بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
و هذا الذى يشيد به المفتونون بالغرب منا،فينسبون إلى كتابه أنهم تنبهوا إلى أن أسلوب الرجل هو الرجل على معنى ((أن أسلوب الاديب مرآة صافية لشخصيته كلها، نقرؤه فنحس بصاحبه يطالعنا دائماً بعقله و شعوره و خلقه ومزاجه و عقيدته و كل ما يميزه من سواه)). و الذى يبدو أن التكلف فى الاسلوب يدل على الكزازة فى الطبع، و الجموح فى الخلق، و الغرام بالتفرد و الشذوذ، و كل ذلك ليس منأخلاق الكتاب الذين كان الجاحظ واحداً منهم، و كان منهم جماعة من فضلاء القوم. و من الملح التى ساقها الجاحاظ فى هذا الموضع من كتابه، و نحن نسوقها هنا للترويح عنالقارىء أيضاً قبل أن نسترسل معه فى الحديث عن المتكلفين، و سوق الشواهد من كلامهم، ما رواه عن أبى الحسن قال: كان غلام يقعر فى كلامه، فأتى أبا الاسود الدؤلى يلتمس بعض ماعنده، فقال له أبو الاسود: ما فعل أبوك؟ قال: أخذته الحمى، فطبخته طبخاً، و فنخته فنخاً، و فضخته فضخاً، فتركته فرخاً. قال أبو الاسود: فما فعلت امرأته التى كانت تهاره،و تشاره، و تجاره، و تزارّة؟! قال طلقها، فتزوجت غيره، فرضيت، و حطيت، و بظيت(1)، قال أبو الاسود: قد عرفنا رضيت، و حظيت، فما بظيت؟ قال: حرف من الغريب لم يبلغك، قال أبوالاسود: يابنى، كل كلمة لايعرفها عمك فاسترها كما تستر السنور جعرها.(2) و إذا كان لهؤلاء المتقعرين عذر من مرة تتحكم فى عقولهم، أو حمق يغلب عليهم، أو رغبة فى الغريبلانه غريب، فما عذر كتابنا الذين يعيشون فى القرن العشرين، و يوقنون حق اليقين أن هذا التكلف فى الاسلوب لم يعد يحفل به أحد، لا من (1) فنخته: أضعفته،و الفنيخ: الرخو الضعيف، و فضخته: دقته، تزاره: تعاضه، و الزر: العض، حظيت: من الحظوة، و بظيت: اتباع لحظيت. و هذا الشرح كله من كلام الجاحظ. و فى هامش النسخة: تهاره: تهر فىوجهه كما يهر الكلب و تشاره: تعاديه و تخاصمه، و تجاره: تلحق به الجريرة.(2) الجعر: الخرء./ صفحه 330/