قانون التوازن بمین الشرق و الغرب این هو و کیف یکون؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قانون التوازن بمین الشرق و الغرب این هو و کیف یکون؟ - نسخه متنی

السید محمد رضا الشبیبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

قانون التوازن بمين الشرق والغرب اين هو و كيف يكون؟


الشرق والغرب

قبل الإسلام وبعده

لحضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد المتعال الصعيدي

الأستاذ بكلية اللغة العربية

يبتدئ الخلاف بين الشرق والغرب بالحروب التي قامت بين الفرس واليونان أولا، فلما ظهر الرومان في الغرب بعد اليونان ورثوا عنهم هذا الخلاف، وقامت به الحروببينهم وبين الفرس إلى ظهور الإسلام، فليس الخلاف بين الشرق والغرب وليد هذا العصر الحديث، وإنما هو خلاف قديم بدأ من ذلك الحين، واستمر بين أهل الشرق وأهل الغرب بعواملسياسية صرفة، ترجع إلى طمع كل من الفريقين في السيادة والسلطان على الآخر، وقد تأصل هذا الخلاف بينهما بقدم الزمن، حتى ذهب بعض فلاسفة السياسة في العصر الحديث إلى أنالشرق شرق والغرب غرب ولا يجتمعان، فذهب كلمته مثلا بين أهل الغرب، حتى إنهم لا ينظرون إلى أهل الشرق الآن إلا بعين الاستعمار، فلا يرون لأهل الشرق حقاً في استغلال خيراتبلادهم، وإنما هم أصحاب هذا الحق وحدهم؛ ولأهل الشرق من هذه الخيرات فضلات موائدهم.

وقد ظهرت المسيحية في الشرق قبل الإسلام، والرومان متحكمون في كثير من بلاد الشرقوكانت بلاد اليهودية التي ظهر المسيح

(عليه السلام)

فيها واقعة تحت حكمهم، ولكنها كانت شريعة زهد لا تتطلع إلى أمر الدنيا، ولا تهمها أطماع السياسة بين الشرق والغرب،لأنها لا تعني بالسياسة الدنيوية، ولا تلتفت إلى تلك الخلافات السياسية بين دول الأرض، وإنما يهمها أمر الآخرة لا غير،

/ صفحه 391/

فلما سئل المسيح

(عليهالسلام)

من أتباعه عما يفعلونه مع قيصر الرومان: أيخضعون لحكمه أم يثورون عليه؟ قال كلمته المشهورة: اعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله. وقيصر في ذلك الوقت من حماةالوثنية، والمسيح واليهود يدينون بالتوحيد، ومع هذا قدم حقوق قيصر على حقوق الله حتى لا تغريهم نفوسهم بالتقصير فيها، أو يؤثر فيهم أصحاب السياسة فلا يؤدوها له.

فلما ظهر الإسلام لم يشأ أن يغضي عن هذا الخلاف بين الشرق والغرب، لأن طبيعته تخالف طبيعة المسيحية في ذلك الزهد الذي تغالت فيه، فقد جاء بالزهد في الدنيا أيضا، ولكنهزهد معتدل لا يؤدي إلى إهمالها في حسابه، ولا يصير إلى نسيانها في تشريعه، وإنما يراد منه الوقوف عند حد الاعتدال في أمرها وأمر الآخرة، حتى لا يطغي فيه أمر الآخرة علىالدنيا، ولا أمر الدنيا على الآخرة، ليستقيم أمرهما معاً، ويحسن حال المسلمين فيهما جميعاً.

ولكن الإسلام حينما نظر عند ظهوره إلى هذا الخلاف بين الشرق والغرب لمينظر إليه من ناحية العصبية التي تجعل إصلاحه متعذراً، وتقضي بأن الشرق شرق والغرب غرب ولا يجتمعان، كما ذهب إليه بعض فلاسفة السياسة في العصر الحديث، بل نظر إليه منناحية يمكن بها الجمع بين الشرق والغرب، وإزالة ما بينهما من هذا الخلاف السياسي الذي باعد بين أهلهما، وأقام بينهما ما أقام من الحروب التي تتصل ولا تنقطع، بل تزيد شدةعلى توالي الزمن، وتؤجج نار العداوة والإحن، وهو دين رحمة للعالمين كافة، ولا يهمه إيمان الناس به بقدر ما يهمه نشر راية السلام بينهم، حتى لا يكون هناك عداوات ولا إحن،بل يكون هناك سلام بينهم على اختلاف أديانهم ومذاهبهم.

وكان الحرب بين الفرس والرومان عند ظهور الإسلام قد وصلت إلى أشد حالاتها، فلم ينظر الإسلام في هذه الحرب كماينظر الناس قديماً وحديثاً إلى المنتصر والمهزوم، يهللون للمنتصر ويكبرون، ويخلعون عليه من ألقاب البطولة ما يخلعون، وينظرون إلى المهزوم بعين الاحتقار، ويكيلون له منأوصاف الجبن ما يكيلون، وهي عادة متأصلة فيهم كما قال الشاعر العربي:

/ صفحه 392 /

والناس من يلق خيراً قائلون له ما يشتهي ولأمِّ المخطئ الهبلُ

ولم ينظرالإسلام أيضاً في هذه الحرب بين الفرس والروم إلى أن الفرس من أهل الشرق مثل العرب الذين ظهر بينهم، والروم من أهل الغرب الذين يعادون أهل الشرق عصبية منهم، فيقابلعصبيتهم لأهل الغرب بعصبيته لأهل الشرق، عصبية آثمة بعصبية آثمة، وسياسة جاهلية بسياسة جاهلية، فينتصر بهذا للفرس الشرقين ولو كانوا غير أهل لانتصاره لهم، ويتعصب علىالروم الغربيين ولو كان من مصلحة الإنسانية في ذلك الوقت الوقوف بجانبهم.

كلا ثم كلا، لم ينظر الإسلام إلى شيء من هذا أو ذاك، لان رسالته أولا رسالة أخلاق فاضلة يريدنشرها بين الناس، فلا يمكنها إلا أن تقف عند حد المروءة والإنصاف فيما يكون بين المنتصر والمهزوم، فتزن كلا من النصر والهزيمة وتنظر إلى ما يترتب عليهما من المصحلة أوالمفسدة، فإذا كان النصر يؤدي إلى مفسدة لم تقف بجانب المنتصر، وإن كانت نصره يثير الإعجاب في النفوس، ويدل على ما يمتاز به المنتصر من القوة والحزم، بل تقف في جانبالمهزوم تؤازره وتواسيه، وتتمنى له النصر على عدوه، وتبث في نفسه الأمل والرجاء، حتى لا يستسلم ولا يستيئس، ولا تقطع الأمل في النصر بعد الهزيمة.

ولأن رسالته ثانياًرسالة إنسانية عامة، ليست للشرق وحده، وليست للغرب وحده، وليست لجنس من البشر دون جنس، فلا يمكنها أن تنظر لما بين الشرق والغرب بعين أهل الشرق أو بعين أهل الغرب، لأنهاإذا نظرت إليه بعين أحدهما تعصبت على الآخر، وأعمالها التعصب عن غايتها السامية من كونها للإنسانية عامة، لا لأهل الشرق وحدهم، ولا لأهل الغرب وحدهم، ولا لجنس منالبشرية دون جنس.

ثم نظر الإسلام إلى أهل الغرب فوجد أنهم يدينون بالمسيحية، وهي لا تجعل من ملوكها آلهة يعبدون، ووجد أن قيصر الروم لا يدعي أنه أعظم الآلهة كما يدعيكسرى الفرس.

/ صفحه 393/

فلم يجد الإسلام بداً من أن يكون في جانب الروم على الفرس، وكان هذا في بدء ظهوره وهو لا يزال ضعيفاً بمكة وقريش تضطهده وتحاول أن تقضيعليه قبل أن ينتشر بين الناس، فتعجز عن القضاء عليه بعد انتشاره بينهم، فلم يكن له قوة يستطيع أن يؤيد بها الروم في محنتهم، وإنما كان يملك الأسى لما أصابهم في تلك الحرب،ولا يجد إلا أن يتمنى لهم النصر بعد تلك الهزيمة، وكانت قريش قد أظهرت الفرح لنصر الفرس عليهم، مع أنها لم يكن لها في هذه الحرب ناقة ولا جمل، وإنما هو شأن الجاهليةالجهلاء دائما، تفرح للغالب ولو لم يكن لها شأن بما ناله من نصر، وتشمت بالمغلوب ولو لم يكن لها شأن بما ناله من هزيمة، وقد زادت هذه الشماتة من قريش بهزيمة الروم في ألمالمسلمين، وضاعفت من حزنهم لانتصار الفرس على الروم، حتى أنزل الله تعالى في ذلك قرآنا يسليهم ويعدهم بأن هذه الهزيمة للروم سيكون بعدها نصر لهم، وأن هذا لا يتأخر كثيراًبل يكون بعد بضع سنين '''''''' الم، غلبت الروم في ادنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله، ينصر من يشاء وهوالعزيز الرحيم، وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن اكثر الناس لا يعلمون، يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون '''''''' ى 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7 ـ س 30.

وكان أن قامبعد هذا هرقل قيصر الروم بست حملات بين سنتي: 622 ـ 627 م، أخرج فيها الفرس أولا من آسيا الصغرى، ثم هاجم كسرى في بلاده، وقد انقض بقرب مدينة نينوى على الجيش الفارسي وأنزل بههزيمة ساحقة، ولم يستطع كسرى أن ينشئ بعده جيشاً جديداً، فسار هرقل حتى استولى على دستجرد، وكان فيها قصر عظيم لكسرى فاستولى على جميع ما فيه، وغنم غنائم لم ير أحد مثلهامنذ استولى الاسنكدر المقدوني على مدينة سوسة.

ثم جاءت لحظة الانتقام من كسرى على طغيانه وجبروته وادعائه أنه أعظم الآلهة وسيد العالم كله، فقد تراجع بعد سقوط دستجردإلى المدائن قاعدة مملكته،

/ صفحه 394/

فتبعه هرقل بجيشه إليها، ففر منها عند اقتراب هرقل بجيشه منها، وهنا قبض عليه ابنه شيرويه وكبار رجال دولته، ووضعوه فيالأصفاد، وقد مات بعد القبض عليه بعدة أيام من الغضب واليأس، وقيل إنهم تركوه من غير طعام حتى مات من الجوع.

وقد أرسل شيرويه إلى هرقل أذل الرسائل، وناداه فيها بقوله:يا والدي ـ واعتذر عن كل ما فعله والده ببلاد الروم، فاستقبل هرقل رسله بالعطف، ورضى بما طلبه من الصلح، على شرط أن يترك كل شبر من الأرض الرومية، ويفك جيمع أسرى الروم،ويرد جميع ما أخذوه من بيت المقدس، ويدفع غرامة حربية قدرها له، فرضى شيرويه بجميع ما شرطه هرقل، وتم الصلح بينهما سنة 628م، فختمت بها الحروب التي مكثت قائمة بين الفريقينستاً وعشرين سنة.

وقد بلغ النبي

(صلى الله عليه وآله وسلم)

خبر نصر الروم على الفرس في يوم الحديبية، ولم يكن للنبي

(صلى الله عليه وآله وسلم)

بد بعد هذا أن يؤديرسالته إلى كسرى وقيصر لأنه كان من ربه بتبليغها إلى الناس كافة، ومن حقه أن يبلغها إلى هذين الملكين في حدود التبليغ فقط، لأنه لا يملك إلزامهما بها، وعليهما أن يستمعاهذا التبليغ منه، حتى يمكنهما أن يحكما له أو عليه او يسكتا عنه، ولا يصح أن يقل هذا شأناً عما يجب عليهما من سماع شكوى صغيرة من أحد رعاياهما.

وقد بلغهما النبي

(صلىالله عليه وآله وسلم)

هذه الرسالة بكتابين منه تلطف بهما في التبليغ ما تلطف، ولم يجاوز حدود رسالته الدينية في هذا التبليغ، فلم يطلب منهما أرضاً ولا ملكا ولا غيرهمامن أمور الدنيا، وإنما طلب منهما أن يؤمنا بما جاء به من الهداية، ليسلما من عذاب الآخرة.

فأما كسرى فمزق كتابه حين وصل إليه عتواً واستكباراً، ثم أرسل إلى عاملهباليمن أن يوجه إلى من أرسله إليه فيأتي به إليه ليعاقبه عليه، وبهذا ساءت

/ صفحه 395/

العلاقة بين المسلمين والفرس، فقامت بين الفريقين حروب انتهت بزوال ملككسرى، ولم يلبث الفرس أن دخلوا في الإسلام، فتخلصوا به من العبودية لجبابرة ملوكهم، ودخلوا في الحرية التي يستوي فيها المسلمون جميعاً، لأنهم لا يدينون بالألوهية إلالله تعالى، ولا يوجد عندهم ملوك آلهة مثل الأكاسرة.

وأما هرقل؛ فكان عليه أن يفهم الغرض من كتاب النبي

(صلى الله عليه وآله وسلم)

على حقيقته، لأنه لم يكن يريد إلاأن يبلغه رسالة ربه إليه، فإن شاء آمن بها، وإن شاء لم يؤمن، لأنه لا إكراه في الإسلام على الايمان به، ولكنه كان يريد أن تدخل العلاقة بين الشرق والغرب في طور جديد، يقومعلى أساس ما يسمى الآن بالتعايش السلمي، فلا يفرق بينهما خلاف ديني ولا خلاف عنصري وإنما الشرق أخ الغرب، والغرب أخ الشرق في الانسانية، وقد خلقنا الله شعوباً وقبائللنتعارف لا لنتناكر، وقد مهد لهذا بما أبداه من ميل حسن نحو الروم في حربهم مع الفرس، فقد آثر فيه جانب الحق والعدل، ولم يتعصب للفرس لأنهم مثله في الشرق، فلم يفهم هرقلهذا التجديد في العلاقة بين الشرق والغرب، وأبى إلا أن يمضى في آثام السياسة التي فرقت بين الشعوب الشرقية والغربية، وبهذا جمد الروم على سياستهم القديمة نحو الشرق، ثمورثت أوربا الحديثة عنهم هذا الجمود، والاسلام برئ منه لأنه دين تجديد.

/ 1