الذین یحبون أن یحمدوا بما لم یفعلوا نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

الذین یحبون أن یحمدوا بما لم یفعلوا - نسخه متنی

محمد حسین فضل الله

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

محمد حسين فضل الله

محمد حسين فضل الله

الذي يحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا


{لا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ يَفْرَحُونَ بِمَا آتوا وَيُحبُّونَأنْ يُحْمَدوا بمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ العَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أليمٌ وَللهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْض وَاللهُ عَلَىكُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ} [188 _ 189].

جاء في أسباب النزول... كما في مجمع البيان _ أنها نزلت في اليهود حيث كانوا يفرحون بإجلال الناس لهم ونسبتهم إيّاهم إلى العلم... وقيل: إنهانزلت في أهل النفاق لأنهم كانوا يجمعون على التخلف عن الجهاد مع رسول الله (ص) فإذا رجعوا اعتذروا وأحبّوا أن يُقبل منهم العذر ويحمدوا بما ليسوا عليه من الإيمان...

ربّما كان ما ذكر في أسباب النزول منطلقاً للآية في حركتها في حياة الدعوة أمام خصومها من الكافرين والمنافقين الذين يعيشون الفرح الداخلي فيما آتوا من أعمال تتناسب معأهدافهم ومخططاتهم المنحرفة، لأنهم يرضون بذلك نوازعهم المعقدة في الكيد للإسلام والمسلمين... ولكنهم _ في الوقت نفسه _ يريدون أن لا يعرفهم الناس بذلك لتبقي لهمامتيازاتهم الاجتماعية التي يحصلون من خلالها على الثقة وحرية الحركة... ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، من الإيمان والإخلاص والارتباط بالحق والسير على هداه فيحصلونبذلك على الأمن والطمأنينة في مجتمعاتهم... ويستسلمون للهدوء النفسي والدعة... ويضحكون في داخل نفوسهم فرحاً بما حققوه من الموازنة بين الحصول على ما يريدون من خططوأهداف... وما وصلوا إليه من امتيازات وأرباح ومواقع... ويظنون أنهم بمفازة ومنجاةٍ من العذاب 'فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب' فأن الله قد يمهلهم ويُملي لهم في الدنياليزدادوا إثماً لينتظرهم في الآخرة الخزي والهوان 'ولهم عذاب أليم'.

ولكن الآية لا تتجمد عند هؤلاء بل تتحرك في الاتجاه الواسع للحياة لتجعل من هؤلاء نموذجاً حيّاًلهذه الفئة من الناس... التي تعيش الانحراف العملي فكراً وممارسةً، وتحب أن تذكر بالاستقامة... وتواجه الواقع بالتآمر والعدوان، وتريد أن تمدح بالإخلاص والمحبّة... وتتحركفي طريق الضلال وترجو أن يذكرها الناس بالهدى... وهكذا تنطلق هذه الفئة في مجالات الزيف والنفاق لتظل في لعبها وعبثها وعدوانها من دون أن تفقد شيئاً من امتيازاتها... ويريدالقرآن تعرية هؤلاء أمام الناس ليكتشف الناس أمرهم وواقعهم... فيبتعدوا عنهم ويحذروهم، ولا يحقّقوا لهم ما يريدون من الحمد والثناء لئلا يسيئوا للحياة باسم الإحسان...وذلك بالتدقيق في شخصياتهم فيما يختبيء وراءها من خلفيّات والالتفات إلى ألاعيبهم فيما يتحركون به من أعمال، والتأكيد على الموازنة في قضايا المدح بين مدلول الكلمةوصدق الواقع... على أساس أن يعيش الناس أساليب التقييم من موقع الحق والصدق لا من موقع المجاملة والمدارة... فأن ذلك هو الكفيل بإبعاد المنافقين عن ساحة الواقع، لأنها لنتحتضن اللاعبين على الجبال، بل تحتوي في ملاعبها السائرين على الخطوط الواضحة بقوّة وثبات وإيمان.

وفي ضوء ذلك نستطيع أن نجد في هذا النموذج من الناس، صورة الكثيرينالذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الشخصيات الدينيّة والسياسية والاجتماعية التي تحب أن تعطي لنفسها حجماً أكبر من حجمها الحقيقي فيما تريد للناس أن يطلقوا عليهامن ألقاب كبيرةٍ لا تتناسب مع دورها الطبيعي في الحياة، وذلك من أجل أن ترضي زهو العظمة الفارغة في داخل ذواتها، لتأخذ لنفسها _ في نظر الناس _ مركزاً بارزاً ينسجم مع ماتوحيه الألقاب من مشاعر وامتيازات... من دون أن تقدم للحياة أي شيء في هذا الاتجاه... إننا نستطيع أن نجد في هؤلاء النموذج المعاصر للصورة التي تريد أن تواجهها الآية بالرفضوالإنكار... لأن الإساءة إلى صورة الواقع في قيمه الحقيقية، لا تقل شيئاً عن الإساءة إلى المبادئ التي تمثلها هذه القيم... مما يكشف عن زيف ما يمثلونه من عظمة دينية أوسياسية أو اجتماعية...

'لله ملك السموات والأرض' فلا يعجزه أحد من هؤلاء لأنهم ملكه... 'وهو على كل شيء قدير'.. فلا حدّ لقدرته في كل مجال يمكن للقدرة أن تتحرك فيه، فماقيمة هؤلاء؟ وما أثرهم في الساحة... وما هو تأثير ألاعيبهم الصبيانيّة... إن قدرة الله تنتظرهم لتقضي على ذلك كله...



المصدر : من وحي القرآن حلقة 6


/ 1