حكم الاراضي في الشريعة الإسلامية
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنيةرئيسالمحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت إذا بحثنا في كتب الحديث والفقه عن حكم الأراضي وجدنا الإسلام يعتبرها مباحة للجميع على السواء بحسب الأصل، لا يختصبشئ منها فرد دون فرد، أو فئة دون أخرى، وفي نفس الوقت نجد الإسلام يهتم أعظم الاهتمام بحياة الارض وجعلها عامرة مثمرة، لأنها الوسيلة الأولى للإنتاج، وأكثرها أهمية. قالالشهيد الثاني في كتاب المسالك: إن الله خلق الأرض للإنتفاع بها، فإذا تركناها دون استثمار، فقد صرفناها إلى غير ما خلقت له. وكانت الوسيلة لإحيائها آنذاك منحصرة بالعملالفردي، لأن الظروف لم تكن تساعد على تشريع قانون لإصلاح الأراضي، أو لزراعة جماعية، وما إلى ذاك مما هو معروف الآن. من أجل هذا، من أجل أن تحيا الارض، ونتتج، ولا تتركعاطلة مهملة اعترف الإسلام بحق الفرد فيها إذا عمل على إحيائها وتعميرها، واعتمد مبدأ عاما فرضته الاحتياجات والأوضاع. وهو ' من أحيا أرضاً ميتة فهي له... إن الأرض للهولمن عمرها ' وإذا أقر الإسلام هذا المبدأ، مبدأ الملكية الخاصة للأرض، فقد جعل سببها عرق الجبين، وكد اليمين، من أي كان دون تفاضل وامتياز إلا للعمل المثمر، وقد أباحالفرس حين كانوا سادة آسيا، أباحوا لمن يجلب ماء من الينبوع إلى محل لم يسق من قبل أن يتمتع به خمسة أجيال (1).
ومتى أحيا الإنسان ـ أي إنسان ـ أرضاً فهو أحق بها، حتى إذاتركها بعد الاحياء، ورجعت إلى ما كانت عليه تصبح مباحة لغيره. قال الشهيد الثاني في كتاب
(1) روح الشرائع لمنتسكيو ترجمة عادل زعيتر ج 1 ص 406./صفحه 363/