صَدر الدّين الشيرازى
مجدّد الفلسفه الاسلاميّة
لحضرة الدكتور محمود محمد الخضيرى
أستاذ الفلسفةبكلمية أصول الدين
و عدت في مقال سابق (*)تفضلت بنشره (رسالة الاسلام) أن أتحدث عن النشأة الدراسية لصدر الدين الشيرازى، و عن أساتذته و تلاميذه، و اليوم أفي بما وعدت،و أنا التمس التفضل بالمعذرة لتأخرى في تحرير هذا الحديث.
ولد صدر الدين في مدينة شيراز في جنوب ايرآن ، و لا نعرف سنة ميلاده على وجه التحقيق، و لكن الأرجح أنه ولد فيالربع الأخير من المائة العاشرة بعد الهجرة، و كان والده من أعيان شيراز، و قيل انه تولى فيها منصب الوزارة، و اشتهرت نسبته الى أسرة قوام العريقة في توارث الرياسة والفضل، و قد بدأ تعليمه في مسقط رأسه، و كانت شيراز عامرة اذ ذاك بالمدارس و العلماء و لكنها كانت دون أصفهان، لاسيما و أنه اتفق أن اجتمع في هذه العاصمة الأخيرة في أواخرالقرن العاشر و أوائل القرن الحادى عشر لله جرة، عدد من الحكماء و العلماء يندر أن تحظى به مدينة واحدة في وقت واحد.
توجه صدر الدين الى أصفهان ليتمم دراسته، وليستفيد من القراءة على علمائها المشهورين، و اتصل في بادىء الأمر بالسيد الأمير أبى القاسم الفندرسكى، ثم قرأ(1)على الشيخ بها الدين العاملى، ثم على محمد باقرالاسترابادى المعروف بالمير الداماد و هؤلاء الثلاثة كانوا أشهر حكماء عصر هم تفخر بهم أصفهان، و هم شيوخه و أساتذته.
و قد روى المرحوم العلامة أبو عبدالله الزنجانىتفاصيل طريفة عن ظروف الصدفة التى جمعت بين صدر الدين و الأمير أبى القاسم الفندرسكى (1)، و لم يذكر المصدر الذى استمدها منه، و لا شك عندى أنه استفادها من بعض ما كان ينفردبامتلاكه من نوادر الكتب، على أنى أستبعد كثيرا أن تكون الصدفة هى التى عرفت
ـــــــــــــــــــــ
1-رسالة الاسلام العدد الثانى من السنة الثانية ص 212
صدر الدين في أول عهده بطلب العلم بأصفهان بالحكيم أبى القاسم الفندرسكى و هو اذ ذاك في شيخوخته في بعض حمامات المدينة، بل انى لأميل الى الظن بأنه قصد اليه يلتمس أنيقرأ عليه، و أن يرشده و يوجهه في دراسته، و لعل الأستاذ اعتذر بكثرة شواغله و تقدمه في السن. و نصح تلميذه الشاب أن لايعتمد عليه كل الاعتماد، و أن يستفيد من الشيخينالذين كانت تفخر بهما أصفهان في ذلك الوقت.
و قد ذكر صاحب رياض العلماء (1) في ترجمته للحكيم الفندرسكى ما يلى: «السيد الأمير أبو القاسم الفندرسكى الحسينى الموسوى كانحكيما فاضلا فيلسوفا صوفياً ماهرا في العلوم العقلية و الرياضية، معاصراً للسلطان الشاه عباس الماضى الصفوى، و السلطان الشاه صفى معظما عندهما، و له المام بالشعر، سافرالى الهند و كرمه سلاطينها، و نقل من موفور مهارته في العلوم الهندسية و الرياضية أنه قد جرى ذات يوم ذكر مسألة هندسية من كلام المحقق الطوسى، فأقام عليها السيد. (2)برهانا بداهة و قال: هذا الذى قال المحقق الطوسى في مقام البرهان؟ قالوا: لا، فأقام برهانا آخر ثم سأل أهذا الذى أقامه؟ قالوا: لا، الى أن أقام دلائل و براهين عديدة، ومضى صاحب الرياض في الحديث عن الحكيم الفندرسكى الى أن قال: له من المؤلفات الرسالة الصناعية بالفارسية، مختصرة معروفة ذكر فيها جميع موضوعات الصنائع و تحقيق حقيقةالعلوم، و له شرح كتاب المهارة من كتب حكماء الهند بالفارسية، و هو المعروف بشرح الجول، و لعله غيره، و توفي بأصفهان في
ـــــــــــــــــــــ
1- الفيلسوفالفارسى الكبير صدر الدين الشيرازى، دمشق ،ص 8
2- كتاب رياض العلماء من كتب التراجم المعروفة عندالشيعة، و ليس بين يدى نسخة منه، و انما اقتبست عنه ما نقله المرحومالعلامة الشيخ عباس بن محمد رضا القمى في كتابه: «سفينة بحار الأنوار، و مدينة الحكم و الآثار» ج 2 ص 430، أما مؤلف رياض العلماء فهو ميرزا عبدالله بن عيسى التبريزى، ثمالأصفهانى المشهور بميرزا عبدالله الأفندى، و قد جاءه اللقب التركى بسبب اقامته زمنا في الآستانة، و هو من أصحاب العلامة المجلسى، و كتاب الرياض يقع في مجلدات كثيرة، ولم يبلغنى أنه مطبوع.
دولة الشاه صفى، و قبره معروف فيها، و له من العمر نحو ثمانين سنة» ثم ذكر شيئا عن اثنين من أجداده عرفا بالقرب من السلطان و خدمته و كذلكعن سبطه، و كان معاصرا لمؤلف الرياض، و له مشاركة في العلوم و الشعر بالفارسية و العربية.
و الفندرسكى نسبة الى فندرسك ـ بكسرالفاء و النون ـ قرية من نواحى استرابادفي خراسان.
و من أخبار هذا الحكيم، أنه كان أستاذاً في المعقول للأقاحسين الخوانساري (1) و ذكر أيضاً أنه لقى في الهند حكيما كان يشتغل بشرح كتاب القانون في الطب لابنسينا، و لم تعجبه طريقته في التأليف اذ كان يقتصر على اجمع و النقل و وضع المعلومات و النصوص بعضها بجوار بعض دون تصرف في الرأى، و لا اجتهاد في التفكير الشخصى، فاستاءالفندرسكى من هذه الطريقة و دفعه استنكاره اياها الى الظن بأن الرئيس ابن سينا كان كذلك (2).
و أبوالقاسم الفندرسكى مدفون في مزار معروف باسمه في تخت فولاد بأصفهان وقيل انه توفي بين سنة 1030 و 1040 بعد الهجرة(3).
و عندى من مؤلفاته«رسالة حقائق الصنائع» بالفارسية(4)، و هى الرسالة(1) التى سماها صاحب رياضى العلماء باسم الرسالةالصناعية، و فيها ما يشهد لهذا الحكيم بالأصالة و الراغبة في تجديد الموضوعات، اذ لايخفى أن البحث في الصنائع و طبقات الصناع، كان مما يدخل في نطاق العلوم العملية عندالسابقين، و يختص بها العلم المسمى «تدبير المنزل» و هو علم يتفق في موضوعه مع «الاقتصاد السياسى» في الموقت الحاضر.
أما الأستاذ الثانى لصدر الدين، فهو بهاء الدينمحمد بن حسين بن عبدالصمد العاملى الحارئى الجباعى، و هو رجل فذ، اشتغل بجميع العلوم الدينية نقلية و
ـــــــــــــــــــــ
(1) روضات الجنات ص 197
(2)روضات الجنات ص 246
(3) الفيلسوف الفارسى الكبير للزنجانى ص 17
(4) مطبوعة على الحجر مع أخلاق ناصرى، للمحقق الطوسى بمبارى سنة 1267
عقلية، كمااشتغل بالفلسفة و الرياضة و الفلك و الأدب و الشعر، و له في جميع ذلك آثار محمودة، تشهد له بسعة التحصيل و دقة النظر، و هو بدون شك من أعظم شخصيات العالم الاسلامى في القرنالحادى عشر.
و أحب قبل الكتابة عن سيرته باختصار، أن أنبه الى خطأ وقع فيه بعض المعاصرين: ذلك أن الأستاذ قدرى حافظ طوقان وضع كتابا في «تراث العرب العلمى في الرياضياتو الفلك» (1) أنكر فيه نسبة البهاء العاملى الى جبل عامل و نسبه الى قرية اسمها آمل، و على ذلك سماه «الآملى». و هذا خلط سببه أن المستشرقين الذين نقل عنهم المؤلف، و هم منغير المحققين، أغفلوا رسم العين في كلمة العاملى، فنقل الأستاذ عنهم على حسب طريقتهم في النطق و الرسم و لم يحاول الرجوع الى ما كتبه المؤر خون من معاصرى العاملى، و لاالى ما كتبه العاملى نفسه. و الحقيقة أنه ينسب الى جبل عامل في الشام، حيث تعيش جالية شيعية منذ من طويل، و الى جبل عامل ينتسب كثير من علماء الشيعة، أفرد لبعضهم كتاب قيممشهور(2).
ولد بهاء الدين بمدينة بعلبك يوم اخميس لثلاث عشرة بقين من المحرم سنة(1)ثلاث و الخمسين و تسعمائة (1)، و انتقل و هو صغير مع والده، و كان من العلماء الى ايران ،و هناك تعلم و نبغ و ذاع صيته، وهو لايزال في سن الشباب و ما لبث أن أسندت اليه مشيخة الاسلام في هراة. و لكنه رغب في السياحة و السفر، فبداً بالتوجه الى الحجاز للحج والزيارة، و أقام هناك فترة اجتمع فيها مع من كانوا يقيمون في الحجاز من العلماء من مختلف البلاد. ثم شرع بعد ذلك في رحلات كثيرة قضى فيها ثلاثين سنة. و أقام في مصر مدة عرفأثناءها علماء القرهرة و أعيانها، و نحن نجد تفاصيل أخباره المتصلة باقامته في القاهرة في كتابين مفيدين للمحبى و الخفاجى (2)، و لم يجد بهاء الدين في مصر في ذلك الوقت ماوجده في الحجاز و ايران و الشام و غيرها من البلاد الاسلامية التى زارها من العناية بالعلم بالرغم من إعجابه بذكاء المصريين، فأسف لذلك، و شاركه هذا الأسف صديقه القاهرىالسيد
ـــــــــــــــــــــ
(1) مطبوع فى القاهرة سنة 1941
(2) أمل الآمل فى ذكر علماء جبل عامل، و غيرهم من المتأخرين عن زمان الشيخ الطوسى لمؤلفه الشيخمحمد بن الحسن بن على الحر العاملى .
محمد البكرى و كانا يتبادلان الود و التقدير، و عبر بهاء الدين عن رثائه الحالة العلم في مصر اذ ذاك، في قصيدة مدح بهاالسيد محمد البكرى، فقال:
من شاء أن يحيى سعيداً بها *** منعما في عيشة راضية
فليدَع ِ العلم و أصحابه *** و ليجعل الجهل له غاشية
و الطب و المنطق في جانب *** والنحو و التفسير في زاوية
و ليترك الدرس و تدريسه *** و المتن و الشرح مع الحاشية(3)
و كان البهاء العاملى مقيما في مصر سنة 992 كما يظهر من اشارات له متعددة في كتابهالكشكول (4) و كان دائم الصلة أثناء رحلاته بذويه في هراة و بأصحابه في مختلف البلاد الاسلامية ممن عرف أقدارهم و عقد العلم بينه و بينهم علائق المودة(1)و لما عاد الى ايراناستقبله الشاه عباس الصفوى بحفاوة عظيمة، و قلده مشيخة الاسلام في أصفهان، و هى اذ ذاك دار السلطنة و عاصمة الدولة.
و كما تميز البهاء العاملى في جميع العلوم المعرفةفي زمنه، و كان بذلك عالمى التفكير واسع الثقافة، كذلك تميز في عاطفته الدينية الاسلامية ببعد النظر فكان أينما حل في أسفاره بين طائفة من المسلمين يعرفهم بخير ما عندسائر الطوائف الاسلامية، و يقتبس ما عند هذه الطائفة من خير، فهو بلاشك شيعى مخلص، مدحه كل من عرفه من علماء السنة و أهل التصوف، و كان هو لايغمط أحدا حقه بل كان يعظم بعضالمخالفين اعترافا بما قد يوجد عندهم من علم أو فضل. ولعله كان يحذو في ذلك حذو السيد المرتضى الذى اعتاد أن يترجل اذا مرّ بقبر أبى اسحاق الصابى و هو راكب، تعظيما لماعهده فيه من أدب و علم، بالرغم مما بينهما في الدين من اختلاف بعيد. و الحقيقة هى أن البهاء العاملى كان صديقا لبعض العلماء
ـــــــــــــــــــــ
(1) روضاتالجنات ص 535 أواخر الصفحة
(2) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادى عشر للمحبى، القاهره سنة 1284، ج 3 ص 240 ـ 253، وريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا لشهاب الدين أحمدالخفاجى، بالقرهرة سنة 1273، ص 103 و ما بعدها
(3) ريحانة الألبا، للخفاجى، ص 106
(4) أنظر مثلا ص 16 و ص 18 من طبعة القاهرة سنة 1288
من أهل السنة، و كانتله مشاركة في علوم السنة، و ليس هذا بمستنكر، و كان أيضاً صديقاً لبعض الصوفية، و هو كثير الاشارة الى «الأستاذ الأعظم الشيخ محمد البكرى» صاحبه في مصر، و ليس بمستغرببحال من الأحوال أن يكون لشيخ الاسلام في دولة السلطان عباس الصفوى مشاركة في التصوف، لأن الصفويين كانوا يشجعونه، و ليس يتعارض هذا كله أدنى تعارض مع حبه لآل النبى، وتشيعه لهم (1)
و بالجملة فان أصدق و صف لهذا العالم الكبير، هو ما جاء في كتاب: «أمل الآمل» و نصه: «كان ماهراً متبحراً جامعاً كاملا شاعراً أدبياً منشئا عديم النظير فيزمانه في الفقه و الحديث و المعانى و البيان و الرياضى و غيرها» (2). قد (1)ألف كتبا كثيرة في شتى العلوم باللغتين العربية و الفارسية(1)، طبع منها في مصر الكشكول و المخلاة، وهما في الأدب، و خلاصة الحساب، و قد طبع هذا الكتاب الأخير طبعات كثيرة أخرى، يحتوى بعضها على شروح بالفارسية أو بالتركية في الهند و القسطنطينية و بر لين، و ظل مدة طويلةمرجعاً في تعليم الحساب، كما ترجم الى الفارسية و التركية و الألمانية و الفرنسية(2)، و توفي الشيخ بهاء الدين في شوال سنة 1030، و قيل 1031 بأصفهان، و دفن في طوس، و قبره معروفهناك بجوار قبر الامام على بن موسى الرضا.
أما الأستاذ الثالث لصدر الدين فهو صنو البهاء العاملى في التأثير عليه، و هو أكثر ميلا الى الفلسفة، و كان الفندرسكى قدقال: لتلميذه صدر الدين الشيرازى في مقام الموازنة بين الأستاذين: «اذا أردت أن توسع عقلك فعليك بالشيخ بهاء الدين، أما اذا أردت أن ينفتق لسانك فعليك بأمير محمد باقر» وفّضل صدر الدين سعة العقل على تفتق اللسان، و لازم بهاء الدين العاملى ليقراً عليه الكلام و الفلسفة و علوم الأوائل ; و لكن الشيخ بهاء الدين كان أحسن ظنا بالأمير محمدباقر من الأمير أبى القاسم الفندرسكى، فقال له يوماً:«أنت تلقيت جل علومى» ثم وجهه بحيلة ظريفة الى آخر أساتذته المير محمد الباقر بن محمد الحسينى الاسترابادى المعروفبالداماد(3).
ـــــــــــــــــــــ
(1) راجع في ذكر أقوال المؤرخين من الشيعة و أهل السنة فيه كتاب روضات الجنات ص 635
(2) كتاب أمل الآمل في ذكر علماء جبلعامل للشيخ محمد بن الحسن بن على الحر العاملى ص 350 من طبعة طهران سنة 1307 ه
و لقب الداماد مهم للتمييز بينه و بين عالم آخر معاصر له اسمه أيضا محمد باقرالاسترابادى، كان من تلامذة الشيخ البهانى (4) و جاء هذا اللقب عن أبيه و معناه (1)بالفارسية الختن، لأن أباه كان ختنا للمحقق الشيخ على بن عبد العالى العاملى الكركى الذىيعرف بين علماء الشيعة بلقب الشيخ العلائى أو المحقق الثانى أو المحقق الكركى المتوفي بالنجف الأشرف سنة 940 هجرية، و هو جد لمحمد باقر، و هو كثيراً ما يوقع كتبه و اجازاتهبمثل هذه الصيغة:
«كتب بيمناه الداثرة أحوج الخلق الى الله الحميد الغنى محمد بن محمد يدعى باقر ابن داماد الحسينى، ختم الله له بالحسنى حامداً مصلياً» (1).
ذكرصاحب أمل الآمل في ترجمته بعد أن أورد أسماءه و ألقابه: «عالم فاضل جليل القدر حكيم متكلم ماهر في العقليات معاصر لشيخنا البهائى، و كان شاعراً بالفارسية و العربيةمجيداً، روى عن خاله الشيخ عبد العالى بن الشيخ على ابن عبد العالى العاملى الكركى اجازة، و روى أيضاً عن الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملى (و هو والد الشيخ البهائى) اجازة،و قد رأيت الاجازتين» (2).
و كان مقرباً عند السلطان عباس الصفوى الذى كان يعتز به و بصنوه الشيخ البهائى، و يحمدالله لاجتماعهما في أيامه (3)، و ان كان صاحب سلافة العصريذكر أن هذا السطان أضمر له السوء مراراً، فرقا من توجه القلوب اليه و خوفا من خروجه عليه (4)، و كذلك كان يقربه خليفته السلطان شاه صفى.
و كان المير محمد باقر صديقاًمخلصاً للشيخ بهاء الدين، وجرت بينهما رسائل كثيرد ينم المنشور منها عن اشتراكهما في التعمق في الفلسفة الاشراقية. و تدل مؤلفاته على أنه كان أكثر من صاحبه تخصصاً فيالفلسفة، و لم يكن يشتغل مثله
ـــــــــــــــــــــ
(1)راجع بيانها فى أمل الآمل ص 350، 351، و روضات الجنات ص 632، 633 و كتاب بروكلمن «بالألمانية» فى تاريخ الأدبالعربى ج 2 ص 414، 415
(2) راجع لتقدير منزلته فى تاريخ الفلك و الرياضة كتاب سوتر «بالألمانية» عن علماء الرياضة و الفلك بين العرب و مؤلفاتهم، ليبزغ سنة 1900 م، ص 194
(3) أطروحة الشيخ أبى عبداللّه الزنجانى عن صدر الدين ص 8
(4) أمل الآمل ص 457
بجميع العلوم :(1)و عندى من مؤلفاته مجموعة تحتوى على كتاب القبسات، وصحيفة القدس، و كتاب خلسة الملكوت، و كتاب الايقاظات و رسالة في تصحيح مذهب أرسطو (1) و الرسالة الأخيرة بالرغم من صغر حجمها، تدل على خبرة بالفلسفة تضعه في رتبة الفلاسفدالكبار، و قليل عددهم في التاريخ، و هى تستحق دراسة خاصة. و له غير ذلك كتب أخرى في الحكمة، نذكر منها: الرواشح السماوية، و كان عند العلامة الخوانسارى منها نسخة بخطتلميذه صدر الدين الشيرازى (2). و كتاب السبع الشداد و غيرها، كما أنه ألف في الفقه عدة كتب، و له حواش على الكافي (3).
و من هذا نرى أنه لم يهتم إلاّ بالحكمة و الفقه،بخلاف الشيخ بهاء الدين الذى ألف في أكثر العلوم.
و قد ذكر صدر الدين في ابتداء شرحه على أصول الكافي، أن له الرواية عن هذين الشيخين الجليلين مقدما بهاء الدين علىالداماد، و ان كان ذكره اياه بعده بمزيد من التجيل (4). و ذكر أيضا في نسخته من كتاب الرواشح، أن له الرواية عن أستاذه الداماد.
و بالرغم من استفادة الداماد من كتب ابنسيناء إلاّ أنه لم يقتصر على تلخيص أفكاره أو شرحها، بل كان يعتبر نفسه نداَله، فقد كتب في اجازة له لبعض أقاربه: «قرأ علىّ أنولو طيقا الثانية و هى فن البرهان من حكمةالميزان من كتاب الشفا لسهيمنا السالف، و شريكنا الدارج، الشيخ الرئيس أبى على الحسين بن عبدالله بن سينا... قراءة بحث و فحص و تحقيق و تدقيق الخ» (5).
و اشتهر الدامادبحسن السيرة، الحرص على فروض الدين و نوافله، و الا كثار من تلاوة القرآن، و قيل انه كان يقراً كل ليله منه خمسة عشر جزه اً كما فيل انه ظل أربعين ـــــــــــــــــــــ
(1) روضات الجنات ج 1 ص 10، و انظر أيضاً خطبة كتاب القبسات.
(2) أمل الآمل ص 498
(3) الروضات ج 1 ص 115
(4) على صدر الدين خانالمعروف با بن معصوم، كتاب سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر، طبعة القاهرة سنة 1324 ه، ص 486
سنة لا يأوى بالليل الى فراشه، و ذلك لاشتغاله بالتعبد (1)والقراءه و ذهب في آخر حياته في صحبة السلطان شاه صفى لزيارة النجف، فمات و دفن هناك بين النجف و كربلاء سنة 1040 هـ (1)، و قيل: بل مات سنة 1041 هـ (2) و قد استفاد صدر الدين من هذينالأستاذين أعظم فائدة، و أخذ عن كل واحد منهما ما اختص بالتفوق فيه، و دفعه تعلقه بطلب العلم و حب الحكمة، أن يبتعد عن مناصب الادارة و الحكام، فتفرغ للتأليف و التعليم، ونجح في تكوين طائفة من الحكماه و العلماه ; لم يتيسر الا لنصير الدين الطوسى أن يجمع حوله مثلها. و كانت له بذلك فضل عظيم في النهضة بالتعليم و اشاعته، و نرجو أن نعود الىتفصيل ذلك عن قريب ان شاء الله؟
الى حضرات المشتركين
ترجو (رسالة الاسلام) من حضرات مشتركيها الذين لم يؤدوا قيمة اشتراكهم: أن يتفضلوا بارسال هذه القيمة علىمكتب بريد الجزيرة مشكورين.
ان مجلة (رسالة الاسلام) لاتحب أن تطالب مشتركيها أو تذكرهم أو تعاملهم معاملة تجارية، فتقطع اعدادها عنهم، فان اشتراكها زهيد، و غايتهاسامية، و قرائها صفوة، و لكننا نخشى أن يكون في السهو عن مثل ذلك سهو عن الفكرة التى نعتز بها، و نعمل جاهدين على الحيائها ; و حاشاهم !(2)