مقاصد الشرع رعایة مصالح الخلق نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقاصد الشرع رعایة مصالح الخلق - نسخه متنی

سعید بن سعید العلوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

سعيد بنسعيد العلوي

سعيد بنسعيد العلوي

حفظ النفس أول مصالح الخلق


لاشك أن الشريعة أولت الحفاظ على النفس الأهمية الكبرى من اهتماماتهابالإنسان ويقرب علماء الأصول معنى المصلحة الحق (تمييزاً لها عن المصلحة 'المتوهمة' أو الكاذبة) بمثال يتكرر في أكثر من كتاب من كتب أصول الفقه: ما الواجب عمله، التماساًللمصلحة، إذا فرضنا أن جماعة من الكفار احتلوا قلعة من قلاع المسلمين، وأسروا من كان في القلعة ثم جعلوا من الأسرى ترساً أو حاجزاً يتترسون به؟ هل تجب مهاجمة القلعة، دوناعتبار للأسرى فهم قلة؛ من المسلمين، أم إن الأفضل هو الامتناع عن الهجوم حفاظاً على أرواح الأبرياء الأسرى وإن كانوا قلة وكان في التضحية بهم إنقاذ أضعاف أضعافهم منالمسلمين باستئصال شأفة الشر وقتل الكفار؟ ما الجواب الموافق لمقصد الشرع في حفظ النفس؟ وفي أي الموقفين الممكنين ننشد المصلحة الحق على نحو ما يريدها الشرع؟

يناقشأبو حامد الغزالي المسألة على النحو التالي في موازنة بين الحلين المحتملين: 'فلو كففنا عنهم لصدمونا وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة المسلمين، ولو رمينا الترسلقتلنا مسلماً معصوماً لم يذنب ذنباً، وهذا لا عهد به في الشرع. ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين فيقتلونهم ثم يقتلون الأسرى أيضا ً. فيجوز أن يقول قائل: هذاالأسير مقتول بكل حال، فحفظ جميع المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع لأننا نعلم قطعاً أن مقصود الشرع تقليل القتل' بيد أن الغزالي يجد أن هذا الجواب الأخير يقدم أفضل الأدلةالممكنة على حصول الخلط والتشوش في تقدير المصلحة التي يقصدها الشرع، أي تلك التي تأتي الكليات الخمس ('وحفظ النفس' إحداها) لمراعاتها والدفاع عنها بكل سبب وحيلة. هو خلطوتشوش لأن الفهم عن الله، متى استقام، فهو يفيد أن 'تحصيل هذا المقصود بهذا الطريق، وهو قتل من لم يذنب، غريب لم يشهد له أصل معين'. وهو كذلك لأنه 'مثال مصلحة غير مأخوذةبطريق مصلحة؛ غير مأخوذة بطريق القياس على أصل معين، وانقدح اعتبارها باعتبار ثلاثة أوصاف: أنها ضرورة قطعية كلية'. ذلك أنه لا توجد مصلحة إلا إذا اجتمعت لها هذه الشروطالثلاثة (الضرورة، القطعية، الكلية أو الشملية)، فلا يقبل انتفاء أحد منها: يكون في الآخر ضرورة لا سبيل إلى دفعها والاستغناء عنها، وتكون المصلحة المرتقبة كلية (فلايكون هناك استثناء في الاستفادة منها)، ثم أن تكون المصلحة يقينية الحصول لا ظنية أو محتملة فحسب. فالشروط ثقيلة في الواقع، بل إنها تقرب من التعذر ولذلك كان الغزالي يميلإلى الانصراف عن القتال ومهاجمة البغاة إلى حين استكمال الشروط الثلاثة. وفي مزيد من التوضيح لمعنى المصلحة، تلك التي يقصد الشرع مراعاتها، يعزز صاحب المستصفى مثالهالسابق بمثالين جديدين: أولهما، مثال قوم وجدوا في سفينة في عرض البحر تبين لهم أن السفينة مهددة بالغرق إلا أن يلقوا بأحد الركاب في البحر فينجو الباقون من الهلاك.وثانيهما، مثل رجل وجد في مخمصة شديدة وليس له خيار من أجل الإفلات من الهلاك جوعاً إلا أن يقتطع جزءاً من ذراعه أو فخذه فيأكله. والمثالان يكشفان، كل بطريقته، عن العيبوالفساد في تقدير معنى المصلحة؛ إلا أن تتوافر لها الشروط الثلاثة المذكورة آنفاً. فأما في المثال الأول، فإن القوم ركاب السفينة لا يملكون، من أجل اختيار الضحية سوىسبيل القرعة، والقرعة 'لا أصل لها' في تقدير الأحكام فهي طريق فاسدة. وأما العيب في المثال الثاني فهو انتفاء شرط القطعية، إذ ليس في اقتطاع جزء من الجسم وأكله ما يجعل'يقين الخلاص'؛ بل وربما كان القطع سبباً في إزهاق النفس لا حفظها.

لاشك أن في الحياة الاجتماعية للإنسان ما يستدعي استحضار هذه الأمثلة في أحوال الشدة والأزمات،ولاشك أن تقدير معنى المصلحة يثير جدلاً شديداً في مثل تلك الأحوال. وإذا ما اتجهنا بنظرنا اليوم إلى ما نسمع في بعض أنحاء العالم الإسلامي من أخبار الاغتيالات والقتل،بدعوى خدمة بعض الأغراض 'السامية' ودعوى نصرة الدين وحفظ الإسلام، فلاشك أننا نجد إهداراً لدماء الأبرياء وتنكراً، بل ومخالفة صريحة، لمبدأ 'حفظ النفس' في تقدير معنىالمصلحة الحق. وفي تقدير من يدعو إلى تلك الاغتيالات، أو يقوم بتنفيذها، أن الهدف هو 'تطبيق الشريعة' وجعل النصرة والقوة لأحكامها، ما دامت الإدانة بالردة والحكمبالتكفير يستوجبان إنزال حكم الشرع. ولو أننا خلينا جانباً كل الاعتبارات الحقيقية (= السياسية) التي تحمل على إصدار 'فتوى التكفير'، وغضضنا الطرف عن الدوافع الفعلية(الجلية والمكشوفة) التي تحمل المنفذين على تنفيذ الأوامر، ثم لو نظرنا في الموقف من جهة الشرع فنحن نجابَه بما لا نفتأ نلعن خشيتنا من حصوله في أرض الإسلام: الجهل بأحكامالشرع من جهة أولى، والإساءة إلى الإسلام والمسلمين باللجوء إلى أساليب مماثلة في العمل السياسي من جهة ثانية.

على فرض صلاح النية وتفسير السلوك بالجهل بأحكامالشرع، فإن وجوه إدانة سلوك يستخف بأرواح العباد كثيرة وقوية، والسند في القول يستمد من القرآن (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)، ومن صحيح الحديث النبويالمدعم لآي القرآن.

وما أظن أن عاقلاً في حاجة إلى تفسير معنى 'الحق' أو إلى إدراك معنى نقيضه وهو 'الباطل' (= وجوب محاكمة المتهم، فكل امرئ بريء حتى تثبت إدانته في قولالشرع الإسلامي، محاكمة عادلة من قبل أولي الأمر، ثم إثبات الحجة الدامغة عليه ثانياً، فدعوته، بعد ثبوت الذنب قطعياً، إلى التوبة والرجوع عن أقواله ... وما إلى ذلك منالطرق الشرعية التي يعرفها العلماء وتقننها القوانين الشرعية ويقرها العقلاء ...).

ذاك الضرب (وليس الاغتيال أو القتل) في حال متهم بالسرقة، فما بالك بإهراق دم امرئتظل تهمة 'الكفر' أو 'الردة' محتملة في حقه ولا تكون لها صفة القطع!؟ فربما انعدمت الأدلة القطعية ضد هذا المتهم (ولا أقول 'المذنب')، وربما كان في حالة من الشبهات ما يدرأالحدود. وأخيراً: فهل من مقاصد الشرع، في تقدير المصلحة، أن يقيم كل فرد في المدينة الإسلامية من نفسه قاضياً ومنفذاً ممضياً للحكم، بل ومشرعاً مجتهداً قبل ذلك؟ هل تقومللإسلام قائمة بالارتكان إلى أسلوب مماثل؟ هل تراعى المصلحة الحق التي ما كانت الشريعة إلا من أجل مراعاتها وحفظها؟

ما نحسب أن عاقلاً، مستوفياً لشروط التكليفالشرعي، يقول بهذا القول أو يرضاه.



المصدر : الإسلام وأسئلة الحاضر

/ 1