لا يمكن رفع حكمها.

و يأتي بعد ذلك دور التكليف بها، و إيجاب اعتناقها على جميعالمكلفين.

و إذن فالعقائد يتصل بها حكمان: حكم طبيعي أو عقلي، و ذلك هو ثبوتها في نفسها و تقررها في واقع الأمر و عدم قابليتها للإلغاء‌و الإبطال، و حكم تكليفي فقهيهو كون الإيمان بها بعد انكشافها و تبين واقعها واجباً على كل مكلف.

2- و الحقائق الثابتة في نفسها كثيرة‌في هذا العالم الذي نعيش فيه، و فيما وراءه، و ليس من شأنالدين و لا من غرضه الذي يرمي إليه أن يعرف الناس بكل

/ صفحة 422 /

الحقائق. و يقررها لهم، و ولكنه إنما يهتم بنوع خاص من الحقائق هو الذي يترتب عليهتربية‌خلقية‌يصلح عليها الفرد و المجتمع.

فالأديان لايهمها أن أعتقد مثلا أن هناك كوكبا معينا اسمه (المريخ) أو أن هذا الكوكب فيه حياة، أو ليست فيه حياة، و لا ترتّبعلي هذا الاعتقاد - إيجابيا كان أو سلبيا - تكليفا و لا حسابا.

و لايهمها أن أعتقد أن الأرض كروية‌الشكل ، أو ليست كروية، و لا أن أعتقد أن لها دورتين، أو دورة‌واحدة… إلى غير ذلك من القضايا العلمية، و الحقائق الكونية.

و ليس معنى ذلك أن الدين لايهتم بالعلم، و لا يلقي باله إلى ما في الكون من حقائق و سنن، ولكن الكلام إنما هوفي اعتقاد شىء من ذلك اعتقادا دينيا أو عدم اعتقاده، فما دام لم يرد به نص قاطع و لم يصادم الاعتقاد به أصلا من أصول الدين، فالأمر فيه طلق، و لا ضير في الدين من إثباته أوإنكاره.

3- و الحقائق التي عني الدين ببيانها، لما يترتب عليه من تربية‌خلقية، و تهذيب و تقويم في العمل و السلوك ، ترجع إلى جوامع ثلاث، لكل منها ما يتصل به و يأتيمكملًا له، و هى: الألوهية، و الوحى، و البعث.

فالألوهيةحقيقة يتصل بها كثير من الحقائق، كصفات الإله الوجودية و السلبية، و هذه الدائرة‌أو هذه الجامعة‌من شأنها أنتوجه الإنسان إلى‌الصراط المستقيم، لأنه إذا علم أن للكون إلها واحدا، و أن كل ما و من سوى هذا الإله الواحد خاضع له مدين لحكمه؛ عرف قيمة‌نفسه بالنسبة للآخرين، و سار فيحياته في ظل الشعور بالمساواة، لا بالضعف، و لا بالذلة، و لا بالهوان، ثم عرف قيمة‌نفسه بالنسبة إلى ربه و خالقه الذي يحب أن يكون إلهه و مقصده في جميع أعماله و توجيهاته.

فالألوهية‌و صفاتها و ما يتصل بموضوعها حقائق ثابتة، و هذه الحقائق لها قيمتها التوجيهية في حياة الإنسان، و لذلك بينها الدين، و كشفها للناس، ثم أوجب عليهم الإيمانبها، و لا يقبل فيها مهادنة‌و لا مجاملة‌و لا تبديلا و لا تحويلا، و لم يكلهم في شأنها إلى أنفسهم ، كما وكلهم في الحقائق الدنيوية.

/ صفحة 423 /

و قل مثل ذلك فيالوحي ، فهو حقيقة واقعة، و من شأن الإيمان بها أن يوجه الإنسان إلى التماس هداية الله و تقبلها، و عدم اتباع الهوى، و التفرق بالنزعات، و لذلك عني الدين بها فقررها وبينها، و طلب إلى الناس أن يؤمنوا بها. و قل مثل ذلك في البعث و الدار الآخرة و ما يتصل بها. فهي حقائق غيبية يترتب على معرفتها و الإيمان بها مصلحة‌عظمى‌للناس، إذ بهايعرف كل إنسان أنه محاسب على ما يعمل من خير أو شر، و أن الأمر ليس عبثا، و أن الناس لن يتركوا سدى و بهذا يتجه في حياته اتجاها مستقيما، و يعلم أنه إن خالف هذا الاتجاهالمستقيم ، فهو معرض لخطر شديد، و لخسران مبين.

هذا هو السر في الاهتمام بتلك الحقائق الثلاث، أو بتلك العقائد الأساسية في جميع الأديان، و منه يتبين السر فيعناية‌القرآن بقضية البعث و الدار الآخرة، و ما أعد الله فيها من ثواب و عقاب.

(ب) منهج القرآن الكريم في معالجة المنكرين لهذه الحقيقة:

إن إنكار البعث أو الشك فيأمره يرجع في ذهن المنكر أو الشاك إلى ألوان ثلاثة من التفكير:

اللون الأول: هو استبعاد الأمر لما فيه من غرابة، و لأنه يخالف المألوف المعهود، فصاحب هذا اللون منالتفكير يقول: هذا أمر لم أعهده و لم يعهده أحد من الناس قبلي، فما سمعنا أن ميتا قام من رمسه، و لا نستطيع أن نتصور جسما يتعفن و يصيبه الانحلال و الفساد ثم البلى و الذهابفي تراب الأرض، ثم يعود فتلتئم أجزاؤه، و يتماسك بعد الانحلال ، بل بعد الفناء، و ترجع إليه الحياة كما كانت إن هذا الأمر بعيد.

و قد جاء‌هذا الاستبعاد على لسانالمنكرين في غير موضع من القرآن الكريم من مثل قوله تعالى: (و قالوا أئذا كنا عظاما و رفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا؟)

(أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد). (أئذامتنا و كنا ترابا؟ ذلك رجع

/ صفحة 424 /

بعيد) . (و قال الذين كفروا هل ندلكم على رجل بنبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد؟ أفترى على الله كذبا أم به جنة) إلىغير ذلك من الآيات.

و طريقة‌القرآن في الرد على هؤلاء و معالجة‌هذا الاستبعاد أن يقول لهم: إنكم قد غفلتم عن كثير من آيات الله التي تشاهدونها بأعينكم ، و قد صارتلديكم أمورا مألوفة، لكثرة حدوثها، و تكرر رؤيتها.

فهذه الأرض تكون ميتة‌هامدة‌ فينزل الله عليها الماء فتصبح مخضرة ناضرة بالزرع و النبات:

(و ترى الأرض هامدة،فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت و ربت و أنبتت من كل زوج بهيج ، ذلك بأن الله هو الحق، و أنه يحيي الموت ، و أنه على كل شىء قدير، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن الله يبعثمن في القبور).

(و نزلنا من السماء ماء‌مباركا فأنبتنا به جنات و حب الحصيد، و النخل باسقات لها طلع نضيد، رزقا للعباد و أحيينا به بلدة‌ميتا ، كذلك الخروج):

وهولاء ‌الناس ينامون و يضرب الله على آذانهم مدة من الزمان يكونون فيها كالموتى ثم يبعثون، و ذلك هو المعنى الذي صح أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نادى به من قومهحين أمر أن يصدع بدعوة الحق بعد أن كان مستخفيا بها، فقال: (و الله لتموتن كما تنامون، و لتبعثن كما يستيقظون و لتحاسبن بما تعملون).

هذا قريب مما جاء به القرآن الكريمفي قوله تعالى: (الله يتوفى الانفس حين موتها و التي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت و يرسل الأخرى إلى أجل مسمى، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

و هناكآيات كثيرة‌في الرد على الذين ينكرون البعث استبعادا، أساسها أن الله لا يعجزه شيء، و ليس شىء عليه بالبعيد، فهر القوى القادر الذي خلق الخلق و انشأه من العدم ، فكيفيصعب عليه أن يعيده؟

(و هو الذي يبدأ ‌الخلق ثم يعيده و هو أهون عليه و له المثل الأعلى في السموات و الأرض و هو العزيز الحكيم).

/ صفحة 425 /

(كما بدأنا أولخلق نعيده).

(و قالوا أئذا كنا عظاما و رفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا، قل كونوا حجارة‌أو حديدا أن خلقا مما يكبر في صدوركم، فسيقولون من يعيدنا؟ قل الذي فطركم أولمرة).

(و هو الذي ذرأكم في الأرض و إليه تحشرون، و هو الذي يحيي و يميت، و له اختلاف الليل و النهار أفلا تعقلون، بل قالوا مثل ما قال الأولون ، قالوا أئذا متنا و كناترابا و عظاما أئنا لمبعوثون؟ لقد وعدنا نحن و آباؤنا هذا من قبل، إن هذا إلا أساطير الأولين، قل لمن الأرض و من فيها إن كنتم تعلمون؟ سيقولون لله، قل أفلا تذكرون).

(وضرب لنا مثلا و نسي خلقه: قال من يحيي العظام و هى رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة).

(يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب).

إلى غير ذلك منالآيات التي تذكر قدرة الله، و تذكر بنشأة الخلق، و ترد عليهم استبعادهم للأمر).

* * *

اللون الثاني: من ألوان التفكير التي يرجع إليها إنكار هذه القضية إنه لافائدة و لا ثمرة‌يمكن أن تقصد من البعث و من أن يحشر الناس إلى دار أخرى.

و هذا اللون من التفكير منبعث عن نظرية‌فلسفية عميقة الجذور في التاريخ خلاصتها: أن الكون قدوجد مشتملا على جميع العوامل التي تؤدي إلى تفاعله ذاتيا و تلقائيا، فليس هناك مؤثر فيه من خارجه بل كل ما فيه هو منه، و هو قائم على التوالد و التفاني الذاتيين، فالناسمثلا يحيون بلاتوالد الذي هو نتيجة‌التزاوج بين الذكر و الأنثي ، ثم يمرون بأدوار الطفولة و الشباب و الكهولة و الشيخوخة‌حتى يصلوا إلى الإنهيار التام فالموت، و كل ذلكبفعل الزمن الذي مروا به، و الحياة التي لبسوا ثوبها، و احتملوا تصاريفها و أثقالها،

/ صفحة 426 /

و إذن فليس وجودهم إلا نتيجة‌حتمية ‌للتفاعل الحيوي، و ليسموتهم أيضا إلا نهاية‌طبيعية لهذا التفاعل، فالعدم سابق للأحياء لاحق لهم بحكم التوالد الذاتي، و إذا كان الله هو الذي خلق العالم، فقد خلقه و أودعه جميع الخواص والعناصر التي صار بها مستقلا متفاعلا ذاتيا.

و ينبغى أن يفرق هنا بين الإيمان بالله كخالق، و بين الإيمان به كمصرف مدبر لكل صغيرة‌و كبيرة لهذا الخلق، فإن منالفلاسفة من يؤمن بالله خالقا و يزعم مع ذلك أنه خلق الأشياء و تركها لمصيرها و تفاعلها الذاتي، و أن أجل كل شيء هو مدى طاقته و صلاحيته للبقاء و التفاعل الحيوى، فإذا بطلهذا من شيء فقد حان حينه، و حق عليه الفناء بمقتضى السنن الكونية الطبيعية‌ ليس إلا.(1)

و هذه النظرية‌هي التي يشير إليها القرآن في قوله تعالى: (و قالوا ما هي إلاحياتنا الدنيا نموت و نحيا و مايهلكنا إلا الدهر).

و قد جاء‌هذا التعبير في آية‌أخرى مع التصريح بإنكار البعث ، و ذلك قوله تعالى : (و قالوا إن هى إلا حياتنا الدنيانموت و نحيا و ما نحن بمبعوثين).

و ربما سأل القاريء عن مراحل الانتقال الفكري في هذه النظرية، و كيف تنتهي إلى إنكار الحكمة‌من البعث، و له الحق كل الحق في ذلك ،فإنها نظرية‌قائمة على الخداع و المغالطة ينتقل فيها الفكر هكذا.

(كل ما في الكون إنما هو منه على سبيل التفاعل مع حكم الزمن ، و ليس هناك مؤثر خارجي).

و يلزم منذلك أنه ليس هناك حكمة يمكن أن تتصور للبعث و حشر الناس إلى دار أخرى، لأن تصور الحكمة فرع عن إرادة الفاعل القاصد، و هنا لا فاعل يمكن أن يكون قاصدا).

(1) و في هذا شىء من الشبه بالدهريين الذين يرون العالم قديما أزلا، باقيا أبدا، ولكن الدهريين منكرون للاله، لذلك قلنا إن هذه الفكرة لها أصل معرق في التاريخ و لم نقلإنها هى بعينها فكرة‌الدهريين، كما قد يفهم من ذكر الدهر في قول الآية: «و ما يهلكنا إلا الدهر».

/ صفحة 427 /

/ 3